أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - أيها الخفاق في مسرى الهوى















المزيد.....

أيها الخفاق في مسرى الهوى


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1679 - 2006 / 9 / 20 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الدستور هو الذي ينص على علم البلاد بموجب قانون يصدر استنادا اليه يحدد فيه شكله والوانه وابعاده ومواقع ومواعيد رفعه او تنكيسه او انزاله ا طبقا لنصوصه . وحيث ان الدستور الجديد الذي جرى الأستفتاء عليه ( مع كل التحفظات على ذلك ) ؛ اصبح ملزما منذ نشره في الجريدة الرسمية ؛ فان المساس بقدسية العلم (الذي لم يلغ ليحل غيره مكانه بحكم قانون خاص يصوت عليه البرلمان ) ؛ يعتبر مساسا وانتهاكا لاحكام الدستور . ولا يسري ذلك على العلم لوحده بل ينصرف الى شعار الدولة وسلامها الوطني ما دامت القوانين الصادرة بها سارية المفعول ولم يجر الغاؤها . ومن البدهي القول ان الاعلام بحد ذاتها ليست هي التي تصنع الاحداث ــ سلبا او ايجابا ــ بل ان الانظمة التي تنضوي تحت الويتها هي الصانع المسؤول عنها ؛ اذ لو جرى محاسبة الاعلام على انها مجرد قطع قماش ملونة محددة المقاييس ؛ لما اصبحت لها تلك الهيبة والقداسة و لما وقف الملوك والرؤساء والامراء وقادة الجيوش ؛ يؤدون لها التحية والتبجيل في كل اجزاء المعمورة وعلى امتداد الزمن .

في اكثر دول العالم التي تتخذ من الفيدرالية نظاما لها ؛ تجد ها ترفع علم البلاد فوق ربوعها والى جانبه ــ وبدرجة ادنى ــ علم الاقليم طبقا لنص الدستور الذي يخول الاقاليم رفع اعلامها استنادا لقانون محلي يصدر لهذا الغرض ويصادق عليه البرلمان الاقليمي ا . فلو جلت في بعض اقاليم البلدان ذات النظام الفيدرالي كالنمسا مثلا ؛ فانك ستجد علم الدولة والى جانبه علم احد الاقاليم الذي تزوره ؛ كفينا او سالسبورغ او التيرول ؛ وكذلك الحال في بريطانيا ؛ كسكوتلندا ؛ا وويلز ؛ او الامارات العربية المتحدة كدبي والشارقة وعجمان ... الخ !. وليس من المحتم او الضروري ان يكون لاي اقليم علم خاص به ؛ ففي اسبانيا مثلا لم يصدر قانون يسمح فيه للاندلس برفع علمهــا الاقليمي الى جانب علم الدولة الا منذ امد قصيرجـدا ؛ وعلى عهد الملك الحالي خوان كارلوس .

ان رفع العلم او تنكيسه او انزاله ؛ ليس نزوة عارضة او رغبة محلية آنية ؛ بل هو من الامور التي تحددها قواعد صارمة هي من صميم احترام الديمقراطية والالتزام بالقوانين المرعية بخاصة في أقليم فيدرالي يتطلع لان تكون له مكانة حضارية نموذجية داخل العراق وخارجه .اما بعكس ذلك ؛ فستعم الفوضى تبعا للرغبات ..؛ ويصبح من الجائز لمحافظة ما في كردستان العراق غدا ؛ ان تعلن (على اساس هذه القاعدة )؛ عن عدم رفعها لعلم الاقليم مستندة الى سبب من قتال كان قد دار بين بعض الفئات في فترة زمنية ماضية تحت وذهب ضحيته العشرات من الشهداء من هذا الطرف او ذاك ؛ و ان تنفيذ مثل هذا االتصرف سيشجع جهات اخرى على اتخاذه سابقة لخرق القانون و والانظمة والاوامر الصادرة بموجبه داخل الاقليم او خارجه .

ان اهم المبررات الي سيقت حال انزال علم الدولة هي كالآتي : ــ

اولا ــ قيل : ان علم الاقليم هو السائد في كردستان منذ عام 1991 ؛.... والجواب هو ؛ هل ان التشبث بالواقع الآني يبرر مخالفة القانون ؟ وهل ان الدستور السابق ا واللاحق نص على منح الحق للاقليم بانزال او رفع اي علم .... هكذا... و كيفما اتفق ؟ واذا كانت مثل هذه الامورالخطيرة تحل( هكذا ) دونما اية ضوابط ؛ فهل يصبح مثل هذا التصرف مباحا لرئيس الدولة او لرئيس الوزراء او لمحافظ اية محافظة عراقية ان يرفع العلم الوطني متى شاء او ينزله او تنكيسه متى شاء ؟!

ثانيا ـ قيل: لقد ارتكبت كثير من الاعمال اللاانسانية والحروب والمذابح تحت هذا العلم مما يبرر انزاله ..؛
ومنع رفعه ! والجواب : لننظر الى كثير من الدول التي مازالت اعلامها ترفرف عاليا منذ زمن بعيد ؛ ثم لنجل ببصرنا في القارات الخمس ؛ ونستعرض التاريخ القديم والمعاصر وبخاصة الحروب والمجازر التي ارتكبت في تلك العهود وما زالت ؛ فهل نجد ان ولايات او مقاطعات او اقاليم متضررة قد رفضت رفع اعلام دولها لهذا السبب او ذاك ؛ الاطبقا للدستور .؟! لقد ذهب ضحية المجازر والحروب آلاف المواطنين الامريكيين في فيتنام والعراق وافغانستان ... الخ وذهب مثلهم من البريطانيين في الهند و العراق وجنوب افريقيا ...الخ ؛ وكذلك من الفرنسيين في الجزائر وسوريا ولبنان وساحل العاج.؛ او من الايطاليين في ليبيا ..الخ ؛ فهل سمعتم او قرأتم ان الولايات او المقاطعات او الاقاليم التي خسرت ابناءها في تلك الدول ا لمعتدية قد منعت او عاقبت او اهانت اعلام بلادها لهذا السبب بالذات ؟!

ثالثا ـ قيل : ان من حق المواطنين ان يطالبوا بتغيير العلم ؛ ويقترحوا البديل ؛ وهو ما ضمنه لهم الدستور الحالي ؛ والجواب : ان مجرد المطالبة بالطرق المشروعة شيء ؛ والقيام بتنفيذ الامر بارادة قسرية شيء آخر . حيث ان القيام بالتنفيذ فعلا وعلنا ينفي سبب الاقتراح بالتغيير اساسا ؛ فما قيمة مطالبة قد تم تنفيذها واصبحت امرا واقعا خارج انطــــاق القانون.
هناك مثلان حديثان في التاريخ الحديث يعطيان المثل على مدى الالتزام بالقوانين الخاصة باعلام الدول ؛ فقد
ظلت تيمور الشرقية ترفع علم اندنوسيا اللى آخر لحظة حتى تم الاعلان عن استقلالها في 27 ايلول 2002
حيث رفعت علمها المكون من اللون الاحمر وبداخله المثلث الاصفر ثم الاسود والنجمة البيضاء ؛ وكذلك الحال مع الجبل الاسود فقد ظلت ترفع العلم الاتحادي مع صربيا الى حين جرى الاستفتاء على الانفصال ومن ثم الاعلان عن الاستقلال في 3 حزيران 2006 ؛ حيث رفع علم ( مونتينيغرو) الاحمر الذي يتوسطه نسر برأسين على مبنى البرلمان . وهكذا تتصرف الشعوب حضاريا ؛ وهكذا تنال احترام وتقدير الدول الاخرى !

رابعا ــ قيل : ان علم الاقليم هو الذي يمثل السيادة والرئاسة ؛ والجواب : لو زار احد رؤساء دول العالم الاقليم حاليا ؛ واصطف حرس الشرف لاستقباله ؛ فأي علم سيرفع لكي يحيه ؟! ؛ وهل سيقبل بعلم الاقليم موازيا لعلم دولته لتي يمثلها شخصيا ؟!؛... ثم لنعكس الامر ونتسآءل : عند زيارة رئيس الاقليم لاية دولة ؛ فأي علم سيرفعه البلد المضيف على المواقع التي يزورها او يمكث فيها الى جوار علم تلك الدولة ؟!! هل يجوز الاكتفاء برفع علم الاقليم وحسب ؟! ولو صح ذلك مجازا فهل تقبل الدولة المضيفة ذاتها بذلك ؟!

ان احترام علم الدولة ؛ هو من احترام الذات امام الدول الاخرى التي يتطلع الاقليم الى تأييدها وانشاء العلاقات الطيبة معها و وتعميم تسهيلاتها وجلب استثماراتها ؛ وهذا الاحترام ؛ هو نابع من اسس تطبيق القوانين واقراره بشرعيتها وعدم المساس بها .

ان قدسية علم الدولة ؛ لا ينبع من مجرد عواطف جامحة ؛ او احاسيس ملتهبة غيورة تداولتها الشعوب فعبرت عنها خلال حالات السلم والحرب وحسب ؛ بل انه ركيزة دستورية يتوجب احترامها على اعلى المستويات ؛ واذا كان لابد من التغيير ؛ فلا بد عندئذ من اتباع الطريق القانوني الذي يتضمن قيام لجنة مختصة من مؤرخين ؛ وقانونيين ؛ وتشكيليين ؛ لاعداد الصيغة التي تكفل عرض مشروع القانون على مجلس شورى الدولة ليأخذ صيغته التقنينية والتدوينية المعتادة ؛ ومن ثم عرضه على البرلمان للموافقة عليه والمصادقة على تشريعه طبقا للدستور ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذ المفعول . فلماذا لم يتبع مثل هذا الاجراء القانوني الميسور خاصة وان الاكثرية ( مضمونة!!)

ليس العمق الفكري السياسي هو في معرفة الحكمة وترديدها وحسب ؛ بل في ا لافادة منها ضمن معايير الزمن ؛ ومجرى الاحداث ؛ و تقلبات المواقف المحلية والدولية . ان في حكم التاريخ فائدة لاتقدر بثمن ومنها ما تشيرنا اليه صفحاته في مثل هذا المجال ومنها هذه العبرة : (جاء حكماء يسألون معاوية بن ابي سفيان وعمرو بن العاص وهما من اشهر دهاة العرب ؛ ما سر دهائكما ؟ فاجاب الاول ( ما دخلت في أمر الا وعرفت كيف أخرج منه !) ؛ اما الثاني فقد اجاب ( اما انا .. . فلا ادخل في أمر قبل ان اعرف مسبقا كيف اخرج منه ) .
وعلى هذا ؛ فما قضية العلم الوطني الا نثار من صدى تلك العبر و الحكم لو تمعن اولو الالباب .
ورحم الله امير الشعراء شوقي اذ قال:

شببتم بينكم في القطر نارا على محتله كانت سلاما



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناتاشا كمبوش وأطفال العراق
- لقائي الاول مع نجيب محفوظ
- أدب القضاة 10
- وردة الغربة على قبر البياتي
- عزف لبناني منفرد
- أدب القضاة 9
- فما لك غير لبنان وتشفى
- الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 4 4
- الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 3 - 4
- الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله 2 4 شهادة وذكريات
- الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 1 4
- عبير
- المقدمات 3
- الاهم : دولة حديثة معاصرة
- أدب القضاة 8
- هدى على شاطيء غزة
- اثر المكان العراقي في ثقافتي العامة
- حديثة وما قبلها .... وما بعدها
- ثلاث طرقات مسرحية - الى عوني كرومي شهيد المسرح
- أدب القضاة 7


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - أيها الخفاق في مسرى الهوى