أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالرحمن محمد محمد - محمد عفيف الحسيني...قريب كالمجرة.. بعيد كعامودا














المزيد.....

محمد عفيف الحسيني...قريب كالمجرة.. بعيد كعامودا


عبدالرحمن محمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 12:19
المحور: سيرة ذاتية
    


في عامودا، وفي يوم من ايامها الجنونية أو ربما العابقة بالشعر ورائحة السنابل، من عام 1957، كانت صرخته الاولى التي أسماها الكثيرين بالولادة، وبدت بعد ذلك اعلانا لبدء الخسارات المتتالية التي تجلت في خسران ايام اعمر التي بدت مريرة بعد تلك الصرخة الموجعة، ولم تتوقف حتى بعد مغادرته لها قاصدا المنافي الببعيدة ليستقر في السويد التي ضمت شتات روحة المتعبة وجسده المنهك.
محمد عفيف الحسيني، حمل عامودا وعبق سنابلها ورائحة خبز تنورها وكل اوجاعها معه، وحمل الكثير من خميرة الشعر والادب من ينابيع عامودا، وهناك كانت ولادة محمد عفيف الشاعر، الذي أطلقت الغربة عنان قريحته وفجرت ينابيع الإبداع لديه: "المنفى أعطاني الشعر، في السويد كتبتُ الشعر، في عامودا، كتبتُ الشعر العجول"، إذ كثيرا ما كان مصير ما كتبه وهو في عامودا المنع الرقابي او الرفض الذاتي.
ما ميز محمد عفيف الحسيني، انه ينتمي إلى جيل شعري ازدهرت فيه قصيدة النثر باللغة العربية، وتمكن منها، وروضها لنقل مأساة قومه من الكرد والتعريف بقضاياهم وتاريخهم وآلامهم، في مرحلة معقدة حساسة، وتعمد الكتابة بالعربية رغم اتقانه الكتابة بالكردية لكنه كان يخشى ألا يبرع بكتابته بالكردية كا نبغ في الكتابة بالعربية. وكان ديوانه الاول مشتركا مع الشاعر الكردي المعروف احمد الحسيني الذي شاركه الكتابة باللغة الكردية.
للشاعر عدة اعمال مميزة في الشعر تتسم بأسلوب فلسفي عميق منها مجموعته "بحيرة من يديك" عام 1993 التي تضمّنت نصوصاً تحمل نزعة غرائبية نوعاً ما، في الجمل الشعرية التي لا تترابط في ظاهرها وتراكيبها وارتباط بعضها ببعض، لكنها تترابط ضمنيا وتبني قصة وهدفا ذو مغزى عميق، بالإضافة إلى اعمال اخرى مثل "الرجال"، و"مجاز غوتنبرغ" و"نديم الوعول"، وكتاب "كولسن"، إلى جانب "جهة الأربعاء: شطحات روائية". كما صدرت أعماله الشعرية مطلع قبل فترة وجيزة، عن دار "هُنّ"، تحت عنوان "تحدّث معي قليلاً أيها الغريب".
كذلك قدم حسيني للقارئ ما يشبه السيرة الذاتية في اسلوب سردي شيق وممتع في كتابه "بهارات هندو ـ أوربية"، عام 2020، وضمنه الكثير من تفاصيل حياته في بقاع شتى من البلاد العربية والعالم، منطلقا من عالمه الاجمل عامودا. وغلب على الكتاب الطابع الصوفي والمشهد الروحي المتقشف العفيف.
تأثر محمد عفيف الحسيني بما أحاط به في صغره وصباه من فقر ومن جو مشبع بالثقافة والعلم، وكذلك الكتب التي رأى نفسه محاطا بها، فأتى عليها قراءة وتمعنا، وتأثر كثيرا بكتب التراث، والكردي منها خصوصاً، وما كان يميل إلى التصوف منها على وجه الخصوص كـ "ملايي جزيري" وسواه.
في الرابع والعشرين من آب عام 2022 وفي غوتنبرغ بالسويد، توقف قلب محمد عفيف حسيني عن الخفقان ليعلن راحته الابدية، تاركا ارثا ادبيا لا يقدر بثمن، وهنا بعض من نصوصه:

خطوات

توابيت طيبة للزهور..
تدفعها فتيات صغيرات
اللواتي بثقة مطلقة وندم
يقطعن الغامض
يتركن على التوابيت
أسفهن والحمرة الخفية
تستريح كسترة الشهيد
تفسر دمه ولسانه الجاف
في بقعة حزينة
في سلسلة
من خطواته لآخر مرة
وهي تلمع في كردستان
كفتيات صغيرات
وصامتات طيلة التوابيت.

/كردستان/

لحريتكِ البليغة
لصباحكِ الناقص.. أمضي
مروياً بالتذكارات
منجرفاً كجروٍ صغير
خصباً كالأغاني
ملتبساً كأسئلة الصغار
وناشفاً كقرميد
عندما لا يضرب
غروبكِ ساعاتي
لا تتناثر ثلوجك عليَّ.
أختزل بدائيتي
ما بقي بين يديَّ من ظلال
من بوصلة لياليكِ
أو اعتذار قصير
مثل أسرار المرأة على زهر
مثل أقدامكِ الصغيرة والذهبية
تضرب فلاتي
وكما أموت..
ناقصاً من تموجكِ
ذاهباً إلى الأسود الأعمى
لصباحكِ الناقص..
شاحب أنا
في منتصف الوردة
وفي السيوف الميتة للقراصنة.
شفتي جميلة، لا يعبرها يقينكِ
فأزدحم.. أزدحم بالشك
وأرتعش كثيراً
خلف حريتكِ البليغة
ناقصاً منها
رجل ينزف اسمكِ، أبداً..

/ولادة/
ولدتُ في الريح
وانحنيتُ كقوس على عينيكِ
في يدي المدائح
زهور الهندباء
والعطور الحارّة للشيوخ
قلتُ لكِ
أنا قميصكِ الموشّى بالأسف.
هناك رنيني
كالأقداح، يلتقطه المقامرون
واصطدام جسدكِ برغبتي.
أنا الراعي بناياتي الحنونة
وفجري الملىء بالريح
والحليب
تقدمتُ إليكِ كجندي بغباره
ولونه الأخضر كـ "المستنقعات"
أو الجدات
يعددن لكِ الشاي للراحلين إليكِ
كنا.. الريحُ وأنتِ
والبحيرات الغارقة في ضوئكِ
ثم ولدتُ في الريحِ
وانحنيتُ مثل الجندي
وغباره الذي
غمر الجدات، وكاسات الشاي
والمدائح الحزينة لكِ.



#عبدالرحمن_محمد_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن أغنية الأقوياء، ونشيد الفقراء في -ظل النعناع-
- قراءة موجزة في المجموعة الشعرية “عشر رسائل وغيمة”
- الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي.. شهيد الإنسانية
- خليل كالو... فارس القلم الذي لم يترجل
- خجادور آبوفيان
- الشاعر جمال خليل
- وبها يليق الاحتفاء
- رغبات مهشمة ونافذة على الروح
- عامودا ...جمر يتقد في الذاكرة
- “علاوي” على موعد مع الحياة
- عمر حمدي “مالفا”… ثورة اللّون
- -عشق ثلاثي الأبعاد- بين صقيع أوروبا ودفئ دمشق
- -درمالا- عادات وتقاليد من ذهب
- أشتاقك في هديل احتراقي
- كهوف مكرون وعبق التاريخ والفلسفة
- “كوباني.. مملكة الماء والغرانيق”.. مدينة تولَد مرتين
- قراءه في كتاب تاريخ كردستان... إمبراطورية الكرد الأيوبيين/ ا ...
- محمود عزيز شاكر… نصف قرن مُكلّل بالعطاء. حاوره/عبد الرحمن مح ...
- الشاعر والقصيدة… من يكتب الآخر؟
- أرواح ثائرة في “رغبات مُهَشَّمة”


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالرحمن محمد محمد - محمد عفيف الحسيني...قريب كالمجرة.. بعيد كعامودا