أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد غويلب - قراءة تحليلية للتخصيصات العسكرية الألمانية.. 100 مليار يورو للقتل / بقلم: انغار سولتي















المزيد.....

قراءة تحليلية للتخصيصات العسكرية الألمانية.. 100 مليار يورو للقتل / بقلم: انغار سولتي


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7287 - 2022 / 6 / 22 - 14:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ادناه ترجمة لمقتطفات من تقرير الخبير في جلسة الاستماع العامة في لجنة الميزانية في البرلمان الاتحادي الألماني بتاريخ 9 أيار 2022، حول قانون انشاء صندوق خاص إضافي لتمويل الجيش الاتحادي بمبلغ 100 مليار يورو، وهو التقرير الذي قدمه، بتكليف من كتلة حزب اليسار البرلمانية، الباحث انغار سولتي من معهد التحليل الاجتماعي التابع لمؤسسة روزا لوكسمبورغ. ونظرًا لأن جميع الأحزاب الأخرى (بما في ذلك حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف) تؤيد إعادة التسلح هذه، كان الغرض من التقرير هو دعم رفض حزب اليسار للمشروع.

بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب، وفي 27 شباط 2022، نظمت مسيرات احتجاجية كبيرة ضد الحرب الروسية في أوكرانيا، من أجل السلام، بدعم من النقابات العمالية، في برلين ومدن ألمانية أخرى، وبمشاركة مئات الآلاف. كانت هذه أكبر مظاهرات مناهضة للحرب منذ 15 شباط 2003، عندما خرج مئات الآلاف في ألمانيا، وفي جميع أنحاء العالم إلى الشوارع احتجاجًا على الحرب الوشيكة الوقوع في العراق آنذاك. انعقدت جلسة البرلمان الاتحادي الألماني على بعد مئات الأمتار من تظاهرة برلين. في جلسة خاصة وصفت بحق بأنها تاريخية، أعلن المستشار الالماني أولاف شولتز (الحزب الديمقراطي الاجتماعي) عن «نقطة تحول» وتحدثت وزيرة الخارجية أنالينا باربوك (حزب الخضر) عن «تحول بـ 180 درجة» في السياسة الخارجية والأمنية الألمانية.

نقطة التحول المزعومة

في الجلسة، تحدثت الجميع لصالح مقترح الحكومة الاتحادية، الداعي إلى إنشاء «صندوق خاص» للحكومة الفيدرالية بمبلغ 100 مليار يورو خلال السنة التقويمية. باستثناء كتلة حزب اليسار، التي رفضت المشروع، أكد المستشارالالماني أولاف شولتز أن الحكومة الاتحادية سوف تتعهد بتخصيص «2 في المائة على الأقل» من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على التسلح فورا. وإن تعديل الدستور، والذي يمكن من خلاله الالتفاف على فرملة الديون، الواردة في الفقرة 190 من المادة الثالثة من الدستور، يجب أن يضمن تنفيذ مشروع الصندوق الخاص «لتعزيز قدرة التحالف والدفاع». من المؤكد أن منظمي التظاهرات المضادة للحرب، بما في ذلك اتحاد النقابات العمالية الألماني، لم يهدفوا إضفاء الشرعية على هذه السياسة المتسرعة، كما جاء في بيان اتحاد النقابات، والمواقف اللاحقة للنقابات القطاعية منفردة، التي عبرت أكثر وأكثر عن انتقادهاً لمشروع «الصندوق الخاص».

بطريقة أو بأخرى: يجب أن يفترض المرء أنه في الديمقراطية الليبرالية، يجب أن يسبق «نقطة تحول» و «العصر الجديد» و «الانعطاف 180 درجة» في السياسة الخارجية والأمنية الألمانية مناقشة واسعة في المجتمع. ان هذا يعد خروجًا أساسيًا عن مبادئ السياسة الخارجية الألمانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا سيما «مبدأ ضبط النفس العسكري»، والذي ستكون له أيضا عواقب كبيرة على الوضع الداخلي في المانيا، باعتبارها دولة رفاه ديمقراطية. لكن ما حدث هنا كان العكس تماما: لم يكن هناك نقاش عام واسع حول هذا الموضوع، ولا حتى نقاش برلماني طويل، ولا حتى نقاش داخل الاحزاب. و وفقًا لتقارير صحفية «الزود دويجة تساينغ» في ا اذار 2022، يبدو أن خطة 100 مليار روبل والتعديل المقترح للقانون الأساسي قد تم الاتفاق عليه فقط مع وزير المالية كريستيان ليندنر (الحزب الليبرالي الحر) وفريدريش ميرتس زعيم المعارضة، ورئيس الحزب الديمقراطي المسيحي. وكشفت التقارير الصحفية أنه حتى رؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب المشاركة في الحكومة، وربما حتى وزيري الاقتصاد والخارجية روبرت هابيك وأنالينا باربوك (كلاهما من حزب الخضر) لم يتم إبلاغهما أو على الأقل لم يعرفا تفاصيل المشروع كاملة.

على عكس القناعات الجزئية التي تطرحها الحكومة الاتحادية، لا يرتبط القانون المقترح لا تاريخيًا ولا منطقيًا بشكل مباشر بالحرب الروسية في أوكرانيا. وينبغي ألا يؤدي الفزع العاطفي الجماعي من المعاناة جراء الحرب في أوكرانيا إلى الخلط بين الأمرين. وحتى لو كنت مقتنعا بأن إمداد أوكرانيا بالأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الهجومية الثقيلة، هو أفضل طريقة لإنهاء إراقة الدماء فيها، وعدم تصعيد الصراع، وعدم ودفع ألمانيا إلى حرب عالمية ثالثة بين القوى النووية، فمن الواضح أيضا، وبالضد مما تقوله الحكومة الاتحادية، فإن أنظمة الأسلحة التي سيشتريها الجيش الألماني ليست مخصصة لتدافع بواسطتها أوكرانيا عن نفسها ضد الهجوم الروسي ولن يكون لها أي تأثير على مسار الحرب، ارتباطا بتوقيتات الحصول عليها. وبالتالي، فإن مشروع تأسيس «الصندوق الخاص» واجراء التعديل الضروري على الدستور هو قرار سياسي أساسي لم يسببه ضغط مباشر على السياسة الأمنية، وليس هناك ضغط فعلي آني أدى إلى اتخاذه. وكان من الممكن إجراء نقاش اجتماعي واسع النطاق مسبق حول هذا التغيير الجذري لمسار السياسة الخارجية، وسياسة السلام والأمن الألمانية، في وسائل الإعلام الخاصة والعامة، والنقابات والمنظمات الاجتماعية، في الجامعات وجمعيات الكتاب، وما إلى ذلك. بدون أي مشاكل. لم تكن هناك معضلة بين المشاركة الديمقراطية والكفاءة البرلمانية.

خطط معدة مسبقا

لا يمكن إقامة علاقة تاريخية بين الحرب الروسية في أوكرانيا وجهود إعادة تسليح الحكومة الألمانية. إنها أسطورة رد الفعل البحت، على غرار: يؤيد المرء سياسة السلام المتمثلة في نزع السلاح، وتحديد الأسلحة، وحل النزاعات المدنية، والوفاق، والتعاون الإنمائي، ولكن بسبب الإمبريالية الروسية، يضطر المرء الآن إلى بناء «ديمقراطيات عسكرية قوية التحصين»، كما ورد في بيان المجلس الاتحادي الألماني في 8 نيسان 2022.ان السعي إلى تصعيد التسلح تم تضمينه في اتفاقية تشكيل التحالف الحاكم المبرمة في تتشرين الثاني 2021، أي قبل إصدار وكالة المخابرات المركزية تحذيراتها الأولى في كانون الأول بشان احتمال غزو روسيا لأوكرانيا. في اتفاقية تشكيل الحكومة، جرى الالتزام بزيادة ميزانية التسلح إلى 1,5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي على الأقل، وفي طريقها لتحقيق هدف الناتو البالغ 2 في المائة، والذي التزمت به الحكومة السابقة. وعلى الرغم من الركود المرتبط بوباء كورونا، فإن اتفاقية تشكيل الحكومة دعت إلى اقتناء طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار جديدة يمكن تسليحها. ويشبه الأمر تحشيد وتسليح الجيش الاتحادي في عام 2014، والذي برر في ذلك الوقت بضم روسيا لشبه جزيرة القرم والتهديدات التي يشكلها تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

وفي وقت سابق، تحدث سياسيون بارزون مثل الرئيس الاتحادي السابق يواكيم غاوك، ووزيرة الدفاع آنذاك أورزولا فون دير لاين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن «سيناريوهات تهديد جديدة» تتطلب «نقطة تحول» في السياسة الخارجية الألمانية، ما كان يعني التخلي عن سياسة المانيا الاتحادية التاريخية « سياسة ضبط النفس عسكريا». وفي ذلك الوقت أيضا، كانت أطروحة التحول «كرد فعل» خرافية أيضا، لأن هذا التحول وجهود التسلح المرتبطة بها، تفترض أن يتحول المرء من «مستهلك للأمن» إلى «منتج أمني»، قبل فترة طويلة من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، تم اعتبار «الدولة الإسلامية» تهديدا من قبل الحكومة الاتحادية.

تكتيك مجرب

هذا السعي كان موجودا أيضا في اتفاقية التحالف الحكومي الأسبق في عام 2013، التي كانت نصوصه ذات الصلة تستند إلى أجزاء مهمة من دراسة «سلطة جديدة - مسؤولية جديدة» التي أعدتها مؤسسة العلوم والسياسة وصندوق مارشال الألماني الأمريكي، وتم التكليف بأعداد الدراسة في تشرين الثاني 2012، كرد فعل على امتناع ألمانيا عن التصويت لصالح الحرب في ليبيا، والتي اعتبرت «طريقًا ألمانيًا خاصًا» قاتلاً، على الرغم من تأكد صحته سياسياً لاحقا.

إن الصور المخيفة للدمار وقتلى الحرب والأشخاص الفارين في أوكرانيا اليوم هي وقت مناسب، بل إنها في الواقع ذريعة فعلية، لتنفيذ أهداف سياسية لا علاقة لها بهذه الفظائع والتي تمتعت بأهمية اجتماعية قصوى في تاريخ المانيا وكانت متنازع عليها، وتم رفضها مرارًا وتكرارًا من قبل أغلبية كبيرة.

في الواقع، يصبح الشك واردا في أن سلوك الحكومة الاتحادية يعتمد تكتيكات الخطوة خطوة، الذي مارسته جميع الحكومات الألمانية السابقة، منذ نهاية الحرب الباردة، عندما تعلق الأمر بإعادة بناء الجيش الألماني وتحويله إلى جيش للتدخلات الخارجية، وتهيئة السكان لتقبل دور حربي للجيش خارج الحدود، وهو ما يتعارض مع مهمة الجيش المنصوص عليها في الدستور والمحصورة في الدفاع عن الوطن، ويتعارض ذلك أيضا مع رأي الأغلبية من السكان الألمان.

بالإضافة إلى ذلك، فإن اسطورة الزعم أن الجيش الألماني «دمرته سياسة الادخار المنهجي» في السنوات الأخيرة، وعليه فهو «ليس مستعدًا حتى للدفاع عن نفسه جزئيًا». من الواضح أن الموازنة العسكرية السنوية تتجاوز 50 مليار يورو، وهي أعلى من مجموع الموازنات للعديد من أبواب الميزانية الاتحادية الرئيسية. وأكثر من هذا: وفقا للرقابة المالية الاتحادية، ازدادت التخصيصات العسكرية، منذ عام 2014، بشكل منهجي وكبير بنسبة 55,2 في المائة من 32,4 إلى 50,3 مليار يورو (موازنة 2014). يثير نقص المعدات الذي تمت الشكوى منه، أو الموجود فعلا في الجيش الاتحادي تساؤلات حول طبيعة العقود الخاصة بالجيش، والمشتريات العامة وربما الفساد أيضا. كما أشارت الرقابة المالية الاتحادية إلى ذلك في نقدها الأساسي لـ «الصندوق الخاص». بدءا من شراء ناقلات الجند المدرعة «بوما»، التي تم تسليمها غير صالحة للخدمة، ومشروع «ايرو هوك» 2013 (طائرة استطلاع بدون طيار)، الذي أهدر مئات ملايين اليورو من أموال الضرائب، أو شراء قاذفة القنابل الشبح اف 35 الامريكية بضعف كلفتها، في إطار «المشاركة النووية»، أي نقل القنابل النووية الأمريكية. يمكن البرهنة أن 100 مليار يورو في «الصندوق الخاص» تخدم بشكل أساسي شركات الأسلحة، التي ارتفعت أسعار أسهمها بشكل حاد بعد 27 شباط، وأن أي نقاش حول نفقات الدفاع، التي تتجلى فائدتها في حفظ السلام في أوروبا، يتطلب مراجعة لسوء الإدارة لنظام المشتريات في الجيش الألماني.

«جيش أوربا الأقوى»

إنشاء «الصندوق الخاص» وتوزيعه على مدى السنوات الخمس المقبلة بالإضافة إلى الزيادات في الإنفاق في ميزانية الدفاع الفعلية و إلى النفقات العسكرية المخفية الأخرى (مثل مساعدات التدريب العسكري) يتوافق مع مضاعفة الإنفاق العسكري، مقارنة بعام 2014 بأكثر من 70 مليار يورو. باعتبارها أحد الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو، من المحتمل أن تنفق ألمانيا عشرة مليارات يورو على الأسلحة سنويًا في الخطة الخمسية المقبلة، أكثر من روسيا وأيضا أكثر بكثير من فرنسا (2021: 47,8 مليار دولار) والمملكة المتحدة (2021: 52,3 مليار دولار). وبذلك ستسجل ألمانيا ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. وترى الحكومة الاتحادية أيضا الأمر على هذا النحو، عندما أعلن وزير المالية كريستيان ليندنر عن إنشاء «جيش أوربا الأقوى» كهدف رسمي. (جريدة سود دويجه في 28 شباط 2022).

تساهم ألمانيا في التباين في الإنفاق العسكري في أوروبا، حيث تجاوز الإنفاق العسكري لدول الناتو في وقت مبكر من عام 2021 الإنفاق العسكري لروسيا بنحو 20 ضعفًا. وهذا يفند أيضا الحجة القائلة بأن هناك حاجة إلى «ردع» كاف ضد روسيا الآن، فمن الواضح أن الردع الموجود منذ فترة طويلة لم يمنع الحرب الروسية في أوكرانيا. ومن ملاحظة التباين في معدلات القوة الشرائية، أو انخفاض تكاليف فوة العمل في روسيا، لا يمكن مقارنة النفقات، وبالتالي ان ما يطرح مضلل وتبريري.

وينعكس هذا في عدم التناسب في عدد الجنود أيضا، حيث يواجه 0,9 مليون جندي روسي، أكثر من 1,9 مليون جندي، في بلدان الجناح الأوربي للناتو. وفي أنظمة الأسلحة أيضا، تتمتع دول الناتو الأوروبية بتفوق فعلي مضاعف على روسيا على الأقل، عندما يتعلق الأمر بالطائرات المقاتلة والمدفعية والدبابات المقاتلة الرئيسية والعربات المدرعة. وإن المقارنة بين القوات المسلحة التقليدية لأوروبا وروسيا، تكون منطقية فقط، في حال تجاهل آليات الردع النووي، لأن كل صراع تقليدي بين القوى النووية من شأنه أن يؤدي إلى، اضطرار القوى النووية التي تحوز أسلحة تقليدية أقل، وتشعر بتهديد وجودي، تبادر إلى استخدام الأسلحة النووية.

برمجة هدم المكتسبات الاجتماعية

وبدلاً من زيادة الإنفاق في المجالات الاجتماعية والبيئية والإنمائية والمتعلقة بالسياسة المناخية، فإن «الصندوق الخاص» سيؤدي حتماً إلى تخفيض التخصيصات في المجالات الاجتماعية والثقافية في ظل الحكومة الحالية.

وإذا اعيد العمل بسياسة «فرملة الديون» (منع تمويل المشاريع بواسطة القروض- المترجم) اعتبارًا من عام 2023، ستتم برمجة النزاعات بشأن التوزيع الخطيرة. ويمكن افتراض وصولها إلى صفوف الحكومة، فاذا أراد المستشار الوفاء بوعده بالحفاظ على مستوى المعاش التقاعدي بنسبة 48 في المائة، أي إيقاف افقار المسنين، مقارنة بالسابق، في وقت تعهد فيه وزير المالية بفرض العمل بفرملة الديون من جديد. ان هذا الوضع سيناسب القوى السياسية في الحكومة والمعارضة التي مثلت شوكة في خاصرة دولة الرفاه، أي أحزاب اليمين المحافظ والليبرالي، وكذلك اليمين المتطرف. ويمثل وزير المالية كريستيان ليندنر من الحزب الليبرالي الحر، حليفا، للمعارضة المحافظة، أكد مستشاره لارس فيلد بالفعل في تصريح له، في 23 اذار 2022، للقناة الثانية للتلفزيون الألماني، أنه بسبب «الصندوق الخاص»، «لا يمكن تحقيق لا هذا ولا ذاك» خلال الدورة التشريعية الحالية. أشار فيلد صراحة إلى مستوى المعاشات وغيرها من «زيادة الانفاق الهيكلي في القطاع الاجتماعي». وسيتم «سداد» الدين الحالي في العقد ونصف العقد المقبل.

ان الذين لا يتوفر لهم ما يكفي من المال في نهاية الشهر بسبب الارتفاع الصاروخي في الإيجارات وأسعار المواد الغذائية اليوم، لا يمكنهم تحمل تبعات سياسة التخفيضات الاجتماعية التي ستنجم عن «الصندوق الخاص»، وبدرجة أقل عن أزمة المناخ المستمرة، لأن منطق الجيش اليوم يهيمن على كل شيء.

إطالة أمد إراقة الدماء

ينبغي النظر إلى «الصندوق الخاص» في سياق إعادة تنظيم العالم: العالم متورط في سباق تسلح عالمي جديد لا يجعل العالم أكثر سلامًا ولا أكثر أمنًا. والأسلحة التي يتم انتاجها، تصنع كي يتم استخدامها في وقت ما وفي مكان ما. وإن اللامبالاة تجاه معاهدات نزع السلاح وتحديد الأسلحة التي لوحظت في السنوات والعقود الأخيرة، وكذلك التفاوتات المحتملة في الإمكانات العسكرية، تزيد من تأجيج التسلح. بالإضافة إلى ذلك، يتم دائمًا تصدير الأسلحة التي تم إنتاجها، من قبل شركات الأسلحة «المحلية»، للاستخدام «المحلي»، هذا ما تكشفه الخبرة المتحققة في مجال تراخيص التصدير والعدد الضئيل للغاية من رفض تصدير الأسلحة. يضاف إلى ذلك مشكلة الوجهة النهائية للأسلحة واستخدامها النهائي، كما حدث في العراق في عام 2014 (أسلحة سلمت لمواجهة داعش واستخدمت في صراعات داخلية – المترجم). باختصار، يظل القول صحيحًا: الأسلحة لا تصنع السلام.

ويمكن إضافة، إن سياسة التسلح للحكومة الألمانية هي جزء من حزمة من أربعة إجراءات تستجيب بها للحرب الروسية في أوكرانيا، التي تشمل (1) تسليم أسلحة ثقيلة وما يرتبط بها من تدريب للقوات المسلحة الأوكرانية من قبل الجيش الالماني، (2) زيادة وحدات القوات المسلحة الألمانية كجزء من «المجموعات القتالية الأوربية» في «الجناح الشرقي» لحلف الناتو، (3.) العقوبات التي تشمل السكان المدنيين الروس أيضا، و (4) إعادة التسلح الداخلي التي ستقر الآن.

ان هذه الحزمة بإجراءاتها الأربعة لا تساعد على إنهاء الحرب التي بدأتها روسيا. في حين أن المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذه الحرب تقع على عاتق روسيا، فإن الاجراء الألماني يهدد بإطالة أمد إراقة الدماء في أوكرانيا، ربما لسنوات حتى تتحول هذه الحرب إلى حرب استنزاف، وبدلاً من عشرات الآلاف من القتلى ، قد يقتل الملايين، وتدمير حضري درامي هائل، ومضاعفات لعدد اللاجئين، وحقيقة أن خطوات الخروج من دوامة التصعيد ستصبح أكثر صعوبة، فكلما طالت الحرب، كلما ازدادت ضرورة وتناقضات تحقيق «الانتصارات» التي يجب أن تخرج بها الأطراف المتحاربة من الحرب لتحفظ ماء الوجه، و»لتعويض» شعوبها عن المعاناة التي تحملتها، ولإرضاء الكراهية المحرَّضة.

إن مثل هذا الحل التفاوضي لن يتحقق بدون سياسات حكيمة وجهود وساطة مكثفة من الخارج، خصوصا إذا استمرت الحرب وأصبح التسوية أكثر صعوبة. وإذا أعلنت حكومة الولايات المتحدة أن هدفها الاستراتيجي هو «الإضعاف الدائم» لروسيا، ما يعني أيضا استعدادها للقتال، لسنوات وحتى آخر أوكرانيا، يضع ذلك مسؤولية خاصة على عاتق المانيا، باعتبارها الدولة الأقوى اقتصادا في أوروبا، بان تلعب دورا وسيطا نشيطا للغاية. وينبغي أن تفعل ذلك بالتعاون مع قوى أخرى يمكنها التأثير على روسيا ودفع الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات. وتشمل هذه القوى الأمم المتحدة، وأمينها العام، والبابا فرانسيس، وفرنسا ودول البريكس الأخرى (البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا)، والتي لأسباب مختلفة لم تدن حرب روسيا، ما يعني أيضا أن هناك حدودًا. لسياسة العقوبات والحظر، فروسيا ليست معزولة سياسا عن العالم، وهناك آخرون يملؤون الفراغ الذي تركه الغرب.

مشاركة نشطة في الحرب

مع حزمة اجراءات الحكومة الألمانية الأربعة، ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا، تقترب ألمانيا أكثر فأكثر من «مشاركة نشطة في الحرب»، التي تتمتع فيها الحكومة الروسية بقدرة تحديد وتصعيد الهيمنة. وهذا لا يهدد بخطر استخدام الأطراف المتحاربة جميع الأسلحة الموجودة تحت تصرفهم (والتي تشمل أيضا في حالة روسيا أسلحة نووية تكتيكية ومقاومة للحرارة) فقط، بل هناك أيضا خطر واقعي يتمثل في مواجهة مباشرة بين الناتو. وروسيا، اي سيناريو حرب عالمية ثالثة.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدمة تعم أوساط اليمين وحلفائه في الولايات المتحدة.. غوستافو ...
- اليوم في معركتين انتخابيتين حاسمتين / اليسار الكولومبي والفر ...
- بفضل التضامن الامميؤ / قبل 50 عاما برأ القضاء الشيوعية انجيل ...
- بعد أكثر من 30 عاما على “وحدة” البلاد / المانيا.. هيمنة غربي ...
- بانتظار جولة الحسم الثانية / تحالف اليسار الفرنسي يحقق نتائج ...
- في أحدث استطلاعات الراي / تقدم نسبي لمرشح اليسار الكولومبي
- استطلاعات الرأي ليست في صالحه / هل يفوز مرشح اليسار الكولومب ...
- على خلفية الحرب وأجواء عسكرة أوربا / في الدنمارك تحالف يساري ...
- الناخبون عاقبوا حكومة اليمين الشعبوي / سلوفينيا: حزب اليسار ...
- في محاولة لعسكرة السياسة اليابانية / بايدن يريد إشراك طوكيو ...
- مرشح اليسار يتقدم في استطلاعات الرأي / كولومبيا.. تحقيق التح ...
- في مؤتمر عمل لحركة السلام الألمانية: العيش بدون الناتو.. أفك ...
- المال السياسي في مواجهة صعود اليسار الامريكي
- على خلفية توسّع الناتو شرقا / سلسلة ابتزازات أردوغان مستمرة
- طالب بإجراء استفتاء شعبي عام / حزب اليسار السويدي: عدم الانح ...
- بعيدا عن الأوهام والمراهنات الخاطئة / المطلوب موقف متوازن من ...
- أكدت تمثيلها لغالبية السكان العظمى / مئة يوم لحكومة اليسار ف ...
- على الرغم من تداعيات الحرب في أوكرانيا يبقى الثامن – التاسع ...
- في المواقف والرموز القيادية.. اختلاط اليمين المحافظ مع الفاش ...
- تحالف تاريخي لقوى اليسار الفرنسي


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد غويلب - قراءة تحليلية للتخصيصات العسكرية الألمانية.. 100 مليار يورو للقتل / بقلم: انغار سولتي