أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - تاريخ المراسيم العاشورائية في مدينة الديوانية















المزيد.....

تاريخ المراسيم العاشورائية في مدينة الديوانية


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 7344 - 2022 / 8 / 18 - 10:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعتبر الظواهر الدينية والممارسات الطقوسية انعكاس لعقيدة المجتمع, وهي سلوكيات تبحث عن طريقة جلد الذات وفق مفهوم التدين الشعبوي, والفهم الاجتماعي للتدين وفق نمط الطقوس العاشورائية التي تحدث في الأيام العشرة الأولى من محرَّم, والتي أثرَّت هذه المشاهد على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لمناطق الفرات الأوسط والجنوب العراقي عامة ومدينة الديوانية خاصة, والسبب هو الثقافة الشعبوية في تلك الطقوس من خلال تجديدها وتفاعل المجتمع المحلي مع الرموز المظلومة التي سفكت دمائها لقسوة الحكام في العهد الأموي, وقد انتقلت هذه الطقوس لاشعورياً من جيل إلى آخر وفق مفهوم قدسية الدين والتدين الشعبوي المقدس.
وموضوع مقالنا هو موكب عزاء السوق في مدينة الديوانية مطلع القرن الماضي وأواسط السبعينيات منهُ، وهي من مدن مناطق الفرات الأوسط، قبل حلول شهر محرم بأيام تتشح الدينة بالسواد، تنتصب الرايات السود لترفرف على سطوح المنازل وأبواب محلات السوق التجارية، ويرتدي عامة ابناء المدينة اللون الأسود، وتعلق نشرات القناديل لتملأ الشوارع ومحلات المدينة منها (الجديدة، الفاضلية، العتيجة، السراي، صوب الشامية).
ويعتبر موكب عزاء السوق من أقدم المواكب وأول موكب حسيني في محلة السوق في تاريخ الديوانية، تأسس حوالي عام 1854م، في محلة (العتيجة)، وكانت تسكن هذه المحلة أقدم عوائل المدينة. وكان المرحوم الحاج محمد صادق وأولادة كل من: (الحاج عبد الحسين والحاج عباس) وهم من أوائل دعائم الشعائر الحسينية في المدينة، وبعدهم جاءوا اولادهم كلٍ من: (الحاج جعفر والحاج عبد الحميد والحاج عبود)، والأخير رفع السلاح بوجه القوات الانكليزية فقتل في أحداث ثورة 1920م.
في الليلة الخامسة من عاشوراء تخص مقتل مسلم بن عقيل وهو ابن عم الحسين ورسوله إلى أهالي الكوفة، وقد استشهد قبل المعركة، وليلة اليوم السادس تخص مقتل حبيب بن مظاهر وهو من صحابة الحسين، والليلة السابعة تخص العباس بن علي أخا الحسين من أبيه، وليلة الثامن تخصص للقاسم بن الحسن، والحسن هو الأخ الأكبر للحسين، والليلة التاسعة تخصص لعلي الأكبر ابن الحسين، وأما الليلة العاشرة فتخصص للأمام الحسين، أما الأيام الأربعة الأولى المخصصة لعزاء الامام الحسين، هي بداية للمواكب في المدينة التي يتزعمها القراء الحسينيون الذين يقدمون فيها قراءة مبسطة لقصة المقتل ومدح آل بيته.
وكان الموكب الحسيني يخرج من دار الحاج حميد الكعبي في شارع العلاوى، وكانت تخرج السرايا أولاً وتحمل الرايات الخضراء والسوداء، و الهوادج الملونة والدمام والنقارة (التى كان متخصص فيها المرحوم جابر مشروطة)، وفى الفترة الاخيرة من عام 1968 كانت تتصدر الموكب راية كتب عليها كلمة يا حسين، والراية كبير جداً مرصعة بالذهب، وفي اعلى الراية رمانة تحمل كف العباس، يحملها المرحوم رزاق الأخرس، وهي نذر من قبل المرحومة ملة بدرية، لتحمل كل عام، وبعد الراية تلتحق التشابيه والتي تخرج من بيت المرحم عبود المغفى، وهناك عزاء للتشابيه يخرج من دار السيد علي السيد راضي، وكذلك يخرج عزاء التطبير من بيت الحاج قربن الحاج عباس وآخر من بيت منديل الغنام، وكان عزاء الزنجيل يخرج من دار صاحب عكموش، ويدار الموكب من قبل عوائل الديوانية وبالخصوص المرحوم ابو حنتوش والمرحوم الحاج عبد الحسين المضمد وبيت الوحاش، وبعد خروج عزاء الزنجيل تخرج كورسات اللطم التي تمثل كل شباب الديوانية في ذلك الوقت، والتي كانت تحمل القصائد السياسية وكل كورس يتكون بين 100-150 شاب، فضلاً عن خروج عزاء الكورسات من مكتبة الحكيم الدينية، وكان (الرادود) السيد حياوى السيد هادى ينهي العزاء بقصيدة قرب دار السيد الشرع بعد مرور موكب العزاء بشارع السراي وبناية المحافظة القديمة، وكان الراحل اسماعيل النداف يقوم بدور زين العابدين (السجاد)، ويقوم بدور شمر بن ذي الجوشن غازي الخزعلي، وبعض الأحيان يقوم بهذا الدور هادى البو محيسن أو أحد ابناء السادة الفؤاديين.
كان التجار هم من ينفقون الأموال على مراسيم عاشوراء، فالطباخون يعدون الطعام ليقدم مجاناً في الساحات العامة في المدينة، وخاصة ليلة اليوم العاشر، حيث يوجد رجال متخصصون لإعداد طعام يكفي جماهير كبيرة من الناس، وهذه مسرة للعوائل الفقيرة لأنها لا تحتاج إلى الطعام طوال أيام عاشوراء، ما دام الطعام يوزع مجاناً. فيسهر الناس في هذه الليلة الحزينة حتى صباح اليوم التالي وتسمى (الحجة).
هذه هي أكثر أيام السنة التي يلتزم فيها عامة الناس بفرائض الدين الإسلامي، فيتخلى أغلب الشباب عن ارتكاب المعاصي من تناول الخمور ولعب القمار الخ. حتى المجرمون واللصوص يمتثلون لحب الحسين في هذه الأيام، فنراهم يرتدون الملابس السوداء، وتتبدل هيئتهم ويتصرفون كباقي الناس، بل أنهم يبالغون في مشاركتهم ويظهرون حماساً كبيراً في المواكب الحسينية، وفي هذه الأيام يتنافس التجار في إعداد المواكب لأنها مكلفة مادياً، ومن منهم سيحصل على احسن قارئ، فالشيخ القارئ لا يأتي مجاناً، وإنما له سعره، حسب حب الناس له، ومستوى شهرته، كما لو كان نجماً في السينما العصرية. وقد اصبحت هذه المواكب كمجالس التعزية رمزاً للوجاهة، فالرجل الذي يترأس موكباً أو يمشي أمامه أو ينوح فيه، يشعر بشيء من الشموخ والأبهة من جراء ما يحيط به من جماهير تنظر إليه، وتزداد الأبهة لدية أضعافاً عندما تكون النساء في صفوف المتفرجين، فإن صراخهن يجعل الرجل المشارك في المواكب كأنه فاتح يقود جيشاً عظيماً.
وكانت تجرى مجالس التعزية الحسينية يوميا في دار الحاج حميد الكعبي في العشرة الأولى من شهر محرم؛ بعد ان تكسوا جدران الدار بالقماش الأسود، وتوضع الجداريات الاثرية عل الجدران، والتي عمرها وقتذاك اكثر من 200 عام، وهي تمثل ثورة المختار الثقفي على قتلة الحسين بن علي، وكان يقيم مجلس حسيني للمرحوم الشيخ عباس الليباوى والمرحوم الشيخ عزيز الشيخ كاظم.
واستمر ابناء الحاج محمد صادق في طريق الخير والتقوى في بناء الحسينيات وخاصة حسينية أهالي الديوانية في محافظة كربلاء، وبناء المساجد؛ وخاصة المسجد الكبير في سوق التجار، وتعمير مرقد الامام ابو الفضل، والتبرع بمساحة أرض كبيرة لبناء مستشفى الديوانية العام.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد عبد الجبار النفري ومراحل الفناء
- فهد وأطياف العتمة
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الثالثة)
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الثانية)
- مظفر النواب وانقلابه على القصيدة العامية (الحلقة الأولى)
- الديوانية مدينة النشأة والذكريات
- تاريخ مدينة الديوانية بين وداي العطية وسامي ناظم المنصوري
- آسر الحيدري والتاج والحجاج وعرس العراق
- قراءة في رواية (قيلولة) للدكتور سلام حربة
- قراءة في ديوان الشاعرة نور الهدى كناوي (الخامسة وخمس دقائق)
- قراءة في رواية ابتهال كسار (تشرين الغريب)
- الحنين إلى نجمة وتمائم حميد سعيد
- نصير الحسيني سيرة وشواهد في دروب الإبداع
- أحمد سالار أيقونة المسرح الكُردي
- أحمد الناجي وبواكير النهضة النسوية في العراق
- الحياة الثقيلة التي ادركت الروائي سلام إبراهيم منتصف العمر
- قراء في كتاب نصير الحسيني (سلسال الكلام)
- صور ناطقة
- علي الحسيني أديباً وباحثاُ
- تاريخ الصحافة في محافظة الديوانية 1920-2010م


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - تاريخ المراسيم العاشورائية في مدينة الديوانية