أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - تجليات المفارقة في -عكس اتجاه السير- لعلي عيسى..














المزيد.....

تجليات المفارقة في -عكس اتجاه السير- لعلي عيسى..


السيد إبراهيم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7330 - 2022 / 8 / 4 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


عبر سرد ممتد في حيز جغرافي تتماس فيه حدود مصر مع أفريقيا صاعدا نحو حدود مصر مع آسيا، يلتقط الكاتب، من خلاله، العديد من الشخصيات الرئيسية التي قد لا يقابل بعضها إلا قلة من الناس، وهو ما يعني أنه رآهم وخالطهم بل ودرسهم دراسة متأنية لا تعتمد على أحجامهم أو أوصافهم الظاهرة بل على سماتهم النفسية التي نقلها بدقة تساند الرسام لو شاء أن يصورهم على لوحته بعناية، وهذه من أهم الأدوات التي أعانت القاص علي عيسى في خطف عقل القارئ واهتمامه لكي يسير معه عكس اتجاه السير أو في اتجاهه، أي أنه استولى على حواس قارئه المنبهرة بهذا التنوع غير النمطي في تركيبة أبطال أغلب قصص مجموعته المسماة بـ "عكس اتجاه السير" الصادرة عن مركز نهر النيل للنشر بالقاهرة، والتي تشبه قبسات غَرفها الكاتب من نهر الحياة الجاري بالأحداث عن وعي، وعمدٍ، وعناية.

لم يشغل علي عيسى ذهنه في السعي وراء التقنيات التي يستخدمها أغلب الكتَّاب والروائيين، وإن لم يهملها تماما، غير أنه عكف أكثر على استخدام "المفارقة" تلك التي تزخر بها الحياة الإنسانية وما تحويه من المتناقضات والغرائب القائمة في الأساس على التضاد الكاشف للصفة وضدها، والقيمة وعكسها، وهو ما حرص عليها الكاتب لإبرازها كقيمة فنية وجمالية تغطي معظم نصوص مجموعته القصصية، ليكشف زيف العلاقات الإنسانية أو تناقضها أو انسجامها، وهو ما برع فيه بالفعل حيث استأثر بوعي المتلقي واهتمامه الذي استسلم طواعية لكشف المخبوء من أحداث نثرها المؤلف بوعيِ وذكاء واحتراف في استخدام تجليات المفارقة التي تعتمد على اللغة أو السياق وإن كانت مفارقات أغلب النصوص "مفارقات نهاية".

لقد أتت الشخصيات لترسم المشاهد داخل النص دون تدخل من القاص سواء بالتعاطف أو بالرفض، أي أن السلطة الفوقية نابعة من داخل أحداث القصة وبطلها، وكيفية تلقي القارئ لها، ذلك أن مقياس نجاح العمل في الأخير هو مدى قدرة المتلقي، وحدود ثقافته، وأبعاد إدراكه، كما أن مدى نجاح علي عيسى يقاس ليس فقط في إبراز المتضادات والمتناقضات بل في وصفها ووضعها داخل إطارها المنطقي والسليم الذي لا يوقظ عقل المتلقي برفض السرد الذي يراه بعيدا وغريبا.

اتسمت قصص المجموعة بالطول غير الممل، والمقدمات غير المسهبة، والأحداث التي اتسمت بالموضوعية تارة والغرائبية الفانتازية تارة أخرى، غير أن من عاش في نفس الأجواء التي ساقها الكاتب سيصدقها وأكاد أجزم أنها صحيحة وصادقة، وإن كانت صادمة بالنسبة لمن لم يقابلوا مثل تلك الشخصيات أو نفس تلك الأحداث. كما تشابك الحوار مع السرد في غير إقحام أو ترهل في المترادفات، بل جاء كله بالعامية المصرية السهلة التي لم يرهق الكاتب نفسه بتعدد مستوياتها بتعدد شخوصه في كل نص، غير أنها كانت خادمة للحدث وداعمة للمفارقة سواء في سياقها أو في تصاعدها نحو النهاية.

إن مما يدل على حيادية الكاتب أنه أورد ثلاث قصص تتناول الثأر: "خط سير"، و"كله سلف ودين"، والأخيرة جاءت توظيف لأسطورة "لعنة غراب" وقد يظن القارئ أنه يشرعن هذه الجريمة النكراء، ذلك لنقله للحدث ـ بحسب المذهب الطبيعي ـ بكل الصدق، تاركا للمتلقي الحكم عليه بالسلب أو الإيجاب تبعا لثقافته في تناول مثل هذه الأحداث بالرفض أو القبول.

يصف الكاتب شخصية "عبد الحميد" في قصة "حبيب أمه" بمنتهى البراعة حتى كأنه أخرجه على الصفحات تمثيلا، من خلال تعامله مع زوجته أو مع صديقه أو مع أمين الشرطة والضابط، كما نجح في وصف تصرفات "فتحي السايس" وهو عنوان القصة أيضا، والشيخ بختان في قصة "بركاتك يا شيخ بختان".

صور علي عيسى الفشل في إعلان المحب عن عاطفته في "المحاولة"، وفي مدى التحام الإنسان بالحيوان في العاطفة النبيلة في "الصديق"، وفي تجييش جحافل الفشل والإحباط التي تحول دون إنسان يحاول أن يمسك خيوط النجاح، فيمسكها ثم تفلتها الظروف المخيبة حتى تنتهي به الحياة للقعود تحت "شجرة التوت"، كما صعد الكاتب بخط المفارقة في أعلاه عبر نصوص: "جحور"، و"نسيت أنك أخي".

تنساب القصص في أحداثها بغير افتعال من كاتبها، بل عبر تأمل مضنٍ، ومراقبة جيدة لشخوصها، وصبر في انتظار تتمة النهايات التي تصنع المفارقة المؤلمة أو الصادمة أو المفجعة، كما نجح في قنص الفانتازيا المصرية الأشد غرابة من تلك التي يتصنعها بعض الكتاب أو يصنعها نقلا عن مجتمعات أخرى، مثل: "وأصبح وحيدا"، و"بركاتك يا شيخ بختان"..


لقد أتت هذه المجموعة للكاتب والإعلامي المتميز علي عيسى علي في سياق مختلف عن تلك النصوص التي تخرجها المطابع، على عجل، متوشحة بالافتعال أو متدثرة بالمحاكاة أو محترفة لإعادة الصياغة، لتعلن عن قدم راسخة في فن القص السهل الممتنع.. تاركا للقارئ اكتشاف ما خط الرجل بيمينه، والحكم عليه، من خلال سؤال يطرحه على قارئه مستمدا منه الإجابة، ومستلهما منه الحكم: (عزيزي القارئ أقدم لك مجموعتي القصصية لعلها تكون تفسيرا لما يجري في واقع الحياة. فهل السير عكس الطبيعة والتفكير خارج إطار الصندوق، والمعايير التي حددتها الطبيعة هو الحل؟!).



#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف العربي وقضايا أمته: شكيب أرسلان نموذجا..
- الأخلاق في المنظور الفلسفي السقراطي: الموقع والمفهوم
- أم كلثوم بين: “البردة” و”نهج البردة”..
- حوار حول -التنوع الثقافي: الاحترام والإدارة- ..أجرته معي الك ...
- حوار حول -التنوع الثقافي: بين الاحترام والإدارة-.. أجرته معي ...
- حوار حول -الثقافة والتعددية الثقافية- ..أجرته معي الكاتبة رو ...
- حوار حول -الثقافة والتعددية الثقافية- حوار أجرته معي الكاتبة ...
- حوار حول -الثقافة والتعددية الثقافية- حوار أجرته معي الكاتبة ...
- الانزياح والوعي في قصائد علاء الدين علي..
- -اللغة العربية الخامسة-: رؤية لغوية للدكتور محمد تقي جون..
- -اللهم ثورة ثقافية في الوطن العربي-: حوارٌ جامعٌ بين الموسوع ...
- -أنواع التعبير الأدبي.. د. السيد إبراهيم أحمد أنموذجا- .. بق ...
- ثقافة المقاومة وتنوعها في مدينة السويس
- منهج الدكتور السيد إبراهيم في موسوعته عن السيرة النبوية بقل ...
- حوار بين الطب والأدب.. مع الطبيب الأديب رضا صالح..
- دعنا نفكر كما يُفكر الناجحون..
- التفكيكية: في ضوء القراءة التعريفية.. لا النقدية..
- منهج الدكتور السيد إبراهيم في موسوعته عن السيرة النبوية..
- حوار حول تاريخية الجزية في الإسلام..
- مؤسس -أبوللو- وناشره -الجداوي- في السويس..


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - تجليات المفارقة في -عكس اتجاه السير- لعلي عيسى..