أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حازم كويي - فرص تراجع العولمة















المزيد.....


فرص تراجع العولمة


حازم كويي

الحوار المتمدن-العدد: 7306 - 2022 / 7 / 11 - 15:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تيلمان فون بيرليبش*
ترجمة :حازم كويي

إن أزمة التجارة الحرة والطلب المتزايد على المواد الخام والتضخم تضع العولمة تحت الضغط. الآن حُدِد المسار لعصر جديد في السياسة الاقتصادية!
الحروب والأزمات تُزيد من تأثير الدولة على الاقتصاد والمجتمع. أفاق التجارة الحرة تتقلص، والعولمة تتداعى. يجب العودة الى سياسة دولة التخطيط ومن أجل عولمة ديمقراطية لصالح الناس والمناخ، بدلاً من التسلح وأقتصاد الحرب.
وفقاً للإحصاءات الرسمية الألمانية فقد أرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7٪ عام 2021، وبالتالي كان أقل بكثير من التوقعات. في الصحافة التجارية يمكن للمرء أن يقرأ: "الشركات عالقة في أزمة ". أدت إختناقات العرض وزيادة الأسعار إلى تحطيم ربحيتها. يجب أن يمهد الطريق للتخفيضات الضريبية ومرونة سوق العمل. لكن الحرب وكورونا ليست مسؤولة عن كل شيء.
وفقدت العولمة زخمها في العقد الماضي، وتنمو التجارة العالمية بشكل أبطأ من الإنتاج العالمي.
مع الأزمة المالية لعام 2008، بدأ تفكك في سلاسل القيمة المضافة عالمياً(والمعني به المنتوج الذي يتم صنعه من المواد الأساسية مروراً بالنقل والأسواق ومنتهياً بكلفتها الأجمالية التي تباع أخيراً للمستهلك) تواجه فيها الصراعات التجارية المتزايدة، وخسائر الإنتاج نتيجة جائحة كورونا والتغيرات المناخية، وأخيراً وليس آخراً، إنسداد قناة السويس الذي سببتهُ سفينة الحاويات (أيفر غيفن) لمناقشات حول طرق جديدة للتوريد، بعدها جاءت الحرب.
ومن منظور العدالة المناخية، تؤدي تحديات السياسة الاقتصادية أيضاً إلى فرص يمكن فيها لعولمة خاضعة للسيطرة أن تخدم حماية المناخ وتؤدي إلى مزيد من العدالة الاجتماعية. مناقشة التحديات المختلفة من أزمة التجارة الحرة، والطلب المتزايد على المواد الخام لمجالات الطاقة، وزيادة التضخم وآثار ذلك على العولمة. لقد حان الوقت الآن لعصر ولسياسة أقتصادية جديدة،وليس لإستثمار يهدف الربح فقط، ولكن بتوجيهه من خلال جهات وقوى ديمقراطية جديدة.
إن نموذج التجارة الحرة، الذي ظل مهيمناً لفترة طويلة، يُروج للتخصص والتقسيم الدولي للعمل. مع إنتصار "إجماع واشنطن" النيوليبرالي وتحت ضغط من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تطورت فيها مناطق ودول معينة إلى تكتلات أو مجالات عمل موسعة. فالمنسوجات يتم أنتاجها في بنغلاديش والأجهزة الكهربائية في كوريا الجنوبية، والسيارات في ألمانيا. غالباً ما تأتي المنتجات الأولية من مناطق مختلفة تماماً من العالم. هذه العولمة المربحة للغاية، ولكنها ضارة للغاية للناس وللطبيعة حيث تشهد الأنهيار البطيء. إنخفضت حصة التجارة السلعية في الإنتاج العالمي بنسبة 4.3 في المائة بين عامي 2004 و 2020. وتجاوز الطلب على بعض مواد البناء والورق وجهاز Playstation الجديد لفترة طويلة وليس هناك من نهاية تلوح في الأفق لمشاكل العرض هذه.
أحد أسباب التراجع التدريجي للعولمة هو أزمة الهيمنة الأمريكية، التي ربما بلغت ذروتها فقط مع نزعة ترامب الحمائية الصاخبة. وترى إدارة بايدن أن الصين هي المنافس الرئيسي الجديد للإمبراطورية الأمريكية. ولم يجد الاتحاد الأوروبي بعد دوره في لعبة القوى العظمى هذه. ومع ذلك في بروكسل يكتسب الإدراك ببطء، أن نموذج النمو الموجه للتصدير في الاتحاد الأوروبي لديه الآن فائض في الحساب الجاري أكبر من الصين، وبالتالي فهو مسؤول إلى حد كبير عن الاختلالات العالمية. لهذا الأفضل أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتقليل إعتماده على الصادرات في ظل العولمة المتباطئة.
إن تغير المناخ مسؤول إلى حد كبير، عن الاختناقات الحالية. مصانع أشباه المُوصلات في تايوان متوقفة بسبب نقص المياه. إنتاج النحاس والصلب في الصين مُعطّل بسبب تقييد إمدادات الكهرباء وإغلاق العديد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم نتيجة الفيضانات. لذلك يجب أن يكون الالتزام الدائم بالتوريد المرن لمكافحة تغير المناخ.
قطاع اللوجستيات،الذي يَجري شحنه بالسفن العملاقة يتعرض أيضاً لضغوط متزايدة من متطلبات حماية المناخ. كونها تستخدم زيوتاً ثقيلة كوقود، والذي يجب أستبداله بانواع من الوقود أكثر ملائمة للمناخ على المدى المتوسط،كما يجب تقليل الشحن الجوي وتحويله الى وسائل السكك الحديدية .
نظراً لارتفاع تكاليف النقل والخدمات اللوجستية لعدة سنوات،أصبحت سلاسل القيمة الإقليمية أيضاً أكثر تنافسية من حيث الأسعار. على سبيل المثال،أوقفت شركة تصنيع الألعاب(Simba Dickie (مُنتجاتها البلاستيكية الفخمة، لأن تكاليف النقل من الصين تتجاوز تكاليف الأنتاج.الآن سيتم إنشاء إنتاج خاص، من الألعاب منخفضة التقنية في أوروبا. وحدث نفس الشئ مع (Butlers) بشكل مشابه مع منتجات السيراميك الخاصة بها. إن الاتجاه التجاري المتمثل في نقل الإنتاج (إعادة التوطين) وتطوير سلاسل القيمة الإقليمية "محلياً " ليس نتيجة جهود لحماية المناخ، ولكنه ذو فائدة جانبية مُرحب بها للتراجع عن العولمة.
في سياق إعادة تنظيم سلاسل التوريد(سلسلة التوريد هي منظومة من المؤسسات، والناس، والتكنولوجيا، والأنشطة والمعلومات والموارد المطلوبة لنقل المنتجات أو الخدمات من الموردين إلى العملاء). إستجابة للحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، تتحدث دوائر الأعمال بشكل متزايد عن "التعاقد مع الأصدقاء " بدلاً من مجرد "الاستعانة بمصادر خارجية".
هذا يعني أن فترات الراحة أصبحت أكثر ديمومة لكنه ينطوي أيضاً على فرصة تقصير سلاسل التوريد.
وبالتالي ، فإن سلاسل القيمة الإقليمية التي تشمل التنويع والتكرار هي سلاسل التوريد الأكثر مرونة وقوة. إنها أكثر مرونة في مواجهة تقلبات الأسعار، والجغرافيا السياسية، والكوارث الطبيعية وتغير المناخ، أو بمجرد خطأ بشري واضح،كما حدث في إنقطاع النقل للحدث الكوميدي المأساوي لقناة السويس،الذي بلغت تكاليفه أكثر من تسعة مليارات دولار يوميا.
حل أزمة المواد الخام مع إعادة التدوير.
بلغ الإنتاج في صناعة السيارات الألمانية حالياً 11 مليون سيارة،ولكن هناك فجوة، التي لا يمكن إستكمالها بسبب نقص الرقائق، وفقاً لشركة الاستشارات الإداريةPWC. توقف الإنتاج في مصنع Opel في مدينة (Eisenach) الألمانية تماماً لمدة ثلاثة أشهر. وفي عام 2021، أنخفضت تسجيلات السيارات الجديدة إلى مستوى قياسي. لكن ليست صناعة السيارات وحدها هي التي تعاني من إختناقات في التوصيل. ليست فقط رقائق الكمبيوتر المفقودة.
وبحسب معهد Ifo،عانت 77 في المائة من الشركات من نقص المنتجات الأولية في سبتمبر،وخاصة المواد الخام. وسيستمر الطلب في الارتفاع، لا سيما في نقل الطاقة.
الحقيقة هي أن استخراج المواد الخام لنقل الطاقة يدمر البيئة أيضاً. من كان يظن ذلك؟ ولهذا، التمييز بين التعدين من أجل الطاقة الأحفورية والتعدين من أجل الطاقة المتجددة، يساعد في النظر إلى عائد الطاقة على الاستثمار.لم تعُد الطاقة المكافئة الى لتر واحد من النفط الخام،فهو لم يعد ضخُ 44 لتراً، بل سبعة فقط. يفترض فريق بحث فرنسي أن عائد الطاقة على الاستثمار هو واحد من كل أربعة في المستقبل. من ناحية أخرى، لا يتم حرق المواد الخام التي يتم إستخراجها لإنتاج الطاقات المتجددة، أي يتم أستهلاكها بشكل غير قابل للاسترداد، لكنها تستخدم فقط لبناء المصانع. يقول الصحفي والمؤلف المختص بالعلم كريستوف بوديويلز "بطريقة ما، فإن التدمير الناجم عن إستخراج المواد الخام من أجل تحول الطاقة هو أستثمار في ضمان أن استخراج المواد الخام الأحفورية لا يسبب ضرراً أكبر." ولكن هناك حل أفضل.
المنتجات المعدنية والحديدية عالية الجودة والمواد الخام مثل السيليكون والصلب والنيكل والبوكسيت والنحاس غير متوفرة بشكل خاص،أضافة الى زيادة أسعارها.
يمكن إعادة تدوير الخردة إلى الفولاذ بسهولة. يوفر الفولاذ المصنوع من الخردة 1.67 طن من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالفولاذ التقليدي المصنوع من الخام والفحم. تُستخدم الخردة فقط في 44% من إنتاج الصلب المحلي، مقارنة بـ 80% في تركيا وإيطاليا. الوضع مشابه للنحاس الذي تمس الحاجة إليه، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي ينص على إعادة تدوير 65%، إلا أنه يتم إسترداد 43% فقط من النحاس الناتج عن النفايات الإلكترونية. تعدين النحاس في شيلي مزدهر. تقول بيرجيت شميتز، المتحدثة باسم معهد النحاس الألماني"إن أكبر منجم للنحاس في العالم يقوم بإعادة التدويرعلى أي حال". حتى أتحادالصناعات الألماني يحسب زيادة قدرها 12 مليار يورو في القيمة المضافة من خلال الاقتصاد الدائري. أن عملية المعالجة المائية الجديدة ستعيد تدوير 97% من المواد الخام للبطاريات المستخدمة في المستقبل.
شرط آخر للأقتصاد الدائري كي يسود على إنتاج المواد الخام الاستخراجية التقليدية هو تنافسية الأسعار. مع زيادة الطلب، أصبحت العمليات الأكثر تعقيداً وبالتالي الأكثر تكلفة مربحة أيضاً. وبالنظر إلى إلألحاح في التحول، فمن الضروري إستخدام حصص إعادة التدوير الثابتة، المنصوص في القانون التنظيمي، بالإضافة الى التمويل العام وتمويل المصانع من خلال عقود الفروق ("عقود الكربون مقابل الفروق"). يجب صنع الفضيلة بدافع الضرورة، يمكننا حل أزمة المواد الخام بالاقتصاد الدائري وإعادة التدوير.
ومع ذلك ، فإن إعادة التدوير تستهلك الكثير من الطاقة، وعلى سبيل المثال، يمكن إستخدام الألمنيوم النقي تماماً فقط لإنتاج بطاريات أيونات الليثيوم. إن التوسع في أساليب إعادة التدوير والحلقة المغلقة لا يحل كل مشكلة، وهو ما يقودنا إلى قلب المعضلة، رغبات النمو المتأصلة في الرأسمالية.
منذ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة،فإن معدلات النمو آخذة في الانخفاض وكانت قريبة من الركود (نمو صفري). وبهذا أهتز النموذج الاقتصادي الرأسمالي في سوقه. يحتاج رأس المال المستخدم إلى النمو من أجل تلبية توقعات الفائدة والعائد للقطاع المالي. في الوقت نفسه، أزداد التفاوت العالمي بشكل هائل وتبحث الثروة المتداولة عن فرص أستثمار مربحة. لا عجب إذن أن الأشياء المضاربة مثل العملات المشفرة و NFTs تزدهر. يشعر الناس في المدن الكبرى بآثار الاستثمار وضغط العائد على أسعار الإيجارات والأراضي، حيث لا يزال من الممكن أستخدام التوافر المحدود للأراضي والخرسان الذهبي لتحقيق أرباح كاملة، بينما لايحدث ذلك في أجزاء كبيرة من الاقتصاد الصناعي غير الممكن منذ فترة طويلة.
لذلك نحن نتعامل مع تحول شامل في الاستثمارات بين القطاعات، والذي يحدث حالياً بشكل شبه حصري وفقاً لاقتصاد السوق وبالتالي المنطق الموجه للربح. يجب على المجتمع المُستنير والواثق من نفسه أن يسأل نفسه، عما إذا كان يريد ببساطة قبول هذه الاضطرابات التخريبية، أو ما إذا كان يُفضل أن يكون له رأي في الاتجاه الذي يتحرك فيه الاقتصاد وبالتالي الأسس المادية للمجتمع. لا يمكن تصور المشاركة الديمقراطية في مقدار الاستثمار في أي قطاع فحسب، بل إنه ضروري أيضاً إذا كانت للمعايير الاجتماعية والبيئية الأسبقية على المعايير التجارية.
مع إعادة التوزيع والنضال الطبقي ضد التضخم وتغير المناخ.
أرتفعت أسعار المستهلك في مايو 2022 بنسبة 7.9 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. هذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يصل فيها التضخم إلى مستوى مرتفع جديد. تحذر كارمن راينهارت، كبيرة الاقتصاديين بالبنك الدولي، من إستمرار التضخم. إذا حدث نمو منخفض وتضخم مرتفع في نفس الوقت، فهذا يسمى بالتضخم المصحوب بالركود. يؤدي أرتفاع معدلات التضخم إلى زيادة الضغط على الدخل الحقيقي، مما يؤدي حتماً إلى صراع من أجل مستويات المعيشة. ووفقاً لإستطلاع أُجري في ألمانيا، فإن 16% من السكان لايمكنهم تناول وجبة منتظمة، مع التضخم، يمكن حدوث موجة جديدة من الفقر الجماعي.
تنظر النقابات العمالية مرة أخرى في مطالبها في مقياس متدرج للأجور، بحيث ترتفع الأجور تلقائياً على الأقل مع إرتفاع الأسعار. هناك سوابق مؤكدة في إيطاليا ،فقد قام ما يسمى بـ "scala mobile" بحماية العاملين بأجر من خسارة الدخل في الفترة من 1975 إلى 1992. ومع ذلك، بمجرد العمل بها،يصبح التضخم العامل الوحيد لتطورات الأجور، ومن ثم يتم إستبعاد نمو الأنتاجية ونطاق التوزيع. والأكثر إنتاجية هو مطالبات الأجور المجدولة التي تزيد عن معدل التضخم،جنباً الى جنب مع المبالغ الأساسية التي تستفيد منها المجموعات ذات الأجور المنخفضة أكثر، فضلاً عن الشروط القصيرة والمتزامنة بحيث يمكن إعادة التفاوض إذا استمر التضخم بنسبة تبلغ 8%، الموظفون فقدوا بالفعل دخل شهر كامل. الآن تبدأ المعركة حول المقدار الذي ستسترده القوة العاملة.
أرباب العمل والاقتصاديون المقربون منهم يحذرون من دوامة الأجور والأسعار ويدعون إلى ضبط الأجور. كما يخطط مستشار ألمانيا أولاف شولتز "إجراء منسق" لاسترضاء النقابات بدفعات لمرة واحدة وبالتالي تحسين ظروف الربح للشركات. ومع ذلك، فإننا نتعامل حالياً مع دوامة الربح والسعر، كما يتضح من أسواق الوقود والإسكان. إن الضريبة على الأرباح الزائدة، مثل تلك التي فرضتها إيطاليا واليونان، لا تخلق المزيد من العدالة فحسب، بل تقلل التضخم أيضاً. علاوة على ذلك، فإن فكرة أن الأجور العالية تؤدي تلقائياً إلى إرتفاع الأسعار هي أيضاً فكرة خاطئة تماماً. يمكن أن تأتي الأجور المرتفعة أيضاً على حساب أرباح الشركات إذا فشلت في تمرير تكاليف الأجور المتزايدة بالكامل إلى الأسعار. مع سياسة الأجور التوسعية هذه، يعمل الصراع الطبقي أيضاً كعامل كبحٍ للتضخم.
المؤرخ الاقتصادي البريطاني آدم توز لديه وجهة نظر مختلفة قليلاً عن التضخم. بالنسبة له، يعتبر التضخم هو "قضية سياسة صناعية وليس الأقتصاد الكلي". القيود وفقاً لتوز، في القدرات الإنتاجية للوحدات الشمسية، على سبيل المثال، ليس الكثير من المال. ولذلك لا يمكن مواجهة الزيادات في الأسعار إلا من خلال بناء القدرات الإنتاجية.
من الواضح أن المساهمة من الجهات"الخضراء" السياسية حول التضخم سيُبقي (التضخم الأخضر). سياسة المناخ المرتبطةهذه تؤثر في تكلفة المعيشة على الأشخاص ذوي الدخل المنخفض،والاشخاص الحاصلين على مزايا أجتماعية بشكل خاص، تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة. تماشياً مع هدف خفض الحرارة الى 1.5 درجة ، يجب على نصف سكان أوروبا من حيث مستوى الدخل أن يخفضوا إنبعاثاتهم إلى النصف. ليس من الضروري إخبار الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من خط الفقر أو تحته بخفض إستهلاكهم إلى النصف. التحول إلى المنتجات المستدامة يعني أيضاً أننا نستهلك كميات أقل. يجب أن تكون المنتجات أكثر متانة وذات جودة أفضل.
بالطبع،المعايير البيئية الأعلى وحماية المناخ تؤثرعلى الأسعار. الأمر نفسه ينطبق على المنتجات الزراعية العضوية والأغذية. لذلك يجب زيادة دخل المجتمع لذوي الدخل المنخفض، من أجل تمكينهم من شراء المنتجات الأفضل على الإطلاق. كما مكنت الأجور المرتفعة من تقليل ساعات العمل، والتي بدورها سيكون لها تأثير كبيرعلى تقليل الانبعاثات. خفض ساعات العمل بمقدار الربع يُقلل من البصمة المناخية بنسبة تصل إلى 36.6 في المائة.
لن تكون خصخصة حماية المناخ من خلال الأسعار المرتفعة وحدها كافية وغير عادلة. ومع ذلك، يجب على الأغنياء خفض ما يُسببونه من الإنبعاثات بنسبة 30%. في دراسة لمنظمة أوكسفام (2021)حددت نسبة 16 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية بحلول عام 2030. وهكذا أصبح "إنتاج السلع الكمالية للطبقات العليا وأستهلاكها" "محركاً رئيسياً لتغير المناخ" ، وفقاً لعالم الاجتماع الصناعي كلاوس دور.
إن ضريبة ثروة الأغنياء ضرورية للغاية من وجهة نظر العدالة المناخية، لأنها تعمل بمثابة كابح لاستهلاك الرفاهية السخيفة، ومن ناحية أخرى، ترسل إشارة واضحة إلى الفئات ذات الدخل المنخفض بأنه لا يتعين عليهم تحمل المسؤولية الوحيدة عبء التحول. بدون إعادة التوزيع، تعني حماية المناخ المزيد من إفقار الطبقات الدنيا، والتي يمكن أن تتحول بسرعة إلى نزعة محافظة تنكر المناخ.
يُطرح السؤال أيضاً حول كيفية تمويل إنتقال الطاقة والتوسع العاجل في مجالات السكك الحديدية والنقل العام والتجديد المرتبط بالطاقة وإزالة الكربون من الصناعة.
الرقابة الديمقراطية من الأسفل على الأستثمار والسياسة الصناعية .
تهدد بعض الشركات الآن علانية بإضراب أستثماري. إذا كانت حماية المناخ أو المتطلبات الاجتماعية مرتفعة للغاية، فستسحب الشركات رأس مالها(على سبيل المثال، تهديد مجلس إدارة اتحاد شركات الإسكان في برلين-براندنبورغ). وبهذه الطريقة، تبتز الشركات الخاصة السياسيين عندما تظهر إجراءات ليست في مصلحتهم. إن الحكومة التي تجعل نفسها تعتمد على الاستثمارات وتدفقات رأس المال تُقيد نفسها في قدرتها على التصرف وبالتالي لم تعد ذات سيادة ديمقراطية.
على المجتمع أن يقرر بشكل ديمقراطي، أين يجب أن تتدفق الموارد والاستثمارات، أو أين يجب توجيه الفوائض، أي النمو المتبقي. وهذا يوفر الفرصة لقيادة نقاش عبر المجتمع حول ماذا وكيف نريد أن ننتج. هنا، من المفترض أن تكون قيم المنفعة أعلى من قيم التبادل. ونتيجة لذلك، فإن مصانع الإنتاج الكبيرة والصناعة لن تصبح قديمة الطراز،عفا عليها الزمن. ستظل هناك وفورات في الحجم، لكنها ستكون بأحجام أقتصادية بيئية، لأنه يمكن أن تنخفض الأنبعاثات أيضاً في إنتاج كميات أكبر، إذا تم تعديل الأنظمة وفقاً لذلك وأستخدام الطاقات المتجددة فقط. يمكن أن تتدفق الإنتاجية العالية إلى ساعات عمل أقصر بدلاً من الهوامش العالية.
يمكن أن تصبح التكتلات الصناعية الجديدة للبطاريات وأشباه الموصلات والهيدروجين المُخطط لها تحت عنوان "الحكم الذاتي الاستراتيجي" أمثلة جيدة لسياسة صناعية عمودية نشطة تسعى إلى تحقيق أهداف بيئية وأجتماعية. يمكن تصور مشاريع مماثلة لشبكة السكك الحديدية الأوروبية وإنتاج القطارات والحافلات اللازمة لتحول حركة المرور وزيادة قدرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. لكن ما يسمى بمشاريع الاتحاد الأوروبي (IPCEI) يجب ألا تدور حول سباق تسلح تكنولوجي مع القوى العالمية، الصين أو الولايات المتحدة أو روسيا. يجب ربط الدعم بمعايير أجتماعية وبيئية واضحة. إن القومية الخضراء التي تعلن أن التحديث التكنولوجي أستراتيجية تصدير تقوم على موارد رخيصة من الجنوب العالمي لايمكن تعميمها.
يجب أستخدام مجموعة أدوات السياسة الصناعية بالكامل، ولكن يجب تخصيصها لمهمة أجتماعية - إيكولوجية واضحة وتشجيعها.
في نهاية المطاف، يكمن مفتاح التفاوض حول تضارب المصالح بين العمل ورأس المال حول أتجاه الاستثمار في الديمقراطية. في العملية الديمقراطية، يجب أيضاً أتخاذ القرارات بشأن الاقتصاد. نحن بحاجة إلى ديمقراطية أقتصادية. في نظام متعدد المستويات. يجب إعادة النظر في السياسة الصناعية من الأسفل - من قبل الشركة والمنطقة. وهذا يتطلب هياكل ديمقراطية جديدة وضرورية، لم تكن موجودة من قبل. يجب توسيع نطاق القرار المشترك للشركات ليشمل قضايا المناخ وحماية البيئة، ويمكن الوثوق بالموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين لاتخاذ قرارات الاستثمار بمسؤولية ولصالح الجميع. لأن نزع العولمة الخاضع للرقابة هو فرصة لانتزاع زمام العمل من السوق الفوضوي وإعطاء الاقتصاد مهمة، بحيث يخدم الناس والمناخ.

تيلمان فون بيرليبش* باحث مشارك للسياسة الصناعية والاقتصادية في المجموعة البرلمانية لحزب اليسار في البوندستاغ الألماني.



#حازم_كويي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارك على الجبهة السيبرانية
- قمة مجموعة السبع في ألمانيا.أقتصاد الكتل.
- الاشتراكية – مراجعة الماضي والتوقعات
- المقاومة في عالم الديجيتال
- إتجاهات الأزمات في التقسيم الدولي للعمل. أفكار حول صعود الصي ...
- ماركس والقانون:مقاربات
- أميركا اللاتينية في منعطف يساري جديد. تشيلي،كولومبيا،البرازي ...
- النضال الطبقي من أجل الديمقراطية الأجتماعية.
- السناتور الأمريكي بيرني ساندرز يدعو الديمقراطيين إلى مزيد من ...
- كوبا وأزمة أوكرانيا
- كهربة البلد والخروج من فخ الغاز والنفط
- مقترحات اليسار من أجل تخفيف التصعيد في منطقة الدونباس/أوكراي ...
- لنقف بوجه من يدمر ألأرض
- في الذكرى 200 لميلاد الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير.
- كوكب الأرض، بيتنا المشترك،يحترق.
- »إعادة أكتشاف (ديالكتيك الطبيعة) لأنجلز
- لماذا نحتاج إلى أفكار ماركس لمحاربة الأزمة البيئية لكوكبنا
- السياسة الصينية تجاه أفغانستان بعد إنسحاب الناتو.
- الماركسية وتغير المناخ
- ماركس كعالم إيكولوجي


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حازم كويي - فرص تراجع العولمة