أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير علي السيد علي - الأسئلة الثلاث















المزيد.....

الأسئلة الثلاث


أثير علي السيد علي

الحوار المتمدن-العدد: 7305 - 2022 / 7 / 10 - 19:32
المحور: الادب والفن
    


الأســــــئلة الثلاث
قصــــــــــــــــــــــــة : ليو تولستوي
ترجمها الى الانكليزيــــــــة : AYLMER & LOUISE MAUDE
ترجمــــها الى العربيـــــــــــــــــــة : أثيــــــــــر علي السيـــــــــــــــــــــــــــــد علي

يُحكى عن ملكٍ في سالفِ الازمان عاش مؤمناً بأنهُ إذا عرفَ الوقت المناسبَ لفعلِ شيء ما وعَلمَ لمن ينصتُ ومن يتجاهل وعرفَ ماهو الاولى بفعلهِ دوناً عن غيرهِ فأنه لن يفشلَ قط في أي مسعى يرومُ الخوضَ فيـــــــــــه .
شغل تفكيرهُ البحث عن أجوبةٍ لهذه التساؤلات حتى اصبحت هوساً لم يخفهِ عن رجالات بلاطــــــه فنادى المنادي في كل ارجاءِ المملكــــة إن من يستطع الاجابة على مايؤرقُ منام الملك ويقدرُ أن يخبره عن الوقت المثالي لفعلِ عملٍ ما وعن أحقِ الناس بصحبتهِ ومشورته وعن أهم عملٍ موجبٌ للأهتمام فلهُ من العطايا فوق ما يحلم .
مثلَ الحكماءُ والعارفين من أقصى بقاع المملكةِ لأدناها في حضرة الملك وحاولوا بحكمتهم الوصول الى إجابةٍ شافيةٍ لتساؤلات الملك الثلاث إلا إنهم فشلوا في الفصول الى جوابٍ محدد . فبعضهم قال رداً على السؤال الاول " إذا أردتَ معرفةَ الوقت المثالي لكل عمل فعليكَ بوضعِ تقويمٍ للأيام والاشهر والسنوات وأن تتبع هذا التقويم بحذافيرهِ لحظةً بلحظة وهذا فقط ماسيمكنكَ من تحديد جدول أعمال الملك بدقة بالغة " . بينما ذهب البعض الاخر الى إن المعرفة المسبقة للوقت المثالي هي ضربٌ من المستحيل ولتحقيق ذلك على الملكِ أن يكون مدركاً ومتابعاً لكل مايحدثُ نائياً بنفسهِ عن الأنغماسِ في الملذاتِ التي تشتتهُ , وهنا كان رايُ البعض أنه مهما بلغت درجة تركيز الملك في الاحداثِ الدائرةِ من حولة فمن المستحيلِ على رجلٍ واحد معرفة الوقت المناسبَ لكلِ قرار وهنا تبرزُ الحاجــة لمستشارين حكماء يعينوه في قرارته . بعض الامورِ الملحةِ كما وصفها اخرون لاتحتملُ انتظار أخذِ المشورةِ فيها ومعرفتها سلفاً هو من علمِ السحرة فقط فأذا أراد تحقيق هذا فعليه أن يحيط نفسه بمنجمين من السحرة .
وعلى نفس القدرِ من الاختلاف اجاب الحاضرون على السؤال الثاني فقال بعض الحاضرينَ إن أحق الناس بأستماع الملك لرأيهم هم المستشارين , والبعض رأى أنهم رجال الدين , وقال أخرون أنهم المعالجيــن وغيرهم أختار المحاربين .
أخـــذ السؤال الثالثِ نصيبة هو الاخر من الجدل والاختلاف فما هو العمل الاولى أن يقوم الملك به دون غيره من الاعمال ؟ أجاب البعضُ بأن دراسة العلومِ هو أفضلها واخرون فضلوا فن الحرب وغيرهم كان ميالاً للانغماسِ في العبادات .
لم تنل أياً من الأجاباتِ أستحسان الملك ولم يجدَ ضالتهُ فيما قالهُ الحكماء فقرر أن لايعطي الجائزةَ لأحــدٍ منهم , وبعـــــد تفكير طويل رأى الملك أن يأخذَ برأي الناسك الذي يقطنُ الغابــــــــــةَ البعيدة في أطرافِ المملكــــــــة لكن عقبةً واحدةً تحول دون ذلك إن هذا الناسك لم يبرح الغابـــــــــــــة أبداً ولهذا فعلى الملكِ الذهاب اليـــه في معزلـــه بنفســـــه.
عقدَ الملكُ العزمَ على الذهاب صباحاً مع حرســــــهِ ليلقى المشورة من الناسك وبعد رحلةٍ طويلة على ظهر الخيل وصل الموكبُ الى أطراف الغابـــــــة فترجلَ الملكُ عن صهوتـــــــه ومشى راجلاً لوحده كما أمــــرَ من معـــهُ بالبقاء حيثُ هم ولايتبعــــــــــهُ أحدٌ منهم .
وصل الملكُ الى كوخ الناسك فوجـده يحفرُ الارض بمعوله كي يزرعها فالقى الملك التحيـــــــة فردها الناسك بمايليقُ بمقام ملك وعادَ ثانية للحفر , قال له الملك " لقــــد أرتحلتُ من قصري قاصداً مشورتك علي أجـــــــــــــدُ عندك ما يجيبُ عن أسئلتي " أستمر الناسكُ في الحفرِ دون رد فأكمل الملك " أعياني تفكيري في أسئلتي الثلاث دون جدوى من أي جواب فما هو الوقت المثالي للقيامِ بعمل ما ؟ ومن هم أحقُ الناس للاستماع اليهم وقت المشورة ومن هم المستبعدين في حضرتي ؟ وأخيــــراً ماهو العمل الواجبُ فعلهُ اكثر من غيره ؟ " . استمر الناسكُ في عمله دون أن ينبس ببنتِ شفه كأن لاشيء يدور حولهُ سوى حركة المعول وهو يضربُ الارض .
لاحظَ الملكُ إن جسد الناسك الهزيل لايقوى على العمل الشاق فكلما ضرب الارض بمعوله لم يستطع حفر الكثير ويكادُ أن يأخـــــذ أنفاسه بصعوبةٍ بالغـــــة فأشفقَ عليــــــه وقال له دعني أساعدُ قليلاً حتى تستريح من عناءِ الحفر .
تناول الملكُ المعولَ من يد الناسك وأخذ يضربُ الأرض بقوة الشباب حفر قليلاً وعاد ليسأل الناسك عن أجاباتٍ لأسئلته الثلاث فماكان منه الا أنه تجاهل السؤال وقال للملك أعطني المعول كي أكمل الحفر بدلاً عنك . نظرَ اليه الملك ولم يجيب وأستمر بالحفر لساعاتٍ وساعات حتى بدأت الشمسُ بالأختباءِ خلفَ أشجار الغابة وأبتدأ المغيبُ يفرشُ عبائتهُ الداكنـــــة في السماء رويداً رويداً , غرس الملك المعولَ في الأرض وقال للناسك " لقد جئتكَ من مكان بعيد ناشداً حكمتك في الاجابةِ عن أسئلتي الثلاث فأن لم يكن لديك أجابةٌ شافية فقط قل لي كي أعود من حيثُ جئت " .
رفع الناسكُ رأســـــــــه وقال للملك "أنصت هناك من هو قادمٌ نحونا " .
التفت الملك حوله باحثاً عن الصوت حتى ظهر رجلٌ ملتحٍ من بين الاشجار وأنفاسهُ كمن شارفَ على النهاية وهو واضعٌ يديه على بطنه محاولاً أيقاف نزف الدم الذي غطى جسده حتى عندما وصل قرب الملك وقع مغمىً عليه وهو يتمتم بكلامٍ غير مفهوم .
ركض الملك والناسك لمساعدةِ الرجل الغريب وما ان رفعوا قميصه حتى وجدوا جرحاً كبيراً غائراً في بطنة ينبعثً منه الدم كالميزاب فأخذ الملك منديله كضمادٍ على الجرح بينما احضر الناسك فوطة لوقف النزف لكن دونما جدوى فكان لاينفك الدم الحار يملئ الضماد كلما وضعوه على الجرح جلس الملك عند الرجل يغير له الضمادات ويحاول وقف نزيف الدم بشتى السبل حتى نجح أخيراً وعندها كان الظلام قد أطبق عليهم ونالَ منهم التعبُ مبتغاه فحملَ الاثنانِ الرجل الى الكوخ ووضعوه مكان نوم الناسك وهو غائبٌ عن الوعي غير مدركٍ لأي شيء .وما أن جلس الملكُ على الأرض كي يستريح حتى داهمهُ النعاس من التعب فنام هو الآخر مكانه .
أشرقت الشمس صباحاً ففتحَ الملك عينيهِ محاولاً أن يتذكر ما الذي جاء بهِ الى هذا المكان ومن هذا الرجل الجريح الذي ينظرُ اليه أستعاد ذاكرته شيئاً فشيئاً فبادرة الرجل بصوت ضعيف " ارجــــو أن تسامحني " فقال له الملك " انا لااعرفك ولم ارك قبل الليلة الماضية فلا يوجـــد هناك ما اسامحك عليـــــــــــــــه ". فقال الرجل "لكني اعرفك جيداً أنت الملك الذي قتل أخي وصادر أراضيَ وممتلكاتي وماجئتُ الليلة الماضية الا لقتلك لما علمت أنك مسافرٌ وحيــــــداً في الغابة كمِنتُ لك في طريق العودة لكن الوقت مر وكاد اليومُ أن ينقضي ولم تظهر فخرجتُ بحثاً عنك حتى قابلني أحدُ حراسك وصدف أنه يعرفني ويعرف نيتي فضربني بالسيف لكنني فررتُ منه وقادتني خطواتي المترنحةُ الى حيثُ كنت والناسك , لقد جئتُ قاصداً قتلك لكنك بالمقابل أنقذت حياتي ولهذا فأنا مدينٌ لك بماتبقى منها كي أقضيها في خدمتك وأولادي من بعدي رداً لصنيعك هذا " .
أحس الملك بأرتياحٍ كونه عقد الصلح مع عدواً دون ادنى جهــــــــــــد وكسب صديقاً كان عدو الامس فأخبره الملك أنه سيرسل الاطباء والمعالجين لمعاودته وفوق هذا فأنه سيعيــــد له كل أملاكه السابقة . ودعـــــــــــــهُ الملك وخرج كي يرى الناسك علهُ يجيب على اسئلته قبل أن يعود , فوجدهُ جاثياً على ركبته يزرع البذور في الارض الى حفروها البارحة فوقت أمامـــــــه وقال له "للمرة الاخيرة أرجوك أن تجيب على أسئلتي قبل أن أرحل " . فرفع الناسك رأسة وقال " لكن أسألتك قد أجيبت " فقال " أين ومتى حدث ذلك ؟ " .
أجاب الناسك " ألم ترى ؟ فلو لم تشفق على ضعفي البارحــــــة وتحفر الارض مكاني لساعاتٍ وكنت عدت أدراجك بسرعــــــــــة لكان الرجل قد هاجمك ولكنت ندمت أشد الندم إنك لم تبقى معي , لذا فالوقت الاهم هو الوقت الذي قضيته في الحفر البارحة والشخص الاحق في مجالستك كان أنا والعمل الاعظم كان انك احسنت الي بمساعدتي , ثم بعد ذلك كان الوقت الاهم هو عندما نهضت لنجدة الرجل وقضيت ساعات محاولاً أسعافه والحفاظ على حياته ولولا هذا لمات دون ان تعقدوا الصلح معاً لذا فهو كان الشخص الاجدر بالبقاء معــه ومافعلته لأجله كان هو العمل الاهم . تذكر جيداً أيها الملك إن لا وقت أهم من الان فالوقت الحاضر هو الوقت الوحيد الذي تمتلك فيه القوة لفعل شيء ويكون خيارك بيدك وحدك , أما الرجل المناسب لمجالستك فهو الرجل الذي يكون معك في هذا الوقت بالذات لانه مقدر لكما أن تكونا معاً في وقتها وليس هناك عملٌ أجلُ من أنك تقدمُ الخير لمن معك "



#أثير_علي_السيد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العملاق الاناني
- ما لاتعلمهُ عن الحب
- حبٌ بِلا توقعات
- عندما يضنيكَ التعبُ ويغلبكَ اليأس ... أقرأ هذا
- أكتبُ اليكَ لأني معجبةٌ بك
- الشخصَ المناسب وأشكالية التوقيت


المزيد.....




- مصر.. وفاة الفنان بهاء الخطيب خلال مباراة والعثور على -تيك ت ...
- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير علي السيد علي - الأسئلة الثلاث