أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الانقسام لا ينتج انتصارات!














المزيد.....

الانقسام لا ينتج انتصارات!


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7270 - 2022 / 6 / 5 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هدأ الضجيج قليلا حول مسيرة الأعلام، وحول ردود الفعل التي كانت متوقعة تجاهها، وتلك التي وقعت بالفعل. لكن المعركة على مدينة القدس وفي القلب منها المسجد الأقصى، وحول فلسطين بشكل عام ما زالت مفتوحة وطويلة، وكل التقديرات تشير إلى أن ما شهدناه في أواخر شهر أيار في القدس هو حلقة من هذه المعركة المستمرة فصولا على مساحة الوطن عبر عمليات الإعدام والقتل الميداني التي أوقعت منذ بداية العام أكثر من سبعين شهيدا غالبيتهم الساحقة من المدنيين، وبينهم 14 طفلا وخمس نساء وفتيات، وشملت كل محافظات الوطن، وكذلك عبر الاقتحامات اليومية المتكررة والاعتقالات الجماعية وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وطرح مزيد من العطاءات والخطط الاستيطانية.
باستثناء حالة الشهيدة الأيقونة شيرين ابو عاقلة التي جذب إعدامها اهتماما عالميا قلّ نظيره، فإن معظم جرائم الإعدام مرّت من دون ضجيج، ومن دون الحدّ الأدنى من ردود الفعل التي تتناسب مع هول الجرائم وبشاعتها، ووسط صمت وتواطؤ المجتمع الدولي، واستمرار حالة العجز والتفكك العربيين، والانقسام الفلسطيني الذي يضعف قدرة الشعب الفلسطيني على الردّ، وعلى مراكمة الإنجازات إن تحققت، كما يضعف القدرة على استثمار التضامن الدولي والاستفادة من افتضاح التوحُّش الإسرائيلي.
وبالعودة إلى مسيرة الأعلام التي شهدت اكبر حشد استيطاني / متطرف يقتحم مدينة القدس منذ ثلاثة عقود، وتخللها انتهاكات واعتداءات جسيمة، وتدنيس لحرمة المسجد الأقصى وقدسيته. ولولا المشاهد البطولية للشباب الفلسطيني في مواجهة المتطرفين والأجهزة الأمنية التي ترافقهم وتحمي أفعالهم، لأمكن اعتبار هذه المسيرة تحولا نوعيا لمصلحة إسرائيل في حسم الصراع على مدينة القدس والسيادة عليها. لقد ثبت أن إسرائيل لا تستطيع فرض سيطرتها أو سيادتها إلا بواسطة الحديد والنار وغاز الفلفل والرصاص والهراوات، ومن خلال نشر خمسة آلاف شرطي، ونصب الحواجز وأطواق الإغلاق التي أحاطت بمدينة القدس وبلدتها القديمة فمنعت عموم الفلسطينيين وحتى معظم المقدسيين من وصولها.
لكن معادلة المواجهة كانت مختلّة اختلال فادحا، وملخصها أن المقدسيين تُركوا وحدهم في مواجهة دولة مُدَجّجة بالأسلحة حتى أسنانها، ومُوحّدة بحكومتها ومعارضتها وأحزابها وبرلمانها وجهازها القضائي وأجهزتها الأمنية وصولا إلى بلديتها وجمعياتها الأهلية ومستوطنيها ووسائل إعلامها. وكان واضحا أن إسرائيل تريد أن تفرض سيادتها بالقوة على القدس لكي تمحو الصورة التي تشكلت خلال الأسابيع الأخيرة وبخاصة خلال جنازة الشهيدة شيرين ابو عاقلة، ومواجهات باب العامود والمسجد الأقصى، وظهر من خلالها أن القدس مدينة عربية فلسطينية محتلة. كما أن أزمة الحكومة الإسرائيلية الحالية واحتمالات انهيارها وإجراء انتخابات جديدة، دفعت كل الأطراف الإسرائيلية إلى بدء حملاتها الانتخابية من خلال المزاودة على بعضها البعض ومغازلة المتطرفين والمتشددين، والتجارة الرائجة في هكذا مناخ هي إظهار التشدد ودعم الاستيطان وانتهاج سياسات القمع والبطش تجاه الفلسطينيين.
في المقابل ظل الانقسام سيد الموقف الفلسطيني ليس في هذا الفصل الأخير من المعركة فقط، بل على امتداد العقود الثلاثة الماضية، أي قبل انقسام 2007، واقتصر الأداء الفلسطيني في مواجهة هذا الفصل الخطير على تهديدات كلامية من جهة، وعلى ما ألفناه من أشكال التنديد والشجب المقترن بالعجز عن فعل شيء ذي بال.
تصريحات بعض قادة المقاومة رفعت سقف توقعات الناس، وهي اقترنت كذلك بمبالغات لا فائدة منها على الإطلاق، بل على العكس ساهمت في تشويش الصورة، من كونها كما هي في الحقيقة مواجهة بين دولة احتلال لديها أحدث أنواع الأسلحة وقدرات تدمير هائلة، وبين مقاومة منبثقة عن إرادة شعبية سلاحها الرئيسي هو الإرادة والإيمان بعدالة القضية إلى جانب ما تيسير من أسلحة بسيطة، هذه الصورة انقلبت في نظر كثيرين إلى صورة مثقلة بالأوهام عن وجود نوع من التكافؤ المادي والردع المتبادل الكفيل بمنع إسرائيل من الإقدام على أي تصعيد يتجاوز الخطوط الحمر، وذهب البعض إلى درجة التبشير بقدرة المقاومة على تحرير مستوطنات إلى جانب شلّ الحياة في إسرائيل، وراحت بعض وسائل الإعلام تروّج وتهلل لبدء نزوح اليهود الجماعي عن إسرائيل، ونشرت صورا عن ازدحام وتكدّس المغادرين في المطار خشية مما ستفعله المقاومة.
كما أن المبالغة في الدور الذي يمكن لغزة ومقاومتها أن تضطلع به ينطوي على انتقاص فادح من خيارات الكفاح الوطني المتعددة الأشكال التي يقوم بها الشعب الفلسطيني وشبابه في الضفة وفي قلبها القدس، كما في الداخل المحتل عام 1948، ولذلك فإن من المفيد والضروري تقييم ما جرى بروح مسؤولة همّها تعظيم الإيجابيات وتدارك السلبيات، ومغادرة أشكال المبالغة اللفظية والكلامية التي تذكِّرُنا بمبالغات المذيع أحمد سعيد والوزير الصحاف، أما انتقاد تصريحات بعض قادة المقاومة والفصائل فلا ينبغي أن يصب في تبرير موقف العجز والشلل وانتظار المعجزات من المجتمع الدولي، ولا في تزكية مواقف الفرجة والاكتفاء بإصدار التصريحات وكأننا نتضامن مع شعب شقيق.
ولا شك أن المسؤولية الأولى والأهم تتحملها القيادة الرسمية والشرعية، ليس بسبب ما صدر عنها من مواقف، بل لأنها المسؤولة قبل غيرها عما آلت إليه الأوضاع بعد مسيرة 28 عاما من تطبيق اتفاق أوسلو وتجربة السلطة، وما وصلنا إليه بسبب التلكؤ والتردد في المراجعة وتطبيق قرارات المجلس الوطني ودورات المجلس المركزي، ووضع أولويات في مركز اهتمام هذه القيادة على حساب المصالحة وإنهاء الانقسام.
الدرس البليغ الذي تقدمه الأحداث، ولا تمر تجربة إلا ويعيد هذا الدرس تقديم نفسه لنا ولقياداتنا ومؤسساتنا، هو أن الانقسام لن يصنع لنا انتصارات، لا بالمقاومة ولا بالمفاوضات ولا باي حراك سياسي مهما كان مفيدا، لأن القاعدة التي تقوم عليها هذه الإنجازات رخوة وقلقة وغير متماسكة ولا يمكن البناء عليها.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أزمة المؤسسة القيادية الفلسطينية
- من ملاحقة القتلة إلى محاكمة الاحتلال
- الجنوح الإسرائيلي المتواصل نحو اليمين والتطرف
- جنازات الشهداء والصراع على هوية القدس
- العدالة لروح شيرين ابو عاقلة والوفاء لرسالتها
- شيرين ابو عاقلة وقائمة طوبلة لشهداء الصحافة
- جرائم قتل الصحفيين واستشهاد شيرين ابو عاقلة
- النقابات الفلسطينية: اختلالات قانونية وبنيوية
- شيرين أبو عاقلة .. جريمة إعدام مشهودة
- مؤتمر المانحين ومقايضة الحقوق الوطنية بالمعيشية
- غيوم تتلبّد في سماء العلاقات الروسية الإسرائيلية
- مخاطر تديين الصراع
- اليمين الإسرائيلي المتطرف رديف للسياسات الرسمية
- الاستعداد لجولات التصعيد المقبلة
- الموقف الأردني الشجاع
- عصمت منصور: واجب النقد وحق الاختلاف
- خلفيات الدعم الإسرائيلي المطلق لإسرائيل
- الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى بين السياسي والديني/الأسطوري
- القائد مروان
- السياسي والاسطوري في اقتحام المسجد الاقصى


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الانقسام لا ينتج انتصارات!