أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عبد الأمير الربيعي - عبد الرضا عوض المتصوف الذي عشق الكتاب ومدينته الحلة














المزيد.....

عبد الرضا عوض المتصوف الذي عشق الكتاب ومدينته الحلة


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 7357 - 2022 / 8 / 31 - 14:04
المحور: المجتمع المدني
    


خسرت مدينة الحلة الوادعة التي تغفو على نهر الفرات قبل أقل من عام قلمٌ جريء، كان صادقاً في تعاملهُ، وحياتهُ أقرب إلى متصوف عشق مدينته، كما عشق الكتاب والكتابة والبحث والتمحيص والتدقيق والتحقيق، إنهُ أخينا وصديقنا وأستاذنا د. عبد الرضا عوض رحمه الله.
إنَّ تدوين أحداث ذلك التاريخ وتطوراته وتقديم مادته للباحث محفوظة بمؤلفات مهمة تكون منطلقاً صحيحاً لدراسة علمية في ميدان اختصاصهم, يقف في مقدمة أولئك المؤرخين والمدونين والباحثين والمحققين والموسوعيين المعاصرين الدكتور عبد الرضا عوض رحمه الله، الذي انصبَّت جهوده بشكل رئيس منذ ستينيات القرن الماضي وباجتهاد ذاتي منهُ على تدوين مفردات تاريخ مدينته الحلة وتاريخ العراق إبان العهود السابقة واللاحقة, ومنها العهد العثماني والملكي والجمهوري الأول والثاني والثالث, وعهد ما بعد التغيير عام 2003م, أو عهد الاحتلال الأمريكي، وما رافقه من بؤس وانحلال سياسي واقتصادي واجتماعي, وتدمير للبنية التحتية ومؤسسات الدولة كافة, والتدمير المعنوي والوطني لشخصية الفرد العراقي مدوناً يومياته في سفر (كلٌ يبغي حاجاته).
كما أن الباحث والمحقق عوض عاصر وتابع أحداث العراق فأثمرت جهوده عن العديد من المؤلفات المهمة التي تبحث في التاريخ والأدب والاقتصاد والتحقيق وتراجم الرجال, والتي تجاوزت مؤلفاته أكثر (51) مؤلفاً, بين التأليف والتحقيق, خصوصاً كتابه المعروف (الحوزة العلمية في الحلة, نشأتها وانكماشها الأسباب والنتائج 562هـ - 951هـ) والتي نال من خلاله درجة الدكتوراه, فضلاً عن أنهُ علماً من أعلام نهضة العراق في عصرنا الحديث, ذاع اسمهُ وانتشر في الأوساط الثقافية العلميّة والمحافل التاريخية والبحثية داخل العراق وخارجه.
تمثل كتاباته في عرض المعلومات التي جذبت العديد ممن رجعوا إليها لتوثيق بحوثهم ودراساتهم, وهو المعروف في مؤلفاته بأنهُ لا يكتب في مجال كُتب فيه الآخرين, ولا ننسى دورة الريادي في إصدار مجلة (أوراق فراتية) ومجلة (العشرة كراسي), فضلاً عن دوره في تأسيس (مركز تراث الحلة)، ودوره في بذل الجهود مع ابناءه في (مهرجان تمصير الحلة) واستذكار (لواقعة أو دكة عاك).
ومن خلال مطالعتي لمؤلفاته ومنهجه في التدوين التاريخي وجدت نفسي أن أسلط الضوء على سيرة هذه الشخصية المهمة ومؤلفاته ومنهجه في التدوين التاريخي من خلال كتابي (الريادة في مؤلفات عبد الرضا عوض) الصادر عام 2017, عرفت فيه الاستقامة والنزاهة والعفّة والغيّرة والشفافية والوداعة والتسامح وطيبة القلب المتناهية.
الراحل الدكتور عبد الرضا عوض بَثَّ فينا الدعم المعنوي للاهتمام بالتاريخ, وقد طرح بعض الأفكار والآراء العلمية في تحليل الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية, فكانت اشارته لي أن أكتب تاريخ مدينة الديوانية السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ التأسيس عام 1747م ولغاية عام 2003م، وقد صدر عام 2015م بثلاثة أجزاء، وكتاب حول توثيق انتفاضة آذار عام 1991م في الديوانية، وكتاب آخر عن حياة آخر علماء الحوزة العلمية في الحلة الشيخ إبراهيم القطيفي المتوفى عام 945هـ/1538م، وقد تحقق ذلك وصدرت تلك المؤلفات بتوجيه الراحل.
يمتلك الدكتور عبد الرضا عوض أخلاقاً امتداداً لأخلاق العلماء الصالحين, ومن خلال سلوكه الطيب انتزع احترام الناس حتى أولئك الذين كانوا يختلفون معهً في الفكر والرأي, فهو ثقة, متواضعاً, عفيفاً, كثير الحياء, محتملاً للأذى, محباً للعلم والتاريخ, ناشراً لهُ, صبوراً على البلوى, مناظراً بارعاً, باحثاً دؤوباً, كثير التأمل, يغور بعيداً في أسرار التاريخ، دمث الأخلاق, حيث انتزع ثناء الناس واحترامهم لهُ من خلال ما يحملهُ من أخلاق عالية, يثق بهِ الأصدقاء والمقربين, فضلاً عن كونه موسوعة جامعة لتاريخ مدينته الحلة, متنوع النتاج في التأليف, يتمتع بقوة الملاحظة, ودقة الاستدلال, من يطالع مؤلفاته يكون أكثر إحاطة بمعالم شخصيته.
في جميع مؤلفاته الصادرة حديثاً ألفته قد انبثق من حب أصيل في ذاته لدخول المجاهل, وتتبع الخفايا, والاهتمام بالمهملات, فالتاريخ دونهُ مؤرخو العرب قديماً تاريخ رجال, لا يظهر للمرأة أثر في واجهته حتى لكأنه يؤرخ مجتمع الرجال, تعيش المرأة فيه على الهامش, مما دعا المؤرخ عوض إلى تقصي أخبار الأديبات والشاعرات من النساء, تناول سيرهنّ ممن دخلن مجال الشعر والأدب، وتمّ تكريمهنّ في ملتقى العشرة كراسي من قبله.
كما اهتم بتأريخ الأماكن التي اهملها التاريخ, فكان التلميذ المؤرخ بلا استاذ, والأستاذ بلا تلميذ, وتلك هي الشخصية الفذة زادها منها ولا يقوى أحد على هضم ما تقدَّم من زاد. وكانت له تنبيهاته ومثال ذلك توثيق (تاريخ مدارس الحوزة العلمية في الحلة) و(وقعة السفاح عاكف), فكانت من مآخذه عليهم.
كان لانكبابه على البحث والتوثيق والتحقيق الذي اوتى به حباً لا يكافئه حب, فأتخذ منه خدناً وعشيقاً ونديماً, ينبع من هوى نفسه وشغاف قلبه, يقوم الليل قيام الزهاد المتبتلين ليكحل عينيه الكرى غارقاً بين كتبه ودفاتره وأقلامه, وينهض في البكور فلا يفرط بساعة من النهار, وكم كنت أراه في الصباح في مكتبته دار الفرات وآثار السهر والإعياء بارزات في رسوم وجهه وعينيه التعبتين, فيطبق جفنيه احياناً, ويسترخي في اغفاءه قصيرة من حيث لا يشعر, ثم ينتفض ويعود إلى كتاب يقرأه أو إلى حاسبته ليصحح ويراجع ما كتبه, والمرء بطبيعته إذا طاوله الجهد والإرهاق استرخى, واستروح إلى الراحة, وسكن إلى الهدأة, لكن المؤرخ عوض كان من ألد أعداء الكسل والالتذاذ بالراحة, إلا إذا اصابه المرض.
ومن خلال هذه الجلسة الاستذكارية أقدم شكري الجزيل للقائمين على نادي عشتار الثقافي، لما ابدوه من اهتمام لاستذكار مؤرخ الحلة استاذنا الكبير د. عبد الرضا عوض.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ المراسيم العاشورائية في مدينة الديوانية
- محمد عبد الجبار النفري ومراحل الفناء
- فهد وأطياف العتمة
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الثالثة)
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الثانية)
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الأولى)
- الديوانية مدينة النشأة والذكريات
- تاريخ مدينة الديوانية بين وداي العطية وسامي ناظم المنصوري
- آسر الحيدري والتاج والحجاج وعرس العراق
- قراءة في رواية (قيلولة) للدكتور سلام حربة
- قراءة في ديوان الشاعرة نور الهدى كناوي (الخامسة وخمس دقائق)
- قراءة في رواية ابتهال كسار (تشرين الغريب)
- الحنين إلى نجمة وتمائم حميد سعيد
- نصير الحسيني سيرة وشواهد في دروب الإبداع
- أحمد سالار أيقونة المسرح الكُردي
- أحمد الناجي وبواكير النهضة النسوية في العراق
- الحياة الثقيلة التي ادركت الروائي سلام إبراهيم منتصف العمر
- قراء في كتاب نصير الحسيني (سلسال الكلام)
- صور ناطقة
- علي الحسيني أديباً وباحثاُ


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل عبد الأمير الربيعي - عبد الرضا عوض المتصوف الذي عشق الكتاب ومدينته الحلة