أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نصر ذكرى - نزار قبانى شاعر الحب و الحرية















المزيد.....

نزار قبانى شاعر الحب و الحرية


عماد نصر ذكرى

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 03:06
المحور: الادب والفن
    


مازال نزار قبانى أكثر شعراء العرب المعاصرين شهرة وشعبية وإنتشاراً رغم مرور عقد كامل على رحيله يوم 30 أبريل عام 1998 , فجمال لغته وبساطتها التى يمزج فيها بين الفصحى والعامية تجعله قريباً من جميع طبقات الشعب العربى. فالشباب يقبل على دواوينه ليلتهمها بنهم شديد والفتيات ينبهرن بهذا الرجل الذى يدعو بدأب وإصرار شديد الى تحرير المرأة من أسر وعقد الرجل الشرقى كما إنه يحرضها على أن تجاهر بعواطفها على الملأ وتعبر عن مشاعرها فى الهواء الطلق فهو الحالم ببلاد تسامحه وتسامحنا إن نحن مارسنا فعل الهوى مثل العصافير على الشجر .

ولد نزار فى يوم 21 مارس من عام 1923 فى بيت دمشقى جميل تحوطه حديقة بديعة تتراقص فيها زهور الياسمين وأوراق أشجار الليمون ويتراقص معها قلب الطفل الصغير . يظل الساعات يلهو مع أسراب الحمام والسنونو والقطط التى تشاركه البراءة ، فيشب متشبعاً بحب الجمال والطبيعة.

كانت والدته تدلله بإسم أنزورى وقد حكى نزار إنها ظلت ترضعه حتى بلغ السابعة من عمره ولعل هذا من الأسباب الأولى التى جعلته يحترم المرأة بإعتبارها أصل الحياة ونبع الوجود. وربما لهذا أيضاً كانت كلمة نهد من أشهر المفردات فى اشعاره بل إنه أطلق على ديوانه الثانى الذى أصدره عام 1948 "طفولة نهد. "

تنقل نزار منذ صباه بين جميع أنواع الفنون فمارس الرسم والموسيقى لكنه حين ولج عالم الشعر وهو فى السادسة عشرة من عمره لم يبرحه حتى مماته. فكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى واربعون مجموعة شعرية ونثرية أولها "قالت لى السمراء" عام 1944 وآخرها "أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء" عام 1993.

التحق بوزارة الخارجية السورية بعد تخرجه من كلية الحقوق وشغل عدداً من المناصب الدبلوماسية فى القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين وبيروت ، ولكنه إستقال من الخارجية عام 1966 وأسس داراً للنشر بإسمه فى بيروت متفرغاً تماماً لعالم الشعر .

تقول عنه إبنته هدباء من زوجته الأولى " قبل أن يكون أبى كان صديقى ومنه تعلمت أن أحكى بينما هو يستمع رغم ندرة إستماع الرجل إلى المرأة فى مجتمعنا. زان أبى مراهقتى وشبابى بشعره لكنه أفسد حياتى فقد جعلنى أقارن بينه وبين الرجال الذين ألقاهم وتأتى المقارنة دائماً لصالح أبى وأرى أغلب الرجال طغاة. وتضيف أن أباها كان يحترم خصوصيتها فلم يزرها قط دون موعد مسبق. وفى نادرة ذهب إليها دون موعد وعندما وجد لديها صديقات إستدار عائداً ولكن إلحاح صديقاتها أن يبقى أجبره على العودة مرة أخرى، فبالتأكيد تأججت مشاعر الصديقات حين وجدن شاعر المرأة واقفاً بشحمه ودمه أمامهن. وتؤكد هدباء أن مقولة الشاعر طفل تنطبق تماماً على أبيها الرومانتيكى. و تضيف : أن أبى هو الصدر الرحيم الذى شربت منه الحب والحنان حتى لم أعد أعرف هل أنا طفلته أو هو طفلى. إنه طفل عندما يكتب وطفل عندما يعشق وطفل عندما يغضب وطفل عندما يغنى وطفل عندما يلقى شعره.

ورغم طفولة نزار إلا إنه كان رجلاً قوياً ذا إرادة صلبة يصعب كسرها، فقد تحمل صدمتى وفاة إبنه توفيق الذى مات وهو مازال طالباً فى كلية الطب ورحيل زوجته بلقيس فى حادثة تفجير السفارة العراقية فى بيروت عام 1981 ، وواصل الحياة متسلحاً بدهشة الاطفال وثورية الرومانتيكين.

شاعر المرأة الذى خذلته المرأة

سعى نزار قبانى منذ أن أصدر ديوانه الأول " قالت لى السمراء" أن يحث المرأة على التمرد على وضعها الموروث كجارية للرجل الذى لاينظر إليها إلا على إنها فرج يجلب له المتعة أو رحم ينجب له الذرية. طالبها نزار أن تحمل صليبها وتتبعه وبعد أن صال وجال وسار طويلاً وإعتقد إنه صار على بعد خطوة واحدة من عاصمة النساء نظر خلفه فلم يجد سوى زجاجات عطر فارغة.

إن المرأة العربية التى تلتهب مشاعرها حين تقرأ اشعار نزار وتحلم بالحرية التى يؤكد لها شاعرنا إنها حق أصيل لها ، لاتحتمل أن تدفع ثمن ممارسة هذه الحرية على أرض الواقع. فتلك الممارسة تتطلب منها القدرة على تحمل المسئولية وإعالة نفسها ومواجهة مجتمعات متخلفة منافقة، فتتنازل فى النهاية عن أحلامها وترضى بالحياة فى ظل رجل ولو كان تافها. .

ممالاشك فيه أن المرأة العربية قطعت شوطاً لابأس به لإنتزاع حقوقها المسلوبة منها منذ قرون طويلة، فإعتلت منصة القضاء وتقلدت مناصب كثيرة لم تكن متاحة أمامها من قبل وإقتنصت حق الخلع الذى حرمها منه الفكر الأبوى وتم تجريم عملية بتر أحاسيسها فيما يعرف بالختان لتشارك الرجل المتعة المشروعة ولاتكون مجرد أداة لمتعته هو.

وإعترفت امرأة مصرية شجاعة تدعى هند الحناوى يساندها أب مستنير بأنها كانت على علاقة بالممثل أحمد الفيشاوى وإنه والد طفلتها ولما أنكر الأب نسب إبنته له رفعت قضية وكسبتها بل أن القاضى الذى حكم لصالحها إستشهد بقصيدة "حبلى" لنزار الذى يحكى فيها عن فتاة أقامت علاقة برجل وحملت منه ولكنه رفض الإعتراف بالطفل وطردها من منزله. ولكن رغم كل ماحصلت عليه المرأة العربية من حقوق إلا أن الكثير من النساء يفضلن الحياة فى ظل ثقافة الحريم رغم مايتمتعن به من مظهر عصرى.



الشعر السياسى

أجبرت الهزيمة العسكرية فى يونيو 1967 نزار قبانى أن يكتب الشعر السياسى فالصدمة كانت قاسية على ملايين العرب الذين تعلقت عقولهم وقلوبهم وعيونهم بالرئيس جمال عبد الناصر وبالتأكيد كانت أكثر قسوة على نفس الشاعر المرهف الذى لم يتنكر يوماً أو يخجل من الطفل القابع فى أعماقه الذى كتب عليه أن يخذله الجميع. يكتب فى قصيدته الشهيرة " هوامش على دفتر النكسة" اذا خسرنا الحرب لاغرابةّ/ لأننا ندخلها بكل مايملكه الشرقى من مواهب الخطابة- بالعنتريات التى ماقتلت ذبابة- لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة.

و كتب أيضاً يقول فى مقطع آخر من نفس القصيدة :

ياسيدى ..... ياسيدى السلطان- لقد خسرت الحرب مرتين- لأن نصف شعبنا ليس له لسان . ورغم كل المرارة التى كانت تكوى أعماقه بسبب الهزيمة المفاجئة إلا أن حزنه لموت عبد الناصر فى سبتمبر 1970 فاق حزنه يوم 5 يونيو 1967 فكتب يخاطبه قائلاً: - قتلناك يا آخر الانبياء- قتلناك/ ليس جديداً علينا إغتيال الصحابة والأولياء- فكم من رسول قتلنا - وكم من إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء- فتاريخنا كله من محنة وأيامنا كلها كربلاء.

توالت على نزار الخطوب وتعاقبت عليه المحن الشخصية والإجتماعية والسياسية ، فإتخذ قراره بشد الرحال إلى لندن ليقيم فيها بصورة دائمة، لكنه ظل متابعاً لأخبار وطنه ,متألما لأحواله المتردية .

يكتب فى منفاه الإختيارى قصيدة "أبو جهل يشترى فليت ستريت" التى يهاجم فيها العرب حكاماً ومحكومين. فالحكام يقمعون الشعوب التى لاتبذل أى محاولة للتكانف حول مشروع لنهضة مجتماعتهم بل أن ألأثرياء منهم يكنزون أموالهم خارج أوطانهم وينفقونها على أهوائهم .


يقول نزار : لاترفع الصوت فأنت آمن- و كن بلا رأى ولاقضية كبرى فأنت آمن- واكتب عن الطقس وعن حبوب منع الحمل إن شئت فأنت آمن/-

هذا هو القانون فى مزرعة الدواجن-.

ويكتب فى مقطع آخر

تسرب البدو إلى قصر بكنجهام- وناموا فى سرير الملكة- والإنجليز لملموا تاريخهم وإنصرفوا- وإحترفوا الوقوف مثلما كنا على الأطلال . -

وهنا يضع نزار يده على عقد العرب الذين تصور لهم أوهامهم المريضة أن إنتصارهم على الغرب يكون بالغزو الجنسى لمخادع أميراتهم وليس بخوض معركة الحضارة. ولعلنا نتذكر كيف جن جنونهم لوفاة ديانا وهم للآن يجذمون بلا أى دليل أن الملكة تآمرت لقتلها حتى لاتتزوج مسلماً. لم يلفت نظرهم كيف شيع الإنجليز ديانا بالدموع. لم يسألوا أنفسهم عن ماذا سيكون رد فعلهم إذا أحبت أميرة عربية رجلاً غربياً. ترى هل سيحزنون عليها إذا ماتت أم سيلعنوها بعد أن يقتلوها بأيديهم لأنها أهانت كرامة وشرف الأمة؟

ويبلغ الحزن بنزار مداه حين يجد أمته ملطشة العالمين فيكتب القصيدة التى أثارت عليه الجميع " متى يعلنون وفاة العرب" . وبعد عقد كامل على وفاة نزار لم يستخرج أحد شهادة وفاة العرب, فمازالت الأمة العربية تحيا على أجهزة التنفس الصناعى بعد أن ماتت إكلينيكيا. ً



ماذا سيبقى من نزار قبانى



ويموت نزار فى لندن بعيداً عن وطنه كما تنبأ قائلاً " ياوطنى كل العصافير لها منازل إلا العصافير التى تحترف الحرية فهى تموت خارج الأوطان. ويثور المتحجرون عليه ميتاً كما ثاروا عليه حياً حتى لايتم الصلاة عليه فى المسجد بإعتباره مرتداً. وبالطبع لن يتذكر التاريخ أى من هؤلاء ولكن سيبقى نزار الذى أعتقد إنه أكثر شعراء العرب فى القرن العشرين الذى سيخلدهم التاريخ وسيظل يقرأه محبو الشعر خاصة قصائده العاطفية أما أشعاره السياسية فلا أتوقع لها البقاء طويلاً لأنها مرتبطة بمناسبات لن تهم كثيراً الأجيال القادمة.

وقد أعلن نزار قبانى يوماً إنه كان سيداً فى قصائده الغزلية لكنه كان مأموراً لسلطة التاريخ فى قصائده السياسية.

مقال نشر فى جريدة القاهرة المصرية فى 30 ابريل 2008 فى الذكرى العاشرة لرحيل نزار و قد تضمنه كتابى " ايات علمانية " طبعة اولى . القاهرة 2012



#عماد_نصر_ذكرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب و كرامة المرأة
- الخلع و النظام الابوى
- المرأة و الربيع
- ابو بكر و حروب الردة
- ميراث فاطمة الزهراء
- خواطر حول الدين والأخلاق والعقل فى بر مصر
- عثمان و جمع القرأن
- الخلافة الراشدة حائرة بين ابى بكر و على
- الثورة و المرأة
- كيف تمت بيعة ابى بكر فى سقيفة بنى ساعدة
- عصمة الانبياء و عبادة النصوص
- هل كان القتال و القتل الإسلامى دفاعيا ؟
- هل الكذب مفتاح الفرج ؟
- قلة حيلة
- هل يعقل ان يكون الجهل هو الحل ؟
- البكاء بين الاشلاء


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نصر ذكرى - نزار قبانى شاعر الحب و الحرية