أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - قراءة في رواية -مستر نوركة: للروائي نوزت شمدين















المزيد.....

قراءة في رواية -مستر نوركة: للروائي نوزت شمدين


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 7229 - 2022 / 4 / 25 - 08:07
المحور: الادب والفن
    


على الرغم من الصراعات العديدة ، كانت الرواية العراقية مساحة معبرة نابضة بالحياة والحيوية. يستشفها القارئ من خلال ما يظهره الروائي العراقي من براعة أدبية مذهلة وتنوعًا في طبيعة تناول الموضوع الروائي، متنقّلا بين الأنواع والأجواء لالتقاط صورة الأمة المتغيرة بهموم ثقافتها. والكاتب العراقي بداخله كمّ من الحلم بتغيير الواقع. واقع أنهكته الحروب وأفقدته بوصلته وأصبح شعبه يهاجر منسلخا من ماضيه العريق الذي يعاني العنف والتهجير . فأصبحت الرواية العراقية الوسيلة الأفضل في التعبــــــــــير الأدبي، ذلك الترمومتر الذي يقيس درجة حرارة المجتمع لما يحمله من حيوات الناس وأحلامهم وهمومهم ومشاكلهم وقضاياهم الوطنية والقومية والانسانية. وهو ما تعرضه رواية " مستر نوركه: للروائي المتميز نوزت شمدين، والصادرة طبعتها الأولى عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، عمان 2021. من الصفحة الأولى تشد الرواية القارئ فارضة نفسها بقوة إثارتها وحثّها لمتابعة احداث وتصرّف شخصياتها. بدأت رواية مستر نوكة من نقطة مركزية في المنتصف لتتحرك الى الخلف مما تجعل القارئ في حالة تلهّف ورغبة في التعرف على التفاصيل وعن الاحداث المتلاحقة في استطراد وكأنها لا نهائية. ابتداء من المشهد الأول و احتفال نافع بطل الرواية واخته واجدة بالعيد الوطني النرويجي في العراق .... . " بكل طقوسه من لباس البوناد والعلم النرويجي وترديد النشيد سوية بالنرويجية: " نحن نحب هذا البلد ... هذه أرضنا التي تلوح في الأفق ... احتفال في شهر لاهب، مخالف تماما لطقس النرويج البارد حتى في صيفه. لتبدأ حكاية نافع بطل الرواية الذي تعرّض لقسوة الأب غانم القصاب والتي بسببها تعرض لمرض نفسي " الشيزوفرانيا" والوالد نفسه عاش حياة قاسية ايام المجاعة وكان والديه ياكلان لحم البشر ذلك ايضا أثر في نفسيته طوال حياته، فظهرت آثار عقدته على زوجته وابنه نافع هذا الأخير الذي عاش قمعا تسلّطيا تراتبيا . واجدة أخت نافع التي ضحت من أجله وكرست حياتها للوقوف بجانبه ومساعدته على تخطي مرضه النفسي. شخصية فاضل الموظف في المكتبة العامة والمساعد في استعارة نافع للكتب لنتفاجأ في آخر الرواية انه شخص وهمي. شخصية المغامر النرويجي ثور هايردال الذي سيكون السبب الرئيسي في تكوين فكرة انتماء نافع لعائلة هنريك ابسن بعدما شبه حياته بحياة هذا الكاتب.

منذ البدء اشتغل الراوي على تأثير صورة وسلوك شخصية نافع بطابعها الانطوائي نتيجة العنف وقسوة الاب المسيطر والقامع، كونت عنده حالة نفسية شخصها الطبيب بالشيزوفرانيا، والتي بسبب هذا المرض يتوهم بأنه شخص من عرق آخر وشعب غير شعبه وأنه من سلالة الكاتب العالمي النرويجي هنريك ابسن. شخصية نافع خلّفت ردود افعال في الرواية كونه بطلها صانع للرفض والانطوائية وصانع لحاجز بينه وبين المجتمع الذي كان يعاديه مما جعله يرفض العيش فيه والانتماء اليه رغم عودة " المجتمع" للتقرب اليه والدعاء له بالخير و" محبته" بسبب تقليده لاصوات من ماتوا من ذويهم وكأنه آلة تسجيل.
هنا وضع الكاتب اصبعه على تلك " القوقعة البشرية" كما يقول د. علي الوردي. ذلك المجتمع الذي يرى الدنيا بمقدار عواطفه وملذاته، فالحسن في رأيه حسن أنه محبوب لديه والحسن ينقلب قبيحا حالما يصير مكروها أو مؤلما. طبيعة البشر التي تطغى عليها الأنانية". شخصية نافع تلك الشخصية النامية في الرواية التي تستثمر الحدث والحدث يستثمرها في كافة النسيج الروائي لتُحقّق ما يريده الراوي وما يتعاطف معه القارئ منذ الصغر في حياته الدراسية الى ان وصل لسنّ متقدم من العمر .

كل رواية تحمل مقدار معين من شخصية الكاتب. أو قد تكون وجود علاقة مباشرة بين شخصية ما والكاتب. الكاتب موجود بنسبة ما بمكان ما بشخصية ما ومن جوانب مختلفة في الرواية. يقول الروائي نوزت شمدين على لسان بطل الرواية: " هو وأنا متشابهان إلى درجة كبيرة، ليس بتفاصيل متطابقة إن جئت للحقيقة، وهذا طبيعي بحكم الفوارق الزمنية والمكانية، وكذلك البدنية إن صحّ القول. فهل أنا مجرّد فرع من فروعه وورثت عنه صفاته الروحية بمجملها، أم إنني تكرار له في محيط آخر عن الذي نشأ وعاش فيه وعلي التقيّد بظروف المكان والزمان اللذين أتواجد فيهما. " كل رواية مهما بدى عالمها البنائي والشخصياتي موضوعيا فهناك شيء من السيرة الذاتية لكاتبها. حاضر في أبطالها جميعا، موجود في كل سطر من سطورها كحياة شخصية فردية.
شخصية نافع المحور الرئيسي في الرواية جمعت بذور الصراع وتأويلاته، منذ السطور الأولى نستشف قدرة الكاتب على تمكنه من صنع الحكاية وبراعة السرد بطريقة تشويقية واحترافية في تسلسل الاحداث واللعب بالزمن واظهار بعض المشاهد وكأنك تشاهد مسرحية. "
_ مع من حربك إذن؟ سأله القاضي وأشار بيده لكاتب الضبط ليكف عن التدوين.
_ " مثلما حارب جدّي، الظلم الواقع على المرأة وتفتق المجتمع والوجوه المتعددة التي يملكها الفرد الواحد. " اسمح لي بأن أوضح لك هذا. الحروب المتوالية وسوء استخدام الدين ألبست الناس دروعا تقيهم المخاطر التي خبروها جيلا بعد جيل. فالكل يدعي المساواة واللحمة والأخوة بينما جدران عالية تفصل بين المساكن ".
" أنتم تحققون مع الشخص الخطأ. هنالك المئات من المجرمين الطلقاء يتجولون في هذه الاثناء بحرية كاملة في شوارع بغداد بحثا عن ضحايا. وهناك جيش أجنبي يحتلّ البلاد ويقتل بذريعة مقاومته الكثير من الأبرياء. وسياسيون يتهافتون على الكراسي ليلتصقوا بها مثل قرادات ستمتص دماء الشعب."

في هذه الجزئية يوضح الكاتب صورة جلية للثقافة الواقعية عبر بعدها المكاني. تصوير أغوار النفس البشرية، والمحيط الذي يعرفه الراوي بطبقاته الاجتماعية، والوعي بالإنسانية والإنسان، وتصوير ضعفه بأزماته، بكل ما يحمله من توثرات تهدد وجوده، ومن صراعات تتحكم في مساراته، ومن مستقبل لا ملامح واضحة له. هذا الواقع الدي سنلمسه على طول جسد الرواية. وكأنك أمام مشهد سيتمائي، واحيانا وكأنك تشاهد مشهدا مسرحيا تنقلك من حدث ماض الى آخر في الحاضر. وكأنها تنتقل بك من أسفل الى أعلى أو العكس. مُهشّما المسار الزمني ليقدّم الكاتب للمتلقي غاية وهدفا من خلال اكتشاف الحياة ، والانسان ومعرفة النفس والبحث عن مفهوم ما يحصل من حولنا. ليس الهدف في تبليغ رسالة وانما في اشارة السؤال، والفكرة في عقل المتلقي باسلوب راق، ولغة جميلة وشفافة، محققة التشويق المطلوب كما الترابط بين الشخصيات. ومحققة نسيجا منظبطا ومتداخلا ، مع وضع الحكاية على ألسنتهم، بعيوبهم، بفجواتهم وثغراتهم التي على المتلقي أن يشترك في ملئ هذه الفجوات وفي سدّ هذه الثغرات، وفي استكمال نواقص هذه الشخصيات ليسير العمل في مسارات مختلفة ذلك بوعي واحترافية.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نرجسية نظام الجزائر الفاسد
- قراءة في قصة - الحاجة رابعة لوبيز - للروائي والقاص المغربي م ...
- الروائي والشاعر نجيب رضوان - الفرنكفونية لغة وقيم ...-
- اغتيال وطن
- قراءة في رواية نهاران للدكتورة لطيفة حليم
- ليلى والذئب -النسخة المغربية-
- قراءة في رواية وادي الدموع للروائي المغربي محمد مكي
- منتدى موزاييك يستضيف العالم النفسي الدكتور البوسني زامير بوب ...
- المفكر احمد عصيد يصل الى النرويج
- قراءة في رواية لا أحد يصل الى هنا للكاتبين طلال شتوي وفاطمة ...
- فلسطنة أكادير لن تحرر فلسطين
- لقاء اللطف بالأدب
- مراكش البهيجة
- -الصمت في عصر الضوضاء-
- لمياء الراضي: التعايش عندما نتفق على أن أن نكون مختلفين
- الرذيلة تحت عنوان الفضيلة لقتل الهوية المغربية
- لاجئون بلا عنوان
- جواز سفر
- انتحار أحلام
- عقوق


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - قراءة في رواية -مستر نوركة: للروائي نوزت شمدين