أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية














المزيد.....

انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7371 - 2022 / 9 / 14 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


باتت الأفشال التي نجمت حتى الآن عن قرار فلاديمير بوتين زجّ الجيش الروسي في غزو أوكرانيا كافية لإدراج بوتين على قائمة الغزاة الفاشلين في التاريخ الحديث، وبمرتبة عالية تضاهي أفشال عظيمة كالغزو الأمريكي لفيتنام والغزو السوفييتي لأفغانستان والغزو الإسرائيلي للبنان والغزو الأمريكي للعراق. ويبدو أن جنون العظمة والطمع الاستعماري حالا دون أن يتّعظ بوتين من تلك السوابق، التي تشمل سابقة خاضت فيها بلاده، وجعلاه يعتقد أن تدخل قواته الجوّية الناجح في سوريا ضد مقاومة متشرذمة ومحرومة، بقرار أمريكي، من السلاح المضاد للطيران، دليلٌ على جبروت روسيا العسكري.
هذا ونظراً للدور المتعاظم الذي لعبته روسيا في منطقتنا في السنوات الأخيرة، من الطبيعي أن تترتّب عن إخفاق بوتين في أوكرانيا عواقب إقليمية بالغة الأهمية، لا بدّ كي ننظر فيها من التذكير أولاً بأوجه الدور الروسي الإقليمي. فمنذ غزوه الأول لأراضي أوكرانيا في عام 2014 وضمّه لشبه جزيرة القرم، وما نتج عنهما من عقوبات فرضتها على روسيا الدول الغربية، وجدت موسكو نفسها في خانة واحدة مع طهران التي سبق لروسيا أن شاركت في فرض العقوبات عليها. وقد يسّر هذا الأمر تدخّل روسيا في سوريا إلى جانب القوات الإيرانية وأعوانها الإقليميين في تدعيم نظام بشّار الأسد. بيد أن تفوّق الدور الروسي، المستند إلى القوات الجوّية، بينما اقتصر الدور الإيراني على القوات البرّية، أتاح لبوتين لعب دور خبيث في نصب نفسه حَكَماً في الساحة السورية بين إيران وتركيا، والتظاهر بأنه قادر على الإشراف على إخراج البلدين من سوريا لتبقى تحت هيمنة روسية بلا منازع.
وقد راق هذا الوضع لدول الخليج التي خاصمت إيران وتركيا معاً طوال هذه السنين، فربطت مع روسيا أواصر سياسية وعسكرية، وصلت في حالة أبو ظبي إلى التدخّل المشترك في ليبيا، دعماً لخليفة حفتر، وفي السودان دعماً للطغمة العسكرية. وتدعّمت كذلك علاقات عبد الفتّاح السيسي، حليف المحور الخليجي، مع روسيا، وقد شاركت مصر في التدخّلين المذكورين. وعلى هذه الخلفية أخذت موسكو تعرض على أصدقائها العرب الجدد شراء أسلحتها، مبيّنة الفرق بينها وبين الدول الغربية التي تواجه حكوماتها معارضة شعبية لتزويد بعض الدول بالسلاح، على غرار الاعتراضات التي واجهت تسليح أمريكا للمملكة السعودية في حرب اليمن.

أما تبدّل الموازين مؤخراً، فأسطع دليل عليه الخبر الذي ذاع قبل أيام عن امتناع مصر عن استلام 24 طائرة سوخوي سو-35 كانت قد تعاقدت على شرائها، وذلك خوفاً من إغضاب الولايات المتحدة. وقد قرّرت إيران شراء تلك الطائرات عوضاً عن مصر، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل تغييراً نوعياً في الترسانة الجوّية الإيرانية التي لم تحُز على طائرات بمثل هذا المستوى التكنولوجي حتى الآن. ولا شك في أن تزويد موسكو لطهران بهذه الطائرات سوف يغيّر نظرة الخليجيين إلى روسيا تغييراً جذرياً ويحيلهم مجدّداً إلى الاتكال حصراً على الحماية الأمريكية بينما تستحيل موسكو حليفة لطهران في نظرهم. ومما يدعّم هذا الأمر أن روسيا نفسها أخذت تتزوّد بالطائرات المسيّرة من إيران، وهو دليل ساطع آخر على ضعف روسيا وعامل آخر في انحطاط صورة الجبروت التي نجمت عن حربها في سوريا.
أما النتيجة الأهم لتبدّل الموازين المذكور، فهي أن كفة إيران في المعادلة السورية باتت راجحة على حساب الكفة الروسية (ناهيكم من كفة تركيا، التي يعاني حكمها من أزمة اقتصادية شديدة أدّت به إلى مراجعة حساباته الإقليمية وتخفيض طموحاته). ونظراً لمركزية الساحة السورية في المشرق العربي، يترتّب عن رجحان كفة إيران فيها تدعيم دور طهران في الساحتين المجاورتين اللتين لها سطوة عليهما، ألا وهما العراق ولبنان. وفي المحصّلة، يعني كل هذا أن التوتّر قابلٌ على التصاعد في هذين البلدين الأخيرين، الّا إذا اتّعظت طهران بتبدّل الموازين الدولي الناجم عن إضعاف روسيا وقرّرت القبول بالشروط الأوروبية لتجديد الاتفاق النووي مع أمريكا وتليين موقفها نحو تشجيع المساومة في ساحات تدخّلها.
وقد سبق لطهران أن تصرّفت على هذا النحو بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحتى أولى سنوات القرن الراهن، فدخلت في تعاون بالأفعال، من خلف التخاصم بالأقوال، مع الولايات المتحدة وصولاً إلى تعاون أعوانها العراقيين مع الاحتلال الأمريكي، وتعاون أعوانها اللبنانيين مع رفيق الحريري. كانت تلك سنوات طغيان المعتدلين في الحكم الإيراني، مثّلهما الرئيسان أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997) ومحمد خاتمي (1997-2005) وقد انتهت المرحلة بوصول محمود أحمدي نجاد إلى الرئاسة (2005-2013) ممثلاً الجناح المتشدّد. غير أن الصعوبات الاقتصادية التي نجمت عن ذلك أدّت إلى وصول رجل مساوم إلى الرئاسة بعده، هو حسن روحاني (2013-2021) الذي أشرف على عقد الاتفاق النووي في عام 2015. بيد أن النهج المساوم مُني بهزيمة من جرّاء وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في عام 2017 بما أعاد المتشدّدين إلى رئاسة إيران مع إبراهيم رئيسي في عام 2021. وهذا يعني، للأسف، أن لا مجال للتفاؤل في تليين المواقف في منطقتنا في المستقبل المنظور.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية


المزيد.....




- الانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر
- أمريكا كانت على علم بالمقترح الذي وافقت عليه حماس.. هل تم -ا ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع م ...
- -الولايات المتحدة تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله-- ...
- بعد قرنين.. سيمفونية بيتهوفن التاسعة تعرض بصيغتها الأصلية في ...
- السفارة الروسية: قرار برلين بحظر رفع الأعلام الروسية يومي 8 ...
- قديروف: لا يوجد بديل لبوتين في روسيا
- وزير إسرائيلي يطالب باحتلال رفح والاستحواذ الكامل على محور ف ...
- مسؤول في حماس: محادثات القاهرة -فرصة أخيرة- لإسرائيل لاستعاد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية