أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - -الصمت في عصر الضوضاء-















المزيد.....

-الصمت في عصر الضوضاء-


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 5675 - 2017 / 10 / 21 - 07:46
المحور: الادب والفن
    


المكتشف والكاتب النرويجي ارلنغ كاغا يكتب بحكمة
في كتابه
"الصمت في عصر الضوضاء"

زكية خيرهم

عاش الكاتب أرلنغ كاغا فترة شهرة طويلة في النرويج. كان محاميا حصل على شهادة الدكتوراه في الفسلفة، وفاز على رانولف فينس في أوائل التسعينات ليصبح أول شخص يصل إلى القمم الثلاثة" القطب الشمالي، القطب الجنوبي، وجبل ايفرست. أسس أيضا دار نشر تدعى "كاغ فورلاغ في عام 1996. والتي تنشر اليوم مئات من الكتب ويبلغ حجم مبيعاتها سبع مليون جنيه استرليني في السنة. أرلنغ كاغا كاتب ومستكشف وناشر وجامع للقطع الفنية ووالد لثلاث مراهقات.
أمضى أرلينج كاجّا المستكشف القياسي خمسون يوما بعيدا عن جنس البشر، وحيدا في القطب. يقول في كتابه "فلسفة المكتشفين" : "السكون في القطب الجنوبي أكثر عمقا ، هنا للصمت صمت يُصمته. يمكن أن يسمع ويرى بوضوح أكثر من الأصوات الأخرى. في البيت صوت الراديو مفتوحا على الدوام، كما رنين الهاتف لا يتوقف، وضجيج السيارات التي تمرّ ، أصوات عديدة بالكاد أسمعها. لكن هنا في القطب الجنوبي ، عندما لا تكون الرياح يكون الصمت أكثر سكونا عن ذلك الذي في البيت. في مذكراتي كتبت بعد ستة وعشرون يوم، هنا الصمت صاخبا أحسّه وأسمعه. في هذا المشهد اللاحدودي كل شيء يبدو لا نهاية له. تلك المساحات الصامتة لا تبدو مرعبة ولا تشعرك بعدم الاطمئنان بل مريحة للنفس. في البيت بالكاد ألاحظ ما يجري من حولي، لكن هنا أصبحت منجذبا لذلك السحر الخرافي لدرجة أنني أصبحت جزءا لا يتجزّأ من المكان، ذلك الصمت أمسى خليلي، أستطيع الإصغاء اليه وكلي شغفا." ليس الكثيرين من سنحت لهم الفرصة لقضاء ايام عديدة في وحدة منعزلة عن العالم والبشر وخصوصا في مكان موحش ونائي كالقطب الجنوبي." أحد أهداف الرحلة الإستكشافية إلى القطب الجنوبي، أن تكون معزولا طوال مدة الرحلة لمدة خمسين، ستين أو سبعين يوما. اضطرّ أرلنغ كاغا من قبل الكفيل وشركة الطيران أن يأخذ معه الراديو. آخر شيء فعله على متن الطائرة رمي البطاريات. لم يكن من الصواب التخلي عن الراديو خارجا على الجليد. لذلك حمله معه في الزلاجة طوال ألف وثلاثمائة كيلومتر. حينها حصل على العزلة التّامة التي كان يتوق إليها.
في هذا الكتاب التأملي يكتشف القارئ محطات مثيرة للدهشة عن قوة السكون ومدى أهمية الانعزال عن العالم أحيانا، سواء في عمق غابة ، أو وأنت تأخذ دوشا أو على حلبة الرقص. يقول أرلنغ كاغا يمكن للمرء تجربة السكون المثالي إذا كان يعرف إلى أين ينظر، ومن خلال نمو المعرفة الذاتية والامتنان، والتساؤل. وأن يأخذ المرء نفسا عميقا ثم يستعيد للولوج بنفسه إلى السكون. حينها سيجد قطبه الجنوبي في مكان ما من حوله. في كتابه الذي يحمل عنوان " تجربة المكتشفين" يقول: "خلال جميع الأيام التي تلت ظلت تلك الطبيعة على ما هي عليه. لكن ما تغير مع الوقت هي علاقتي بها. خلال ثلاثة أسابيع لم أر ولم أسمع إشارة واحدة للحياة. لا إنسان، لا حيوانات ولا طائرات. تركت حوالي خمسمائة كيلو متر ورائي، وكان حوالي ثمانمائة كيلومتر أمامي عليّ قطعها. لم يعد الجليد والثلج أبيضا ، ولكن يتخلله لمعان من اللون الأصفر والأخضر والأزرق، وعديد من ظلال مختلفة من اللون الأبيض. بدلا من التفكير في أن المسطح مسطحا، أدركت بالتأكيد أن المسطح أيضا يتضمن اختلافات ومناطق شكلية صغيرة والتي تُشاهد من قريب كأعمال فنية و تدرّجات من الألوان تستحق التركيز عليها. عظمة المناظر الطبيعية والألوان من الثلج يجعلني سعيدا. وتلك المساحات المسطحة جميلة أيضا كما الجبال. تعلمت أن اللون الأزرق هو لون الشعر، الأبيض يرمز للنقاء، والأحمر للحبّ ، والأخضر للأمل، ولكن هنا لا يبدو هذا التصنيف طبيعيا. ما ترمزه الألوان يرجع لي. هي الآن جميعها ترمز للشعر، وللنقاء وللحب والأمل. غدا قد يرمز الأبيض والأزرق إلى العاصفة والصقيع."
يقول ارلنغ كاغا : "لقد نسينا كيفية التعامل مع الصمت. نشعر بالقلق والتوتر إذا لم يحدث شيء. ثم نحمل الهاتف المحمول، ونتحقق من الأخبار من وسائل الاعلام الاجتماعية، والبحث في الجوجل عن أي شيء. نحن في طريقنا إلى الجنون ". "جون فوس" يتحدث عن الخوف من الصمت لأن الصمت يتطلب منك أن تتساءل. يقول أرلنغ كاغا أن الأمر يتعلق بالخوف، الخوف من التعرف على الذات بشكل أفضل. من السّهل التركيز على الخارج، في حين على نفس القدر من الأهمية التركيز على الأفكار. ويطرح ثلاث اسئلة في كتابه: ما هو الصمت؟ وأين هو؟ ولماذا الصمت مهما؟ ثم يستطرد قائلا أن الصمت لغة الحكماء والسكوت لغة الجبناء. الصمت رياضة فكرية تحفظ التوازن وتجعل المرء يعود الى ذاته الداخلية بعيدا عن الأفكار المتزاحمة داخل عقله. ثم يشرح الفرق بين لغة الصمت التي هي عكس لغة الكلام، وحين تتعطل هذه الأخيرة تبدأ لغة الصمت، التي تختلف عن السكوت. فالصامت يستطيع الرد لكنه آثر عدم الرّد، بينما الساكت قد يكون جبانا أو ليس لديه شيء يقوله أو فقد الحجة. أو أن الشخص مقترف لخطأ فأعلن الاستسلام بالسكوت.
في القرن السابع عشر، كتب الفيلسوف بليز باسكال، " أن الناس لديهم من القواسم المشتركة أنهم لا يستطيعون الجلوس من غير فعل شيء." وهذا السلوك أصبح اليوم ظاهرا بقوة من ذي قبل. نتوقع حدوث أمور كما نتوقع الإجابة لما نقوم به، ونعيش ضغطا في عقولنا تجعلنا معرضين لأمراض ، كما أفكارنا تصبح مشوشة ونصبح عاجزين على اتخاذ قرارات سليمة في حياتنا ورؤيتنا للأمور بمنظار سليم.
أشترت دار بنجوين للنشر الحقوق الأنجليزية للكتاب " الصمت في زمن الضجيج" لأكثر من مليون دولار، وهذا يدل على ان المهتمين باقتناء الكتاب كاهتمامهم بالبحث عن الصمت الذي يفقدونه في حياتهم. في بيان صحافي، قال ميغيل أغيلار، نائب بينغين راندم هاوس في مدريد: "أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الضجيج هو مرض أساسي في المجتمع الحديث. الصمت هو بلا شك جزء من حل المشكلة ".اللجوء للصمت ويركن الإنسان إلى نفسه نصف ساعة من غير التفكير في شيء والسماع الى موسيقى هادئة أو صوت المطر والعصافير أو موج البحر. ذلك مفتاح سلام النفس والجسد والروح.
يقوبل الكاتب ارلنغ كاغا أن الصمت مهم بالنسبة له وانه لا يزال يستخدم الطبيعة للعثور عليه؟ يحب المشي في اتجاه واحد حتى يحصل على الهدوء، تاركا كل الالكترونيات في البيت.

.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمياء الراضي: التعايش عندما نتفق على أن أن نكون مختلفين
- الرذيلة تحت عنوان الفضيلة لقتل الهوية المغربية
- لاجئون بلا عنوان
- جواز سفر
- انتحار أحلام
- عقوق
- انكسار المرايا
- برنامج جاري يا جاري لمغرب كبير يتأرجح بين الحلم بالوحدة وعدو ...
- تعدد الزوجات والازواج في العالم الجزء الثاني
- قاتلنا من أجل النرويج
- قوس قزح
- في النهاية نحن جميعا شيكانا الجزء الثاني
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية مع الصحافي والمحلل السياسي ...
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية
- مأسآة غزة : من أذناب الاحتلال إلى أسياد المقاومة
- الديموقراطية البوشية
- الواقع العربي ما بين الديموقراطية الدكتاتورية والدكتاتورية ا ...
- فراشات و ثعابين
- العاصفة
- صراخ الصمت


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - -الصمت في عصر الضوضاء-