أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - الفشل السياسي في العراق أساسه عميق وشامل















المزيد.....

الفشل السياسي في العراق أساسه عميق وشامل


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 7383 - 2022 / 9 / 26 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفشل السياسي مظهر لإفتقار النسق الكلي الى الحيوية الضرورية، المتمثلة بمقومات ذاتية للتصحيج والتغير والتطور الذي يقترن دائما بتكوين مرتكزات جديدة وقوى ذات تأثير نوعي. ولا شك ان الدولة في العراق لها الدور المحوري في اللحاق الحضاري وقد عجزت عن مزاولته. ومن الخطا الفادح النظر إليها مجتزأة، طالما قادت الأحداث إلى خضوعها الكامل لإشتراطات التخلف الإجتماعي. المقاربة صعبة ولا توجد أدوات نظرية مختبرة، هي محاولة للتفكير مجددا في هذا الموضوع الشائك.
مركز إلسلطة التنفيذية، متمثلا بمجلس الوزراء على وجه الخصوص ودوائرة ، لا يستطيع إستيعاب النظام الحكومي على حقيقته ومن داخله. ولا يعي واقع تنظيم أجهزة الدولة وعلاقته بوظائفها وإدارة عملياتها والصلات المنطقية – الضرورية فيما بينها. ولم يظهر ان لديه منهجا لإشراف منظم يَفرض إحترام ضوابط النزاهة والكفاءة، فالمركز يُدار ولا يُدير، على الأكثر. ولا تختلف الحكومات المتعاقبة في هذا العوق الخطير والمحبط لكل أمل في تغيير أو إصلاح ولوعلى نطاق محدود.
السيطرة مفقودة ومن النادران تجد دائرة تشعر بحضور فعال لمركز الدولة يتجلى في ترشيد السلوك أو توجيه النشاط او شحذ الهمم. ودون مبالغة يكاد لا يعرف الكادر المتقدم في الوزارات والهيئات المستقلة والشركات العامة ماهي المعايير المُلزمة، وما هي الحدود التي من العيب تجاوزها في إستخدام الصلاحيات للإنتفاع من المال العام. الروادع التلقائية غائبة والإنسجام الطوعي مع العقلانية والعدالة مفقود، وأية محاولة لإيقاظ الإحساس بالواجب تصطدم بصلابة شبكة النفوذ والمصالح، صغيرة وكبيرة، وشراسة المالوف. ومن أسباب هذه العدمية البغيضة أن السياسة، اصبحت في بلادنا، لغو لا صلة له بموضوعاتها: الأمن وسيادة القانون، والعدالة وكرامة الإنسان، والتنمية الإقتصادية الحقة ، والرفاه، والشراكة الإيجابية في الحضارة الإنسانية... ونهضة شاملة. السياسة المعروفة للراي العام تجهل الدولة تماما واستعاضت عنها بمفردات قليلة كرسّت البلادة المعرفية والأخلاقية. التفكير والخطاب السياسي في العراق لا يختلف عن إدارة الدولة في عقمه وكسله عن مباشرة موضوعاته ومجافاته للحقائق ولامنهجيته ومعاداته للنزاهة.
. ولو أهدِرَت نصف الموارد من دائرة واحدة، أواستأثرت عصابة بما شاءت من إمكانات الدولة وصلاحياتها ووصل الخبر إلى القيادات العليا فقد تصرح لا غير، على الأغلب، بأن الأمر موكول لجهات مختصة دون رئاسة الوزراء، وهي معروضة على القضاء، وكأن السلطة التنفيذية ليست ضامنة لسلامة الدولة، ومكلفة أخلاقيا ودستوريا بوقاية دوائرها من الإنحراف. ولا تختلف القيادات غير الرسمية، رؤساء الكتل والأحزاب، المتنازعة والمؤتلفة، في إنفصال التفكير والخطاب السياسي عن منظمات الدولة والآليات الفعلية لعملها. تكرار سقيم لمفردات بلا موضوع. تصور أنك تسأل منتسبي شركات النفط ، الكهرباء ، البلديات، الطرق والجسور، موظفي التعليم والصحة ... الزراعة ... هل وصلت إليكم رسالة من المركز، او قادة السياسة، ذات مضمون محدد يؤثر في مجريات عملكم، أتوقع ان الجواب بالنفي.
وفي الجانب الآخر، لا يُفهم من أهداف المعارضة سوى إستبدال المجموعة الحاكمة بغيرها وبعض مواد الدستور. وجماعة الحكم شغلتهم معضلة إختيار الرؤساء والمواقع الوزارية عن المشكلات الحقيقية، مستنزفون تماما لم يعد في الأذهان متسع للنظر في أداء الدولة.
من صخب الإصلاح والتغيير لم يحدث، ولا مرة ولو بالخطأ، ان أشير إلى ضروة إعادة تنظيم شاملة، للوزارات ودوائرها ومهامها، الهيئات المستقلة ، الشركات ، ... وغيرها. ولا توجد جهة أعدت، فعلا، قواعد جديدة لتنظيم الدخل المكتسب من الدولة. ولا حزب تبنى مقترحا لتغيير نظام عقود التجهيزات والمقاولات ، رغم أن مكافحة الفساد على كل لسان وهو دليل على ان النزاهة ليست مقصودة بذاتها.
نزاهة الدولة ليست بالفوضى والرعب، وليست متوقفة على إعتقال هذا أو محاكمة ذاك. بل فكر نزيه يقود السلطة التنفيذية لإعادة التنظيم وتغييرأنظمة العمل، وتقليل وضبط نوافذ الإتصال بالقطاع الحاص، وإعفاء الفاشلين والمتواطئين، بلا تشفي ولا إنتقام.
نُزِعَت عن القطاع العام قدرات البناء والإنتاج تماما، ولم يحدث أن رئيسا أو وزيرا أو زعيما، مؤيدا او معارضا، بادر لطلب تعبئة جزء يسير من إمكانت القطاع العام لتكوين شركة تستطيع تشييد طرق، او شبكات صرف صحي، أو تطوير النفط والغاز دون مواصلة التورط مع مزيد من الشركات الأجنبية، ولا حتى وحدة هندسية لشبكات الأرواء والمبازل،...، أو بناء مدارس ... مثلا. نستورد ابنية المدارس من الصين لنتفرغ للتكنولوجيا الجديدة ؟ لصناعة الروبوتات والطائرات المدنية المنافسة؟ ... نعم لأننا عقدنا العزم على إضافة روافد أخرى للعملة الأجنبية وتمويل الإنفاق العام ، ولذلك كلفنا الصين لبناء المدارس. دولة بأكملها وجميع اقسامها لا تحسن غير التعاقد، والأحزاب لا تعرف سوى تخصيص اموال أكثر من الموازنة ... وبشرط أن تبقى دوائر العقود والمقاولات وآليات عملها وجراثيمها كما هي ..، لأنها أثبتت جدارة!!. لا يهتمون بالمالية العامة، مالية القطاع العام، بل الموازنة العامة وفقط جانب الإنفاق بلا شروط. الوطنية الإقتصادية والدولة التنموية تتقلص إإلى تنافس المحافظات والدوائر ومعهم المجلس النيابي على تفاسم إيرادات النفط.
تعاقبت أجيال على الشكوى من إزدحام الناس في دوائر التسجيل العقاري والضريبة والمرور والتقاعد وغيرها ... وفي نفس الوقت جميعهم يتحدثون عن فائض التشغيل في القطاع العام، ولم يتنتفض أحدهم لمعالجة هذه المشكلة الساذجة ، نقل موظفين لا يحتاجون اكثر من شهر تدريب، بل اقل، وإستنساخ سجلات . ولو حدثت معمعة في العراق بعنف الثورة الفرنسية والسوفيتية مجتمعتين، تبقى هذه المشكلة، فما بالك بالتصنيع والبنى التحتية.
أما فرض القانون، والأجهزة المعنية، والأمن الداخلي، والجيش وسلاحه، والكفاءة والنزاهة ضمن هذا النطاق من الدولة، فلا وقت لديهم . وليتأكد القارئ ان التصنيع في العراق ليس من إهتمامات الحكومة او المعارضة ولا دعاة التغيير الجذري. وقطاع المال لا يعني لأحد منهم سوى أخبار عن وقائع سرقات توظف للتسقيط ، وكلام ملتبس عن مزاد العملة تائه بين حصر المبيعات بتمويل المستوردات، دون سواها، أو التنافس بين المصارف لإقتسام الهامش. يبدو أن لدى القادة في بلادنا مهام أسمى من البناء والأنتاج والعدالة والمساواة وترقية المستوى المعيشي والصحي، لا نعرف ما هي.
ثقافة العمل في دوائر الدولة فاسدة والأساس الفني لتنظيم وإدارة العمليات هزيل، إن وجد، والإدارة الإقتصادية هي الأبرز في هذا الهزال، قد لا تجد متخذ قرار، أو خبير ، استاذ ، أو مستشار، ولا في المعارضة، يؤمن حقا ان الإقتصاد معرفة لها أدواتها وحساب متخصص ليس من مصلحة المجتمع تجاوزه في القرار. ما أكثر الإعتباط والتحيز والتنكر لمبادئ العدالة التوزيعية في القرار الإقتصادي، ودون حياء من التبريرالهابط والسوقي لتحيزاتهم، وينعمون بالحماية والتوقير. في قناعتهم الإقتصاد مثل السياسة، كما يفهمونها ويتداولونها في الفضائيات، يسمونها رؤى وتصورات وتحليلات وهي براعة صلفة في غمط الحقائق وإسكات المخلصين للحقيقة.
انماط السلوك وقيم الجهاز البيروقراطي في العراق لم تدرس جيدا، وقد أهملت لأن الزعماء والأحزاب شغلهم التدافع على مركز السلطة السياسية والمحافظات. والمستوى المحلي لم ينجح في تطوير إمكانت ذاتية بالإنتفاع من اللامركزية التي ترجمت إلى صلاحيات أوسع للتصرف بحصة اكبر من موارد المركز، وهذه مشكلة أخرى.
والقطاع الخاص فاشل ولا يقل فسادا عن القطاع العام، بل أكثر. النشاط الأقتصادي شراكة: بين المال والإدارة والعمل؛ والمجهز والصناعي ؛ والمستورد وتاجر الجملة والمفرد ؛ والمصرف والمقترض، وحميع هذه الشراكات وغيرها ينخرها الفشل لضعف الضوابط التي إعتادت المجتمعات في وضعها الإعتيادي على إلتزامها طوعا. القطاع الخاص لا يتعامل مع دوائر الدولة بمعلومات صحيحة، يُزوّر ويتهرب ، وكان طرفا في مآسي فشل الإستثمار العام والمبالغة في عقود التجهيزات وإفساد الذمم. هذه المشكلات لا أحد يتحدث عنها لأنهم لا يريدون الإصلاح ولا يؤرقهم القلق حول مستقبل الضعفاء في العراق، يتسابقون، يتدافعون، ويؤلبون، ويحرقون، والجماهير تصفق ... وتهتف بأمجاد القادة والمفكرين العظام.
القيم التي تؤسس لمجتمع حر ودولة معاصرة لا زالت ضعيفة، مبدأ الشراكة المتساوية للعراقيين في الشأن العام نفوذه محدود، الفرد لا يتعامل بمسؤلية تجاه النظام العام والدولة والثروات الوطنية ، بل بالمغالبة والمشاطرة، وإتسع نطاق هذا السلوك ليشمل فئات إجتماعية كبيرة إضافة على الأفراد. إتضح لي، على االصعيد العملي، ان اغلب العراقيين لا يؤمنون بالمساواة الأصيلة بين البشر في إستحقاق الكرامة وتكافؤ العضوية الإجتماعية، والإصرار على التراتبيات العمودية واضح، وهذا المرض يعيق إستكمال التاسيس والديمقراطية الحقة.
أناشد رؤساء الأحزاب اتي شاركت في المجلس النيابي، من الجمعية الوطنية إلى يومنا، الطلب إلى أوليائهم في دوائر القرار العاجزين عن مباشرة الأصلاح وخدمة النزاهة الإستقالة وإستبدالهم بآخرين، وكذلك الذين ترسخت علاقاتهم بالتجار والمستثمرين والمقاولين ومن على شاكلتهم. ونُذكّر الجميع بأن الضعفاء هم الأولى بإمكانات الدولة والنفوذ المعنوي للقادة. وليس من المعقول دفع الوضع المتازم نحو حافة الهاوية.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة حول الإصلاح المالي في العراق
- العملة الأجنبية في العراق والتصرف بها: بعض الحساب الإقتصادي
- الإشتباه بين التعويم وتغير سعر الصرف
- نافذة بيع العملة الأجنبية: ثانيا
- نافذة بيع العملة الأجنبية وسعر الصرف في العراق: حقائق واضحة
- من إدارة الأزمة الى التنمية الأقتصادية في العراق
- إقتصاد العراق في مواجهة أزمة المورد النفطي
- عجز الموازنة الحكومية وتمويله في العراق: عرض مبسّط
- سياسة المالية العامة وصدمة كورونا
- إقتصاديات الوباء وصدمة كورونا
- على الأرض7.7 مليار إنسان: نتيجة التطور الشامل؛ كورونا حدث عا ...
- تحديات التنمية الأقتصادية وخطاب الدافع السياسي والأستعراضي:
- كلمة حول الأقتصاد اللبناني والتحول المرتقب
- تقصير السلطات التنفيذية والفساد المالي
- قانون مجلس الأعمار: ملاحظات
- الأقتصاد الفرنسي : تحليل مقارن في ضوء الأحتجاجات
- تجربة التنمية التونسية وازمتها الأقتصادية في السياق السياسي
- قيد المورد المالي يتحدى الحكومة في العراق
- اللامركزية المالية
- السودان في مأزقه الأقتصادي


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - الفشل السياسي في العراق أساسه عميق وشامل