أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - على الأرض7.7 مليار إنسان: نتيجة التطور الشامل؛ كورونا حدث عابر















المزيد.....

على الأرض7.7 مليار إنسان: نتيجة التطور الشامل؛ كورونا حدث عابر


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 6537 - 2020 / 4 / 14 - 04:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقدر سكان العالم 600 مليون نسمة عام 1700؛ ومتوسط التقديرات 285 مليون نسمة بداية التقويم الميلادي. وبقيت الجماعة البشرية تتزايد ببطء شديد، في الأتجاه العام، تنتعش لمدة، في هذا المكان أو ذاك، تداهمها الأوبئة وشحة الغذاء فتتقلص الى ما كانت عليه قبل مئات السنين. وعلى سبيل المثال ظل سكان العراق يتراوح بين مليون وأقل من مليوني نسمة بين بداية الألف الميلادي الأول وأواخر القرن التاسع عشر. وبقي سكان مصر يتقلب حول 4 مليون نسمة قرابة الفي سنة. تاريخ طويل لصراع مرير من أجل البقاء، حتى جاءت الثورة الصناعية في غرب أوربا، وامتدت الى مستوطناتها شمال امريكا، واخذت نتائجها الطيبة بالأنتشار بين سكان الأرض أجمعين.
في عام 1800 أصبح سكان العالم 990 مليون نسمة أي بزيادة 360 مليون في مئة سنة، وهي زيادة كبيرة مقارنة بما سبق، لكنها تعادل نمو السكان لخمسة أعوام او أقل في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين؛ وبدأ التسارع واضحا دون ارتداد منذ بداية القرن التاسع عشر فوصل السكان الى 1650 مليون عام 1900 ؛ ثم 3 مليار نسمة عام 1960 ؛ و7.7 مليار نسمة عام 2019. هذا التزايد السريع في حجم السكان خلاصة لما انجزته البشرية من تقدم شامل في الثورة الصناعية والنهضة العلمية والتقنية المرتبطة بها؛ والتي أثمرت ثورة زراعية موازية ونمو الأنتاج الغذائي ؛ ووسعت التجارة العابرة للحدود الى نطاق العالم؛ وازدهر الطب وصناعة الدواء. وبعد انتشار المحركات البخارية، والمبتكرات اللاحقة، واستخداماتها في النقل أصبح ما ينتج في أي مكان في العالم يصل الى كل مكان، بما في ذلك الغذاء والدواء، وتحررت البشرية من الشراك المالثوسي، وقيود الحيز الجغرافي الصغير، لتزدهر حياتها في عالم موحد.
في الدانيمارك مثلا، والتي توصف بالرقي الحضاري والمعيشي والعناية بالبشر، كان متوسط عمر الأنسان 33 سنة عام 1775 بينما أصبح 81 سنة في 2019؛ هذه نتائج وفرة الغذاء والدواء والحياة الرخية. وفي مصر 33 سنة متوسط العمر المتوقع للأنسان عام 1927 وفي السنوات الأخيرة أصبح 72 سنة. وفي ايطاليا 30 سنة اواخر القرن التاسع عشر عام 1873 وفي السنوات الأخيرة وصل 84 سنة. وفي اوربا كلها متوسط عمر الأنسان 34 سنة عام 1770 بينما بلغ 79 سنة في السنوات الأخيرة؛ وفي العالم بأسره من 29 سنة عام 1800 الى 72 سنة عام 2015. كانت معدلات الولادة عالية لكن نسبة الباقين على قيد الحياة واطئة ؛ وقد لا يُبق الموتُ للأم أحدا مما ولدت، هو الجوع والمرض، والأوبئة التي يقف الأنسان حيالها عاجزا، والحياة شاقة من جميع الوجوه، وتستولي قلة قليلة من الأوادم على المجد والكرامة والخبز الوفير، والأكثرية ذليلة تعاني الوان العذاب.
في عام 1700 يقدر سكان الحضر بحوالي 5 % من سكان العالم، وكذلك في اليابان، وفي الصين تقريبا 6% وفي الولايات المتحدة 2% وفي عام 1840 إرتفعت النسبة الى 11%. بينما يسكن 81% من سكان الدول عالية الدخل في المدن عام 2018، و 66% من سكان دول الشريحة العليا متوسطة الدخل، و55% من سكان العالم. لماذا ، لأن غلة الأرض وانتاجية العمل الزراعي كانت واطئة قبل الثورة الصناعية فلا يتوفر سوى القليل من الفائض لأطعام من لا يعمل في الزراعة. وايضا لأن حياة المدن كانت مخيفة لسرعة انتشار الأوبئة فيها ومعدلات الوفيات في الحضر أعلى من الريف، هكذا كانت حياة الناس.
لقد إزداد متوسط الناتج، السلع والخدمات النهائية، للفرد ألى أكثر من 11 مرة عام 2016 مقارنة مع عام 1870 . فعلى اي حقيقة يستند من يكتب، لأجيال لم تقرأ التاريخ، بان العالم صار بائسا وهو الى خراب نتيجة خلل لا يقبل الأصلاح في نظامه. أن الكلام عن علاقة سببية بين فايروس كورونا الجديد، والوباء، من جهة وسياسات الدول، والأسس المعيارية لحقوق الملكية في العالم، من جهة أخرى يقوض الثقة بين اهل الفكر والمجتمع.
صحيح لم يزل مئات الملايين يعانون الفقر والحرمان، كما ان التفاوت في الرفاه على حساب حق الناس في الحياة الكريمة مُدان ويرفض، ولم يتوقف الكفاح من أجل العدالة. ولا بد أن تظهر نتائج التطور في قيم جديدة تنطلق من الضرورة الأخلاقية والعملية للتكافل التام بين البشر بصفتهم شركاء في نظام الطبيعة وخيرات الارض. ومع مواصلة التطور الأقتصادي والتقني تتوفر المزيد من الفرص لخدمة العدالة والأنصاف.
لقد أصابت البشرية الكثير من كوارث الأويئة عبر التاريخ وحصدت ملايين الأرواح، لكنها نجحت في التخلص من الطواعين والجدري والجذام وشلل الطفال، وتضاءلت الكوليرا والسل في أضيق نطاق، وصار التعايش ممكنا مع الأمراض المزمنة. وفي نفس الوقت ظهرت امراض معدية جديدة أغلبها من الفايروسات يذكر المختصون منها 40 منذ عام 1975. وكلها، قديمها وجديدها، لم تعد قادرة على إحداث تغيير نوعي في المسار التاريخي . يُذكر ان آخر وباء كبير هو الأنفلونزا 1918- 1919 عقب الحرب العالمية الأولى مباشرة، والتي تسمى اسبانية إذ يتفاوت تقدير الوفيات بين 20 مليون و50 مليون نسمة. ومع ذلك لا ينسب اليها تغيير في نظام السياسة او الأقتصاد في العالم في وقت كانت الأذهان مهيئة للتحول الجذري.
لقد أصبح الأتصال البشري أوثق واسرع ومن المتوقع انتشار الأمراض المعدية بحيث لا تبقى ضمن النظاق المكاني القريب لأنبعاثها. ولحد الآن لا شك في ضخامة التكاليف الأقتصادية للحد من وباء الكورونا، وان البقاء على هذه الأجراءات لمدة تطول تترتب عليه أضرار واسعة لكنها تختلف عن عواقب الأزمات المالية ودورات الأعمال. وعندما تتلاشى اخطار الوباء تعود الحياة الأقتصادية الى مجراها الأعتيادي. ويلاحظ استعداد الحكومات للتدخل واسع النطاق في الأقتصاد والحد من تلقائيات آليات السوق كي لا يترك التعطيل والحجر الجماعي آثارا سلبية تستمر ما بعد انحسار الوباء. وسوف تتوفر في الأيام القليلة القادمة بيانات أفضل لتقييم مآل الأقتصاد في ظل السياسات الحالية.
كشفت الدراسات الآثارية عن أقدم الجوائح في الصين 3000 قبل الميلاد، وأشارت الى تجميع الجثث في مبنى قبل حرقها لا حقا، والضحايا من مختلف الأعمار ويبدو ان انتشار الوباء كان سريعا. وبقيت المنطقة التي وجدت فيها الآثار خالية من السكان لمدة طويلة.
وأقدم الحوائح الكبرى التي أشارت اليها المدونات الاوربية تلك التي حصلت ايام الحرب بين اثينا، وسبارطة، 430 قبل الميلاد، ويعتقد انها نوع من التايفوئيد حصدت ثلثي سكان اثينا آنئذ وكانت سببا في خسارتها الحرب.
والثانية عام 165 بعد الميلاد، وباء الجدري، نقله الجنود الهون Huns الآسيويون الذين اجتاحوا اوربا حينها، واصاب الألمان ثم بقية ارجاء الأمبراطورية الرومانية واستمر حتى عام 180.
والثالثة وباء Cyprian وهو رجل دين في قرطاج عام 250 يشبه الكوليرا في أعراضه. وانتقل الوباء بين اثيوبيا ومصر وبقية الشمال الأفريقي وروما ... واماكن أخرى ويقال ان الوباء عاود الظهور عام 444 في بريطانيا وأضعفها وكان سبب استعانتهم بالسكسون الذين دخلوها ومكثوا فيها.
وطاعون جوستنيان، نسبة الى امبراطورالبيزنطيين، سنة 541 وبقي الوباء مدة طويلة وتقدر الوفيات حول 50 مليون نسمة ما يعادل خُمس سكان العالم حينها. وجذام القرن الحادي عشر. ووباء الموت الأسود عام 1350 ويعتقد انه جاء من آسيا عبر قوافل التجارة الى صقلية ثم انتشر، يشبه في أعراضه وباء جوستنيان وقد بالغ المؤرخون في ضحاياه بما يقدر ثلث سكان العالم، ويشار الى آثار سياسية وعسكرية بليغة لهذا الوباء، في بريطانيا وفرنسا. وهو من اسباب الأنهيار المبكر للنظام الأقطاعي في بريطانيا.
ويذكر المؤرخون أكثر من جائحة ، في آن واحد، وصلت الى كولومبيا عن طريق الأسبان بداية إكتشاف العالم الجديد، ثم انتقلت الى باقي الأمريكتين وبالنتيجة كانت مسؤولة عن "موت 90% من السكان الأصليين" وهذه مبالغة فيما يبدو منطقيا لكنها لا تخلو من دلالة.
ويشار الى الطاعون الكبير في لندن 1665- 1666 ونزح السكان منها بقيادة الملك شارلز الثاني. ووباء مارسيليا، فرنسا، الذي وصلها من شرق المتوسط 1720-1723 . والوباء الروسي 1770- 1772 والذي أدى الى تمرد عنيف في موسكو أيام الملكة كاترين الثانية.
وشهد القرن التاسع عشر سلسلة من وباءات الأنفلونزا والكوليرا.وفي القرن العشرين ، إضافة على ما تقدم في الأنفلونزا الأسبانية، يشار عادة الى الكوليرا التي انطلقت من الهند عامي 1910-1911 واودت بحياة 800 ألف نسمة في الهند وانتقلت الى بقية العالم وصولا الى أمريكا ، وتسمى الكوليرا السادسة قبلها خمسة مثلها او أشد. الأنفلونزا الآسيوية 1956- 1968 والتي ظهرت اول مرة في الصين ويقدر ضحاياها مليوني نسمة. ثم أنفلونزا هونكونك عام 1968 اودت بحياة مليون إنسان نصفهم في هونكونك ذاتها.
ونعود الى بداية المقال للربط بين الأوبئة وتاريخ السكان في العالم وهو بمنتهى الوضوح ، إضافة على بيان الفارق الجوهري بين عصرنا، هذا، ووباء كورونا وتلك الأيام، لنعرف قيمة إنجازات الثورة الصناعية ومتعلقاتها العلمية والتقنية. وكيف ان حضارة هذا الزمن وهي تراكم الجهد البشري من اجل الأرتقاء منذ البدايات المبكرة لحياة هذا الكائن الفريد هي اشمل وأعمق من ان تنبثق عن سببية قوامها " نزول مُلاّك الأرض وصعود ملاّك راس المال" وتقاد بغائية مفترضة خلاصتها مصادرة تلك الملكية للحكومة او جهة أخرى تمثل المجموع. الأصرار على حشر الوجود في إثنين او ثلاث مفردات تخنق وعي الأنسان وتشنق روحه قبل ان تصله الكورونا.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات التنمية الأقتصادية وخطاب الدافع السياسي والأستعراضي:
- كلمة حول الأقتصاد اللبناني والتحول المرتقب
- تقصير السلطات التنفيذية والفساد المالي
- قانون مجلس الأعمار: ملاحظات
- الأقتصاد الفرنسي : تحليل مقارن في ضوء الأحتجاجات
- تجربة التنمية التونسية وازمتها الأقتصادية في السياق السياسي
- قيد المورد المالي يتحدى الحكومة في العراق
- اللامركزية المالية
- السودان في مأزقه الأقتصادي
- التطور والرفاه في الدول كبيرة الحجم السكاني: مؤشرات مختارة
- إعادة إعمار سوريا ونموها الأقتصادي بعد الحرب
- مسائل في النزاعات التجارية للولايات المتحدة وتنافسها مع الصي ...
- لتنمية الحضرية والإشغال غير الرسمي للأرض في العراق
- الهجرة من الريف الى المدينة هل تختلف في العراق عن النمط العا ...
- الأقتصاد المصري بين فجوة الموارد وسياسة سعر الصرف وصعوبة الت ...
- حجم السكان في مسار التاريخ ودلالاته: مصر ودول أخرى
- الأقتصاد الأيراني والعقوبات: الحلقة الثانية ( العقوبات والأت ...
- الأقتصاد الأيراني والعقوبات الأمريكية: الحلقة الأولى (السمات ...
- مشكلة الأقتصاد التركي في عجز الميزان الخارجي وتدهور قيمة الع ...
- قطاع النقل في العراق يحتاج الكثير ايضا


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - على الأرض7.7 مليار إنسان: نتيجة التطور الشامل؛ كورونا حدث عابر