أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نصر ذكرى - قلة حيلة














المزيد.....

قلة حيلة


عماد نصر ذكرى

الحوار المتمدن-العدد: 6954 - 2021 / 7 / 10 - 17:03
المحور: الادب والفن
    



تطايرت من فمه نافورات من عبارات سباب طائشة هائجة مهرولة فى كل اتجاه ممزقة لسكون الليل الهاجع .
كان مستغرقا فى القراءة على ضوء الاباجورة الخافت الذى يضفى جوا من الشاعرية العذبة على المكان . امتلأ وجدانه بسكينة يفتقدها فى صخب النهار الذى يمقته لدرجة الهلع من بزوغ اول خيوط الفجر .
ضوضاء الباعة الجائلين . صراخ ميكروفونات المساجد. كلاكسات السيارات المتحرشة بعضها ببعض . السباب المتبادل بين السائقين النافرة أعصابهم على سطح جلودهم و عابرى الطرق المترنحين الواجمين كمن تلقى لتوه نبأ مأساويا . تجهم ضباط المرور الذين يرهبون البسطاء و ينحنون لذوى الحيثية و لا سيما الشخصيات السيادية المتنقلة فى مواكب مهيبة . كل هذة المنغصات أورثته قلقا مزمنا يتفاقم بنهر رئيسه له و تشكيكه فى قدراته و خوفه المقيم من الفصل من العمل .
الشتائم المكبوتة فى حلقه صباحا طفت على طرف لسانه ليلا حين شعر بمروق كائن غريب على ساقه . رفع بنطال البيجاما فلم ير شيئا . تغاضى عن الامر و عاود القراءة إلا أنه أقشعر حين لمح صرصارا يمر سريعا بجوار قدمه ليتوارى عن انظاره مختبئا تحت منضدة تتوسط الحجرة . لا يطيق منذ طفولته هذة المخلوقات الصغيرة و لا يعرف حكمة وجودها فى العالم . كان يجزع و هو صغير إذا مر بجواره صرصار أو توقفت ذبابة على وجهه متوهما انه مهما اغتسل سيظل متسخا .
أحضر المكنسة و قبض على طرف عصاها موجها لها تحت المنضدة لتقتفى أثر هذا الملعون لعلها تناله و و تخرج به صريعا . حرك المكنسة فى كل الاتجاهات سدى . شحذ كل قواه و رفع المنضدة و أزاحها من مكانها فلم يجد أثرا لعدوه اللدود . تلفت ليجده يعدو خارج الحجرة فجرى خلفه رافعا سلاحه المتأهب لمعركة لن يقبل فيها إلا بنصر مبين . استقر به الامر فى الحمام لاهثا لاعنا الكائن الذى أفسد عليه ليلته . قبع الصرصارالصغير فى البانيو و اصبح فريسة سهلة إلا انه كلما انهال على رأسه بالمكنسة فلت منه بمهارة و رشاقة و رمقه بنظرة تحدى ساخرة . إبتعد عنه قليلا ليوهمه بأن اليأس قد تمكن منه . و بعد ان هدات حركة الصرصار باغته الرجل بضربة قاصمة اصابت رأسه . شعر بإرتياح جارف فأخيرا سيتمتع بما تبقى له من سويعات قليلة هادئة قبل ميلاد النهارالصارخ كالجنين الملفوظ من الرحم . إلا أن الصرصار مازال يحرك اجنحته رافضا الهزيمة , فهبط عليه الرجل بخبطات متتالية لا تعرف رحمة أو هوادة حتى سكن تماما و تشوهت ملامح جثته المفتتة المتناثرة الاعضاء .
سلم جسده للماء ليزيل أثار العرق و القلق و المعركة حامية الوطيس . مرت أمام عينيه نظرة الصرصار الاخيرة . هل كانت متحدية حقا ام متوسلة له ليتركه لحال سبيله . ألم يكن الارحم ان يكتفى بحصاره و دفعه برفق الى البلاعة لتكتب له حياة جديدة مع اقرانه .
أزاحت المياة تلوث الجسد لكنها لم تحرره من تأنيب الضمير لقتله الوحشى للكائن الضعيف بينما هو خانع خاضع قليل الحيلة امام كائنات عملاقة متسلطة تجوب بلا كلل ارجاء المدينة أناء الليل و اطراف النهار .



#عماد_نصر_ذكرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعقل ان يكون الجهل هو الحل ؟
- البكاء بين الاشلاء


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نصر ذكرى - قلة حيلة