أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى جبران - عن كتاب: في ظلال الرجال















المزيد.....

عن كتاب: في ظلال الرجال


سلمى جبران

الحوار المتمدن-العدد: 7387 - 2022 / 9 / 30 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


مساؤكم خيرٌ ونورٌ وحُرّيّة
في القراءة الأولى لهذا الكتاب - في ظلال الرجال للكاتبة ناديا حرحش- امتَلَأَ قِدري الداخلي وفي القراءة الثانية فاض حتّى غطَّى قرونًا من طُغيان عقليّة القَبيلة العربيّة التي تفاقَمَتْ وتضخَّمَتْ حتى طمَسَتْ إنسانيّة الإنسان فينا وعادتْ بنا إلى الوراء.
كالبوغونْفيليا القُرُنفُليّة، التي تنبت فيها الأزهار على الفروع العارية، تفتَّحَتْ هذه الرواية أمامي وامتدَّتْ لتملأ المكان ولتجعل الزمان مُطْلَقًا وتغمر كلَّ مرَافِقِ الحياة! وكانت الرّاوية أيضًا هي البوغونْفيليا القُرُنفُليّة المليئة بالحياة والجمال، وقد سمّى العرب هذه النبتة المجنونة!! ومنْ المجنونة في نَظَرِ القبيلة غير المرأة الممتلِئة بنَعمةِ الحياة والجمال والحُرّيّة!!!
تتوالى صور القهر واللاإنسانيّة في تربية البنت والتعامل معها كإمرأة... لكوْنِها "امرأة مساحتُها محدودة وحُرّيتُها مقيَّدة بقِفْل تضَعُهُ أُمُّها ويملِكُ مِفتاحَهُ أبوها" ص15. وتتساءل الراوية: "كيفَ تكون أُمّي، صانعة الأطفال، هي التابعة لأبي الذي لا نكاد نراه؟ كيف يكونُ الفَرْع أقوى منَ الأصْل وأكثر تَحَكُّمًا والأصْل منصاعًا لهُ ومُطيعًا؟" وتقول: "جدّي كانَ يربِط قَدَمي بحبْل حول قطعة حديد سوداء اللون دُقَّتْ بالأرْض، لا يزال لونُها وشكلُها وحجمُها وتفاصيلُها مرسومة بذاكِرَتي!" ص21. يعُمُّ الظُّلْم والقسوة بين السطور بهذه الصوَر العديدة ويملَأ نفس القارئة والقارئ بالألم والغضب والحُزْن وتتكرَّر حتّى نهاية الفصل التاسع، وبعدَهُ تُدخِلُنا الراوية في كمّ لانهائي منَ المواضيع والأفكار المتواردة والمتدفّقة بلا هوادة...فيشطح خيالُنا في كلٍّ منها متيحًا لنا تناسيًا للألم والغضب والحزن وخوضًا في أرض الفكر الصلبة المبني عليها التحليل العقلاني! ص 50-52 نجد إقحامًا لمواضيع: مقابر القدس التي تجمع كل الأجناس البشريّة والصّلاة التي تتحوّل من الأقرب إلى الذات إلى الأقصى وموضوع التقرُّب من الله في بيوت عبادة ذكوريّة في حين "أصبح الطلاق فجأةً طلاقًا من المجتمع وليسَ منَ الرَّجُل فقط" ص56.وهنا لم تصل الحريّة والوعْي الذاتي للظلْم والقَهْر والطغيان إلى عبادة الله فردانيًّا إلا بعد معاناة البحْث في بيت العِبادة-الذُّكوري-وبينَ من عانت الراوية من اتهاماتهم وإهاناتهم!! وضمْنَ هذهِ الإقحامات اقتباسات من الأدباء: أحلام مستغانمي، حسين البرغوثي، نوال السعداوي والمفكّرين مثل شوبنهاوَر وباولو فريري. وهذه الاقتباسات تعثَّرَ بها المدّ الشعوري والمعاناة التلقائيّان والغنيّان عن أي دعم فكري-نظري.
الحوارات الذّاتيّة مع النفس ومع المجتمع ومع القبيلة بشكل عام، تتجِه في هذا الكتاب نحْوَ مونولوج وسيناريو وبوح امرأة مظلومة لكَوْنِها امرأة فتُعبِّر لذاتِها لذاتها ولأصدقائها وللحضور... ص23"أغمَضْتُ عينيّ وصِرْتُ أُنادي بداخِلي عليّ" ويلي ذلك قوْلُها:" كانت هناك غُرْبة كبيرة بَيْني وبَيْنَ نفسي..تركْتُ الطفلة بداخلي تتكلَّم لِأوَّلِ مرّة...فحَكَتْ عن فقدان في الطفولة فهاجتْ أمُّها حين حسِبَتْ أنها فقدَتْ العُذريّة وهَدَأَتْ حينَ فَهِمَتْ أنها فقدَت الطفولة!
واستمرَّ هذا البوْح مكرّرًا الحديث عن ثقافة العيب ومسلكِ القطيع وتحميل المرأة الشعور بالذنب ومسئوليّة إنقاذ الوضع في العائلة دائمًا... وما أكثر ما وَرَدَتْ الأمثِلة عن ذلك في الفصول العشرة الأولى:"الرذيلة تجلس في أنحاء البيت وتتزيَّن بعَرْشِ الأُبوّة ونحن نطيع ونركع". وكذلك ركّزّتْ على جلد الذات (الماسوخيّة) والعقليّة المضطَهَدة التي تُعيد إنتاج ذاتها عندَ الأُمَّهات... "أنت لستِ بحاجة إلى رجل ولكنَّكِ لن تكوني شيئًا بدونِهِ" ص 19.
في الفصلَيْن 14 إلى 19 أسهَبَتْ في الحديث عن الحب عندَ المرأة وقالت جملة عميقة جدَّا:"أحيانًا أشعُرُ أنّني أُحبُّ الحبّ لا أُحِبُّ المحبوب" وهذا أبْرَزَ الإنفصام المُراهِق في المجتمع الذكوري الذي يحب المرأة مظلومة وينظر إليها ويُعامِلُها بمعاييرَ ازدواجيّة ويُحوِّل الانفصال بين الحب والزواج إلى انفصام، وحينها تصعُب مهمّة المُصالَحَة مع الذات وتحمُّل بطْش الزَّوْج الذي شبَّهَتْهُ بِبَطْشِ الاحتلال.
وفي الفصول التالية 20-23 تحدَّثَتْ عن الكُفر والفِكر بتدفُّق شعوري وفكري وفلسفي وعادت إلى التناقُضات بين الأم والتربية والبيت والمجتمع حتّى أنَّ ابنها صار ينظر إليها وكأنَّها عاهرة(ص96).
في الفصول الأخيرة تحدَّثَت عن تأثير حرْق محمّد خضير عليها وتلا ذلك حديث مطوَّل عن البذخ والمظاهر والثرثرة عند النساء وبثّ الإشاعات عنها. وأعتقد أن في هذه الفصول خلْط مواضيع وأفكار لا تقوّي الصّرخة الصادقة ضد الظلْم في الفصول الأولى.
العلاقة مع الإسرائيليّات والجنود والحواجز والاحتلال "الذكوري" ص110-116 جاءت حشْوًا وزادت تشتُّت القارئ في عدد كبير جدًّا من المواضيع فكانَ الفصلُ دخيلًا وضاعت الراوية وضاع القارئ معها بينَ الاضطهادَيْن وهذا الضياع أنتَجَ عقليّة مضطَهَدة ومتناقضة مع التوْق إلى الحريّة والارتقاء إلى درجات الألم على المستوى الإنساني في النصْف الأوّل من الكِتاب. ففي هذا القسم بالذات قالت :"كُنْتُ قد نَصَبْتُ لهُ ( للكاتب الإسرائيلي ) تمثالًا بينَ آلهتي الذّكوريّة وأنا أصلًا مُهَشَّمة.." وتقول: ص124 "لربّما يحبّ الرجال لعب دور الآلهة!" عن رجل تستطيع الحديث معه: نصَّبْتُهُ إلهًا" وبعد صفحتين تقول:"كنتُ أربط الرجُل بطريقة أو بأُخرى بقضيّة وطني"!! وهذه الجُمَل ممكن أن تكون صدىً عفويًّا تلقائيًّا بينَها وبيْنَ ذاتِها أحدَثَتْهُ ندوبُ العقليّة المضطهَدَة التي تربّت عليها.
وقالت:"أُحب الطبقة المثقّفة في المجتمع الإسرائيلي وشغفَها الحقيقي بالمعرِفة"!! ونحنُ اكتَفيْنا بحُدودْ مُعَنْوَنة للمعرفة خاوية تمامًا من العِلْمِ الحقيقي"!! أظنُّ أن هذين الاقتباسيْن ليسا أقلّ من تعريف للعقليّة المُضطَهَدة التي حكى عنها باولو فريري المذكور في هذا الكتاب نفسِهِ.
في مثال ألِيسْ في بلاد العجائب اختلطت الأوراق وضاعت بيْنَ الحُلُم والواقِع .. تقول: "دخَلْتُ بَيْتًا لعائلة مقدِسيّة رَحَلَتْ أو لجَأَتْ، (البيت يتبع لأحد الكتاب والصحفيين الذين حضروا إشهار سيرة ذاتيّة لإسرائيلي يساري حسب قولها) ودَخَلْتُهُ كما دخَلَتْ أليس في بلاد العجائب وتمنَّيْتُ بيْتًا مِثْلَهُ... اقتباس من أليس في بلاد العجائب:
وغَضِبَ الملك وصرَخَ بالجنود : إقبِضوا عليها .. فَضَحِكَتْ Alice أليس قائلة : أنتم رجالٌ من وَرَق أستطيع أن أُمزّقَكُم جميعًا. وطارَ الجنودُ في الهواء باتجاه Alice كما تتطايرُ أوراقُ الخريف. فصاحت Alice: تقدموا فأنا لا أخافُ الأوراق. لا يستطيعُ الملك أو الملكة إيذائي لأنهما من الورق، ولم يستطع الجنود جَرْحَها لأنّهم كانوا يحملونَ سيوفًا من ورق أيضًا. وعندها استيقظت Alice على صوت أختِها الكبرى، وانتهى حلُمُها الجميل في بلاد العجائب.
وهنا .. لا الجنودُ من ورق ولا الرجالُ من ورق ولا الواقِعُ في القدس حُلُمْ!!! ففي ص139 تقول: "عندما درست في الجامعة العبريّة كُنْتُ أجنبيّة في جامعة على مَقْرُبَةِ أمتار من مكانِ ولادتي"!! وفي الصفحات الأخيرة في الفصول 30-40 تزداد المواضيع لتشمل: الرجال يفتونَ في أمورِ النساء، التفتيش في المطار، ملاك المَوْت والعمليّات الانتحاريّة، الدين والهرتقة، الفكر مقابل الإيمان الأعمى، الفرد والمجتمع وإسقاط القضاء الإسرائيلي لنقائضِهِ عليها وغيرها...
لا بد أن نَدخُلَ بلادًا ليس فيها عجائب ولا سحر، فأنا كقارئة لهذا الكتاب عِشْتُهُ وقرأتُهُ مرّتَيْن فقرَأَني وراقَ لي وأرّقني وأرهقني بمحتويات موضوعيّة وزَخَم يكفي لِعَشْر روايات على الأقلّ...
مباركةٌ جهودُكِ أيّتُها المرأة المقدِسيّة الشامخة ومباركٌ إصدارُكِ ونحنُ في انتظار الروايات التي تقبع في روايتِكِ هذه: في ظِلالِ الرجال!!



#سلمى_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل من القدس وإليها والتناغم الثقافي
- قراءة في رواية : -ليلة واحدة تكفي- - قاسم توفيق / حزيران 202 ...
- جنوبي يجولُ شمالًا وشرقًا وغربًا وما بيْنَهُم
- قراءة في رواية جنوبي لرمضان الرواشدة
- ملف 8 آذار
- سالم جبران شاعر المحبة ومفكّر الحرية
- مصيبة جديدة تأتي على رؤوس النساء
- لماذا تقتلون الصبية ميس..؟
- تحية إلى فيروز أينما كانت
- هدر الأنوثة
- هدر الطفولة
- تظل بكارة الأنثى في هذا الشرق عقدتنا وهاجسنا


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى جبران - عن كتاب: في ظلال الرجال