أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - كاظم فنجان الحمامي - حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (20)














المزيد.....

حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (20)


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7358 - 2022 / 9 / 1 - 02:32
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


كانت سواحل خور عبدالله منطلقا لفرق المسح الهيدروغرافي، التي رسمت معالم المسالك الملاحية الأمينة منذ عام 1919. .
فرق تحملت أهوال البحر، ومزاجه المتقلب، وبيئته القاسية، وأخذت على عاتقها تحديد المسارات الصحيحة، التي تسلكها السفن في طريقها نحو أم قصر وخور الزبير. وتفننت في غرس فنارات الاسترشاد في أعماق الممرات الضيقة. ونجحت في تأثيث القنوات الضحلة بالعوامات والإشارات الملاحية. إبتداءً من خور الخفقة وانتهاءا بخور الثعالب، مرورا بخور عبدالله، وخور (وربة)، وخور (الشيطانة)، وخور (السقا)، و(خور بحرة)، وخور (حچام). وابدعت في نصب نقاط التثليث، وعلامات التسوية على سواحلنا. .
رجـال امتزج عرقهم بأطيان الشواطئ الخاوية. وذوت أعمارهم في غياهب الأغوار السحيقة. وتناثرت احلامهم فـوق الأمواج الصاخبة. وغاصت سيقانهم في الأوحال والرمال المتحركة. ومشوا حفاة الأقدام في المياه الضحلة. وخنقتهم رياح (الكوس) المشبعة برطوبة الخليج، ومزقت أجسادهم ملوحة البحر. لكنهم تحدوا الصعاب. وصمدوا بوجه الظروف القاهرة، وتركوا لنا سفرا خالداً، مفعما بالوفاء والعطاء ومعطراً بعبق رائحة البحر، ومنقوشا على مسطحاته المترامية الأطراف. .
كانوا يستخدمون الطرق البدائية في سبر الأعماق. ويستعينون بالأساليب التقليدية في الاستدلال على إحداثيات المواقع. ويهتدون بالحسابات الرياضية المضنية في حل المعضلات الهندسية. ومع ذلك نجحوا في مسح القيعان، وجالوا في أخاديد الأخوار. وكانت لهم الريادة في تشخيص ملامح سواحلنا. والتعرف على الممرات البحرية. ورصد تياراتها المائية. وتدوينها على خرائط كنتورية، مؤطرة بخطوط الطول والعرض. وموضحة بمقاييس الرسم. فتركوا لنا مكتبة عامرة بالخرائط والمخططات، والدراسات البحرية والنهرية. .
استقروا منذ بداية القرن الماضي في مدينة (الفاو). وانطلقوا من هناك في كل الاتجاهات المتاحة لهم. وارتبطوا فيما بعد بسلطة الموانئ العراقية. ورافقوا سفن الحفر المكلفة بتهذيب الممر الملاحي الوحيد في تلك الأخوار، وأزالوا الأطيان والترسبات الغرينية منها. وانيطت بهم مسؤولية مراقبة تردي الأعماق بفعل الترسبات الهائلة، التي منيت بها. .
واكبوا عمليات الحفر، وأسسوا قواعد الأبـراج لفنارات التطابق، وحددوا خطوطها ومساراتها. وواظبوا على صيانتها. واختاروا مواقع الأرصفة المينائية. ونشروا مقاييس المد والجزر في الأماكن الحساسة. ووزعوا العوامات الملاحية على امتداد الممرات المخصصة للسفن. وشهدوا ولادة نهر (شط البصرة)، وربطوه بخور الزبير. ونفذوا مشاريع صيانة السواحل العراقية. ورصدوا مناسيب المياه في كل المواسم. وكان لهم قصب السبق في الإبداع والتميز، فنالوا ارفع الدرجات المهنية في تخصصهم. وشهد لهم العالم كله بحسن الاداء، ودقة البيانات، ورصانة المعلومات. .
رجال أفذاذ تعاقبوا على رئاسة الفرق الهيدروغرافيـة والهيدرولوجية. وطبعوا بصماتهم في ذاكرة الطين والماء. . مازالت آثارهم شاخصة في منعطفات خور عبدالله. آثار تحكي قصة الكفاح المرير في تعبيد الطرق البحرية فوق المسطحات الزرقاء. ومازالت صورهم شاخصة على الضفاف. .صور رائعة لقوافل المبدعين والمتميزين، اذكر منهم: المسّاح الأقدم مهدي موسى، ومحمد الحبوبي، وحسن محمود، وعبد المجيد محمد حسن، والكسندر فرجيبيان. ويوسف العامر. .
وتصاعدت وتيرة المسوحات البحرية على يد (فريد يوسف البسام). ذلك الرجل الحجازي القادم مـن قلب الصحراء العربية. فأضاف بخبرته المعهودة لمسات جديدة، أسهمت في توسيع آفاق المسوحات المائية، في خضم الكثافة المرورية، التي رافقت الحركة الملاحية شمال الخليج العربي. .
ثم جاء بعده (طالب جاسم محمد) ليكمل المسيرة بخطوات متصلة بجسور الماضي المزدهر. وتلاه (عيسى جاسب الطـوب). ثـم (عبد الرزاق جاسم). ومازن خريبط الخيون، ورافقهم شاب طموح، هو الكابتن سمير عبد علي مرزوق. .
كانت سفينتهم التي حملت اسم (الفاو) من أجمل السفن التخصصية. سفينة رشيقة البدن. أنيقة المظهر. مغزلية القوام. تنساب في إبحارها، وتتبختر في مناورتها. وكأنها يخت ملكي صغير يعوم في فردوس الرافدين، أو عروس سومرية. أو مهرة عربية أصيلة مزينة بـالأنوار البهيجة والصواري المتسامقة. تهابهـا السفن التجارية، وتغار منها النوارس والمراكب المحلية. فخصصت لها إدارة الموانئ العراقية رصيفا معزولا عن بقية السفن الخدمية، خوفا عليها من أن تصاب بخدش بسيط يشوه طلعتها البهية. ثم صارت رمزا من رموز الطوابع البريدية في عدة إصدارات محلية. لكنها للأسف الشديد تنزوي الآن بين السفن المحطمة. وترقد بين الزوارق المهملة. على الرغم من ماضيها الحافل بالنشاط الملاحي. وعلى الرغم من احتفاظها بنكهة الأجداد والآباء ، الذين ساهموا في تدوين تاريخنا البحري. وارى انه ينبغي علينا التفكير بجد في إعادة تأهيلها، وتحويلها إلى متحف بحري عائم. يعيد إلى الأذهان تلك الصور الرائعة. .
ختاماً: كان هذا هو الجزء الاخير من الاجزاء العشرين التي تناولنا فيها حقوقنا السيادية في خور عبدالله. وسوف نواصل الكتابة عن حقوقنا المهدورة في شط العرب. . .



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (19)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (18)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (17)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (16)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (15)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (14)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (13)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (12)
- حقوقنا السيادية في خور عبد الله / الجزء (11)
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء ( 10 )
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء التاسع
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء الثامن
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء السابع
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء السادس
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء الخامس
- حقوقنا السيادية في خور عيد الله / الجزء الرابع
- براقش التسقيط
- حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء الثالث
- حقوقنا السيادية في خور عبد الله / الجزء الثاني
- حقوقنا السيادية في خور عبد الله / الجزء الأول


المزيد.....




- احتجاجات وسط تونس تطالب بـ-الإجلاء السريع- لآلاف المهاجرين ا ...
- ميقاتي: الكلام عن رشوة أوروبية للبنان لإبقاء النازحين على أر ...
- مسئولة أممية: المجاعة تنتقل من شمال قطاع غزة إلى جنوبه
- تعذيب مجندات بجيش الاحتلال رفضن الخدمة على حدود غزة: تذنيب ت ...
- ميقاتي يرد على حملة بوجود -رشوة أوروبية- لإبقاء النازحين الس ...
- عشرات المهاجرين يصلون إلى إنجلترا على متن زورقين من فرنسا
- كيف تحولت مظاهرة لغزة في جامعة إنديانا إلى نضال لحرية التعبي ...
- بالصراخ وسط الليل.. طلاب يتظاهرون أمام منزل نعمت شفيق
- حملة ترمب تركز على -المهاجرين- لتضليل الناخبين
- صحة غزة تطالب محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في تعذيب واغتي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - كاظم فنجان الحمامي - حقوقنا السيادية في خور عبدالله / الجزء (20)