محمد العزاوي
اكاديمي وباحث في مجالات ادارة الاعمال والشؤون الجامعية
(Mohammed Alazzawi)
الحوار المتمدن-العدد: 7340 - 2022 / 8 / 14 - 14:04
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تحسين أداء وتشريعات الجهات الحكومية بإستخدام تحليل الأثر التنظيمي
Regulatory Impact Analysis- RIA
يعتمد الأداء المتميز للمؤسسات على جودة تشريعاتها التي تنظم عمل اداراتها المختلفة، حيث تحدد هذه التشريعات القواعد والإ جراءات التي يعتمـد عليهـا الأداء المؤسسي، والبنية الهيكلية التي يقوم عليها، لذا فإن صـلاح العلاقـات الداخليـة ونجاح الروابط والتفاعلات الخارجية يعتمد على جودة تلك التشريعات.
إن أول إستخدام لتحليل الأثر التنظيمي كان في تقييم أثر التضخم من قبل إدارة كارتر في الولايات المتحدة في عام 1978. كما تم توسيع استخدامه أثناء إدارة ريغان بأستخدام تحليل الكلفة / المنفعة ليصبح المنهج المطلوب. ثم تم تبنيه في وقت مبكر في استراليا 1985. وبحلول منتصف التسعينيات كان ما يقرب من 12 دولة ضمن منظمة التعاون والتنمية تنفذ متطلبات RIA بشكل أو بآخر ، على الرغم من أن نطاق عمل التحاليل اللازمة تضمنت تفاوتاً كبيراً. وبحلول عام 2000 كان 20 بلدا من بلدان منظمة التعاون والتنمية الــ 28 قد نفذت شروط RIA (OECD Regulatory Policies2002, p 45)
يشمل تحليل الأثر التنظيمي أو تقييم الأثر التنظيمي Regulatory Impact Assessment ، مجموعة واسعة من الأساليب والمناهج ، ولعل أهم عنصر من عناصر هذا النهج هو الارتكاز على الأدلة لصنع السياسات ، وهو وثيقة يتم وضعها قبل اعتماد التنظيم الحكومي الجديد .
يستخدم تحليل الأثر في العديد من البلدان المتقدمة والنامية، على الرغم من الاختلاف في نطاقه ، ومحتواه ، ودوره وتأثيره على صنع ودعم وتنظيم وتطوير السياسات.
إن دور تحليل الأثر التنظيمي هو تقديم تقييم مفصل ومنهجي للآثار المحتملة للجهة الحكومية أو المؤسسة من أجل تقييم ما إذا كان من المرجح الجهة أن تحقق الأهداف المرجوة. إن الحاجة إلى تحليل الأثر التنظيمي نشأ من حقيقة صعوبة التنبؤ بالآثار التنبؤ التي تصيب التنظيم دون دراسة مفصلة والتشاور مع الأطراف ذات المصلحة.
إن النهج الاقتصادي للمنظمات تؤكد على مخاطر ارتفاع الكلف التنظيمية التي قد تتجاوز العوائد أو المنفعة. من هذا المنظور ، فإن الغرض الأساسي من تحليل الأثر التنظيمي هو التأكد من أن المؤسسة المدروسة ستعزز الرفاه من وجهة نظر المجتمع ، أي أن المنافع والفوائد ستتجاوز التكاليف. ويجري عادة تحليل الأثر التنظيمي في سياق المقارنة ، مع وسائل مختلفة لتحقيق الهدف المنشود الذي يجري تحليل ومقارنة النتائج بضوءه.
وفي الوقت الحاضر فأن جميع بلدان منظمة التعاون والتنمية تستخدم RIA . وقد بدأت متطلبات RIA تشجع بقوة البلدان المتعاملة معه من قبل البنك الدولي. ونتيجة لذلك ، اعتمدت متطلباته من قبل عدد متزايد من البلدان النامية .
كما وسع نطاق متطلبات RIA أكثر من مرة في العديد من البلدان التي تم اعتمادها. و هناك القليل من البلدان التي تخلت عن استخدام RIA بعد اعتماده.
تجربة الاتحاد الأوربي:
عرضت المفوضية الأوروبية نظام تقييم الأثر في عام 2002 ، وتم دمج واستبدال نموذج تحليل القطاع الواحد. فمن وجهة نظر المفوضية الأوروبية ، فأن تقييم الأثر Impact assessment- IA)) هو عملية تهدف إلى تنظيم ودعم تطوير السياسات، كما يهدف الى تحديد وتقييم المشكلات المطروحة ، والسعي إلى تحقيق الأهداف. وتحديد الخيارات الرئيسية لتحقيق هدف التحليل وتأثيراته المحتملة في المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ويوضح مزايا وعيوب كل خيار ممكن ، ويدرس التآزر ( التداؤب أو التفاعل) synergies والمبادلة trade-offsبين هذه البدائل.
تجربة المملكة المتحدة:
يستخدم تحليل الأثر التنظيمي في المملكة المتحدة ، منذ عدة عقود، وهي أداة رئيسية تساعد على تحسين أداء الجهات الحكومية والحد من الأعباء التي لا مبرر لها عند قيامها بالأعمال. وقد استخدم تحليل الأثر التنظيمي من قبل إدارات الحكومة المركزية ( مجلس الوزراء) لسنوات عديدة باستخدام التوجيهات التي تصدر في مكتب رئاسة الوزراء بصيغة اللائحة التنفيذية الأحسن Better Regulatory Executive .
وفي مايو 2007 صدر وقدم نظام جديد لتقييم الأثر ، وأصبح فاعلاً في نوفمبر 2007. والهدف من تقييم الأثر IA هو للمساعدة في تحسين وضع السياسات من خلال المزيد من التركيز على قياس المنافع والكلف في تقييم الأثر .
إن إزالة كلمة التنظيمي من النظام الجديد كان بهدف الاعتراف بأن للحكومة دور وأعباء كثيرة في مجالات الأعمال ، وغيرها من المجالات شبه الحكومية والهيئات العامة التي لا تنفذ دائما التشريعات و اللوائح : مثل مدونات التنفيذية ، ومتطلبات الإبلاغ والإفصاح أو توجيه التمويل ، وضرورة تقييم أثر هذه المقاييس.
مؤشرات أنظمة الإدارة التنظيمية
لقد تزايد اهتمام الدول للحصول على مقترحات تنظيمية جديدة نوعية باستخدام النظم الإدارة التنظيمية Indicators of Regulatory Management Systems. ولكن لا تزال معظم بلدان OECD تواجه تحديات في تنفيذ الممارسات الجيدة ، وعلى وجه الخصوص ضمان الشفافية في عمليات صنع اللوائح الجديدة ، والممارسات والمشاورات مفتوحة للوصول الى تقييم دقيق للكلف ومزايا الأنظمة المقررة. وتوصي منظمة التعاون والتنمية في تحسين مستوى التدريب وتوفير التوجيه للموظفين الحكوميين من أجل تحسين النتائج على المدى الطويل.
وتسعى المزيد من الدول لتحقيق الإندماج الكامل لتقييم الآثار التنظيمية في عملية وضع السياسات حيث من المهم فهم الكلف / المنافع للمؤسسات ، وكلف التنفيذ في وقت مبكر لضمان الفوائد المتوقعة التي يمكن أن تتحقق في الحد الأدنى من الكلف.
وتوصي تقارير OECD الحكومات على تحسين الاتصال مع المواطنين والشركات ، من أجل فهم أفضل لاحتياجاتهم واهتماماتهم. ويخلص التقرير إلى ما يلي :Jacobs:2006,13
1. هناك بلدان أكثر تركيزاً على تحسين اللوائح الجديدة ، مثل استراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ، في حين هناك دول اخرى تميل إلى إعطاء أولوية أكبر في الحد من الأعباء الإدارية من الأنظمة القائمة ، كما هو الحال بالنسبة لألمانيا وفرنسا وهولندا والمكسيك والسويد.
2. أكدت الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية إن إصلاحات كبيرة تحققت نتيجة الإصلاحات التنظيمية على مدى السنوات الثلاث الماضية ، وتشمل جمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا واليابان والمفوضية الأوروبية. قد يستغرق وقت لتلمس الفوائد من هذه الإصلاحات لتتحقق.
3. أكد معظم البلدان على اعتماد تأثير التحليل التنظيمي ، لتقييم تأثير اللوائح الجديدة. ومع ذلك ، فإن أقل من نصف بلدان منظمة التعاون والتنمية يحتاجون لمنهجية لتقدير حجم الكلف المترتبة على ذلك وفوائد المقترحات التنظيمية الجديدة.
4. لا تزال برامج تحسين وضبط السياسة التنظيمية في مرحلة أولية في بعض البلدان. كما هو الحال على سبيل المثال في المجر ، وأيسلندا ولوكسمبورغ والبرتغال والجمهورية السلوفاكية وتركيا.
تجربة فلسطين في صياغة أدلة تقييم الأثر التنظيمي للتشريعات والتدخلات الحكومية
قام الاتحاد الأوربي بالتعاون مع معهد الحقوق – وبرنامج سواسية/ البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP (وهيئة الأمم المتحدة للمرأة (WOMEN UN.) باعداد دليل يسلط الضوء على الإجراءات والمراحل اللازمة لإعداد وثيقة تقييم الأثر التنظيمي للتشريعات والتدخلات الحكومية، لتوحيد منهجيات تحليل التشريعات من حيث آثارها الاقتصادية وتكلفتها التشريعية المترتبة على هذه التشريعات ومدى تأثيرها على الواقع الفلسطيني. والدليل عبارة عن أداة سياساتية تستخدم في دراسة المزايا والتكاليف والآثار المحتملة المترتبة على التشريعات أو أي تدخل حكومي آخر وتقييمها، وتهدف إلى مساعدة الحكومة في صياغة سياساتها بصورة أكثر فعالية. ومن أبرز المعالم التي تتصف بها هذه الوثيقة أنها تأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية المحتملة لمقترحات التشريعات وأية تدخلات حكومية. وترفق هذه الوثيقة مع مشروع التدخل
وقد استهدف الدليل المجموعات التالية:
• صانعي القرار في المؤسسات الرسمية لدولة فلسطين.
• الصائغين في المؤسسات الرسمية لدولة فلسطين.
• القانونيين في مؤسسات دولة فلسطين.
• المجلس التشريعي (الأعضاء، اللجان، الدوائر).
• مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية.
• المؤسسات الأكاديمية في دولة فلسطين.
أهداف منهجية تحليل التأثير التنظيمي
تهدف منهجية تحليل التأثير التنظيمي وفقاً لمنظمة التعاون والتنمية فيمـا يلـي : (OECD,1997:2)
1. توفير المعلومات اللازمة لتحسين اللوائح التنظيمية وتقيـيم فعاليـة سياسـة
المؤسسة.
2. تحسين الشفافية والتشاور لتحسين جودة اللوائح التنظيمية .
3. تحسين عمليات المساءلة .
4. تحسين فهم العلاقة بين العوائد والكلف.
5. فحص أثر نتائج الأدوات التشريعية المقترحة.
6. توفير المعلومات إلى صانعي القرار.
طرق تحليل الأثر التنظيمي
يتميز تحليل الأثر التنظيمي دائما بالبحث عن الأسلوب الأمثل ، وحيث من الصعب الإجابة على الأسئلة بشكل صحيح وعلى نحو متزايد في الجوانب التي تفرضها مسائل السياسة العامة ، حيث تظهر مؤشرات التكلفة والشفافية المنخفضة ، وبشكل سريع. وبسبب أهمية القضايا السياسية الموضوعة على المحك هي بحد ذاتها سبب قوي لاستخدام الأساليب التي هي قوية ومرنة ومجربة للعمل في طائفة واسعة من مجالات السياسات العامة. وهناك عدد قليل جدا مثل هذه الأساليب ، أن تجربة أساليب جديدة RIA تلبي بقوة عبء الإثبات حتى لا تقوض فعالية السياسات.
هناك خمسة أساليب تحليلية رئيسية تستخدم في برامج RIA في البلدان التي
يشملها هذا التقرير هي :
1. نماذج تحليل الكلف والمنافع ، وتكامل تحليل الأثر ، وتحليل أثر الاستدامة ، بهدف دمج هذه الجوانب في أطر تحليلية شاملة يمكن من خلالها إظهار الروابط والعلاقات المتبادلة بين أهداف السياسة المتعددة .
2. نماذج تحليل فاعلية الكلف المبني على المقارنة بين البدائل لإيجاد أدنى الكلف لتحقيق أفضل النتائج .
3. مجموعة من التحليلات الجزئية ، وتقدير الأعباء الإدارية ، واختبارات تأثير الأعمال التجارية وغيرها من التحليلات وآثارها على أنواع معينة من الكلف التنظيمية .
4. تقييم المخاطر بهدف تحديد احتمال النتائج المتحققة لتحديد المدخلات.
5. نماذج مختلفة من تحليل الحساسية و عدم التأكد التي يكون فيها احتمال عدم انجاز المشروع نتيجة لأخطاء التقدير. ويتم استخدام تحليل أوجه عدم التأكد ليوفر لواضعي السياسات طريقة فهم أكثر دقة لاحتمالات الآثار المتوقعة.
#محمد_العزاوي (هاشتاغ)
Mohammed_Alazzawi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟