أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم ابراهيم - سمفونية (جمالة العمية) على أنغام (يا أم عيون حراقه )














المزيد.....

سمفونية (جمالة العمية) على أنغام (يا أم عيون حراقه )


عبدالكريم ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7258 - 2022 / 5 / 24 - 17:01
المحور: الادب والفن
    


فضاءات الأمل تفتح ذراعيها على نوافذ الأحلام المهاجرة إلى الأحياء الساكنة خلف الأزقة الضيقة والشوارع الترابية، ولتكون صداقة أبدية بين الوجوه السمراء القادمة من أقصى الجنوب حيث الأمل غفا بين عيون الفتيات الناعسات، وهن يداوهن نار الهوى ببعض الأغاني، والنظرات المسروقة من خلف كواليس الحياء. هنا اخُتزلت كل هذه الأشياء، وتم إعادة صياغتها لتفتح دفاتر العشق المخبئة بين جدران الممنوع. أنهم عصافير السماء المغردة التي تحاول إعادة تلحين الحياة وفق نمط يشتهي الخجل والكحل في عيون الصبايا في مدينة تناغم فيها التضاد والمفارقة لدرجة أنهما سارا في خط مستقيم لا يفترقان.
يعد ذو البشرة السمراء ملح المدينة وروحها المفعمة بالتفاؤل والأمل رغم مصاعب الحياة، ولعل التضاد من أساليب لمواجهة المشكلات والتغلب عليها، مبدأ اقرهُ خبراء علم النفس اليوم، وأشادوا بنجاحه في المواجهة. ربما أتقنت (جمالة العمية ) أو(جمالة الكوالة) كما يحب أن يطلق كثير من يعرفها هذا الفن، وهي واحدة من اللاتي منحهن الله صفة الجمع بين الطرافة والخفة الدم مع القدرة على التحكم بدموع الآخرين، ولاسيما أنها بحكم عملها أتقنت هذا الفن الذي يدر عليها مالاً جيداً في سنوات كانت نعوش الشباب تأتي من ساحات الموت المجاني محمولة على سيارات الأجرة الحمراء .
تقوم (جمالة) عادة بجولة في أزقة المدينة حاملةً مبكر الصوت اليدوي لتقتحم المآتم العزاء عل حين غرة من أهلها، وما عليها سوى جمع بعض المعلومات البسيطة عن اسم المتوفى وعشيرته من اقرب صبي تصادفهُ في الزقاق. تحظى لقاء هذا العمل مكافأة مجزية مع وليمة دسمة فضلاً عمّا تدسه من لذ وطاب في جرابها. ولكون (جمالة) عمياء كان عليها أن تصحب من يقودها في هذه المهمة، وعادة ما تعمد على احد أبناء أخيها الذي هو الآخر يحاول قدر الإمكان ابتزاز عمته، ورفع سقف مطالبه ببعض المال والطعام الذي خبأتهُ بعيداً عنه.
تمتاز(جمالة) بحلاوة الصوت وإيقان كل فنون الحزن والفرح معا، ولعل أكثر ما يشد الانتباه ضخامة جثتها، وطولها الفارع الذي يصل إلى مترين بقليل . استغلت هذه المرأة صفاتها في كسب قوتها، فهي لا تخرج وألا تعود قد حُملت بالأعطيات على مختلف أنواعها . وكما هي مبدعة في الحزن ، فأنها كذلك في أوقات الفرح ، ولعل عرس ابن أختها كانت بمثابة فرصة لها لإظهار بعض تلك المواهب التي يجهلها كثير من الناس، ولا يعرفها سوى الخواص. ففي ذلك اليوم لبست (هاشميها) المزكرش اللماع، وهو يسحل وراؤهُ الغبار المتطاير من شوارع المدينة الترابية فضلاً على ما أحدثتهُ (دبجتها) الثقيلة من هزة وأثراً جعل أهل الطرف ينظرون إلى إيقونة في الرقص الشعبي تختال بكل رشاقة، ودلال متحديةً فقدان البصر. فقد كان هذا العرس فرصتها في تعليم الأخريات – لاسيما العواذل منهن - كيف يكون ( الردح) على أصوله . وأكثر ما آثار غيرتها، وجعلها (تذب لحم) تلك الأهزوجة التي أطلقتها أحدى أخواتها السمراوات "على عناد عماته، لعبن لعب خالاته" ،حيث صالت وجالت كأنها بيرق (عراضة) لا يعرف الانحناء. كل شيء فيها يرتعش ،الرقبة ، الأرداف ،ومؤخرتها التي لا تتوقف عن الدوران، لها قدرة عجيبة على تحرك جسمها بطريقة سحرية لا يتقنها ألا القليل، لدرجة أنها أسقطت كل من كن جارينها في الميدان، ولعل كانت سيدة العرس الأولى دون منازع. استمع أهل المنطقة بما قامت به (جمالة) فهو حدث لا يتكرر سوى في العمر مرة ،ولكنها أردت بهذا العمل أن تطرد شبح الحزن والكآبة اللذان يجثمان على أجواء تلك الحقبة الزمنية حيث طاحونة الحرب التي لا تتوقف على التهام الشباب .
(جمالة)صاحبة مزاج خاص لا يُعرف متى يثور بركانه ، فهي بين الفينة والأخرى عندنا يتسلل الملل إليها, تحاول طرده بان تمسك بالطبلة تداعبها بأصابعها، لتسمع أهل الحي أجمل سمفونية "يا ام عيون حراقه قولي شوقت نتلاقى،فدوى رحت لعيونج خايف لا يحسدونج، عيني يابه من الهوى وعشاقه،ويلي و يابه من الهوى وعشاقه" متحدية سمفونيات بيهوفن وموزات.



#عبدالكريم_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بائعو الحلويات .. ذكرى من الزمن الجميل
- مقاهي الثورة ومقرات فرق كرة القدم الشعبية
- النوم على السطح .. ذكريات الطفولة الباحثة عن صيد نجوم السماء
- سينما علاء الدين وتسريحة أميتاب باتشان
- . الدراما العراقية والبحث عن الذات
- مجنون المنطقة ماركة مسجلة
- مواقع التواصل : تقرب المسافة وتلغي ( لمة العائلة)
- من (دوج أبو عليوي ) إلى (جكسارا )
- أجواء العراق بدون هدنة
- الحدائق المنزلية والعامة صراع من اجل البقاء
- (لنكة) الامس و(بالة) اليوم
- الاغنية وتاريخ الصلاحية
- درس مدرسي يومي على أنغام باعة الجوالين
- عيد المعلم وبريق الماضي
- محاولة فاشلة
- السينما والدراما العربية تفقد سحرها الأنثوي
- من يعد لبغداد رونقها الأخضر ؟
- (طيبة ) و (هستيريا) ... وحدة الفكرة واختلاف الأداء
- ( ُحب برائحة الكافور) وعودة إلى عوالم الرومانسية
- لعبة المكان في رواية (بين أمريكا وبغداد)


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم ابراهيم - سمفونية (جمالة العمية) على أنغام (يا أم عيون حراقه )