أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - تداعيات مأزق المسرح المغلق*















المزيد.....


تداعيات مأزق المسرح المغلق*


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 7326 - 2022 / 7 / 31 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


المقطع الثالث
ـــــــــــــــ
لم تكن الملاحظات التي طرحت في إشكاليات عديدة الا جزع داخلي من النزول والبحث عن العناوين باتجاه التخلص من حالة الانتظار، الوقوف حالة من التأهب الذي بدء الانطلاق، النفوس على انفراد تتداخل فيها رؤيا التوقعات المستقبلية في حالة الوصول الى الهدف، كان موسى يشعر بنوع من الانجذاب لسندس التي خلقت لدية إحساس بالجماعية والاندماج ولهذا نازعته مشاعر واحاسيس متنوعة لكن تناقضها الأساسي مع تلك الاحاسيس الخفية تجاه سامية وقضية قرار سفره القريبة التي اعتزم تنفيذه للتخلص من حالة الركود الذي تصوره نهائي في ما يريد تحقيقه، كانت الحافلة تهتز نتيجة التحرك السريع نحو الانطلاق وعلى حين غرة توجه الجميع نحو باب الحافلة، تدافع البعض بدون سبب الا اللهم السرعة في الخروج من الحافلة، كأنهُ السباق او الهروب من مطاردة مجهولة للقبض عليهم، تدافع للخلاص والخوف من حدث جلل قد يقع في أي لحظة
انبرت سندس بالقول
ـــــــ إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ألماس
ضحك موسى ـــــ تعنين من الذهب
اكدت سندس ــــــ الألماس أغلي واندر
هبطت سندس ومعها موسى
ـــــــ لديَ الحقيبة، فيها اغراضي وثيابي، وتأخذ انت حقيبتك
رد عليها بسرعة ــــــ لا توجد حقيبة
استدارت متعجبة ــــــ بدون حقيبة ولا ملابس؟
أجاب بهدوء
ـــــــــ كل ما املك من ثياب ما البسه الان وهذا الكيس فيه البعض من الاحتياجات
همهمت مستغربة
ـــــــ هل ستنام بالملابس نفسها؟
أكد مصراً
ـــــــ نعم سأنام، وإذا اقتضت الحاجة، سأشتري بجاما وضروريات أخرى بعد وصولنا للفندق .
تابعت
ــــــ لكن الوقت ضيق
أشار ــــــ لا ليس بهذا الضيق، انت تعرفين المدينة، عليك مساعدتي
شعرت انه يأمرها، فرحت كونه اول رجل يأمرها منذ طلاقها، رجلٌ يأمرها يطلب منها ان تساعده، اجابت بأريحية
ـــــــــ طبعاً بعدما نستقر ونرتاح سوف ننزل للسوق
استلمت الحقيبة سحبتها نحو الجانب الثاني، قام سائق التاكسي بوضع الحقيبة في صندوق السيارة الخلفي ، كان التكسي يطوي الشوارع الفرعية ثم استوى على الشارع الرئيسي، ثلث الساعة وإذا هما امام فندق السعادة، انقد السائق الأجرة وهباطا مع الحقيبة، قبل دخول الفندق كلمتهُ سندس برقة
ـــــــــ ارجو ان تسمعني يا موسى يجب ان نتفاهم حول وضعنا، بالتأكيد سيسألون عن وضعنا الاجتماعي ، إذا لا يوجد لديك مانع قل لمسؤول المكتب أنى زوجتك
اعترض متوجساً
ــــــــ زوجتي!
ردت
ــــــ نعم
ــــــ الا يسال عن اثبات؟
اجابت بجدية
ـــــــ أنت فطين سيسأل ، يجب ان يعرف اننا عائلة ، وبدلاً من غرفتين سوف نأخذ شبه شقة صغيرة معدة للعائلات مكونة من غرفة وغرفة استقبال، السرير منفصل سأتركه لك اما انا فسوف انام على احدى الكنبات، سنتفاهم حول النوم والأجور ايضاً بما فيها ثمن الطعام واجرة التكسي انا لا اقبل صدقة من أحد، وليكن سنبقى يومين أو أكثر
هدأ ومازحها بلطف
ــــــــ الا تخشين مني كرجل ، انت امرأة والشيطان ثالثنا
ابتسمت ـــــــ كم مليار شيطان موجود؟ انا الشيطان فاطمئن انت، لا تخوف، انا لست سهلة
ران صمت لم يقطعه سوى أنفاسه المتسارعة، لم يكن مستعداً لرفض مقترحها فهو الاصلح، لأنه متعب يجب ان ينال البعض من الراحة
ـــــــ حسناً يا سيدة سندس سوف أخبره لكن هناك معضلة إذا سال عن وثائق تثبت الزواج.
بهدوء ــــــ يجب ان تكتب اسمي كاملاً
ادلت باسمها الثلاثي
ــــــ لا اعتقد، اننا غرباء عن المدنية، وتجاوزنا سن المراهقة ولن يشك مسؤول الاستقبال قد يطلب الهويات وهويتك تكفي، قلت لك كنت أعيش في هذه المدينة
اجابها ـــــــ لا بأس سنرى
توجها الى طاولة الاستقبال، كان المسؤول خلف الطاولة، طويل القامة ذو نظرات ثابتة، جدي الملامح يضع نظارات طبية ، توقفا تفحصهما بروية
ـــــــ أهلا وسهلاً، تفضلوا
رد موسي
ــــــــ شكراً، نريد ان نحجز غرفة لنا، عفواً زوجتي وعسى ان تكون نافذتها تطل على فسحة خارجية
مرت ثواني والرجل يدقق في دفتر المعلومات
ـــــــــ كم يوم؟ ممكن توجد لنا غرفة واحدة للعائلات أغلي من الغرف الأخرى تطل نوافذها على الغابة التي خلف الفندق
تطلع نحوها موسى وكأنه يستشيرها هزت راسها موافقة، التفت
ــــــــ قد تكون ثلاثة أيام ، الامر مرتبط بإنجاز عملنا ، سوف نأخذها
كان الرجل قد انقلب الى تمثال حلزوني متحرك، راس مدبب وعينين حمراوين
ـــــــ حسناً ممكن الهاويات!
رد موسى بهدوء
ـــــ لدي هوية نقابة الفنانين
قال مسؤول الاستقبال
ــــــــ ممكن، سعر الغرفة مائة الف وخمسمائة دينار مع الفطور، هذا ليوم واحد اما اذا كان اكثر من يوم فيكون مائة الف دينار بخاصة للعائلات
بعد الموافقة وكتابة الأسماء وهوية موسى قال مسؤول الاستقبال
ـــــــ غرفة رقم 55 في الطابق الثاني
نادي المسؤول على شغيل الفندق امره بحمل الحقيبة فسارا خلفه ، كان المصعد الكهربائي قريباً من الاستقبال وخلال خمسة دقائق كانا في الغرفة الواسعة التي تطل على الشارع العام ونافذتها الخلفية على شبه غابة اكثر اشجارها من الصنوبريات والصفصاف والبعض من اشجار متفرقة بينها أشجار مثمرة، أرضية الغرفة مكسوة كاربت زيتوني، ستائر النافذتين باللون الزيتوني الفاتح ، السرير كبير بعض الشيء مغطى بشراشف بيضاء والكنبات الثلاث زيتونتيه والكراسي الفردية مكسوة بالجلد القريب الى اللون الزيتوني، طاولة زجاجية وثلاجة صغيرة وهناك لوحات زيتية على الجدران مختلفة المواضيع دولاب الملابس عريض أبنوس اللون والشكل تراثي ، مصابيح الانارة بألوانها المتغيرة تجعل من الغرفة مكاناً للراحة وهدوء البال ، قبل ان تهرع سندس نحو الحقيبة السفر
سألته مستغربة
ـــــــ لماذا هوية النقابة؟
رد بهدوء ــــــ هوية الأحوال المدنية يذكر فيها اسم الزوجة هل فهمتِ؟
شعرت بالراحة والأمان سحبت الحقيبة قرب خزانة الملابس، استلقى بهدوء على السرير تعباً منهكاً، غط في نوم سريع.
بعدما أنجزت سندس ترتيب الملابس اخذت المنشفة وبجاما النوم النسائية دخلت الحمام الغربي قفلت الباب وملأت البانيو بالماء الدافئ ، خلعت ملابسها بهدوء فظهرت عارية تماماً راحت تتمعن بجسده الأبيض، تخللها حزن عميق وهي ترى تهدل بطنها ووركها وثدييها وعنتها التي تخللتها البعض من الشعرات البيض همستْ
ـــــــ أصبح جسدي كرشة خروف بعدما كان عاجياً يصلح موديلاً للرسامين، لا مازلت فتية وقويه على التخلص من هذا الهذيان، مازلت جميلة مرغوبة في عين الرجال، اعرف عندما اراهم يحدقون بجسدي لهم رغبة في الاستحواذ بشهية تفوق الوصف.
حملت نفسها ونزلت الى البانيو حيث المياه الدافئة مدت رجليها فلامست جدار البانيو واركنت راسها على القسم الامامي ثم اغمضت عينيها وهي تداعب ثدييها بهدون وهبطت يدها اليمنى الى شعر عنتها وفرجها وراحت تدعكه بلطف وشعرت بدغدغة ولذة ثم إغفاءة ما بين النوم والصحوة تذكرت علاقتها بـحبيبها الذي زاملته في البداية ثم اصبح الحبيب، تلك العلاقة التي دامت سنين، سافرت بحلم الخاطرة، كيف كانت بداية اللقاءات والحوارات البريئة لكنها تطورت بفعل الوقت، تذكرتْ، كثيراً ما حملت خلجات طارئة بين الضم وقبلات الخدود ثم تطورت ، قبلات حارة تحرق رقبتها كم كانت اوقاتاً سعيدة ودافئة احست فيها بلذة العلاقة ، لكنها فجأة تذكرت آخر لقاء كيف تجاوز المعقول، عصر نهديها بقوة وهو يخرجهما من حمالة صدرها قم اخذ يمص حلمتيها ما نعت في البداية ثم استسلمت لكن بحذر، لا مس بطنها لكنها منعته من التمادي اكثر
ـــــــــ ليس بعدْ افهم أنى عذراء ممكن بعد ان نتزوج
لم يعرهاً سمعاً واستمر في الايغال ثم قال
ـــــــــ طبعاً لا بد من الزواج ، لا تخافي
ردت بقوة لكنها متشوقة
ــــــــ انا لا أخاف لكني حذرة لا اقبل التمادي سمحت لك بتقبيلي وتقبيل نهودي الى هذا الحد من الحدود الفاصلة ، دعني اذهب المساء مقبل
حاول ثنيها، أراد تقبيلها
ـــــــ انها فرصة، المساء بعيد، فرصة لا تعوض!
دفعته قليلاً
ــــــــ ماذا تعني بالفرصة ؟ دعني اذهب والا ..
صفن خشي التهديد ثم سأل بخبث
ـــــــــ انت لا تثقين بي وهذا يعني لا تحبيني
كانت واثقة
ـــــــ كيف لا احبك وسمحت لك بملامسة جسدي ومعاشرة روحي
حاول مرة اخرى
ـــــــــ جيد ، ابقي فترة نحن روحان في جسد واحد
استنكرت
ـــــــــ لا ليس جسد واحد اننا في جسدين مختلفين
ألح وهو يحاول ضمها
ـــــــ لماذا في جسدين؟ في جسد واحد كي نندمج أكثر ولهذا أجد ان الوقت ثمين علينا عدم اضاعته سوف تكون ذكرياتنا محملة بأجمل الثمار
شعرت بتفاهته
ـــــــ عن أي ذكريات تتحدث وانت تريد ان أفقد بكارتي! اسمع هنا النهاية ..
تعجبت كيف احبته هذه السنين حباً عميقاً وهو بهذه النذالة ، منذ اللقاء الأخير صممت ان تنهي العلاقة التي راتها طريقاً مغلقاً لأنهاء عفتها وتدمير روحها وكرامتها ، بالرغم من حبها العميق له الا انها كانت قوية بقرارها واحترامها لنفسها وحينها قالت " الحب جميل لكن الاجمل ان يكون ذا صفة إنسانية وليس سادية جنسية".. بقت فترة دراستها الجامعية في صومعة شيدتها بصمت وعذاب وبعد تخرجها كمدرسة إنكليزي تعينت في مدينة بعيدة لكنها بعد سنة دراسية نقلت الى مدينتها وبهذا استقلت اقتصادياً وكانت وفية لوالديها وقدمت اول راتب شهري لوالدها، قبلت يده وهي تعرف ان والدها ليس بحاجة للمال، خلال السنة الثانية من العمل تقدم لها رجل الاعمال قتيبة أكبر منها حوالي ثمان سنوات، تريثت في البداية لدراسة الموضوع ولم تكتف بالدراسة فقد قامت بالاستفسارات والتدقيق وعرفت انه كان متزوجاً لكن زوجته توفيت ولم تنجب اولاداً، بعد فترة توصلت الى النتيجة النهائية وهي الموافقة لإرضاء والدها الذي كان يريد منها ان تستقر وتنشأ عائلة واحفاد .
ـــــــ ليكن انا موافقة لكن شرط ان لا اسكن مع اهله وان يشتري بيتا يسجله باسمي ، وقضية وظيفتي كمدرسة لا يمكن التجاوز عليها، راتبي لي كيفما أنفقه وحسب مشيئتي وهذا لا يعني عدم المشاركة لكن في القضايا الضرورية
كانت حفلة الخطوبة مختصرة على الاهل، والديها وأخيها واختها الأصغر، وأم العريس وعمه مع زوجته وولدهم ، لم تظهر خلافات بخصوص الأمور المادية الا في قضية المهر المتأخر فقد طلبت خمسة كيلو من الذهب عيار واحد وعشرين ، حاول التقليل لكنها أصرت، قالت لوالدها
ـــــــ لم لا يوافق ليس هناك خوفاً إذا كان يريد حياة طويلة وسعيدة؟
في نهاية المطاف وافق ثم بعد شهرين وفي العطلة الصيفية زفت له وسافرا الى لبنان لقضاء شهر العسل.
دعكت راسها وهي تضع قسماً من شامبو الشعر ثم غطست في البانيو ثم وقفت على قدميها، بدأت بغسل جسدها مستعملة صابون ذو رائحة طيبة ، ومرت يديها على جميع أجزاء جسدها وفي النهاية صبت الماء لإزالة بقايا الصابون ، افرغت البانيو ثم تناولت المنشفة البيضاء ومنشفة صغيرة لشعر راسها وخرجت بحذر عدم أيقاظ موسى لكنها لم تجده في السرير، بهدوء نادت عليه لكن لا أحد يرد وحين مرورها على الطولة الصغيرة وجدت ورقة مكتوبة يخبرها بخروجه لشراء البعض من الحاجات، تفاجأت من قراراه لأنها كانت تخطط لشراء البعض من الحاجات لكنها رضخت منتظرة.
كان موسى قد استيقظ بعد نصف ساعة، عرف بوجودها في الحمام فاستغل الفرصة للخروج على الأقل لشراء بجامة للنوم والبعض من الحاجيات بعد الانتهاء من شراء البجامة واشياء أخرى، عرج على مقهى واسع بعض الشيء لكنه غير مكتظ بالناس، اختار طاولة صغيرة جلس قربها ونادى على عامل المقهى الشاب
ــــــــ شاي بدون سكر
بان العامل الشاب قصير القامة طويل الشعر في وجهه علامات جروح قديمة اسنانه الامامية بارزة تظهر من خلال شفتيه الغليظتين
ـــــــ أستاذ هل قلت بلا سكر
أكد وهو يحدقه
ــــــ نعم بدون سكر ، هل هو ممنوع؟
خجل الشاب
ـــــــ عفواً لا ولكن لأول مرة يطلب زبون شاي بدون سكر
هرع طائراً، وضع قدح الشاي على الطاولة أراد الذهب نادى عليه فعاد القهقري
ـــــــــ نعم أستاذ
ضحك في سره "لا أستاذ ولا بطيخ"
ــــــــ اريد كاس ماء بارد ونظيف
أسرع عامل المقهى وقدم له كأس ماء
ــــــــ تفضل أستاذ
كرر بصوت واطئ
ـــــــ لا أستاذ ولا بطيخ، مدينتكم كبيرة
ـــــــ نعم كبيرة
قدم له البخشيش سأله
هل هناك نوادي او مطاعم فيها مشروبات روحية
تحير الشاب وهو يضع البخشيش في جيب سرواله
ـــــــ لا اعرف ما هي المشروبات الروحية ؟
ابتسم
ــــــــ مشروبات روحية، كيف افسرها لك
فكر عليّ المراوغة
ــــــــــ انت تعرف العرق والبيرة
قاطعه الشاب
ــــــــ ها اعرف صاحب القهوة يشرب بيرة يقول انها تفيد للكلية، يشربها كل ليلة خميس ..
اسكته بإشارة من يده
ـــــــ اخفض صوتك ، تعرف المحل
أجاب الشاب
ــــــــــ اعرفه يقع في زاوية الشارع القريب من الفندق
فكر
ـــــــــ فقط اردت ان اعرف لأنها كما يقولون حرام
ضحك الشاب
ــــــــ حرام، أصحاب أبو مهند كلهم يشربون البيرة، يقولون انها تنظف الكلية من الرمل والحصى
ابتسم، مرر فكرته الثعلبية بسلام
ــــــــ لا انا أعني العرق، تعرف انت العرق
تريث الشاب قبل الإجابة ثم رد
ــــــــ المحل يبيع كل شيء، بيرة وغير بيرة
حاول تغيير الموضوع بعد أن حصل على مراده
ــــــــ قل لي كم قهوة في المنطقة
كان أبو مهند يصرخ " حميد يا غضب الله عليك لماذا انت واقف".
هرع حميد ناحية الصوت وتركه بدون ان يخبره عن عدد المقاهي في المنطقة، شرب الشاي بسرعة بعد ان نقد الثمن، وقف فجأة وراح يتلفت يمنة ًوشمالاً متعجباً مما آل اليه حاله، بين الحقيقة وبين الخيال ، يعيش حالة صوفية غيبيةً تقريبا، اقترب من واقعية مشوشة، أحس ان قدميه معلقة تتمرجح وجسده ريشة طاووس كبير ، صوته أصبح خشناً بائساً ، لم يعرف ماذا جرى؟ كان نائماً في الغرفة، صحى وجد نفسه في الحافلة بجانبه امرأة، نام في غرفة زيتونية في فندق، حلم انه عاري ، استيقظ ، كان جالساً في المقهى بدون ملابس خجل وهو يحاول التمويه ، جسده يرتعش، فكره كأنهُ جهاز تلفزيون يعرض فلماً عن حرب التتار، شعر ان بغداد في خطر، تداخلت لديه الرؤيا ، رأى نفسه واقفاً ، قدميه معلقتان في سياج لحديقة حيوانات ، طوى الشارع وسأل هامساً
ــــــــ من اين الطريق؟
حث نفسه، عبر الشارع الفاصل بين الفندق والمحلات التجارية، وحشر نفسه بين عشرات المارة الذين يتطلعون او يقفون امام المحلات لبيع الألبسة النسائية، ابتسامته بقت ترقص في عينيه أكثر من وجهه وظن ابتسامته تشد البعض من النساء، لاحت المصابيح الكهربائية التي تحيط اسم الفندق ، كانت زاوية الشارع عبارة عن مدخل ضيق يستعمل من قبل السابلة فحسب وليس السيارات عرج بهدوء نحو الزاوية فبان سوبر ماركت كبير في الجانب الاخر من الزاوية وقف قدام امرأة بدينة في الخمسينيات لها جمال مميز وشعر فضي مسترسل وحاجبين معقودين وشفاه بارزة ونظرات حادة فيها نوعاً من التحدي، تقف قرب قاصة الدفع وقف امامها مباشرة وهي يحدقها بنظرات استلطاف
ــــــــــ مرحباً، قنينة وسكي بلاك ليبل
تفحصتهُ المراة كانت تعرف عملائها لم تراه سابقاً ، ادارت راسها نحو القناني المرتبة على رفوف خشبية عديدة في الجانب الامامي خصته قائلة
ـــــــــ لا يوجد لكن هناك أنواع اخرى
استفسر ـــــــــ ممكن غيره!
قالت بثقل بدون مبالاة ـــــــ نعم
استفسر بسرعة ــــــ ماذا يوجد؟
اهتمت المرأة به انه رجل غريب ، له نكهة خاصة وتدفق معنوي يدل على الذكاء
ـــــــــ بلاك وايت وأنواع أخرى تراها على الرفوف هناك في المقابل
أكد على بلاك وايت نادت المراة بصوت عالي على العامل في السوبرماركت وطلبت جلب القنينة نقدها الثمن ثم وضع القنينة في كيس المشتريات، بقت المرأة تتفحصه معجبة برجولته ومحياه وعينيه الثاقبتين، اخذته قدماه نحو الفندق، فتح باب الغرفة وانسل بهدوء الى الداخل، توقف عند الكنبة الزيتونية، جلس وهو يلهث، خلع الحذاء الأسود، اتكأ على ظهر الكنبة، انتظمت أنفاسه وخفت ضربات قلبه المتسارعة جاء صوت سندس من عمق غرفة النوم
ـــــــــ موسى هل عدت؟
أجاب براحة ـــــــ نعم عدت
اخبرته ــــــ عندما انتهي سأكون عندك
تمتم ــــــ لا باس انتظرك
كانت سندس قد أكملت تجفيف شعرها وزينتها، شعرت بالحيوية بعد خمول الرحلة، ترطب جسدها ، رفعت يدها ولامست نهدها قالت
ــــــــ مازالا صلبين نافرين رغم مرور الزمن ، عدلت من تنورتها الحمراء القصيرة لن تحاول اغرائه، لن يلاحظ قصرها
تركت الغرفة، الفته جالساً على الاريكة ، بابتسامة عذبة
ــــــــ ماذا اشتريت؟ ثم لماذا لم تنتظر لكي اساعدك في الشراء، سبق وان قلت لك أني اعرف المدينة
احتار كيف يجيب فقد طرحت عدة استفسارات واسئلة ، كان مشغولاً بأمر المزة ، لاحقها بنظراته الطائرة هو مبهم في هذه اللحظات لا يعرف كيف يقدم شرحاً وافياً لتحركاته، أسئلة تحتاج لوقت في غنى عنه، ازداد اصراراً رافضاً الإجابة دفعة واحدة، متابعة الأسئلة عبارة عن إرضاء لذاتها الانانية لكنه عاد وفكر في إجابة سؤال لن يشرح الجواب
ــــــــ اشتريت بجاما وقنينة ويسكي بلاك وايت لهذا لم انتظرك
حطت عجزها المدور على الكرسي الجلدي المقابل له وضعت رجلها فوق الرجل الثانية بان قسماً من فخذها من الاسفل، خشيت في سرها، الفراغ قد يولد المعاشرة السريعة، لم تقصد الفراغ بشكل عام انما الفراغ العاطفي الجنسي، سالت نفسها " اغلب المطلقات والارملات باختصار كل امرأة احست بطعم النكاح ثم انقطعت تصاب بالقلق وعدم الاستقرار، منهن من تصاب بالسوداوية من إثر الانقطاع عن الممارسة الجنسية، قد يترك فيهن اثاراً سلبية حتى بالإمكان ضعف الشخصية انا لم اضعف لكني احتاجها لأني انسان ، راقبت عينيه وهو يحدق بفخذها الشبه عاري ، عرفت بالسليقة انه يشتهيها لكنها بقت صامتة ونزلت رجلها وساوتها مع الأخرى فهم حركتها، انتبهت
ـــــ اين وصلتِ؟
ضحكت ــــ وصلت البصرة والفاو
عدلت من قامتها
ـــــــ قنينة وسكي ! هل ستشرب في الغرفة ؟
أجاب ـــــ لست مدمناً لكني اشرب للراحة
قالت ـــــ قد تشرب من الفراغ
ابتسم ــــــ لا انا لا أحس بالفراغ الا وقت الحاجة
فهمت ــــــ في كل مرة تشرب كي تجد الحاجة
عرف كنها
ــــــ لا، الحاجة للتألق وليس كما تقصدين، في بعض الأحيان تتكلمين بتقية ورموز خفية ، الحاجة التي تقصديها تنفذ من قبل شخصين اما الشخص فله طريقة اخرى
فهمت الهدف حاولت عبور الموضوع مخافة من التمادي أكثر في الاستفسارات والإيجابيات وهي متعبة، مالت عليه
ــــــ لم تجبنِ ستشرب في الغرفة
استدرك وضعها قال للاطمئنان
ــــــ نعم ولهذا اشتريت، إذا لم يكن ازعاج، للعلم أني مسالم، وإذا انت قلقة فلن اشرب ، ليس هناك مشكلة قلت لك أنى ليس بالمدن اشرب للراحة والتألق الوقتي.
كانت غير قلقة منه، خبرته بحسها الانثوي وعرفته وكأنها تعرفه منذ سنين ، تعرف متى تدافع غن نفسها، لكنها والحق يقال بدأت تعجب به وبفطنته وصراحته، هو غير مرتبط بالمعنى أعزب ولطيف المعشر وخفيف الظل ترتاح النفس لطلعته.
تذكرت زوجها الثقيل الظل والجسد البغلي، كانت تلهث كأنها تحمل طناً عندما يضاجها ويجثم على صدرها، يحاول ويحاول ثم ينتقل وينتقل وبشق الانفس تنتهي العملية الجنسية كتعذيب نفسي وجسدي، لم يكتف بصدرها وبطنها، إلا انها لم تدر ظهرها او النوم على بطنها بعد محاولاته معاشرتها من الخلف، شعرت بقشعريرة من صورة قضيبه الضخم ومحاولاته اللوطية.
ردت
ــــــــ التألق حجة لطيفة
أجاب بلا اكتراث متفهماً وضعها النفسي
ـــــــ لماذا الحجة؟ انا ارغب لأني احتاج ولا داعي لأبحث عن حجة، ولست مطالباً انا أقدم الحجج كي أتألق، اراك فضولية او بالضد؟
كانت تحس الفراغ من التألق وانما المصيبة لم تجرب هذا النشاط للترويح عما بداخلها من قلق وفراغ، هذا يتطلب المزيد من المعرفة والنشاط لنيل نوعاً من السعادة في العلاقة
حاول ترطيب الجو
ـــــــــ أقول لك بصراحة ان الثقة التي كسبتها خلال اللقاء القصير بك كأني اعرفك منذ سنين، انت قوية وواثقة، ومن هنا أستطيع واسمحي لي ان أقول لك انه القلق والفراغ وعليك التخلص من احداهما، الفراغ يؤدي الى التهلكة
اجابت بسرعة ــــــ اشكرك على الثقة لكن أنك قلت قسماً من الحقيقة
صمتت انتقل فكرها لحادثة انتحار جارتها المرأة الكردية عندما كالنت تسكن في الطابق الرابع، صغيرة السن فتية وجميلة حسنة الوجه تتأنق بلباسها الكردي الفلكلوري الفضفاض ذو الألوان الزاهية ، كان الصراخ والضجة عما العمارة ، المرأة القت نفسها من شرفة الشقة فتهشمت قيل ان السبب زوجها الذي هجرها فجأة بسبب امرأة عربية من الجنوب وخلال ستة اشهر أغلقت الباب عليها ولم تخرج الا نادراً، هي ابنة الجبال والوديان والنيروز والاختلاط والاهل والاقرباء والأصدقاء، حارس العمارة قال لقد نحفت حتى يكاد المرء عندما يراها لا يعرفها " جلد وعظم " وعند ما جرى التحقيق قيل انها كانت قلقة وخائفة من الفراغ، زوجها اعتقل في بادية الامر للشك به لكن البواب شهد انه ارتحل من العمارة منذ ستة اشهر.
ـــــــ يبدو انكِ متفقة معي
فزت من السؤال المباغت اجابت بقناعة
ــــــــ موسى انا مقتنعة واذكر ان امرأة كردية رمت نفسها من الطبق الرابع وتهشمت لان الفراغ امتطاها كفرس قلقة
ران الصمت بينهما لعديد من الدقائق بينما كان يختلس اللحظات بالنظر لوجهها ، انشغلت عنه لكنها في الوقت نفسه كانت مشدودة بحواسها ، تابعها كان ان هناك العديد من الاستفسارات ليس لديها من الشجاعة ان تستفسر عنا على حين غرة سألته
ــــــــ متى ستشرب؟
شعر بالراحة ــــــ إذا لم يكن لديك مانع، اشتريت البعض من المكسرات، الفستق والكازو والجوز والبندق، وأفكر بعد ذلك في طلب العشاء من مطعم الفندق ، قالوا ان الاكل موجود للثانية بعد منتصف الليل.
فكر بروية ربما لا تريد ان يشرب في الاستقبال ، من حقها إذا لا ترغب ليحاول مرة ثانية
ـــــــ أقول لك من حقك إذا كنت لا ترغبين ، الغرفة والسرير لك انا الذي سينام على هذه الكنبة العريضة .
كانت غير مستقرة، لديها فكرة عن السكران، قد لا يستطيع التحكم في تصرفاته بخاصة في شرب الكحول، راقبته باستغراب غير مصدقة هذا التطور في العلاقة، اكتشفت في نفسها أمور غريبة لم تكن تعرفها منها انها تستطيع العودة الى العلاقات الطبيعية مع الرجال بدون ان تقيدها سلاسل التوجس والريبة وعدم الثقة
تفحصت الموقف، ان قالت لا تشرب سوف يدل على خوفها ، ليشرب.
ــــــــ ليس لدي مانع، ولكن هناك قضية مهمة اريد ان اطرحها وهي ضبط النفس وعدم الانجرار خلف العاطفة والحاجة.
لم يكن مستعداً للقسم، بل شعر ان القسم يذله في ارادته، الإرادة هي قيمة معنوية لها قواعد
ـــــــــ حسناً سيكون ذلك، سأشرب ، مثلما قلتُ لك الغرفة، اكرر إذا لا ترغبين فذلك امر طبيعي
هزت راسها
ـــــــ لا مانع اتفقنا
طوال وقت الجلوس كانا صامتين الا من بعض الأحاديث حول العمل او يوم المقابلة ، كانت أصابعه تتلمس الكأس برقة وبحذر انه يفعل ذلك بصمت وتركيز مبالغ فيه لكنه كان راضي في التوصل الى صفقة أطلقت حرية تمتعه بتناول البعض من الكحول اثناء وجوده في الاستقبال ، قدم لها البعض من المكسرات اخذتها شاكرة وبعد فترة استأذنته
ـــــــ سوف اذهب الى النوم كانت السفرة متعبة تصبح على خير،
تفهم الامر وهز رأسه
ـــــــــ تصبحين على خير
ــــــــ الفطور مجاني ضمن اجرة الفندق من الاحسن ان نفطر سوية وبعد ذلك سنتوجه للمقابلة.
وافقها مبتسماً، كانت الكاس الثالثة هي نهاية المطاف ضجر البقاء وحده لطالما شعر بالنفور من الاستمرار في الشرب ، غسل الكاس والصحن الوحيد واغلق القنينة وقرر عدم حجز عشاء بعد شعوره بالتعب ثم غلبه النوم.



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقوف بحزم ضد اعتداءات تركيا يعد انتصاراً للعراق
- المخطط المخفي لإعادة الانتخابات التشريعية!
- البطالة وملايين العراقيين فقراء وتحت خط الفقر
- انتظار العلاج الشافي لداء الانسداد السياسي في العراق
- هل الحرب النووية التي تفني ثلث البشرية تعجل بظهور العدالة... ...
- نهاية رحلة الطواف
- تهديد تركيا واضرار الخلافات بين القوى الكردية العراقيتهديد ت ...
- نص الادراك في التنويع
- ريغان ومهزلة حرب النجوم والرئيس بايدن والحرب في أُوكرانيا
- اسراف في الرؤيا
- اعراس التدخل والصواريخ والعمليات العسكرية على الإقليم وغيره
- هل تعدد المراكز النقابية يخدم الشغيلة ووحدة العمل النقابي ؟
- الانسداد السياسي والأزمة السياسية المزمنة
- حدو النوارس قديم
- قرار 2131 والعراق المباح لكل من هب ودب!
- الخيارات في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة!
- مهزلة عدم استكمال الاستحقاقات الدستورية لانعقاد مجلس النواب
- هل الحكومة العراقية الجديدة ستكون حكومة عراقية فعلاً؟!
- كردستان العراق ليست إسرائيل يا حكام إيران ؟!
- كارثة المياه ومواقف دول الجوار إيران وتركيا


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - تداعيات مأزق المسرح المغلق*