أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - من الأدب الكردي-افطار العريس-قصة اسماعيل هاجاني-ترجمة ماجد الحيدر














المزيد.....

من الأدب الكردي-افطار العريس-قصة اسماعيل هاجاني-ترجمة ماجد الحيدر


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 7261 - 2022 / 5 / 27 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


إفطار العريس
قصة: اسماعيل هاجاني
ترجمها عن الكردية: ماجد الحيدر

مضت سنتان مذ تعرفتَ عليه، جرى ذلك بسبب عملكما سوية في تبييض الجدران وصقلها. كان حرفيا ماهرا في مجال عمله. في يوم ما تناهت الى أسماعكم أصوات طبول ومزامير قادمة من أطراف القرية التي تعملون فيها. فألقى في ذلك الصباح الباكر مالَجه وأمسك بخرقة من القماش وشرع بالرقص وهو في مكانه وصاح مرتين وثلاث:
- فداك وفدى مزمارك نفسي ونفس أمي يا حاجكو! يا لك من زمّار ساحر. كأنني أراك الآن واقفا أمام شباك العروسين لتخاطب العريس منشدا على نغمات مزمارك :
"انهض يا عريس.
فطوركما جاهز
والمدعوون جاؤوا من بعيد.
أخواتك وبنات عمك ينتظرون خروجك"
وتوقف لحظة ثم قال:
- آهٍ متى يأتي اليوم الذي تقف فيه عند شباكنا أنا وشهلائي وتنفخ خديك عازفاً على مزمارك الأصفر، فترفع فوهته نحو السماء طورا وتنزلها طورا. إيه يا ملك الزمّارين. لسوف أعصيك وألبث في غرفتي حتى تعزف لحنك مرتين أو ثلاثا في ذلك الصباح الباكر وتوقظ الأموات من نومهم، عندها فقط أخرج مثل واحد من البكوات وأدور حولك بضع مرات ثم أقف في مكاني وأرقص هازاً بدني كله(1) وأفرغ فوق رأسك مسدسي ذا الأربع عشرة إطلاقه. ثم تتقدم البنات وتعلو الزعاريد فأمد يدي الى عبّي وأخرج رزمة من دنانير حمر أدسها في لُفافة رأسك بينما يغربل رفاقي وأبناء عمومتي السماء بالطلقات..
وتوقف فجأة وأطلق حسرةً طويلة ثم قال:
- آه، متى يأتي ذلك اليوم؟
- ولكن ماذا حدث وأين وصلت حكايتكما؟
سأله أحد أصدقائك فأجاب:
- ماذا أفعل يا أخي؟ لقد أرسلت الخاطبين ثلاث مرات دون فائدة. ابن عمها الخبيث يقف في طريقنا لأنه يريدها لنفسه. لقد بعثت الملالي والشيوخ والأغوات لكن دون جدوى.
- وما الحل إذن؟ هل تريدنا أن نخطفها لك؟
- لا لن أفعل هذا، وأنت تعرف لماذا.
- تجنبا للثارات؟
- كلا، بل من أجل تلك الأغنية التي يغنيها حاجكويي في الصباح الباكر عندما يأتي لإيقاظ العريسين. أريد أن أصبح عريسا وأقيم حفل زفاف كبير.
عندما وقعت عيناك على شاهده بين القبور تذكرت قوله هذا فابتعدت عن الحشد ونسيت الميت والتابوت وأطلقت العنان لذاكرتك وسبحت في عالم الخيال.
آه من تلك الليلة السوداء، الليلة العاثرة، ليلة مقتل العشق المقدس، كل المدعوين كانوا يعرفون ما يقاسيه، حزينا كان، مكروبا، مهموما، يُلين قلب كل كافر قاسي الفؤاد. قبل الزفاف بيومين قال أحد أصدقائك:
- من الأفضل أن نذهب اليه نحن الاثنين ونطيّب خاطره ونبعده عن القرية خلال يومي الحفل. دعنا نذهب الى المدينة بحجة التنزه كي نشغله حتى ينتهي الحفل.
لكنه لم ينزل عند رأيكما وقال:
- أريد أن أراها بثياب العرس وأن أسمع بأذني. حاجكو عندما يغني لهما اغنية ايقاظ العروسين في الصباح الباكر.
أبعدتماه رويدا رويدا عن الحفل قبل أن يدخل العريس الى حجرته، وجلستم عند بيدر صديقكم الكبير، صديق الضيق، الذي نحّى السنابل وانتشل من تحتها كيسا ورقيا بلون التراب أخرج منه ثلاث قنانٍ صغيرة حمراء عريضة وشيئا من لقم الحلوى وقال:
- هيا نحتسي شيئا من هذا ونأكل قطعة من الحلوى. سيريحنا ذلك ويبعدنا عن هذه القرية العديمة الوجدان.
وعندما انطلقت صلية من رصاص شقت عنان السماء، وحمي صوت الحفل وعلت الزغاريد انتابته نوبة من البكاء وأخذ جسده يرتعش فضمه صديقه الكبير الى صدره وراح يربت على ظهره ويقول في أذنه:
- إهدأ يا أخي فلا أحد يعرف رزقه ولا أوان رحيله. إنها مشيئة الله على ما يبدو.
في تلك الليلة نمتم انتم الثلاثة فوق سطح بيت صديقكم. واكتشفتم حين استيقظتم في الصباح بأنه ليس في فراشه فتوجهتم بسرعة الى مكان الحفل. كان قد دخل الخيمة قبل الجميع كي يسمع مزمار حاجكو ساعة يوقظ العريسين. لم يكتف والد العريس بأن يعلق عددا من جلود الأغنام على جدران منزله كي يعرف المدعوون كم ذبح منها بل أضاف اليها بعض الجلود القديمة زيادة في الوجاهة.
قبيل أن تتوسط الشمس كبد السماء خرج العريسان للمشاركة في الرقص وشرع حاجكو بنفخ لحن الشاميران(2) بدت العروس حزينة مهمومة ولم ترفع رأسها غير أنها كانت تبحث عن حبيبها بطرف عينها. ورأته قائما على رؤوس أصابعه وقد لف عنقه بعمود الخيمة وهو يلهث بشدة. وما أن التقت عيناهما حتى تدلى عنقه وفقد وعيه. وتجمع الناس وعمت الفوضى، وشقت العروس ثوبها وأطلقت صرخة مدوية من الأعماق ثم فرّت الى غرفتها.
وألغي الحفل. ومسح عجوز ذو حلة زرقاء عينيه بطرف غطاء رأسه وتمتم بشيء ثم مضى.

إهداء
الى روح الشاب الذي كانت الهدية التي يتمناها أن يعزف له حاجكو لحنه الأثير:
- انهض يا عريس
مدعووك على عجل
وطريقهم بعيد.
لكن لا هو غدا عريسا ولا عاد حاجكو يعزف لعريسٍ بمزماره الأصفر.

(1) يشير الى نوع من الرقصات الكوردية يؤديها الشخص دون أن ينتقل من مكانه.
(2) شامیرانێ اسم دبکە بطیئه الایقاع يشارك فيها العروسان عادة في الصباح التالي لليلة الزفاف، حيث ينشد المطرب أغنية بهذا الاسم مأخوذة من اسطورة تدور أحداثها فی منطقه وان.



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من الفولكلور الكردي - حسن الصياد
- حكايات من الفولكلور الكردي - الدب الممتن
- في انتظار الخضر - شعر
- حكايات من الفولكلور الكردي - اضرب اضرب، لن تنال غير ما رأيت
- أنفال
- حكايات من الفولكلور الكردي - اخسَر رأسك ولا تفضح سرك
- حكايات من الفولكلور الكوردي-الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر
- حكايات من الفولكلور الكوردي-الظلم لا يدوم
- حكايات من الفولكلور الكوردي - العقل الخفيف عبء ثقيل
- حكايات من الفولكلور الكردي - حكاية أمير هكاري
- قوبادي جليزاده - لا تقتلوا النساء
- حكايات من الفولكلور الكوردي - كلمة السوء تطير بجناحين
- حكايات من الفولكلور الكوردي - لا أحد يسد مكان غيره
- حكايات من الفولكلور الكردي - لو أنبت الندم قرونا لبلغت قرون ...
- حكايات من الفولكلور الكردي - ماذا سيحدث لو كان رماناً
- حكايات من الفولكلور الكردي - يا قنفذي فدتك أمك
- شهيد - شعر قوبادي جليزيده - ترجمة ماجد الحيدر
- حكايات من الفولكلور الكردي - إذا جاءك الموت فلا تدر مؤخرتك
- قوبادي جليزاده - توزيع
- هشم يدي أرجوك - قصة قصيرة


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - من الأدب الكردي-افطار العريس-قصة اسماعيل هاجاني-ترجمة ماجد الحيدر