أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 1 4















المزيد.....

الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 1 4


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 08:53
المحور: الادب والفن
    


البداية
كنت من بين طلاب متوسطة كربلاء الذين انيط بهم تصميم وتحرير الصحيفة الجدارية التي تكتب اسبوعيا وتحمل نبذا تأريخية ؛ وقصصا وقصائد شعرية وامثالا وحكما مختارة من مختلف المصادر الحديثة والتراثية ؛ وكان استاذنا الشاعر عباس عبد علي ؛ قد اختار لنا ستة ابيات من قصيدة للجواهري ؛ كان ينشدها علينا غير مرة ونحن نستعيده استحسانا ؛ بها و بالقائه العذب المميز . كان الزميل نزار كاظم الحسن ( المحامي بعدئذ ) من اسرع طلاب المدرسة حفظا ؛ واقدرهم القاءا ونطقا لهذا فقد املى علينا ذلك المقطع ؛ لكي يحتل بعدئذ موقعه المميز من صحيفتنا الفتية :

اعيذ القــــوافي زاهيــــات المطالع
مزامــــير عزاف ؛ اغاريد ساجع
لطـــــــــــــافا بافواه الرواة ؛ نوافذا
الى القلب؛ يجري سحرها في المسامع
تــــــــــــكاد تحس القلب بين سطورها
وتــــمسح بالاردان مـــــجرى المدامع

من ساعتها رحت اطالب بالمزيد من شعر هذا المبدع االمصور ؛ فأرشدني استاذي الى ديوانه حيث عثرت على بعض الاجزاء المتفرقة من ذلك الديوان في مكتبة المدرسة فعكفت على مطالعته بقدر ما توفر لي من الوقت ؛ ولم اكتف بذلك فقد راجعت مكتبة صغيرة لا تبعد غير خطوات قصار عن المدرسة وكانت تواجه دائرة البريد آنذاك ؛ بغية الحصول على اية نسخة من الديوان ؛ فوعدني صاحبها خيرا ؛ وقد بر بوعده وجلب لي نسخة من طبعة عام 1935 ؛ فاستعنت ببعض ما تيسر لي من معاجم مبسطة ؛ على فهم الكثير من المعاني الشائكة التي كانت تتعدى سني وثقافتي .

في بداية العام الدراسي الجديد ( تشرين اول عام 1944)؛ تلاقفت ايدي الاساتذة والطلاب ؛ جريدة الرأي العام وعلى صدر صفحتها الاولى رائعة الجواهري المدهشة ( ابو العلاء المعري ) التي القاها في دمشق في الاحتفال الذي اقامه المجمع العربي لمناسبة مرور الف عام على رحيل فيلسوف المعرة وحضره جمع غفير من الادباء والشعراء ؛كطه حسين واحمد امين وطه الراوي وبدوي الجبل وعبد الوهاب عزام ... الخ ؛
قف بالمعرة وامسح خدها التربا
واستوح من دوخ الدنيا بما وهبا
واستوح من طبب الدنيا بحكمته
ومن على جرحها من روحه سكبا
وسائل الحفرة المرموق جانبها
هل تبتغي مطمعا او ترتجي طلبا
يابرج مفخرة الاجداث لا تهني
ان لم تكوني لابراج السما قطبا
فكل نجم تمنى في قرارتــــــــه
لوانه بشـــــــــعاع منك قد جذبا

بعدها توالت علينا ّ روائع القصائد تترى مثل ( جمال الدين الافغاني ) ؛ ( طرطرا ) ؛ ( ذكرى ابو التمن ) ؛ ثم جاءت المحجلتان ( دجلة في الخريف ) و ( عمر الفاخوري ) ؛ ثم راح شعره يمدنا بغذاء روحي وثقافي عز نظيره ؛ وكان كلما تقدم بنا العمر والمعرفة ؛ كلما ازددنا اعجابا واكبارا بهذا العبقري الذي ينتزع من الواقع رموز لوحاته ؛ وخطوط مبدعات خياله .

في منتصف شهر تشرين الثاني من عام 1947 ؛ اخبرني والدي ؛ ان حفلا كبيرا سيقام في كربلاء لمناسبة استشهاد الامام الحسين ( ع ) ، وقد دعي هو ـ من الناحية المبدأية ـ لالقاء كلمة تحليلية اختار لها عنوانا ( بطولة الحق الرائعة وقوة الباطل الجائرة ) ؛ ثم هناك جمع كريم من رجال الفكر سيكون لهم موقع في هذا الحفل ومن بينهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وانه يتمنى ان احضروجمع من الزملاء ؛ هذا الحفل ومتابعة فعالياته وجمع كل ما ينشر عنه في الصحف بعد ذاك .

في الموعد المحدد من يوم لاينسى وهو ( 26 /10 / 1947 ) ؛ كان الصحن واسع الارجاء قد امتلأ بجمهور غفير ادهش الصحفيين ومراسلي الاذاعات ؛ اذ لم يسبق لهم ؛ حسب التقارير التي نشروها ؛ ان رأوا حشدا خطابيا كهذا من قبل ؛ بخاصة بعد الاعلان عن قصيدة للشاعر الكبير الجواهري .
لقد وصف لنا صحفي كان قريبا جدا من المنصة شاعرنا الجليل وهو ينهض لالقاء رائعته ؛ بان طول قامته ورشاقة حركته وبدلته الغامقة وشعره المجعد المكور من الخلف النازل على ياقته البيضاء ؛ قد زادته هيبة واحتشاما وهو يعلن عن عنوان قصيدته ( آمنت بالحسين ) :

فداء لمثواك من مضجع
تنـــــــور بالابلج الاروع
باعبق من نفحات الجنان
روحا ؛ ومن مسكها اروع
ورعيا ليومك يوم الطفوف ؛
وسقيا لارضك من مصرع

لقد كانت قصيدة طويلة النفس ؛ محاطة باحاسيس عميقة ؛ ولوحات تصويرية بارعة في الوصف النفسي والبلاغي ؛ الهبت حماس الجاهير ؛ فاستعيدت ابياتها ؛ ومقاطعها اكثر من مرة ؛ بل ان الاعجاب الواسع قد جعل 15 بيتا من هذه القصيدة الجليلة تأخذ طريقها ـ بعدئذ ـ لكي تخط بالذهب على الباب الرئيس المؤدي الى الرواق الحسيني...... والى اؤلئك الذين يريدون الاستزادة من مما القي في هذا المهرجان الخطابي الحاشد ؛ مراجعة العد د الضخم الخاص بهذه المناسبة العطرة من المجلة النجفية المشهورة ( الغري ) لصاحبهاعبد الرضا كاشف الغطاء شيخ العراقين ورئيس تحريرها الشاعر المحقق عبد الله الجشي .

الشعبية الواسعة
في 15 كانون الثاني من عام 1948 وقعت الحكومة العراقية اتفاقية جديدة مع بريطانية عرفت فيما بعد ب( معاهدة بورتسموث )؛ وما كاد الخبر يصل الى بغداد وتنشره الصحف ويتعرف الشعب على بنودها حتى بادر طلاب كلية الحقوق الى التجمع والتظاهر ؛ فكانت الشرارة التي اججت المشاعر والهبت الاحاسيس ؛ فبدأت جموع الشعب تتدفق من كل حدب وصوب على شارع الرشيد ؛ منددة بهذه المعاهدة الجائرة . وفجأة امتدت التظاهرات والاحتجاجات الى باقي مدن وقرى العراق ؛ حيث خرجت الحالة الحرجة عن السيطرة حينما سقط في اوائل ايام الاصطدام مابين الجماهير الغاضبة وقوات الشرطة عدد من الشهداء وهم ( شمران علوان ؛ وفائز حيدر ؛ وجعفر الجواهري ؛ وقيس الآلوسي ) ؛ اضافة الى عشرات الجرحى . وزادت الحالة سوءا حينما استقال بعض الوزراء وعشرين نائبا وفي مقدمتهم رئيس المجلس عبد العزيز القصاب وكان من بينهم نائب كربلاء الجواهري نفسه . لقد كان للشعراء والادباء حضورهم الفاعل المشرف في هذه الوثبة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق المعاصر ؛ كالجواهري ؛ ومحمد صالح بحر العلوم وعدنان الراوي ؛ و محمود الحبوبي و بدر شاكر السياب وعدنان فرهاد وكامل قزانجي وصبيحة المدرس و حسين مروة وفطينة النائب ورزوق فرج
وباكزة امين خاكي ؛ وذنون الشهاب ؛ ومقبولة الحلي ؛ ... الخ
ومع ان الحكومة قد اسقطت ؛ والمعاهدة قد الغيت الا ان الشعب لم ينس مأساة ضحاياه فاستمرت الاضرابات والمظاهرات وغلق المحلات التجارية والمقاهي حتى العشرين من شباط من العام ذاته .

لقد برز الجواهري في هذا الحدث الخطير ؛ شخصية شعبية بالنسبة للمتلقي ؛ لقد كان دائما وابدا شعبيا ؛ بمعنى ارتباطه بمصير الشعب العراقي بخاصة وشعوب الارض المغلوبة على امرها بعامة ؛ ولكن ذلك الارتباط كان يختلف مظهرا من حيث الاجتماعات ؛ والمؤتمرات والمهرجاانات الخطابية المعدة سلفا ؛ تهيئة وتنظيما ؛ اما في هذه الوثبة ؛ فقد خرج الجواهري على القاعدة وانطلق في الشوارع العامة والتحشدات العفوية ؛ يندمج بشكل مباشر وجماهيري بعامة الناس ؛ دون ان يعرف من اين جاءوا .... ومن هم ؛ ومن حشدهم ؟!! ؛ لانهم كانوا وبالاساس مزيجا مختلطا من طلاب ؛ وعلماء ؛ وعمال ومزارعين ؛ وجنود ؛ ومحامين ؛ وقادة احزاب وكسبة ؛ لقد كانوا كل هؤلاء وغيرهم ؛ حضروا بلا بطاقات دعوة ؛ و لا استقبال ؛ ولا تنظيم جلوس ؛ فكان الجواهري وهو ابن هذه البيئة واليها ينتمي ( بخاصة وان اخاه جعفرا قد استشهد في ساحتها ) ؛ قد اشتعل حماسا والتمع كما البرق الساطع ؛ فامتطى سلم الجماهير في الحيدرخانة ومن شرفته الرفيعة القى قصيدته العجيبة بالمعاني والصور والاحاسيس ؛ لقد كنت هذه المرة قريبا منه اتملى وجهه الطافح بالثورية والشجاعة والاباء وهو ينشد قصيدته ( اخي جعفر ) بصيغة تكاد تتقطت ابياتها اسى وحرقة وهو يقول :
اتعلم ام انت لا تعلم بان جراح الضحايا فم
فم ليس كالمدعي قولــة وليس كآخر يستعلم
يصيح على المدقعين الجياع اريقوا دماءكم تطعموا
ويهتف بالنفر المهطعين اهينولئامكم تكرموا

كانت النسوة اللواتي أتين من مختلف محلات بغداد ؛ و الشعبية منها على وجه التحديد ؛ والتي تحيط بالحيدرخانة كالعاقولية ؛ وعلي افندي ؛ والطوب والقرغول؛ والفضل وقمبر علي ... الخ قد اخذهن الحزن فرحن ينحبن ويبكين وجلهن أميات لا يعرفن معاني ابيات الشاعر الكبير ؛ ولكن احساسهن قادهن الى جوهر المقصود منها ؛ وبخاصة ما يتعلق منها بالجرحى والشهداء .
وما كادت تمر مناسبة الاربعين على شهادة تلك الصفوة من الشباب حتى طلع الجواهري ثانية على جمهوره بملحمة سياسية هاجم فيها الحكام بمنتهى الشدة حيث قال : ــ

يوم الشهيد تحية وسلام بك والنضال تؤرخ الاعوام

وبك العتاة سيحشرون وجوههم سود وحشو أنوفهم ارغام
يحاصرون فلا وراء يحتوي ذنبا ولا شرطا يحوز امام



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبير
- المقدمات 3
- الاهم : دولة حديثة معاصرة
- أدب القضاة 8
- هدى على شاطيء غزة
- اثر المكان العراقي في ثقافتي العامة
- حديثة وما قبلها .... وما بعدها
- ثلاث طرقات مسرحية - الى عوني كرومي شهيد المسرح
- أدب القضاة 7
- يحكى أن 4
- ابن خلدون
- محلة السفينة والاجتياح الاخير
- أدب القضاة 6
- المفهوم الواقعي لتغير بنية الطبقة العاملة
- شارع عمر بن عبد العزيز
- ادب القضاة 5
- غراب الصدمة والرعب
- قضية دارفور
- المقدمات 2
- أدب القضاة 4


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - الجواهري في الذكرى التاسعة لرحيله شهادة وذكريات 1 4