أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - قوانين الوضعيات التاريخية















المزيد.....



قوانين الوضعيات التاريخية


مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)


الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 17:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مؤلف المقالة: ليف ايفيموفيتش كيرتمان

ترجمة مالك أبوعليا

ان التصنيف الصحيح لقوانين التطور الاجتماعي يحكم الى حدٍ كبير تطبيق هذه القوانين في البحث العلمي وفي الحياة. كل علم اجتماعي له نظام قوانين خاصة به، تتحدد خصائصه من خلال ماهية موضوعه وتميّز تقنياته. على الرغم من جميع الاختلافات في قوانين المادية التاريخية، والاقتصاد السياسي وعلم الجمال والسوسيولوجيا العيانية ونظرية الأدب وتاريخ الفنون والعلوم الاجتماعية الأُخرى (من حيث مدى الظواهر التي تشملها القوانين ومستوى تجريدها ودرجة شكليتها، الخ)، فإنها جميعها، بمعنىً مُعيّن، من نفس النمط نوعياً كقوانين لتشكيلات اجتماعية مُعينة، سواءاً كانت شاملة للانسانية ككل، أو تشكيلات اجتماعية اقتصادية فردية، أو مراحل في نظام مُعيّن (قوانين الامبريالية على سبيل المثال)، أو قوانين لمُختلف الجوانب المُستقلة نسبياً للعملية التاريخية. من الطبيعي أن تفترض الخصائص المُختلفة لهذه التشكيلات مستوياتٍ مُختلفة من التجرّد عن التمظهرات التاريخية العيانية لقانونٍ مُعيّن ومن انحرافات وتعديلات خاصة تُحددها ظروف مُتنوعة. ان مستوى التجريد في القوانين ذات الطبيعة الاجتماعية الشاملة أكبر بشكلٍ مفهوم منه في قوانين أنظمة مُعينة أو جوانب فردية من حياة المُجتمع.
ومع ذلك، ألا يوجد هناك، في تنوعات التطور الاجتماعي، ظواهر وعمليات وعلاقات يتم التوصل حولها الى تعميمات عن طريق قوانين تختلف نوعياً عن تلك الخاصة بالنُظُم التي تتميز بمستوى تجريد مُختلف اختلافاً جوهرياً؟ ان دراسة مُقاربة لينين لقوانين حياة المُجتمع ومنهجية تحليلها والاستفادة منها، بالاضافة الى نفس القوانين التي صاغها لينين، يضع أساساً، في رأينا، لمناقشة الفرضية المعروضة أدناه. بالاضافة الى قوانين التشكيلات (أو القوانين العامة)، توجد أيضاً قوانين من نوع بالغ الأهمية يُمكن تسميتها مبدئياً "قوانين الوضعيات التاريخية". يتوافق هذا النوع من القوانين مع مجال تخصص دراسة التاريخ وهي قوانين خاصةٌ به. بعبارةٍ أُخرى، تختلف قوانين تخصص التاريخ عن تلك السائدة في العلوم الاجتماعية الأُخرى من حيث أنها قوانين الوضعيات التاريخية، ـ أو قوانين تاريخية عيانية.
اعتبر لينين، لدن دفاعه عن المنهج الماركسي وتطويره لقوانين التطور الاجتماعي، أن القوانين ذات الطابع العام (قوانين التشكيلات) هي تعبير علمي، مأخوذةً الى أقصى درجة من التجريد، للاتجاهات الموضوعية في تاريخ الانسانية ككل أو تاريخ التشكيلات الاجتماعية الفردية. تعكس القوانين العامة العلاقات المُتكررة والضرورية من خلال الكشف عن الأسس الكامنة لكلٍ من العملية التاريخية بأكملها وجوانبها المُنفردة التي يتعذر رؤيتها من خلال مُجرّد المُلاحظة ووعي الحس السليم، ومن خلال الكشف عن العلاقات بين سلسلة مختلفة من الظواهر الاجتماعية. هذه القوانين العامة التي تتمظهر بهذا الشكل تضع لنفسها مسارات من خلال التنوع العياني الملموس للعملية التاريخية. يقول لينين "يُقدّم لنا العلم في جميع مجالات المعرفة تجسيداً للقوانين الأساسية في الظواهر التي يتبدى لنا أنها ترزح في فوضىً عارمة"(1) نظراً لأن القوانين العامة توحّد ما هو منطقي وتاريخي فهي تخلق أساساً منهجياً ثابتاً لتحليل المسار الملموس للتاريخ. "أي شخص يُعالج مسائل خاصة دون حل المسألة العامة سوف يتعثر بلا هوادة وعن غير قصد في كل خطوة في هذه المسائل العامة"(2).
في الوقت الذي كان لينين يعزو لمبادئ النظرية العامة أهميةً كبيرة، التي تجد التعبير الأكثر كمالاً عنها في القوانين، ناضل لينين ضد الاستخدام المُبسّط والمُبتذل للقوانين العامة في البحث الملموس. كان لهذه المسألة، بالاضافة الى أهميتها النظرية الصرف، أهميةً عمليةً عميقةً بالنسبة له، لأن العديد من التصورات المُعادية للماركسية مثل الماركسيين الشرعيين والاقتصادويين والمناشفة (والتي كان لها جذور اجتماعية وسياسية عميقة) غالباً ما اشتُقّت ابستمولوجياً من المُقاربة الخاطئة للعلاقة بين الطرح النظري التجريدي، والتاريخي العياني لهذه المسألة أو تلك.
أظهرَ لينين في وقتٍ مُبكرٍ من جداله مع بيتر ستروفه P. Struve حول نظرية التحقق التي تعود الى ماركس، أنه يجب التمييز الدقيق بين كلا المُقاربتين عند مُعالجة البيانات المُعطاة والمُتحددة بأهداف بحثية مُختلفة. اعتقد لينين أن خطأ مُقاربة ستروفه يكمن في حقيقة أنه خَلَطَ "نظرية التحقق المُجرّدة... بالظروف التاريخية العيانية التي يتحقق في ظلها الانتاج الرأسمالي في بلدٍ مُعيّن أو في فترةٍ مُعيّنة"(3). في سعيه لدحض أحد قوانين الاقتصاد السياسي الماركسي، استشهد ستروفه بظروفٍ تاريخيةٍ مُختلفة ضيّقت أو عدّلت الأشكال التي يتجلى فيها القانون. وفي حين يُظهر فشلاً تاماً في فهم أهمية القوانين العامة، فقد أعرب عن شكوكه حول القيمة العلمية لنظرية التحقق. رد لينين على هذا "الشك" بمجادلةٍ بليغة من حيث المُقاربة الشاملة: "ان كان ستروفه مشوشاً من حقيقة أن (التحقق التام هو الهدف الأعلى للانتاج الرأسمالي وليس واقعه بأي حالٍ من الأحوال) فإننا نود أن نُذكّره بأن جميع القوانين الأٌخرى للرأسمالية التي اكتشفها ماركس تُصوّر الحالة المُثلى للرأسمالية فقط، وليس واقعها بأي حال(4). بالطبع، لا يدور الحديث حول "النمط المثالي" الفيبري، والذي يسمح بتطويع الحقائق التجريبية بشكلٍ تعسفي وانشاء "الأنماط" التي تكون "مُلائمة" لجزء مُعيّن من البحث، بل يدور حول التجريد العلمي الصارم الذي يُعبّر عن جوهر عملية أو ظاهرة قيد الدراسة.
ويترتب على فهم لينين للقوانين كتجريدات ذات مستوىً عالٍ والتي تقود الى فرض قانون عام على وضع ملموس لا محالة، الى بروز أخطاء في تحليل المسار التاريخي الحقيقي. "لم يُصرّح أيٌ من خصوم ستروفه في أي وقت بعباراتٍ سخيفة مثل امكانية حل مسألة تاريخية من خلال المفاهيم المُجرّدة"(5). وهكذا، أيّد لينين، في نضاله ضد تحريفية ستروفه، أولاً، الأهمية الحاسمة للقوانين العامة من حيث معناها وشموليتها، وثانياً، أكد على أهمية استخدامها علمياً في البحث العياني.
ان التجرّد عن الانحرافات والتعرجات الحقيقية للتاريخ، والذي هو أمر مُبرر وضروري تماماً لتحصيل المعرفة حول الانتظامات العامة، هو أيضاً غير مسموح به مُطلقاً في تحليل الواقع التاريخي، وهي الفكرة التي كررها لينين أكثر من مرة في نضاله ضد المناشفة في سنوات الثورة الروسية الأولى وفي فترة الرجعية. عند تحليله تقرير اكسلرود في المؤتمر الرابع للحزب، وصف لينين المُتحدث بأنه انتقائي "كُلياً في مجال التجريد... الصالحة لكل زمان وكل أُمة ولكل اللحظات في التاريخ، وغير القادرة بسبب تجريديتها على وجه التحديد، على تفسير الخصائص العيانية للمسائل العيانية التي تواجهنا"(6). ظل لينين مُتمسكاً بهذا الرأي. كتب في عام 1917: "ان الاستعاضة عن الملموس بالمُجرّد هو خطأ من الأخطاء الرئيسية، من الأخطاء الأشد خطراً في الثورة"(7).
أدت التغيرات الكثيرة والمُتكررة في الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد خلال الثورة الروسية الأولى، والحاجة الى تغيير التكتيكات وفقاً للأوضاع الجديدة للثورة، والصراع الايديولوجي والسياسي الحاد بشكلٍ مُتزايد والتشويه المنشفي للماركسية، أدّت الى جعل مسألة تحليل الوضعيات التاريخية الملموسة واحدة من المسائل الهامة في المنهجية الماركسية. "يجب على الماركسي أن لا ينسى تحت أي ظرفٍ من الظروف أن الشعار الحالي لا يُمكن استنتاجه ببساطة وبشكلٍ مُباشرٍ من الشعار العام لوضعٍ مُعطى... لهذا من الضروري مُراعاة الوضع التاريخي الملموس"(8). على عكس المناشفة "يُركز الاشتراكيون الديمقراطيون الثوريون بشكلٍ خاص على الدراسة المُتأنية للوضع السياسي الملموس(9). لا يقصر لينين نفسه على الاطلاق على صيغة عامة تتعلق بالحاجة الى دراسة الوضع الملموس في حل المسائل التكتيكية. انه يطرح ويحل مسألة كيفية تحليل الوضع، ويتوصل الى كشوفات علمية ذات أهمية بارزة.
المسألة تطرح نفسها كالتالي: هل لدى الباحث في الأوضاع الملموسة تحت تصرفه قوانين عامة وبيانات ملموسة فقط، أم أنه يمتلك أيضاً أدوات أُخرى طورها النهج الماركسي اللينيني؟ ألا يستطيع، على سبيل المثال، استخدام ما يُطلق عليه في اللغة اليومية "التجربة التاريخية"، أي مُقارنة الوضع قيد الدراسة بأوضاع أُخرى كانت موجودةً في أزمنةٍ مُختلفة؟ ليس من الصعب أن نرى أن هذا السؤال الأخير مُرتبط بمسألة التكرار في التاريخ. بالنسبة للماركسيين، من الواضح أن النُظم والعمليات والظواهر الاجتماعية في تاريخ المُجتمعم ُناسبة تماماً للتعميم التصنيفي، لأنه من السهل نسبياً تتبع التكرارات في حال كانت المادية التاريخية مُرشدٌ لنا في هذا العمل. نحن، بالطبع، لا نتحدث عن التكرار الدقيق للمسار الملموس للأحداث في بُلدانٍ مُختلفة، ولكن عن جوهر القابلية للتكرار حيث أنها تُعبّر عن وحدة العملية التاريخية في جميع أنحاء العالم. كتب لينين، في مُعارضته للسوسيولوجيا المثالية الذاتية بالماركسية، حيث أن الأخيرة "قدمت مقياساً موضوعياً تماماً إذ فرزت علاقات الانتاج بوصفها أساس المُجتمع، ووفرت إمكانية تطبيق المقياس العلمي العام، مقياس التكرار، على هذه العلاقات (مع أن الذاتيين كانوا يُنكرون إمكانية تطبيقه في علم الاجتماع)"(10).
لكن هل تُكرر الوضعيات التاريخية نفسها؟ هل يُمكن اخضاعها للتعميم التصنيفي؟ لأن كل وضع يتشكل في أي بلد في أي مرحلة من مراحل تطوره يكون فردي وفريد في شكله الملموس. طَرَحَ لينين إجابة على هذا السؤال المُعقد في مستوييه النظري والعملي، وقدّم أمثلةً كلاسيكيةً على تصنيف الوضعيات التاريخية.
مهما كانت الظروف الداخلية والخارجية لثورة عام 1917 (في الفترة ما بين شباط الى تشرين الأول) وثورة 1848 الفرنسية مُختلفة، الا أن لينين قال أنه من المُمكن تصنيف الأوضاع التي نشأت في بلدين تحت بند نمطٍ واحد. تم التعبير عن هذا التعميم التصنيفي في شكل الوصف نفسه، متضمناً ما يُميز كلاهما على وجه التحديد: " الجمهوريون البرجوازيون في الحُكم، وهم مثل الكاديت في بلادنا يُريدون "النظام" قادين بذلك على بعث وتوطيد الأدوات المَلَكية لاضطهاد الجماهير... مثل الكاديت في بلادنا يريدون وضع حد للثورة، ويكرهون البروليتاريا الثورية... وكانت البرجوازية الصغيرة المُتذبذبة الخائفة من الشبح الأحمر، المُنساقة بالصيحات ضد "الفوضويين" القوة الاجتماعية الأساسية الثانية. فإن البرجوازية الصغيرة "الاشتراكية" بالأحلام والأقوال في تطلعاتها، والتي سمّت نفسها عن طيب خاطر "بالديمقراطية الاشتراكية" (والآن يستعمل الاشتراكيون الثوريون مع المناشفة هذا التعبير بالضبط) كانت تخشى أن تثق بقيادة البروليتاريا الثورية وكانت البروليتاريا القوة الطبقية الثالثة الفاصلة، وكانت تسعى لا الى "المُصالحة" مع البرجوازية، بل الى الانتصار عليها...(11). هنا أثبتَ لينين أن الوضعيات يُمكن في جوهرها أن تتكرر. ولقد خَلُصَ، من خلال فهمه أن هذه الوضعيات كانت من نفس النمط نوعياً، الى أنه من المُحتّم أن تُحاول الطبقة الرأسمالية الروسية قمع الطبقة العاملة بالقوة. ومع ذلك، كان لينين شديد البُعد عن المُقاربة الجبرية لنتائج هذه المُحاولة: "فعلى صلابة العمال الثوريين في روسيا ويقظتهم وقوتهم بوجه الحصر يتوقف ما اذا كان النصر أو الهزيمة سيكون من نصيف إضراب كافينياك الروس..."(12). لم تُقدّم حقيقة انتصار كافيناك باريس أي أساس لاستنتاج أن انتصار "الكافيناك الروس" كان حتمياً، ولكن كان احتمال انتصارهم في وضعٍ من هذا النمط حقيقياً تماماً.
اذاً، في القضية المُعطاة، ما هي منهجية لينين من أجل تحديد تكرار الوضعيات أو تصنيف تطابقها؟ تكمن الصعوبة في حقيقة أنه ليس فقط لا تتطابق المعايير وتسلسل الأحداث والشخصيات والخلفيات التاريخية، ولكن هناك أيضاً اختلافات جوهرية في بعض السمات الأساسية لهذه الوضعيات التاريخية. لقد حدثت ثورة عام 1848 عندما كانت الرأسمالية في صعودها، بينما حدثت الثورة الروسية في عصر الامبريالية. كانت فرنسا دولةً مُمركزةً ذات قومية واحدة، في حين كانت روسيا مُتعددة القوميات. ألغت ثورة شباط في فرنسا المَلَكية البرجوازية، في حين وضعت ثورة أُكتوبر حداً لنظام مَلَكي مُطلق لم يكن قد خطى بعد خطواته الأُولى باتجاه تحوله الى نظامٍ برجوازي. ولدن استنتاجه أن كلا الوضعيتين من نفس النمط، فقد أخذ كل ما سبق ذكره بعين الاعتبار، وأشار مُباشرةً الى الاختلافات الكبيرة بينهما: "الآن تتوفر في روسيا كثرة من العناصر التي تُميّز ثورتنا عن الثورة الفرنسية في عام 1848: الحرب الامبريالية، كوننا في جوار بُلدان أكثر تقدماً (وليس أشد تأخراً كما كان الحال بالنسبة لفرنسا آنذاك)، حركة زراعية وقومية، ولكنه ليس بوسع كل هذا أن يُغيّر الا شكل عمل اضراب كافينياك، واللحظة، والذرائع الظاهرية، وما الى ذلك، وليس بوسع كل هذا أن يُغيّر جوهر المسألة، لأن الجوهر يقوم في العلاقات المُتبادلة بين الطبقات".
تحتوي هذه الكلمات على المبدأ الأساسي لكل المسألة، والذي يوضّح خصائص الوضعية التي اعتبرها لينين أساسية وحاسمة في إرساء الحق في وضع مجموعة من الوضعيات (في بلدانٍ مُختلفة في مراحل مُختلفة من التطور، وما الى ذلك) في نفس التسلسل النمطي. يكمن جوهر الوضع، والذي يخضع وحده للتنميط، في تناسب القوى الطبقية، والعلاقة المُتبادلة بين الطبقات(14).
يطبع مستوى تطور الطبقة وخصائصها التاريخية الملموسة الأُخرى طابعه على الوضع الذي تجد هذه الطبقة نفسها فيه. علاوةً على ذلك، فهي، أي الطبقة، تؤثّر على تشكّل أي وضعية مُحددة. ينهض الوضع، في سياق الصراع الطبقي. ان علاقاتها المُتبادلة تُحدد جوهرها وتُحدد أهم خصائص ملحة تاريخية مُعطاة. هذا هو السبب في أن لينين قد صنّف الوضع الفرنسي عام 1848 والوضع الروسي صيف عام 1917 على أنهما ينتميان الى نمطٍ واحد، على الرغم من حقيقة أنه لا يُمكن تعريف أي من الطبقات الرئيسية الا من خلال المعايير الأوسع لهذا النمط. من أجل رسم تشابه نمطي في الوضعيات، يكفي أن تحتل الطبقات الأساسية موقعاً جوهرياً مُطابقاً فيما يتعلق بالعلاقة مع الطبقات الأُخرى (الطبقة الرأسمالية تسعى الى "النظام"، الطبقة البروليتارية تُناضل من أجل الوصول الى السُلطة والنضال من أجل تطور الثورة، والبرجوازية الصغيرة تُساعد القوى الرجعية، بسبب تذبذبها موضوعياً).
يسمح لنا تحليل مُقاربة لينين حول تكرار الوضعيات بالتوصل الى ثلاثة استنتاجات على الأقل. في المقام الأول، الى جانب قابلية تكرار الأنظمة والعمليات والظواهر، نحن نواجه ظاهرة أُخرى في التاريخ، أي تكرار الوضعيات التاريخية، والتي تكون بالتالي قابلةً للتعميم النمطي. في المقام الثاني، تتعلق قابلية تكرار الوضعيات بجوهرها. بقدر ما يتطلب تحديد تكرارية الأنظمة تجرداً من السمات العيانية للنظام في بلدٍ مُعيّن (على سبيل المثال، الخصائص المُميزة للرأسمالية في روسيا وانجلترا)، يتحدد التطابق النمطي للوضعيات من خلال التجرّد عن الظروف الخاصة لوضعية عيانية مُعطاة. ومع ذلك، فإن مبدأ التجرّد principle of abstracting ومُستوى التجريد level of abstraction مُختلفين تماماً هُنا. في الحالة الأولى، يتجاهل الباحث تماماً الوضعية التاريخية العيانية، بينما في الثانية، الوضعية هي بالضبط ما يدرسها الباحث، مُقصراً نفسه فقط على تلك الخصائص التي تُعبّر عن الجوهر. ثالثاً، جوهر الوضعية التاريخية هو العلاقة المُتبادلة بين الطبقات، ومدى قوتها. يؤدي التغيّر النوعي والجوهري في تناسب القُوى الطبقية الى تغيّر الوضعيات التاريخية. يُمكن اعتبار أن الوضعيات التاريخية تنتمي الى نفس الفئة إن كانت العلاقة بين الطبقات مُتطابقة بشكلٍ أساسي.
تحدث لينين في بواكير الثورة الروسية لعام 1905-1907 حول نتيجتين مُحتملتين واتخذ اعتباراتٍ نظريةٍ عامة كنقطة انطلاق له، وهذه الاعتبارات هي القانون العام لحتمية التغيرات البرجوازية-الديمقراطية في سياق تطور الرأسمالية: "ان تحوّل النظام الاقتصادي والسياسي في روسيا تحولاً ديمقراطياً برجوازياً أمر أكيد، مُحتّم". لكن شكل التحوّل لا يتحدد مُسبقاً بواسطة القوانين العامة، فهو يعتمد على كيفية انتهاء الثورة. انطلاقاً من ذلك، وصف لينين الأوضاع التي قد تنشأ بعد الثورة، أي أنه حدد أنماطها بشكلٍ أساسي: "1-فإما أن يؤول الأمر الى (انتصار الثورة الحاسم على القيصرية) وإما 2- أن لا تكفي القُوى لإحراز النصر الحاسم وينتهي الأمر بصفقة بين القيصرية وأشد العناصر "ذبذبةً" وأكثرها "أنانيةً" في صفوف البرجوازية. انه كان يُجادل أنماطاً من الوضعيات من خلال جُملة انتهت بهذا التأكيد العلمي: "عند أخذ كل شيء بعين الاعتبار"، " فإن التنوع اللامتناهي من التفاصيل والتركيبات المُمكنة التي لا يستطيع أحد التنبؤ بها، ينحصر بالاجمال في أحد هذين المآلين".
وهكذا، في حالة الاحتمال الأول، سوف تتم التغيرات الديمقراطية الجمهورية والبرجوازية الديمقراطية بأساليب يعقوبية، واضعاف واضح لمواقع مُلّاك الأراضي وشريحة الرأسماليين الرجعيين المُرتبطة بهم، ومُواجهة مُباشرة بين الطبقة العاملة والرأسماليين مما يؤدي الى تفاقم الصراع الطبقي من أجل التأثير على البرجوازية الصغيرة من بين أُمورٍ أُخرى، و"عندما يتم أخذ كل شيء في الاعتبار" سـ" يكمن جوهر الوضعي، والذي يخضع وحده للتنميط، في تناسب القوى الطبقية، والعلاقة المُتبادلة بين الطبقات".
ليس من الضروري وصف العلاقة المُتبادلة بين الطبقات في حالة النتيجة الثانية. لقد كان هذا الوضع تحديداً هو الذي تطوّر في روسيا، وتقييم لينين له معروفٌ جيداً. عند مُعالجته لهذه النتيجة، فقد وضعها لينين في تسلسل تنميطي كان قد ظهر مُسبقاً: "وسيكون هذا المآل، الى هذا الحد أو ذاك، أشبه بمآل الثورات الديمقراطية في أوروبا القرن التاسع عشر، بمآل جميعها تقريباً..."(16).
عزا لينين أهميةً كبيرةً لمسألة تكرار الوضعيات التاريخية. كما نعلم، دافع المناشفة، خلال ثورة 1905 عن خط تحالفهم مع الطبقة الرأسمالية، وأشاروا الى الفرضية العامة الماركسية بأن الرأسماليين الكبار هم مجموعة تقدمية في فترة صعود التطور الرأسمالي.
كَتَبَ لينين "ان حُجة هؤلاء الناس تستند الى اختيار غير موفّق للاقتباسات. انهم يتخذون افتراضات عامة مُعينة تتعلق بدعم الرأسماليين الكبار ضد البرجوازية الصغيرة الرجعية ويُطبقونها دون تمحيص على الكاديت الروس والثورة الروسية"(17). دون التقليل من أهمية القوانين العامة على الاطلاق، أوصى لينين باستخدام طريقة مُختلفة: "يجب على أي شخص يرغب في الاستعانة بماركس بشأن مهام البروليتاريا في ثورة برجوازية أن يُعالج تفكير ماركس الذي يتعامل بشكلٍ خاص مع فترة الثورة البرجوازية الألمانية"(18). قد يكون الموقف الذي اتخذه ماركس وانجلز في ثورة عام 1848-1849 قد استُخدِمَ من قِبَلَ الاشتراكيين الديمقراطيين الثوريين الروس كمثال، لأن الوضع الذي نشأ في ذلك الوقت كان مُشابهاً في نمطه للوضع في روسيا عام 1905-1907: السُلطة في أيدي مَلَكية مدعومة بشكلٍ رئيسي من قِبَل مُلّاك الأراضي من النمط شبه الاقطاعي، وطبقة رأسمالية تعمل من أجل عقد صفقة مع الرجعيين، وطبقة عاملة تُناضل من أجل استكمال الثورة حتى النهاية، وبرجوازية صغيرة مُتذبذبة.
لم يُغفل لينين، عند "استشارته" لماركس، بالطبع، الاختلافات الملموسة في الوضع ومسار الثورتين الروسية والألمانية، لا سيما على مستوى تنظيم ووعي الطبقة العاملة. في نفس العمل الذي تم الاستشهاد منه أعلاه، يستشهد بكلمات فرانس ميهرينغ: "التاريخ يمقت التكرار"(19). لكن حقيقة أن تناسب القوى الطبقية التي كانت أهم المسائل، قد كانت من نفس النمط، قد وفرت أُسساً لاستنتاج مبادئ تكتيكية مُشتركة، على الرغم من أنها كانت بطبيعة الحال تحتلف باختلاف الوضعيات، حتى ضمن التصنيف النمطي نفسه.
حذّر لينين، عند تأييده للمُقارنة بين الوضعيات التاريخية والتوصية بها كإحدى وسائل معرفة الظواهر الاجتماعية، من أنه لا يُمكن لمثل هذه المُقارنة أن تكون مُثمرة الا إن تمت على أساس علمي صارم، أي بعد التحقق الأولي من ظروف امكانية مُقارنة الوضعيات للتأكد مما اذا كانت من نفس النمط. بخلاف ذلك، ستكون أي مُقارنة مُجرّد تعمية للحقيقة وتصير شعوذةً اعتباطية، وهذا أمر خطير ان لم يكن مبنياً على التعميم النمطي.
حتى في أعماله المُبكرة، حث لينين قُرّاءه على تذكر "القاعدة الأساسية للمُقارنة: يجب أن تكون الظواهر التي تتم مُقارنتها من نفس النمط"(20). أظهر لينين، في بداية ثورة 1905-1907 خطأ المُقارنة الشائع في الصحافة الليبرالية، بين الدوما واللاندتاغ البروسي في فترة الصراع الدستوري: "ان كان المرء سيُجري مُقارنةً فعلاً، فليست الفترة الدستورية، بل فترة النضال من أجل الدستور، وفترة بداية الثورة التي يجب أن تؤخَذ كمثال... يُذكرنا مجلس الدوما بالبرنامج البروسي "اللاندتاغ المُتحّد" في 3 شباط 1847، أي قبل عام من الثورة(21). على الرغم من أنه تجري هُنا من الناحية الشكلية مُقارنة بين المؤسسات وليس الوضعيات، إلا أن لينين كان يُقارب المسألة من موقع الوضعيات بالضبط، كان يستخلص استنتاجات حول الفترات التاريخية التي كانت مُتشابهة من حيث تناسب القُوى الطبقية.
وبالتالي، فمن الخطأ المنهجي ليس فقط "فرض" قانون عام بشكلٍ مُباشرٍ على وضع ملموس، ولكن أيضاً تجاهل التكنيكات العلمية لتصنيف الوضعيات. تكررت هذه الأفكار حول هذه المسألة في كتابات لينين، الذي هاجم خصومه الايديولوجين لأنهم استخدموا "أُسلوب جميع السفسطائيين في جميع الأزمنة، وقوامه أخذ أمثلة من المعروف سلفاً أنها ترتبط بحالات مُختلفة مبدئياً"(22). ان كلاً من مارتوف وتروتسكي يجمعان الفترات التاريخية المتنوعة معاً...(23).. "لقد نسي العزيز لارين الغالي نقل الظروف الصناعية والتاريخ من بلجيكا الى روسيا"(24). حتى اولئك المُخلصين لقضية الشيوعية ارتكبوا أحياناً نفس هذا الخطأ المنهجي: "الرفيق بيلا كون يقوم بانتقاده على أساس اقتباس من ماركس يتعلق بوضعٍ يختلف عن الوضع قيد الدراسة..."(25).
ان قَبِلَ المرء تكرار الوضعيات التاريخية فيما يتعلق بجوهرها وامكانها، وانطلاقاً من ذلك، تصنيف الوضعيات في سلسلة نمطية، وان قَبِلَ المرء، بالاضافة الى ذلك، الصلاحية العلمية لفكرة "نمط الوضعية"، فإنه سيترتب على ذلك وحده أن يكون لكل نمط من الوضعيات انتظاماته الخاصة التي يُمكن أن يُطلَق عليها اسم "قوانين الوضعيات التاريخية". تم تأكيد هذه الاستنتاجات بالكامل من خلال تحليل قوانين الوضعيات التي اكتشفها وصاغها لينين من قبل. سيكون من المُحبّذ أن نبني تحليلها على تعريف لينين للوضع الثوري، والذي يُعد في هذه الحالة مثالاً كلاسيكياً. كما نعلم، تعاملَ لينين مراراً وتكراراً مع تحليل الظروف الموضوعية التي يُمكن في ظلها أن تنتصر الثورة. لقد استنتج خلال ثورة 1905-1907 أن الانتفاضة سوف تنهض "في الوقت الذي تكون فيه الحكومة في أسوأ حال وفي لحظة النهوض العارم للجماهير"(26). طَرَحَ لينين في عامي 1913 و1915 تحديداً لمعايير الوضع الثوري. في عام 1920 وضع الصيغة النهائية لقانون الثورة الأساسي: "أن يستحيل على الطبقات السائدة الاحتفاظ بسيادتها دون أي تغيير. أن تنشب هذه الأزمة أو تلك في (القمة)، أي تنشب أزمة في سياسة الطبقة السائدة، تُسفِر عن صدع يتدفق منه استياء الطبقات المُضطهدة وغضبها. فلكي تنفجر الثورة لا يكفي عادةً (ألّا تريد القاعدة بعد الآن) أن تعيش كما في السابق، بل ينبغي أيضاً (الا تستطيع القمة ذلك)"(27). طبّقَ لينين مفهوم "القانون" الغائب عن جميع الصياغات السابقة، فقط بعدما تحقق من تجربة ثورتي فبراير واكتوبر في روسيا، ونوفمبر في ألمانيا وعدد من الثورات الأُخرى بين عامي 1918-1919. أكّدَ لينين نفسه أن القانون قد تأكّدت صحته عام 1905 في روسيا وفي جميع المراحل الثورية في الغرب"(28).
إن مُقارنة قانون الوضع الثوري بقانون التطور الرأسمالي اللامُتكافئ، على سبيل المثال، يكشف الاختلافات النوعية بينهما. ينص الأول على إعتمادية نتيجة مُعينة (وهي احتمالية انتصار الثورة) على وضعية نشأت مُسبقاً.عندما يوجد معيار نمطي مُعيّن للوضع (بغض النظر عن الأشكال الملموسة التي يتخذها) تكون الثورة مُمكنة. ان كان أحد هذه المعايير مفقود (بقدر ما يعني هذا تغيراً في الوضعية)، فإن الثورة مُستحيلة. في القانون الثاني، تكون النتيجة (لاتكافؤ التطور) هي نتيجة نظام (الرأسمالية). في ظل الرأسمالية، وخاصةً في مرحلتها النهائية، تتطور البلدان بشكلٍ غير مُتكافئ. وطالما ظل النظام الرأسمالي قائماً، فإن البلدان الموجودة في ظله تتطور وفق هذا القانون. بعبارةٍ أُخرى، ان جزء القانون الذي يُحدد مجال التطبيق خارجه ينحل في الحالة الأُولى الى وصف لنمط الوضع، وفي الحالة الثانية الى تعريف للنظام. هذا هو الفرق بين قوانين الأنظمة وقوانين الوضعيات من حيث طبيعة الكيانات التي يتم تعميمها منها.
من أجل اثبات حقيقة أن التطور الرأسمالي اللامُتكافئ أمر حتمي في مجموعة مُعينة من البُلدان، يكفي إظهار أن هذه الدول رأسمالية. ولكن من أجل تحديد ما إن كانت انتصار الثورة مُمكن في بلدٍ مُعينٍ في مرحلةٍ مُحددة، من الضروري التحقق مما اذا كان الوضع الذي نشأ هناك يندرج ضمن الأوضاع الثورية. للقيام بذلك، يجب على المرء أن يدرس العلاقة بين الطبقات دراسة تاريخية ملموسة. هذه هي المسألة فيما يتعلق بمنهجية استخدام نمطين من القوانين: قوانين الأنظمة وقوانين الوضعيات. وهذا هو السبب في أن قوانين الوضعيات التاريخية هي قوانين ملموسة تاريخية.
ان قانون التطور الرأسمالي اللامُتكافئ، وقانون الإفقار النسبي المُطلق للبروليتاريا، وقانون تعاقب التشكيلات الاجتماعية-الاقتصادية، وقانون ضرورة دكتاتورية البروليتاريا خلال الفترة الانتقالية، والقوانين العامة الأُخرى (قوانين الأنظمة) مُستقلة عن الظروف الملموسة، أي مُطلقة. إن ظروف المكان والزمان قادرة على التأثير فقط في شكل وشدة تلك القوانين التي تُعبّر بها عن نفسها. يستخدم لينين فكرة "القانون المُستقل عن الظروف" عندما يعتبر أن ظاهرة مُعيّنة هي حتمية وضرورية في ظل نظامٍ مُعيّن: "ان التفاوت في التطور الاقتصادي والسياسي هو قانون مُطلق للرأسمالية"(29).
على عكس القوانين من هذا النوع، تحمل قوانين الوضعيات طابعاً شرطياً: فهي لا تُحدد حتمية نتيجة مُعينة بل إمكانية حدوثها. بعبارةٍ أُخرى، تكون النتيجة في هذه الحالة مُحددة في طبيعتها: يتم التعبير عنها في امكانية (أو استحالة) تطور الأحداث والسياق التاريخي الملموس. كما نعلم، لا يؤكد قانون الوضع الثوري أنه سيكون هناك ثورة مُنتصرة حتماً في ظل نمط مُعين من الوضعيات، بل هذا القانون يقول بأنه "يُمكن" أن تنتصر. يتجلى في هذا أيضاً الطابع الملموس تاريخياً لقوانين الوضعيات. كل وضع تاريخي يحوز على بديل. قد تتحول الأحداث نحو هذا الطريق أو ذاك، إعتماداً على تنوع الظروف التي لا تُشكل جُزءاً من المعايير النمطية للوضعية. تتأتى من هنا الأهمية الهائلة لنشاط الناس والأحزاب والطبقات الهادف، نشاط الانسان صانع التاريخ والطاقة الثورية والجُرأة وفن رسم التكتيك. لكن الاستخدام الخلّاق لكلٍ من القوانين التاريخية العامة والملموسة يؤدي الى نتاج مواتٍ الى أقصى حد بالنسبة للنضالات التاريخية. وهكذا، فإن نمط القوانين قيد الدراسة، مثل جميع قوانين الطبيعة والمُجتمع، تُعبّر عن التكرارية الموضوعية للعلاقات من نمط مُحدد، لأن قوانين الوضعيات تعكس الواقع التاريخي بشكلٍ مُباشرٍ أكثر من قوانين النُظم.
تتجلى كل سمات قوانين الوضعيات هذه بالمِثل لأقصى درجة في قوانين أُخرى من هذا النمط اكتشفها لينين، بغض النظر عن مقاييس وأهمية الظواهر والتبعيات التي تشملها. إن قانون الوضع الثوري، ذلك الظرف المُطلق لأي ثورة، يشمل بطبيعة الحال نطاق أوسع من الظواهر وفي المُقابل مجال تطبيقه واسع أيضاً. ان مجال تطبيق قوانين الثورات البرجوازية محدود أكثر. أحد هذه القوانين هو: "ان الثورة البرجوازية، لا يُمكنها أن تكون أكثر من ثورةٍ غير مُكتملة عندما تقودها البرجوازية... يُمكنها أن تكون ثورةً حقيقيةً فقط تحت قيادة البروليتاريا والفلاحين"(30). يتحدث لينين، في صياغته هذه، حول البروليتاريا، ولكن عندما كان يُناقش فترات الثورات البرجوازية الكلاسيكية، عندما لم تكن البروليتاريا تُشكّل قوةً مُستقلةً بعد، فإنه يستخدم مصطلحاً مُختلفاً. كتب لينين أن الكثير من مصائر الأُمم تعتمد على "المقدار الذي تنتقل به الزعامة في اللحظات الحاسمة من التاريخ الوطني، لا الى البرجوازية، بل الى "الرُعاع"، الى "العامة" الذين ينتمون الى القرن الثامن عشر، الى بروليتاريا القرن التاسع عشر والقرن العشرين"(31). وبالتالي، بما أن التعميم الذي ندرسه يتعلق بالثورات البرجوازية بشكلٍ عام، فيُمكن صياغته على النحو التالي: لا يُمكن أن تصل الثورة البرجوازية الى نهايتها المنطقية الا تحت قيادة "الطبقات الدُنيا"، عامة الشعب والبروليتاريا والفلاحين.
أولاً، من الضروري تحديد ما ان كانت هناك أسباب لاعتبار هذه الصيغة كقانون وليس كتعميم على مستوىً أدنى. في المقام الأول، ما يتم التعبير عنه هنا هو العلاقة المُتكررة باستمرار بين اتمام الثورة البرجوازية، وقيادة "الطبقات الدُنيا". في المقام الثاني، هذه العلاقة ضرورية، إنها تتحدد بخصائص البرجوازية كطبقة ستدخل حتماً في صراع ليس فقط مع الاقطاع الرجعي، ولكن، مع الطبقة "الرابعة" وعوام المُدن والبروليتاريا في مرحلةٍ مُعينةٍ أيضاً. وهكذا، نحن نتعامل مع قانون، لكن مع قانون مُحدد، لأن الأمر ليس مُتعلقاً في الثورات البرجوازية كنظامٍ خاص. لا تعتمد القوانين العامة للثورات البرجوازية على الأوضاع، لكنها تُظهر نفسها بشكلٍ مُختلف بالاعتماد عليها. في مثالنا المطروح، تم اثبات تبعية النتيجة (اكتمال الثورة) على الوضع الناشئ في سياقها. بعبارةٍ أُخرى، يستند هذا القانون أساساً الى التعميم النمطي للوضعيات وليس الأنظمة. في الحقيقة، الثورة البرجوازية تحت قيادة "الرُعاع" هي نوع خاص من الوضعيات. يكمن جوهرها في علاقة الطبقات التي تنجح في ظلها "الطبقات الدُنيا" في الاستيلاء على قيادة العمليات الثورية. مثل قانون الوضع الثوري، فإن هذا القانون (الذي يُمكن تسميته "قانون اكتمال الثورات البرجوازية") يدور حول إمكانية حدوث نتيجة مُعينة في ظل وضعٍ مُعيّنٍ فقط، ولا يؤكد أن قيادة "الطبقات الدُنيا" يضمن استكمال الثورة. هذا يعتمد على العديد من الظروف الأُخرى. هذا ما كتبه لينين "قد تكون" وليس "ستكتمل حتماً".
يرتبط هذا القانون ارتباطاً شديداً بقانون آخر بالغ الأهمية، والذي افترض وجوده آنجلز قبل سنوات من ذلك: "لكي تتحصل الطبقة الرأسمالية على ثمار النصر التي كانت قد نضجت تماماً في ذلك الحين، من الضروري أن تتجاوز الثورة هذا الهدف نفسه الى حدٍ كبير... يبدو أن هذا هو في الواقع أحد قوانين تطور المُجتمع الرأسمالي"(32). في عرضه لهذا الاقتباس، يختبر لينين ان كانت الفرضية تنطبق على الثورة الروسية 1905-1907: "تأكدت حقيقة أن الثورة يجب أن تُستَكمَل الى أبعد من أهدافها البرجوازية الناضجة الصرف من أجل تحقق هذه الأهداف حقاً، ومن أجل ضمان الحد الأدنى من المكاسب البرجوازية التي تتجاوز إمكانية الانقلاب ضدها(33). بعبارةٍ أُخرى، يُمكن ضمان مكاسب الثورة البرجوةازية حينما يُمكن تجاوز إمكانية الانقلاب عليها فقط في نوعٍ معيّنٍ من الوضعيات، أي عندما تتجاوز الثورة أهدافها. تعتمد النتيجة (تأمين المكاسب البرجوازية) على نمط الوضعية.
قانون الوضعية هذا، مثله مثل القوانين الأُخرى، ليس مُستقلاً عن الظروف. حتى لو تجاوزت الثورة البرجوازية أهدافها الناضجة بالكامل، فقد تفقد مكاسبها جُزئياً نتيجةً لتدخل الثورة المضادة أو عوامل أُخرى لم يتم تضمينها في الوضعية المُعطاة. لكن إمكانية تأمين هذه المكاسب موجودة فقط عندما يكون الوضع من ذلك النمط. من الواضح أن منهجية دراسة هذا القانون لا تفترض وجود أنظمة، بل تحليل تاريخي ملموس. من أجل تحديد العلاقات التي يُعبّر القانون عنها، لا يكفي أن نؤكد أن الأحداث قيد البحث تُشكّل ثورةً برجوازية. من الضروري أن ندرس بدقة كيف تتطور الثورة المعنية، وما هي علاقات القوى الطبقية، وما إن كانت الثورة قد تجاوزت الحد الأدنى من الأهداف البرجوازية. يجب، بعبارةٍ أُخرى، إجراء بحث تاريخي ملموس.
تتعامل قوانين الوضعيات مع الواقع التاريخي. من الصعب للغاية، في المسار الفعلي للأحداث، تحديد الى أي درجة نضجت أو نشأت معايير نمطية مُعينة. قد لا يتمكن أولئك "الذين في القمة" من الاستمرار بالحكم بالطُرق القديمة، ولكن قد تكون الدرجة التي لا يستطيعون فيها القيام بذلك أكبر غداً. قد لا يكون اولئك "الموجودين في القاع" مُستعدين لمواصلة العيش بالطريقة القديمة، ولكن هُنا أيضاً، هناك مُستويات مُختلفة من عدم القدرة أو الرغبة في ذلك. أياً يكن الأمر إخضاع العلاقات التاريخية لدراسة صارمة للغاية، فإن تلك العلاقات، لا يُمكن، بحكم طبيعتها، أن تخضع لقولبة رياضية دقيقة. هذا هو السبب في أن إحدى الخواص الأُخرى لقوانين الوضعيات تكتسب أهميةً كبيرة: قدرتها على أن تخضع لتغيّر الى قوانين تُعبّر عن العلاقات بين الدرجة التي نضج فيها وضع مُعيّن، وأمكانيات نتائجها. هذه القدرة على التحول والتي لا تُفقِد القانون معاييره النمطية النوعية.
والحقيقة، أنه كلما تعمقت الأزمة في "القمة" وعدم رغبة الجماهير في العيش بالطريقة القديمة، زادت احتمالية حدوث ثورة ناجحة. وفي أحد تعريفاته، وضع لينين صياغةً لهذا المبدأ: "ان الديمقراطية البرجوازية في كل بلد تتشكل بنحوٍ أو آخر في عهود التحولات البرجوازية (أو بالأصح، في عهد الثورات البرجوازية) وتتخذ هذا المظهر أو ذاك، وتتربى بهذا التقليد أو ذاك، وتعترف بهذا الحد أو ذاك من الديمقراطية، تبعاً للمقدار الذي تنتقل به الزعامة في اللحظات الحاسمة من التاريخ الوطني، لا الى البرجوازية، بل الى (الرُعاع)، الى (العامة)"(34).
هنا، يتحدث لينين عن درجة الهيمنة (أي المقدار)، مُدتها، استقرارها، وما الى ذلك. ولكن، قوانين الأنظمة مثل قانون التطور الرأسمالي اللامُتكافئ، على سبيل المثال، لا يُمكن أن تكون من نمط قوانين (بقدر ما كذا وكذا، فسوف كذا وكذا). فقط قوانين الوضعيات تُعبّر عن مثل هذه العلاقات، والتي تتمظهر اما بالشكل التقليدي المُعتاد، أو في شكل يعكس الدرجة التي تؤثر بها الأسباب على النتائج.
وبالتالي، فان قوانين الوضعيات التاريخية تُشكّل نمطاً مُتميزاً من قوانين التطور الاجتماعي، وهي تتميز بالسمات التالية: 1- انها تستند الى التعميم النمطي للوضعيات وليس الأنظمة، والوضع يُفهم بهذه الصورة على أنه العلاقة المُتبادلة بين الطبقات التي تتخذ شكلاً مُعيناً في بلدٍ مُعيّن في فترة معينة من تاريخه. 2- انها لا تُحدد حتمية نتيجة مُعينة بل امكانية حصولها (أو استحالة ذلك) في ظل نمطٍ مُعينٍ من الوضعيات. 3- تُعبّر ليس فقط عن اعتمادية نتيجة مُحتملة على وضعية ما، بل ودرجة الامكانية، التي تتحدد بدورها حسب درجة نُضج نمط الموقف المعني. 4- تُستخدم بطريقة ملموسة تاريخيا.
يُستمَد تعريف قوانين الوضعيات مما يلي: قوانين الوضعيات التاريخية هي قوانين تاريخية ملموسة تتضمن قابلية التكرار المُستقر والضروري للعلاقات بين نمط الوضع وامكانية نتيجة مُعطاة. يُظهر تحليل قوانين الوضعية التاريخية مدى ارتباطها المُباشر بالمسار الحقيقي للتاريخ. انها تُشتَق على أساس تجريد نطاق قوانين مُختلفة تماماً، "أدنى" من قوانين الأنظمة. تُستَمد القوانين الأخيرة من الظروف الملموسة بشكلٍ عام، في حين أن قوانين الوضعيات تُستمَد فقط من الظروف الثانوية التي لا تشمل معايير النمط. تضع هذه الخصيصة الأساس فيما يتعلق بقوانين الوضعيات كقوانين تخص مجال تخصص التاريخ، هذا التخصص المدعو لكشف وتحليل وبحث تلك الوضعيات. يتأكد هذا من خلال الخصائص الأُخرى لقوانين الوضعيات المذكورة أعلاه. ولكن هناك أيضاً اعتباراتٍ أُخرى تؤدي الى نفس الاستنتاج.
ان العملية التاريخية كموضوع للتعلّم هي أمر مُعقّد بشكلٍ غير مألوف. لا يُمكن فهمها ما لم يتم فرز البُنية التي يتم البحث فيها حول جوانبها وأجزائها وأنظمتها المُختلفة. هذه هي الطريقة التي ظهرت بها العلوم المُختلفة حول المُجتمع وقوانين تلك التخصصات، التي تُعبّر عن العلاقات داخل حدود الأنظمة المُتسقلة نسبياً. ان الكشف الهائل الذي قامت الماركسية به، والتي وضعت دراسة الظواهر الاجتماعية لأول مرة على أساس علمي، هو فرز المجال الحاسم المُحدِّد في حياة المُجتمع، أي بناءه التحتي. ان للقوانين الاقتصادية التي تحكم هذا البناء ذات أهمية حاسمة. إنها أكثر أهميةً من أي نظام آخر على حِدة (لأن هذه الأخيرة تتحدد بالأولى، في التحليل النهائي). ولكن، فهي تظل قوانين نظام مُفرَد، وليست قوانين للعملية التاريخية ككل. كتب انجلز: "ان العامل الاقتصادي هو الأساس، لكن لعناصر المُختلفة للبُنية الفوقية-الأشكال السياسية للصراع الطبقي ونتائجه، ومثالها، الدساتير المُطبقة من قِبَل الطبقة الظافرة بعد معركةٍ ناجحة، الخ، والأشكال القانونية، وحتى انعكاسات جميع هذه الصراعات الفعلية في أدمغة المُشاركين، والنظريسات السياسية والحقوقية والفلسفية، والآراء الدينية وتطورها اللاحق الى أنظمة عقائدية، تُمارس تأثيرها كذلك في مجرى الصراعات التاريخية وفي كثيرٍ من الأحوال تُحدد شكلها بصورة متفوقة"(35).
ان دراسة الكيان بأكمله كعمليات مُنفصلة عن بعضها البعض من أجل اكتساب المزيد من المعرفة حوله (مثل التاريخ الاقتصادي، تاريخ الدولة والقانون، تاريخ الثقافة، الخ) لهو منهج أكاديمي وتكنيك بحثي يعكس جوانب تطور المُجتمع الموجودة بالفعل. لكن الكيان نفسه، أي تطور المُجتمع الانساني موجود فقط في وحدة جميع جوانبه. التاريخ الفعلي هو وحدة وتفاعل مُختلف جوانب العملية التاريخية. وكما يقول انجلز "ان هناك تفاعلاً بين سائر هذه العوامل لاالتي تنتهي الحركة الاقتصادية الى شق طريقٍ لها فيها على اعتبارها ضرورية..."(36). يُمكن القول، أن التاريخ ينتقل من وضعية الى أُخرى، في حين أن الوضعية نفسها هي نتيجة وتمظهر ملموس لذلك التفاعل.
درست السوسيولوجياالماركسية اللينينية والمادية التاريخية في قوانين التفاعل بين الجوانب المُتنوعة لتطور المُجتمع بشكلها العام المُستقاة من الوضعيات التاريخية الملموسة. ولكن في كل لحظة مُعطاة، تعمل قوانين المادية التاريخية وتلك المُتعلقة بالأنظمة وتتمظهر في وضعية مُعطاة.
تحمل قوانين الوضعيات طابعاً تاريخياً ملموساً على وجه التحديد لأن الوضعيات تتشكل نتيجةً لتزامن العمليات التي تحدث في تشابك وتفاعل جوانب متنوعة من الحياة الاجتماعية. "ان الوقوع المُتزامن لحدث عجز (اولئك الذين في القمة) على أن يحكموا بالطُرُق القديمة وعدم قدرة أولئك الذين "في القاع" على أن يتصالحوا مع هذا النوع من الوضع، يُسمى أزمة سياسية على مستوى بالبلد بأكمله"(وان كنا نتفق على أن هذا يحتاج الى تدقيق)(37). يتطور كل جانب من جوانب حياة المُجتمع والذي يُشكّل وضعيةً مُعينة وفقاً للقوانين السوسيولوجية العامة وقوانين نظامه الخاص. وبالتالي، فإن آلية هذه القوانين تكمن بالضبط في حقيقة أن هذه الآلية، التي تتجلى في سلوكات الناس وتفاعلهم مع القوانين الأُخرى، تُشكّل الوضعية. ومع ذلك، فإن هذه القوانين تدخل في الوضع ليس في شكل صرف ولكن في أشكال ملموسة مُميزة للبلد المعني والرحلة المعنية. هذا يعني، على سبيل المثال، أن قانون الإفقار النسبي والمُطلق للطبقة العاملة يدخل في وضعية ليس بشكله المُجرّد، ولكن مع عوامل مقاومة الطبقة العاملة، وتكتيكات الطبقة الرأسمالية، وعوامل أُخرى تحد من عمل هذا القانون، أو تقوم باطلاق العنان له من ناحيةٍ أُخرى. وبالتالي، فإن قوانين الوضعية التاريخية هي قوانين تفاعل مُختلف جوانب العملية التاريخية، مُعبّرةً عن الآلية التي تعمل بموجبها القوانين العامة.
أعرب فرانتسوف عن فكرة مُشابهة جداً، فيما يتعلق بقانون الوضع الثوري: "يجب جعل القانون السوسيولوجي العام حول الصراع بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج ملموساً بموجب قانون نُضج أزمة وطنية في بلدٍ مُعيّن"(38). على الرغم من أن مؤلف تلك السطور لا يتحدث عن وضع ثوري كقانون من نوعٍ مُختلف اختلافاً جوهرياً عن القوانين العامة، الا أن الفكرة القائلة بأن الأول هو أكثر ملموسيةً ومُرتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع التاريخي واضحةً تماماً. في الوقت نفسه، لا يُمكن للمرء أن يوافق على أن القانون الملموس تاريخياً، قانون الوضعية، هو تجسيد لأحد القوانين العامة، مهما كانت أهمية هذا الأخير. نحن نعلم أن الوضع الثوري ينشأ غالباً في ظروفٍ لا يصل فيها الصراع بين القوى الانتاجية والعلاقات الانتاجية الى حدوده القصوى. يُمكن تفسير ذلك من خلال حقيقة أن هناك قوانين أُخرى تعمل في ذات الوقت: القوانين الاقتصادية (على سبيل المثال، قانون الافقار النسبي والمُطلق للطبقة العاملة، مما يؤدي الى إضعاف الجماهير)، والقوانين الساسية، وأخيراً قوانين االسيكولوجيا الاجتماعية (الاطروحة القائلة بأن "الذين في القاع" لا يريدون... يُعبّر عن مستوى مُعيّن من الوعي والمزاج الجماهيري).
بغض النظر عن أيٍ من قوانين الوضعيات السابقة التي يدرسها المرء من وجهة النظر هذه، يجد المرء أن جميع جوانب العملية التاريخية، وبالتالي، أيضاً القوانين المُتأصلة فيها بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر تُشارك في تشكيل الوضع. هذا أمر طبيعي، لأن جوهر الوضعية يكمن في تفاعل الطبقات، التي يقوم تأثيرها في جميع جوانب حياة المُجتمع الاقتصادية والسياسية والايديولوجية بطبع بصماته في كل لحظة تاريخية.من المُمكن، عند أخذ هذا الأمر كنقطة انطلاق، تطوير تعريف قوانين الوضعيات المطروحة أعلاه، والتي تبدو في شكلها النهائي على النحو لتالي: قوانين الوضعيات التاريخية هي قوانين تخص مجال التاريخ، تُعبّر عن آلية عمل القوانين العامة وتؤكد العلاقة بين الوضع والنتيجة المُحتملة لمثل هذا الوضع.
تدور النقاشات العلمية التي تتناول مسألة القوانين المُميزة لمجال التاريخ حول عدة نقاط: 1- هل يُعَد اكتشاف القوانين جزء من وظيفة تخصص التاريخ؟ 2- ان كان الأمر كذلك، فأي نوعٍ من القوانين يجب اكتشافها؟ سوسيولوجية أم عيانية؟ 3- ان كانت عيانية ملموسة فمن أي ناحية؟ من مدى الظواهر التي تشملها أن من ناحية نمط التعميم المُختلف نوعياً؟ 4- أخيراً، أن نحن أقررنا بأن القوانين المُتعلقة بالتاريخ تختلف نوعياً عن القوانين السوسيولوجية، فأين يكمن الاختلاف؟ في هذا السؤال الأخير، تم التعبير عن فكرة أن القوانين المُميزة للمعرفة التاريخية تعكس تفاعل جوانب مُتنوعة من العملية التاريخية. ان الأفكار حول "الاحتمالية التاريخية"، وحول أهمية مقولة "الاحتمالية والواقعية في تطور المُجتمع" وحول المُعالجة الاحتمالية لقوانين التاريخ(39) وحول تصنيف التعميمات في كتابات لينين(40) هي أيضاً مُثمرة (وقد اخذناها بعين الاعتبار عند معالجتنا للأطروحة المُقدمة).
ليست هناك حاجة لتحليل تفصيلي، في حدود هذه المقالة، لوضع الفلسفة البرجوازية ومنهجية التاريخ، خاصةً وأن هذا قد تم تناوله في أدبنا(41). ومع ذلك، يبدو أنه من المُستحسن الاشارة الى النهج الذي اتخذه المؤرخون البرجوازيون تجاه المسائل المطروحة أعلاه، والى أهميتها للصراع الايديولوجي الجاري الآن في التأريخ. قد يعتقد المرء أنه كان على مسألة القوانين المُميزة للمعرفة التاريخية أن تحظى باهتمام كبير في مُناقشة الموضوع المنهجي "المؤرّخ والعلوم الاجتماعية" في المؤتمر الدولي الثالث عشر للعلوم التاريخية. بغض النظر عن غموض الصياغة في كُلٍ من عناوين وصياغة الأوراق (كان التاريخ يبدو خارج حدود مفهوم "العلوم الاجتماعية")، فإنه يجب الاعتراف بأن الموضوع افترض، قبل كل شيء، توضيح الفروق بين موضوع بحث تخصص التاريخ ومواضيع العلوم الاجتماعية الأُخرى، وبأن موضوع بحث أي تخصص يجد تعبيراً عنه في طبيعة القوانين التي يدرسها.
في الواقع لم يتم التطرق الى الطابع الذي يُميّز قوانين تخصص التاريخ في أوراق العلماء البرجوازيين. ان أسباب ذلك تكمن فيما يلي. في التأريخ البرجوازي، لم يتم التغلب على فكرة أن التاريخ هو نطاق بحث ايديوغرافي (مجال بحث مُتعلق بشخصيات وأفراد) أو حتى كفرع يُمكن الكتابة في نطاقه ابداعياً. بطبيعة الحال، يُنكر المؤرخون من مثل هذا النوع وجود قوانين لعملية التاريخ، ولا يُمكن أن يخطر لهم مسألة ماهية القوانين التي يتميز بها التاريخ. ومع ذلك، فإن الغالبية العُظمى من المؤرخين البرجوازيين لا ينتمون الى هذا التيار القديم. ومع اعتراف هذه الغالبية بوجود قوانين التطور التاريخي من حيث المبدأ، فإنهم يشنون نضالاً ضد الماركسية فيما يتعلق بطبيعة هذه القوانين ويُنكرون الكشوفات العظيمة للمادية التاريخية. وفي بحثهم حول العلاقات بين التاريخ والعلوم الاجتماعية الأُخرى، لا يغيب تأثير الوضعية الجديدة اللاأدرية عندما يُنكرون فلسفة التاريخ، والتي تتمثل وظيفتها في تسليط الضوء على أكثر القوانين شموليةً لتطور تاريخ الانسانية. ان المؤرخين البرجوازيين، كقاعدة عامة، غير قادرين على طرح مسألة تصنيف العلوم الاجتماعية ونظام القوانين المُتأصلة في كُلٍ منها، نظراً لعدم تملكهم لأي نظرية علمية حول العملية التاريخية وعدم ادراكهم لقوانين اجتماعية شاملة.
ولكن، عندما تنشأ مسألة امكانية الكشف عن القوانين، يتضح أن العلماء البرجوازيين عاجزون على وجه التحديد بسبب ضعف مواقفهم الفلسفية والمنهجية. يُمكننا أن نستشهد بمُحاججات المؤرخ الألماني الغربي تيودور شيدير Theodor Schieder كمثال على ذلك. كتب يقول، في ورقة قُدِمَت الى المؤتمر: "ان أي تصوير للأحداث... هو، في المقام الأول، عرض للتفاعلات الملموسة والتاريخية للأحداث والتأثيرات. وفي الخطوة الثانية من اجراءات البحث اللاحقة قد يَنتُج عنه استنباط قواعد أكثر عموميةً، على أساس واحد أو عدة ترابطات أحداث تاريخية مُهمة... ومع ذلك، هنا بالضبط تبدأ الصعوبات الحقيقية في مُحاججات المؤرخ المنطقية. هل يُمكن التعميم من الظروف التاريخية، حتى لو تم اختيار الأحداث بعناية ودعمها من خلال مُقارنة عدد من الأمثلة؟". يدعم شيدير وجهة نظره، مُجيباً على هذا السؤال بالنفي، بالفكرة القائلة بأن المؤرخ لا يُمكنه الا استخلاص استنتاجات ذات طابع غائي. على سبيل المثال، فإن عبارة "مات لويس الرابع عشر غير معروفاً وبدون شعبية لأنه قام بسياسة تتعارض مع مصالح فرنسا القومية"، يُمكن للمؤرخ تحويلها الى عبارة "أي حاكم ينتهج سياسات لويس الرابع عشر في ظل ظروف مُماثلة سيفقد شعبيته، كما فعل لويس الرابع عشر بالضبط".
علاوةً على ذلك، يَخلُص شيدير الى أن "شروط صياغة قانون لم تعد مُستوفاة، على العكس من ذلك، يتم استنتاج العام من الخاص"(42). ليس من الصعب أن نرى، ان شيدير في استعارته للمثال الذي طرحه و. دري شريدير يُنكر التكرار في التاريخ، وبالتالي، امكانية استنتاج قانون. وهكذا، فإن مسألة القوانين المُميزة للبحث التاريخي يتم استيعابها من خلال المُشكلة الأكثر عموميةً التي تدور حول انتظامات التطور الاجتماعي ككل، والتي يستحيل حلها ضمن الفهم المثالي عن العالم. لا يُمكن حل هذه المسألة الا على أساس المنهجية الماركسية اللينينية.
في تبادل الآراء بين علماء التأريخ السوفييتي حول المسألة قيد الدراسة، كان هناك، مع ذلك عيباً مُهماً. استمر النقاش حصرياً على مستوى المنطق المُجرّد. كان يتم التعبير عن صحة أو خطأ هذا الحُكم أو ذاك مدعوماً بالاستشهادات المُناسبة. لكن لم تكن هناك مُحاولات للرجوع الى قوانين التطور الاجتماعي نفسها لدراسة خصائصها وبُناها. يجب أن يتم فعل هذا، لأنه يُمكن لهذا المسار أن يؤدي الى حل المسألة بشكلٍ أسرع مما يُمكن أن يؤديه استمرار المُناقشات النظرية الصرف. هذا هو المسار الذي دفع المؤلف الى طرح الفرضية الموضحة أعلاه. لقد مثّلت هذه المقالة، مُحاولةً لتحليل أحد أنواع قوانين التطور الاجتماعي، وهي قوانين الوضعيات التاريخية. ومن أجل ثبات أن القوانين من هذا النوع ذات طبيعة مُحددة تاريخياً ومُمِيّزة للبحث التاريخي.
ان البحث التاريخي الماركسي اللينيني للتاريخ له قوانين خاصة به، وهو تخصص تم تطويره كما هو الحال جميع العلوم الطبيعية والانسانية. ما يُميّز علم التاريخ ليس حقيقة أنه ليس لديه قوانين خاصة به (كما يؤكد البعض)، ولكن أن لديه قوانين تُميزه بالذات. ان الهجمات ضد الطبيعة العلمية للمعرفة التاريخية لم تتوقف، وسيُمكّن تطوير نظام صارم من القوانين علماء التاريخ الى تقوية النضال ضد التأريخ المثالي.
يبدو لي أن هذا سيكون له تأثير كبير على تطور الدراسات السوفييتية حول التاريخ.

* ليف ايفيموفيتش كيرتمان 1917-1987، مؤرخ سوفييتي-انجليزي، دكتور في العلوم التاريخية 1961، واستاذ ورئيس قسم تاريخ العالم 1956-1974، واستاذ في قسم التاريخ الحديث والمُعاصر 1974-1987 في جامعة مدينة بيرم، ومؤسس مدرسة بيرم العلمية حول مسائل حركة الطبقة العاملة وتاريخ الثقافة الأجنبية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
تخرّج كيرتمان من كلية التاريخ في جامعة كييف عام 1940. وتم استدعاءه للجيش في نفس السنة حيث شارك في الحرب الوطنية العُظمى حتى تم تسريحه بسبب اصابة عام 1941. تم تقليده العديد من الميداليات والجوائز، منها ميدالية بطل حرب من الدرجتين الأولى والثانية. واصل دراساته العُليا في جامعة قازان عام 1942.
دافَعَ عام 1943 عن اطروحته لدرجة مُرشح في العلوم التاريخية (تطور نظرات ت. م. غرانوفسكي التاريخية)، وبدأ بالتدريس في جامعة كييف. صار بروفسور مساعد في التاريخ الحديث عام 1944. صار منذ عام 1949 بروفسوراً ورئيساً لقسم تاريخ العالم التابع لكلية التاريخ وفلسفة اللغة في جامعة بيرم، ودافَعَ عام 1961 عن اطروحته لنيل الدكتوراة (الحركة العمالية في انجلترا وصراع التيارين في حزب العمال 1900-1914). ترأسَ، منذ عام 1965 قسم تاريخ العالم، وبعد تقسيم هذا القسم الى فروع، صار عام 1974 رئيساً لقسم التاريخ الحديث والمُعاصر. ترأسَ كذلك المجلس المنهجي للجامعة. كان عضواً في اللجنة الوطنية للمؤرخين السوفييت وعضواً في المجلس العلمي السوفييتي حول تأريخ العلوم التاريخية. كانت المجالات الرئيسية لاهتماماته العلمية تتضمن دراسات اللغة الانجليزية، الدراسات الثقافية، منهجية التاريخ والتأريخ، ومناهج تدريس التاريخ في التعليم العالي. نُشَرَ أكثر من 100 مؤلّف بما في ذلك 6 دراسات، واشرك في تأليف العديد من الكُتب المدرسية حول التاريخ الحديث والمُعاصر في المدارس الثانوية.
من أعماله الرئيسية: (حركة الطبقة العاملة في انجلترا وصراع التيارين في حزب العمل 1900-1914) 1957، كتاب مدرسي: (صراع التيارات في الحركة العمالية الاشتراكية الانجليزية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين) 1960، كتاب مدرسي: (اوروبا الغربية وأمريكا البرجوازيتين على مشارف القرن العشرين: على طريق الأزمة العامة للرأسمالية) 1984. ومن مقالاته: (حركة الطبقة العاملة وسياسة البرجوازية الانجليزية 1906-1914) 1957، (قوانين الوضعيات التاريخية) 1971-سنقوم بترجمته قريباً، (دراسة مسائل التاريخ الحديث والمعاصر في الأعوام 1966-1970) 1971، (مساهمة في منهجية دراسة الثقافة ونقد مفاهيمها المثالية).

1- V. I. Lenin, PSS, Vol. 25, p. 46
2- Ibid., Vol. 15, P 368
3- ibid., Vol. 4, p. 68
4- Ibid., p. 80
5- Ibid., p. 82
6- Ibid., Vol. 13, p. 39
7- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد السادس، دار التقدم 1977، ص515
8- bid., Vol. 13, p. 312
9- ibid., p. 340
10- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد الأول، دار التقدم 1978، ص46
11- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد السادس، دار التقدم 1977، ص496-497
12- نفس المصدر، ص 500
13- نفس المصدر، ص499-500
14- يتعلق هذا التعريف، بطبيعة الحال بالمُجتمعات الطبقية. يتطلب تطبيق مفهوم الوضع التاريخي على المُجتمعات غير الطبقية مُعالجة خاصة، وهذا ما لم تنتناوله في هذه المقالة.
15- خُطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية، لينين، دار التقدم، ص44
16- نفس المصدر، ص47-48
17- Ibid., Vol. 15, p. 264
18- ibid
19- ibid., p. 261
20- ibid., Vol. 1, p. 25
21- ibid., Vol. 11, p. 187
22- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد الخامس، دار التقدم 1976، ص307
23- Ibid., Vol. 19, p. 363
24- Ibid., Vol. 14, p. 165
25- Ibid., Vol. 41, p. 136
26- ibid., Vol. 9, p. 134
27- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد الخامس، دار التقدم 1976، ص297-298
لتحليل تاريخ اكتشاف هذا القانون أُنظر:
G. P. Frantsov, Istoricheskie puti sotsial noi mysli, Moscow, 1965, pp. 356-370
28- نفس المصدر، ص298
29- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد السادس، دار التقدم 1977، ص23
30- Ibid., Vol. 15, p. 228
31- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد الثالث، دار التقدم 1976، ص542
32- K. Marx and F. Engels, -Soch., Vol. 22, pp. 308-309
33- V. I. Lenin, PSS, Vol. 17, p. 47
34- مُختارات لينين في عشرة مُجلدات، المُجلّد الثالث، دار التقدم 1976، ص541-542
35- مراسلات ماركس وانجلز، ترجمة الدكتور فؤاد أيّوب، دار دمشق 1981، ص495
36- نفس المصدر
37- V. I. Lenin, PSS, Vol. 23, p. 329
38- G. P. Frantsov. cit., p. 364
39- Istoricheskaia nauka i nekotorye problemy sovremen - nosti, Moscow, 1969, p. 362
40- See M. S. Persov, "Obobshcheniia istoricheskogo opyta v rabotakh V. I. Lenina (dooktiabr skogo perioda)," V. I. Lenin i istoricheskaia nauka, Moscow, 1968
41- See, for example, A. I. Danilov, "Teoretiko-metodologicheskie problemy istoricheskoi nauki v burzhuaznoi istoriografii FRG," Srednie veka, No. 15 I. S. Kon, "Filosofskii idealizm i krizis burzhuaznoi istoricheskoi nauki," Voprosy istorii, 1963, No. 9.
42- T. Schieder, Razlichie mezhdu istoricheskim metodom i metodom sotsial nykh nauk, Moscow, 1970, p. 19

ترجمة لمقالة:
L. E. Kertman (1971) Laws of Historical Situations, Soviet Studies in History, 10:3, 195-220



#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)       Malik_Abu_Alia#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة والقيمة
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- نهضت من الأنقاض: التاريخ الاقتصادي للاشتراكية في جمهورية ألم ...
- مساهمة في منهجية دراسة الثقافة ونقد مفاهيمها المثالية
- الماركسية ومسألة القيمة: مُقاربة نظرية
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة
- مُلاحظات حول معنى التاريخ
- الفلسفة الماركسية ومسألة القيمة
- مُبادرة يلا نتفلسف: هيا نُسخّف أداة من أدوات التغيير
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- حول مُشكلة ثورة العصر الحجري الحديث في ضوء البيانات الأركيول ...
- العلوم الطبيعية المُعاصرة والنظرة العلمية الى العالم
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- حول مُشكلة التحليل البنيوي للتاريخ
- كتاب لينين -المادية ومذهب النقد التجريبي- ونظرية المعرفة الم ...
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- بعض جوانب دراسة التاريخ الاجتماعي (السيكولوجيا الاجتماعية ال ...
- الفلسفة التحليلية المُعاصرة
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - قوانين الوضعيات التاريخية