أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - شهيد الرموز














المزيد.....

شهيد الرموز


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7291 - 2022 / 6 / 26 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


لم يجد صعوبة في إيجاد الاسم المناسب لكلبه الجديد. أطلق عليه نوتروبيل دون تردد.
ونوتروبيل هو اسم دواء يتناوله لعلاج متلازمة تململ الساقين التي تعيقه عن الاستغراق في النوم.
لقد أثبت الكلب مهارة فائقة في التماهي مع اسم الدواء. صار يأتي كل ليلة إلى سرير صاحبه، يجثم فوق رجليه ، ويمنع بذلك التحريك اللا إرادي لهما.
شعر بامتنان كبير لكلبه اللطيف. وشعر الكلب بمودة كبيرة تجاه صاحبه الذي اشترى له سلحفاة يلهو معها . دعاها باسم دوائه الآخر لكسوتانيل.
كانت لكسوتانيل بارعة في تهدئة قلقه، وجلب شعور الاسترخاء له.
فبادر إلى شراء بيت صغير لها، وضعه في غرفة نومه.
وهذا كان قراراً خاطئاً مليون بالمائة كنا قال القط أدونيس !
ففي إحدى الليالي، ظل نوتروبيل ولكسوتانيل يلهوان دون رقيب. وهذا ما أدى بالطبع إلى شلل في عضلات تنفس الرجل، كما تشير بذلك التداخلات الدوائية المحتملة للدوائين مجتمعين . فمات وهو سعيد.
هذا الرأي الذي يسوقه الكاتب حول سعادة الرجل السبيعيني الكاتب ، ليس اجتهاداً قصصياً . بل هو حقيقة مؤكدة .
لقد انتظر الكاتب في غرفة نومه حضور رجال الشرطة والإسعاف . لم يصعد إلى حيث كان مقرراً، ظل جالساً فوق خزانة الملابس، يدخن السيجارة تلو الأخرى وهو يغني أغنيته المفضلة. لقد كان سعيداً حقاً، بل كان يشعر بتلك النشوة الغامضة التي لا تضاهى.
كيف لا ؟ وقد مات فداءً لرموزه؟
لقد كانت ميتة عظيمة يحلم بها. أن تتحدث الصحف عنه، وأن يصبح هاشتاغاً متداولاً: #الكاتب البطل-شهيد الرموز.
خاب ظنه قليلاً ، حين اقتحمت الشرطة باب منزله، بعد إخبارية من الجيران عن صدور نباح متواصل من شقته . وحين لفه المسعفون بذلك الكفن البلاستيكي ، بدأ يشعر بتلاشي السعادة.
ثم بدأ يشعر بالقلق، فقد صادرت الشرطة كلبه نوتروبيل، وسمع كيف أنهم سينقلونه إلى مأوى الكلاب ، حيث سيموت عجوزاً وحيداً بعد سنة على الأكثر.
تمت مصادرة قطه أدونيس أيضاً . أما لكسوتانيل فقد اختبأت بين أصيصي نباتات في الشرفة ، والأغلب أنها استعصت هناك .
لم يبد أحد اهتماماً بميتته الأسطورية. لم تحضر الصحافة، ولم تتجمع الحشود أسفل البناية حزناً وأسفاً على رحيل الكاتب العظيم.
ثم وجد نفسه وحيداً في سيارة الإسعاف. جثة هامدة دون رموز.
كانت الحياة في الخارج دون رموز مثله. ثمة عمال نظافة يجمعون أوراق الأشجار المتساقطة. امرأة على مقعدها المتحرك الكهربائي متجهة إلى سوق الخضار والفواكه الأسبوعي. صبية تركن سيارتها الكهربائية قرب مأخذ الشحن في الشارع، ثم تترجل مع صديقها الذي لم يرفع نظره عن موبايله.
ساعي البريد ذو الأصول العراقية ، يدفع أمامه عربة الطرود لإيصالها.
دراجات يقودها الشباب والعجائز في ممر الدراجات . وموكب دفن احتفالي تتقدمه سيارة مؤسسة الدفن السوداء . يتجه الموكب إلى الكنيسة القريبة والمغلقة طوال الوقت. إلا أنها تفتح الآن أبوابها لاستقبال الجنازة.
أرّقت تلك الفكرة صاحب الجثة الهامدة. وندم لأنه لم يضع شرط الترميد في عقد اتفاقه مع شركة تأمين الجنازة .
لقد أراد الترميد ، فهو أيضاً رمز مجيد ، والبعث من الرماد كالعنقاء تبدو فكرة رائعة. كان يشعر بالخلود بفضل رموزه، فأجَّل ذلك، ثم تداركه الموت.
شعر بالإحباط الكامل ، فقد تخلت عنه جميع رموزه. ، وبعد لحظات سيتم إبلاغ ابنته المقيمة في مدينة أخرى لكي تتولى أمور الجنازة. وغالباً ستنظم ماجديلنا له جنازة تقليدية، حيث يُصلّى على جسده في معبد مغلق فقد رموزه أيضاً .



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرج الوجود المتقطع
- الذرة الزرقاء
- كلمة المرور
- فطر القنفذ
- لافندر يا لافندر
- الدمية الشاطرة
- خلل الفص الجبهي
- من يكتب التاريخ؟ الذئب يروي حكاية -ليلى والذئب-
- جهلستان وحزنستان
- يتخيَّل
- أحلام الدفن الغامضة!
- Dyscalculia شخصية
- تأملات في -سورة الشعراء-
- شك عقلي
- الخطيئة والتّفّاحة والخزّاف
- السنفور الغاضب
- أقنعة مبسوط
- بدون
- الشكل والمعنى
- PKKA


المزيد.....




- هل يمكن فصل -التاريخ- كما جرى عن -التأريخ- كما يُكتب؟ الطيب ...
- لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وص ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - شهيد الرموز