أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد نصر ذكرى - عثمان و جمع القرأن














المزيد.....

عثمان و جمع القرأن


عماد نصر ذكرى

الحوار المتمدن-العدد: 7095 - 2021 / 12 / 3 - 15:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مات نبي الاسلام دون أن يجمع القرآن في مصحف واحد. كان يملي النص على حفنة من كتبة الوحي إلا أنه أوصي المسلمين أن يأخذوا القرآن بالذات عن عبد الله بن مسعود ، معاذ بن جبل و أبي بن كعب (1).
كانوا يكتبون على الرقاع والعسب والأكتاف بالأحرف السبعة. ونطالع في صحيح مسلم ، "أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فإقرأوا ما تيسر منه". يقول عبد الله بن مسعود أن هذه الحروف لا تتضمن تناقضات بل مترادفات وقد تختلف المعاني إلا أن كلاهما حق، فنقرأ غفوراً رحيمًا تارة وعزيزًا حكيمًا تارة أخرى في نفس الموضع.
وبعد أن تولي أبو بكر سارع إلى جمع القرآن في صحف وكلف زيد بن ثابت بالمهمة المقدسة الذي قام بها بنجاح إلا أن الصحف ظلت متعددة الأحرف وتحتوى إختلافات ليست بالقليلة. وبقي الحال على ما هو عليه طوال عهد عمر حتى حكم وتحكم عثمان فشكل لجنة برئاسة زيد بن ثابت أيضا وعهد إليها بكتابة المصحف الذي عرف بالعثماني والمكتوب بحرف أو لسان قريش وتم حرق جميع المصاحف الأخرى. ودعونا نستعرض بعضًا من هذه المصاحف. ولنبدأ بمصحف أبي بن كعب و هو – كما أشرنا – واحد من الذين طالب الرسول المسلمين بأن يأخذوا عنهم القرآن . وقد انتبه بن كعب ذات مرة أن محمدًا تجاهل آية كان قد تلاها من قبل فلفت نظره وسأله إن كانت نسخت إلا أن محمدًا اعترف بنسيانه للآية (2). و قد استمع الرسول يومًا لقراءة رجل في المسجد فقال: "رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أنسيتها" (3).
احتوى مصحف أبي بن كعب على آية الرجم " إذا زنا الشيخ والشيخة فأرجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم" (4). وهي الآية التي لا نجدها في مصحف عثمان ويقول لنا فقهاء كثيرون أنها مما بقي حكمه رغم نسخ تلاوته ولا نجد منطقاً في رفع آية من القرآن ويبقي العمل بها قائماً . كما أن سورة الأحزاب في مصحفه تتكون من 200 آية كما صرحت عائشة( 5) وليس 73 كما هو الحال في المصحف العثماني الآن. ونجد فيه سورتين مجهولتين وهما "الحفر والخلع" كان عمر بن الخطاب يتلوهم في صلاته (6) .
وننتقل إلى مصحف عبد الله بن مسعود فنقرأ انه كان يحتوى على 111 سورة لخلوه من الفاتحة والمعوذتين. كان ابن مسعود يحك المعوذتين ويقول أنهما ليستا من كتاب الله (7) (8). وجاء فيه أن عليا ولي المؤمنين(9). وهو يتناقض مع مصحف عثمان في مواضع كثيرة أوردها بن أبي داوود في كتابه المصاحف (10) . وقد كان مصحف عبد الله ابن مسعود بمثابة آخر مراجعة من جبريل لمحمد قبل وفاته(11). وقد جن جنون عبد الله ابن مسعود لإقصاء عثمان له من لجنة كتابة مصحفه لأنه أول من أوصى محمد بقراءة القرآن عنهم وهو أول من جهر بالقرآن في مكة . كما أنه رفض أن يسلم مصحفه المقدس بالنسبة لكثير من أهل الكوفة بالذات لعثمان الذي بعد أن أحرق مصاحف عائشة وحفصة وعلى( 12) التفت لأبن مسعود وأمر بجلده وجره على الأرض حتى كسر له ضلعان (13).
السؤال الذي يفرض نفسه هنا كيف أحل عثمان لنفسه أن يحرق صحفًا تحتوى آيات مقدسة ولو اختلفت مع نسخته المعتمدة. فقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى دون أن يوصي في خطبة الوداع بالقراءة على حرف واحد. فهل كان عثمان ملكيًا أكثر من الملك؟ أظن أن ما فعله عثمان لا يليق إلا بمن يجاهر أنه يتلقى وحيًا وعثمان لم يفعلها. وأعتقد أن الإنسان ذا العقل النقدي قد تساوره شكوكاً حول صحة المصحف العثماني ويتساءل لماذا لا يكون مصحف عبد الله إبن مسعود الأدق. فالله – من منظور إسلامي – قد سمح بتحريف كتب اليهود والنصارى فما الذي يمنع أن يكون قد سمح أيضًا بتحريف القرآن لحكمة لا يعلمها إلا هو للآن على الأقل.
وأظن أن حرص عثمان أن يكون مصحفه هو الوحيد المتداول لم يكن لمصلحة شخصية او لتيقنه من دقة ما يحتويه المصحف ( فقد تشفع عند الرسول حتى لا يقتل اخاه فى الرضاعة عبد الله بن سرح الذى كان احد كتبة الوحى و حرف الكلام و هو يعلم بل انه عينه ايضا واليا على مصر بعد ان اصبح خليفة ) لكن كان هذا الحرص حتى لا يرفع المسلمون سيوفهم في وجوه بعضهم البعض ويكون لكل فريق مصحف بمثابة ربًا يتقاتلون لنصرته فتنقسم الدولة التي يرأسها عثمان وأسسها محمد . فالدولة التي جعل الرسول شعارها "لا إله إلا الله" - هذا الشعار الموحد للأمة الممكن لها من السيطرة على العالمين - يجب أن تحتشد خلف مصحف واحد أحد بصرف النظر عن دقته فهي أمة لم يكن الاختلاف بين أبنائها يوماً رحمة بل فتنة ومحنة ولعنة وصراع مسلح يؤدي بحياة ملاييين البشر بغير حق. بل انهم قد تقاتلوا رغم وجود مصحف وحيد يحتكمون اليه .
وبالطبع أنا أرفض ما فعله عثمان من منظور حضاري وأري أنه كان يجب أن يترك كل المصاحف ليختار كل إنسان الكتاب الذي يطمئن له قلبه. لكن الحفاظ على الدولة الإسلامية هو الغاية و لو استخدم عثمان من الوسائل ما يرفضه الرسول ، كما قاتل وقتل أبو بكر مسلمين في حروب مانعي الصدقة مخالفًا تعاليم النبى لتبقي هذه الدولة موحدة قوية قادرة على التوسع والتمدد الذي لا تحده حدود حتى يؤمن من في الأرض كلهم جميعًا بالإسلام.

المراجع :
1. صحيح البخارى - كتاب فضائل الصحابة
2. أخرجه الألبانى عن أبى كعب ( صحيح ابن خزيمة 1647)
3. فتح البارى فى شرح صحيح البخارى
4. صحيح مسلم (الحدود ص 4513 )
5. الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى - جزء أول ( ص 546)
6. الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى - الجزء الأول (ص 226)
7. مسند ابن حنبل - الجزء الخامس (ص 129)
8. فتح البارى فى شرح صحيح البخارى - الجزء الثامن (ص 571)
9. الدار المنثور للسيوطى
10. المصاحف (الإختلافات بين قراءتى مسعود و زيد بن ثابت) ( ص 54 - 73)
11. فتح البارى لإبن حجر - جزء 8 (ص 660)
12. البخارى - الجزء السادس (ص 225) (كتاب فضائل القرآن فى باب جمع القرآن)
13. تاريخ اليعقوبى - المجلد الثانى (ص 170)



#عماد_نصر_ذكرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلافة الراشدة حائرة بين ابى بكر و على
- الثورة و المرأة
- كيف تمت بيعة ابى بكر فى سقيفة بنى ساعدة
- عصمة الانبياء و عبادة النصوص
- هل كان القتال و القتل الإسلامى دفاعيا ؟
- هل الكذب مفتاح الفرج ؟
- قلة حيلة
- هل يعقل ان يكون الجهل هو الحل ؟
- البكاء بين الاشلاء


المزيد.....




- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد نصر ذكرى - عثمان و جمع القرأن