أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 14 تموز ثورة كانت أم إنقلاب














المزيد.....

14 تموز ثورة كانت أم إنقلاب


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 17:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرابع عشر من تموز : ثورة كانت أم انقلاب (1)

إن التقييم السياسي والفكري لأي حدث تاريخي كبير غالباً ما يتعرض إلى أخطاء قد تؤسس لنتائج معاكسة واستنتاجات ضدية فيما لو لم يتبع طريقة تقسيم التاريخ إلى مراحل ومن ثم دراسة كل مرحلة على حدة بما فيها من أحداث أساسية وعلى ضوء وحدة أو ترابط أو جدلية السبب والنتيجة.
وإذا كان الإيمان ب ( تمرحل ) التاريخ هو مسألة هامة فإن القدرة على اصدار أحكام صائبة ستتأسس حتما على قابلية رسم الحدود الجغرافية لكل مرحلة, ونرى إن مرحلة الحكم الملكي تبدأ من العام الذي تلى ثورة العشرين إلى يوم تأسيس الجمهورية, وإن ما حدث بعد تأسيس الجمهورية إنما يؤسس لمرحلة مستقلة سيكون من الحق تعريفها على اساس مجموعة من العوامل المركزية المتناوبة بين ما هو إجتماعي وثقافي وبين ما هو سياسي وإقتصادي. وسوف سيساعدنا ذلك على أن نفترض أن التاريخ السياسي المعاصر للعراق كان بدأ بعد ثورة العشرين مباشرة, أي عام تأسيس الدولة الجديدة وإلى يومنا هذا. لكن هذا التاريخ المعاصر لم يكن ذا طبيعة سياقية واحدة ولذا فهو مقسم إلى مراحل بفعل الظروف المركزية التي تميز كل مرحلة وتحدد حركيتها واتجاه الحركة.
إن إهمال المرحلية وغياب القدرة على تعريف كل مرحلة وتحديد الحدود الزمنية والحركية التي تفصلها عن سابقتها أو لاحقتها سيؤدي دو أدنى شك إلى غياب المعايير التقيمية الصحيحة وسيؤسس كما قلت إلى استنتاجات غير موضوعية على الإطلاق. وأجد أن فرص الحكم الملكي للتطور الميكانيكي والسياقي كانت قليلة وحتى معدومة.
ولسنا الآن بصدد البحث عن هوية المنتفعين من تغييره وصلات القائمين بعملية التنفيذ, سواء كانوا على علاقة بأمريكا أم لا بقدر ما نحن بصدد الإجابة على تساؤل مفاده هل كان ممكنا للعراق أن يخرج سياقياً من ورطته الملكية لكي ينتقل من عالم قديم بدوله واتجاهاته ونظمه (إنكلترة وفرنسا) وهي الدول التي صنعت عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى إلى عالم آخر مختلف هو عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية التي صنعته الإمبراطويتان (الأمريكية والسوفيتية).. ؟
فإذا كان الجواب : كلا لم يكن بإمكانه أن يفعل ذلك, فإن التغيير الذي حدث في الرابع عشر من تموز كان تغييراً حتمياً لنظام عجز عن أن ينقذ نفسه بنفسه وبضغط من أسياده أو حلفاءه البريطانيين الذين بدوا هم أيضا عاجزين عن إنقاذ إمبراطوريتهم التي لم تكن تغيب عنها الشمس. وإذ بدأت الشمس البريطانية الكبيرة بالغياب فقد غابت بغيابها الشموس الصغيرة المتناثرة هنا وهناك, وما عاد بإمكان الشمس الملكية العراقية أن تضيء لوحدها.
وأجزم أن الإقرار بعمق وكثافة الكوارث التي حلت بالعراق في المراحل التي تلت سقوط الحكم الملكي لا يمكن أن تكون دليلا على أن النظام الملكي كان رائعاً, لكنها تصلح للتأكيد على أن المراحل التي تلته كانت سيئة. وفي كل الأحوال لا يمكن مطلقا لمرحلة ما أن تصبح جيدة لمجرد أن المرحلة التي تلتها كانت سيئة.
وأرى أن الحكم على الحدث التموزي كونه إنقلابا عسكرياً وليس ثورة إنما تأسس على حسابات نمطية كانت قد أهملت الكثير من المشاهد التي لا بد من الوقوف أمامها وتأشيرها وجعلها أيضا مقاييس للأحكام, فالنظرية السياسية لا تُبنى على عامل واحد وإنما يجري تأسيسها وفقاً لحصيلة تفاعل عدة عوامل في وقت واحد. وحيث لا يجوز مطلقا تأسيس نظرية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية إعتمادا على عامل أو عاملين وإنما على جملة من العوامل ذات العلاقة التفاعلية الجدلية التي لا تقبل الفصل أو التجزئة لذلك فإن الاعتماد على نزاهة الحكم الملكي المالية وكذلك على رحمة قلبه وإغفال جوانب المرحلة الأخرى المتعددة والمتفاعلة سيقودنا بالحتم إلى تقييمات ذات طابع انتقائي واستقطاعي وإلى أحكام ذات طابع ميكانيكي بحت ومتعارض مع جدلية القراءة والاستنتاج التاريخي السليم.
وإذا ما نزحنا من صيغة تنفيذ الحدث في يومه الأول كونه جرى على يد العسكر, ووضعنا جانباً المتغير السياسي الذي نقل العراق من دولة ذيلية للغرب إلى دولة محايدة وهَدًمَ أول ما هدم حلف بغداد نفسه الذي كان صاحب المقام العسكري والسياسي الأكثر تأثيراً على إتجاهات الحركة التاريخية في تلك المرحلة المفصلية من عمر العالم, ثم تفحصنا طبيعة المرحلة التي تلت, فسوف نجد أن (انقلاب تموز) قد أحدث تغييرا جوهرياً على طبيعة علاقات المجتمع العراقي ومعادلات تكوينه وترتيب قواه السياسية الفاعلة, فبعد أن كان هذا المجتمع خاضعاً للقوى الإقطاعية في الكثير من مناطق جنوبه العراقي وشماله الكردي وأيضاً لنفوذ الزعامات القبلية فإن شكل هذه القوى قد تغير بشكل حقيقي, كما أن النظام نفسه إضافة إلى كونه قد إنتقل من معسكر الملكيات إلى معسكر الجمهوريات فهو أيضاً تمكن من الإلتحاق بمعسكر الحياد الإيجابي بين المعسكرين الأساسيين الإتحاد السوفيتي الشيوعي من جهة والغربي الرأسمالي من الجهة الأخرى.
ونعرف في هذا السياق أن الحدث كان هز العالم وقتها على إثر إعلانه عن انسحاب العراق من حلف بغداد مما أدى إلى سقوطه بعد أن كان بمثابة شوكة في خاصرة العالم الشرقي وفي خاصرة حركة التحرر العربي, وكان المؤتمر قد تأسس في باندونغ عام 1955 بواسطة ثلاثة من زعماء العالم الثالث هم نهرو الهند وتيتو يوغسلافيا وعبالناصر مصر إضافة إلى الرئيس السوداني إسماعيل الأزهري.
كما وأعلن العراق عن خروجه من منطقة الإسترليني وفك تبعيته المالية لإنكلترة. هذه الإنجازات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية كانت قد نقلت العراق من حالة إلى حالة نقيضة أخرى بما يجعلنا قادرين على وصف ما حدث في الرابع عشر من تموز كونه ثورة عراقية وليس مجرد إنقلاب عسكري, فهو إضافة إلى تأميم قناة السويس كانا قد دقا المسمارين الأخيرين في نعش الإستعمار الإنكليزي, وجاء تأميم النفط العراقي بعدها لكي يدق المسامير التي تثبِّت غطاء التابوت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع القسم (2)



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الدولة المدنية والدولة العَلمانية
- مقدمة كتاب (العلمانية وبناء الدولة الوطنية)
- السباحة عكس التيار
- صراع الأزمنة العراقية
- فن النوم على المسامير
- الطائفية في العراق والدولة العلمانية
- ميكافيلي .. الرجل المجني عليه
- (الإسلاسي) و (العُلَيْمانية) : مفهومان قيد الإنشاء
- الأقلية الأكثرية
- فكر المظلوميات من جيفرسون المؤسس إلى بوش الإبن المفلش
- عوامل ساعدت على إنتشار التشيع في العراق أثناء الحكم العثماني ...
- قاطعوا الإنتخابات ولا تكونوا كذابي زفة
- عوامل ساعدت على إنتشار التشيع في العراق أثناء الحكم العثماني ...
- عوامل ساعدت على إنتشار التشيع في العراق أثناء الحكم العثماني
- فشافيش*
- سياج بيتي (2)
- كان يا مكان .. سياج بيتي
- كابول وبغداد .. عن معنى الدولة ومعنى الطرف الثالث والسلاح ال ...
- الرئيس الصح في الزمن الخطأ .. القسم الثالث والأخير
- الرئيس الصح في الزمن الخطأ*


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يطالب مستشفيات شمال غزة بـ-الإخلاء الفوري- ...
- إعصار ميلتون يبلغ الدرجة القصوى وبايدن يطلق نداء إخلاء بفلور ...
- كلمة نعيم قاسم تثير تساؤلات عن -فصل الربط- بين لبنان وغزة؟
- مسؤول أممي: لبنان يشهد نفس الأساليب المستخدمة في حرب غزة
- الخرطوم: لا علاقة لنا أو صلة بالتقارير الإسرائيلية حول نفي ق ...
- -ظالم-.. رجل أعمال مصري يعبر عن اعتراضه ورفضه لقانون الإيجار ...
- مؤرخ فرنسي: بعد هزيمة الولايات المتحدة في النزاع الأوكراني س ...
- -نموذج غزة يتكرر-.. تحذير أممي من دوامة موت أخرى في لبنان
- بعد -هيلين-.. إعصار -ميلتون- يهدد فلوريدا والسلطات تلزم مليو ...
- روسيا تقصف خاركيف وأوكرانيا تضغط في كورسك


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 14 تموز ثورة كانت أم إنقلاب