أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ضرورة تأمين قرار الحرب














المزيد.....

ضرورة تأمين قرار الحرب


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7270 - 2022 / 6 / 5 - 15:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكثر من مئة يوم على الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، سقط فيها عشرات آلاف القتلى، ونجم عنها نزوح وهجرة الملايين، هذا عدا عن الخراب المادي الهائل وعن شبح المجاعة الذي يحوم فوق الكثير من بلدان العالم اليوم، وعدا صنوف خراب النفوس المرافق لكل حرب، وفي غضون هذا، يصرح الرئيس الأوكراني المخذول إن بلاده تدرس بعمق خيار الحياد الذي كان مطلباً روسياً قبل الحرب. كان يمكن لهذه "الدراسة" أن تكون سبيلاً للسلم قبل أن تندلع الحرب، أو على الأقل كان يمكنها أن تنزع من يد بوتين ذريعة أساسية كانت مفيدة له في حشد التأييد الروسي لحربه (إذا افترضنا أن فرض الحياد على أوكرانيا لم يكن هو، أو لم يكن هو فقط، دافع الهجوم الروسي). هكذا يبدو أن العالم لا يكف عن عرض حلقات مكرورة من العبث الذي تدفع البشرية ثمنه أرواح ودماء ودماراً وعيشاً قلقاً ومسموماً.
تعيدنا الحرب في أوكرانيا، بما تنطوي عليه من خطورة ناجمة عن موقعها الجغرافي وانخراط أكبر بلد نووي فيها، إلى السؤال البديهي عن الحرب والسلم. لماذا تشقى البشرية في بناء قدرات عسكرية غايتها تدمير كل ما تبنيه البشرية؟ ما الذي يدفع الدول إلى تخصيص جل ناتجها المحلي لبناء ترسانات عسكرية وجيوش دائمة؟ لماذا تسود مقولة "إذا أردت السلم فاستعد للحرب"؟ والحال إن "الاستعداد للحرب أخطر من الحروب الحاضرة أو الماضية"، على ما يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، أبرز الفلاسفة الذين شغلتهم مسألة الحرب والسلم، وحرر لذلك كتاباً انسانياً في نزوعه ومنطقياً وعملياً في أفكاره، أسماه "مشروع للسلام الدائم". لماذا يكون ضمان السلم هو توازن القوة وليس توازن انعدام القوة؟ ألم تنتقل البشرية، وفق هذا المبدأ، من توازن القوة إلى توازن الرعب؟
لو تأمل الإنسان الحرب، بريئاً من الاعتياد، لوجد أن قرار الحرب لا يجوز إيكاله إلى زعيم أوحد أو حتى إلى نخبة حاكمة، أكانت تحكم بقوة الأمر الواقع أم بقوة صناديق الاقتراع. ينبغي أن يعود قرار الحرب إلى الناس الذين يتحملون تبعاتها، هذا إذا افترضنا أنه لا يمكن تفادي الحروب. على أن الفيلسوف كانط في أطروحته التي أشرنا إليها أعلاه، يقدم ما يبين إن السلام الدائم أمر ممكن.
الواقع يقول إن العدوانات أو الحروب تشنها النخب الحاكمة المستبدة أو المنتخبة سواء بسواء. وإذا كان احتكار السلطة السياسية من قبل نخبة مستبدة يجعل من السهل عليها اتخاذ قرار الحرب، فإن الآلية الديموقراطية في إنتاج النخبة الحاكمة لا تلعب دوراً ضامناً في منع الحروب، ذلك أن العلاقات بين الدول، والجاهزية للاعتداء على الغير، مستقلة إلى حد كبير عن العلاقات الداخلية (آلية إنتاج السلطة) في الدولة نفسها.
في الزمن النووي الذي وصلناه، يصبح الأمر أكثر حساسية وخطورة، فلا يستوي مع المنطق إيكال أمر الحرب للسياسيين وحدهم، ذلك أن قرار الحرب بات شأناً يخص كل إنسان طالما أن حياة كل البشر، في كل مكان، مرهونة بقرار قد تتخذه دائرة محدودة من السياسيين، مهما كان هذا القرار الرهيب بعيد الاحتمال، إلا أنه يبقى قراراً ممكناً، لأن وسائله متوفرة. هنا، لا يتعلق الأمر بإدارة البلاد، لا يتعلق بتحسين القدرة الشرائية أو توفير فرص العمل أو خفض ساعات العمل وسن التقاعد ... الخ، لا يتعلق الأمر بما ينبغي أن تنشغل به مهنة السياسة في صون وتحسين حياة الناس وعلاقات الدول، بل يتعلق الأمر بالحياة نفسها، ليس بالمعنى البعيد للكلمة، كما يطرحه أنصار البيئة، بل بالمعنى المباشر والحرفي.
يزيد من مشهد العبث الحربي الذي نعيشه، أن البشرية، ممثلةً بالسياسيين، لا تسير باتجاه تدارك الخطأ أو الخطر الذي صنعته بنفسها والذي يهدد وجودها، فتعمل مثلاً على تفكيك سلاح الدمار الشامل، بل باتت الدول التي لا تملك هذا السلاح، تسعى إلى امتلاكه، على حساب قوت شعبها وحريته، لكي تمتلك القدرة على الإبادة والإفناء. البشرية تهدر القدرة على رفاهيتها كي تزيد قدرتها على إفناء ذاتها.
ويتم تصوير الأمر على أنه دفاع استراتيجي عن أمن البلاد، وفق مبدأ وضيع، ولكنه سائد، يقول إن ما يحمي بلد من الاعتداء هو امتلاكه قوة تدمير شاملة. وفيما يخص القوى الكبرى على الأرض، تجاوز الأمر القدرة على التدمير الشامل للخصم، إلى القدرة على التدمير الشامل للحياة على الكوكب. الكلام عن التدمير الشامل يعني إن العدو الفعلي لا شيء آخر سوى الحياة نفسها. هذا يقول إن السياسات الأمنية للدول اليوم فاشلة (والأصح إجرامية) مرتين، مرة لأنها تهدر قيمة كبيرة من جهد الناس في سبيل البناء العسكري على حساب رفاهيتهم وحريتهم، ومرة لأنها تطور أسلحة دمار شامل متعددة السبل قادرة على إفناء البشرية والعودة بها إلى نقطة الصفر.
وقد شهد العالم تجربة مصغرة من الدمار الشامل مع انتشار فيروس كوفيد 19، أكانت هذه التجربة ناجمة عن تطور طبيعي أو صنعي لهذا الفيروس. لنا أن نتخيل ما يمكن أن يكون عليه الحال إذا ما تعمدت "السياسة الأمنية" لبلد معين، أن تسخر مخابرها ووسائلها الجهنمية لتهاجم بهذا النوع من الأسلحة بلداً آخر.
هناك من الكتاب من يدافعون، من مدخل إنساني وليس بدافع قتالي أو لعصبية قومية، عن سلاح التدمير الشامل، معتبرين إنه من موانع الحروب، أي إن الخوف من استخدام هذا السلاح يمكن أن يردع الدول عن الدخول في حروب. إذا صح هذا فيما يخص القوى النووية فيما بينها (وهو أمر غير مضمون أيضاً)، فإنه لا يصح خارجها. والحق إن الواقع لم يبرهن على فاعلية هذا الخوف في منع الحروب. ومن ناحية ثانية، فإن فشل هذا الخوف في الردع لمرة واحدة يمكن أن يكلف البشرية الثمن الأغلى. هذا فضلاً عما يقتضيه بناء سلاح الدمار الشامل من استهلاك لموارد البلد، بصورة تحرم الناس الاستفادة من ناتج عملهم في تحسين معيشتهم على مختلف الصعد، حين يخصص جل هذا الناتج لإنتاج بضاعة مخصصة فقط لحرمان الناس معيشتهم.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية المؤبدة
- الحرية هي ملمس الياسمين على باطن الكف
- مقطع سوري .. الهوياتية في السياسة خيانة
- عن حدود لقاءات الديموقراطيين السوريين
- الرئاسيات الفرنسية، ماكرون محطة انتظار وتردد
- جورج حوش، يأس نصير الرجاء
- قائد العالم ليس قائد السلام
- التفاوض بدلاً من المصائب
- أوكرانيا، العلة ليست في بوتين وحده
- عن المطلبية والمحلية في احتجاجات السويداء
- تقدير الراحل جودت سعيد
- هل يمكن الخروج من النظام الطائفي؟
- تحية للضعف
- ملاحظات على كتاب -رومنطيقيو المشرق العربي-
- محاكمة أنور رسلان، صرامة القضاء وميوعة السياسة
- في تبعثر الواقع السوري
- ماذا نفهم من قصف مرفأ اللاذقية؟
- ماذا لو كانت مجرد مزحة؟
- في سورية، الصراع الأمني أولاً
- الوطن المنفي


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ضرورة تأمين قرار الحرب