أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود سلامة محمود الهايشة - على أطلال جسر خشبي|| يسير الكاتب عزت الخضري














المزيد.....

على أطلال جسر خشبي|| يسير الكاتب عزت الخضري


محمود سلامة محمود الهايشة
(Mahmoud Salama Mahmoud El-haysha)


الحوار المتمدن-العدد: 7263 - 2022 / 5 / 29 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


صدر العدد الثاني من مجلة أوراق ثقافية عام 2019 عن إقليم شرق الدلتا الثقافي التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة تحرير الشاعر/ سمير الأمير، وفي صفحة 64 من العدد نُشرت قصة الكاتب عزت الخضري بعنوان: "على جسر خشبي".

واضح جدًّا من خلال استساغة هذه القصة أن القاص "عزت الخضري" يمتلك أدوات كتابة القصة القصيرة جيدًا، فرغم أن ألفاظها ليس مقرعة، وكلماتها يسيرة إلا أنها قصة ذات عمق فلسفي نفسي، ومن الممكن أن يفسرها كل متلقٍّ بطريقته الخاصة، فيمكنني أن أقول: إنه يحكي ذكريات الطفولة مع الأم التي انتقلت إلى الرفيق الأعلى، وهي اللحظة الفارقة في القصة، والجسر الخشبي هو طريق الحياة من الصِّغر إلى الكبر، فالمؤلف قسَّم السير على الجسر إلى قسمين؛ الأول: مضيء ومشرق ومليء بالخيرات والفاكهة، كأنه يعيش في جنة غنَّاء، وعلى النقيض بعد أن نامت وأغمَضت عينيها بعد أن أنهت حكاية من حكاياتها الجميلة، وقد جاءتها الملائكة ليصحبوها إلى السماء، يبدأ القسم الثاني من الرحلة على الجسر الخشبي، وهو عكس مشاهد القسم الأول، فقد ضاعت الكرة الصغيرة، لم تَعُد الفراشات والعصافير موجودة، اختفت قطع الحلوى وحبات الفاكهة، تحوَّلت الحديقة الجميلة إلى صحراء موحشة.

لماذا استخدم المؤلف الجسر الخشبي (Timber bridge) كعنوان لقصته؟ ممكن جعل مكان سير البطل الراوي بقصته بطلًا، نعم، الجسر الخشبي كمكان حدوث أحداث القصة وخلال زمن المرور، شارك البطل، برغم أن الكاتب لم يذكُره إلا مرة واحدة في الجملة الافتتاحية للقصة، تَم استخدام الجسور الخشبية منذ العصور القديمة، ينقسم الخشب المستخدم في إنشائها عامة إلى نوعين؛ هما: الخشـب الطري (Soft Timber)، والخشب الصلد (Hard Timber)؛ حيث يُفضل استخدام النوع الثاني؛ لأنه أشد صلادة وأقل عرضة للتشكيلات الدائمة تحت تأثير الأحمال الثابتة، هذا النوع من الجسور يكون بالعادة جسرًا للمشاة ذات بحور صغيرة؛ [دليل الجسور، وزارة الشؤون البلدية والقروية بالسعودية]، تم الاهتمام بالجسور الخشبية في الولايات المتحدة؛ لأنها صديقة للبيئة مقارنة مع أنواع أخرى بالجسور، وقد ركزت الإدارة الفيدرالية حتى عام 1991 على الطرق السريعة، الطرق الريفية والطرق المحلية؛ حيث تَم العثور على الجسور الخشبية فيها التي حظِيت باهتمام قليل مقارنة بالسابق.

تُعد قصة "على جسر خشبي" لـ"عزت الخضري" ملخصًا لحياة إنسان كاملة، برغم أنها قصيرة تقع في 170 كلمة فقط، وأيضًا هناك تَكرارٌ لنفس المرادفات يكرِّرها المؤلف مرة في بداية القصة ومرة في نهايتها، إلا أنه نجح وبشكل كبير جدًّا في أن يحوِّل القصة إلى مرآة، كأن البطل الراوي ينظر لنفسه من الداخل ولمن حوله في البيئة الخارجية، مرة في الماضي، ومرة في المستقبل، أو قل مرة في الحاضر الآني عندما كبر، ومرة في الماضي عندما كان طفلًا صغيرًا، تتسم القصة القصيرة بالتكثيف والتركيز لحدث واحدٍ، ولكن هنا في قصة "على جسر خشبي" يرصد إحساس البطل الداخلي، وتفاعُله مع محيطه كسيرةٍ ذاتية لحياة شخص في عدة سطور، إنسان بين قوسين، قوس الحديقة المليئة بالخيرات من ثمار يانعة وطيور، إلى أن وصل لقوس الصحراء الجرداء الموحشة لا زرع فيها ولا ماء، قوس النهار المضيء، وقوس الليل المظلم؛ الحكاية كأنها حُلمٌ عاشه البطلُ في منامه، فيستيقظ لكي يحكيَه لمن حوله، ثم أمسك الراوي بقلمه لكي يرويَه لنا، فنقرأه ليصل لنا عن تجربته النفسية ورؤيته الفلسفية عن حياته قبل وبعد فِقدان الأم التي أخذت معها كلَّ ما هو جميل في حياة الأرض لتصعد به إلى السماء، بعد أن حكت له آخر حكاية من حكاياتها قبل النوم، هو استيقظ ليُكمل حياته، أما هي فذهبت إلى رحلة ملائكية إلى الملكوت الأعلى، فالحجة المرجعية لكتابة القصة تكمُن في مدى انخراطها الفني في إعادة بناء وتفكيك راهنِها الإنساني والوِجداني والفكري، المجسد بالفعل لا بالقوة في وتيرة الواقع المادي المشهود في حياة وموقع المبدع المتميز الذي بقدر ما تَقهره ظروف راهنة، فينفصل عنه أو يجتث منه، يزداد اتصالًا به وتواصلًا معه وتجذرًا فيه.

بدأ "عزت الخضري" معظم جمل قصته "على جسر خشبي" بفعل مضارع يدل على الاستمرارية؛ مثل: (أسير، تطعمني، يصاحبنا، ... )، وباقي الجمل بدأها بالفعل الماضي مثل: (قالت، ضاعت)، وهذا يتسق مع فكرة وفلسفة القصة، وكتطبيق عملي على ناجح الكاتب في توظف تَكرار نفس الكلمات - بل جمل بأكملها - مرة أخرى داخل نفس القصة، مرة في أولها، ومرة في آخرها، ولكن لا يشعر القراءُ بالملل، بل استطاع أن يُعضد من فكرته بذكاء شديد؛ مما يدل على امتلاك المؤلف من اللغة لتطويعها لإيصال الهدف بتركيز وتكثيف شديد:
• في البداية كتب يقول: "تطعمني قطعًا من الحلوى وحبات من الفاكهة، يصاحبنا هذا المنشد ... ".
• في النهاية: "توقَّف المنشد ...، اختفت قِطَعُ الحلوى، وحبات الفاكهة لم يَعُد لها وجودٌ".

كأن المؤلف يريد أن يقول: كلُّ شيءٍ مات وانتهى بموت صاحبة اليد الحنونة التي كانت تضم كل هذه الأشياء، فأُزيلت أشجارُ الفاكهة، وتوقَّفت العصافير عن التغريد كتوقف المنشد عن الغناء، تجانس وتناغم رائع في فن القصة القصيرة.
=====.
"على أطلال جسر خشبي" يسير عزت الخضري؛ بقلم/ محمود سلامه الهايشه- كاتب وباحث مصري؛ [email protected]



#محمود_سلامة_محمود_الهايشة (هاشتاغ)       Mahmoud_Salama_Mahmoud_El-haysha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيا الخوف من الموت بقصة -من أجل أمي- للقاص هشام أزكيض
- بقصة -للعمل فطنة- للكاتب د. طارق أبو الخير..التراث الشعبي ال ...
- حرية بحرية بحيلة ذكية من طفل بقصة المصيدة!! للكاتب عصام الإم ...
- يلعب الطب التقليدي دورًا مهمًا في الرعاية الصحية بالبلدان ال ...
- ما بين الغربة ومرض الأم في قصة شمعة للكاتب أسامة الفرماوي.. ...
- نبات السمسم من أهم المحاصيل الزيتية في العالم، وله نشاط مضاد ...
- عدم تشغيل عداد التاكسي.. في قصة شاهد إثبات ل بهاء الدين حسن. ...
- شكر واقترح ليوتيوب
- تآكل مجانية التعليم في مصر!..
- الصم والبكم ووسائل التواصل الحديثة!!
- هل للغضب أنواع؟! هذا ما حاول الإجابة عنه -يسري أبو العنين- ف ...
- رحلة الشتات الأخيرة.. قصة قصيرة من أدب الحرب.. دراسة سيكولوج ...
- إشكالية كراهية العلوم والرياضيات من قبل تلاميذ وطلاب المدارس ...
- رحلة آلام البطل الباحث عن أبي نواس!!.. الكبت النفسي حيلته ال ...
- حتى ننقذ أبناءنا من سلبيات المشاهدة التليفزيونية
- تحية المسجد.. قصة قصيرة
- الهارب كرواية وكقصة ما بين الدولار الأمريكي لروبرت بيرنز وال ...
- اليوم 24 ساعة| قصة قصيرة للأطفال
- سيكولوجية الضغوط عند صاحبة الملف الأصفر وتحليلها سلوكيًّا
- حسام وتكنولوجيا النانو!


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود سلامة محمود الهايشة - على أطلال جسر خشبي|| يسير الكاتب عزت الخضري