أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى (3)















المزيد.....


من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى (3)


مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)


الحوار المتمدن-العدد: 7045 - 2021 / 10 / 12 - 11:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الكاتب: الصحفي السوفييتي أوليغ ايفانوف

ترجمة مالك أبوعليا

تقويض العلاقات الاقتصادية
نقلت قيادة الحزب الشيوعي الصيني خلافاتها الايديولوجية مع الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى الى علاقات الدولة الداخلية، وكان لهذا تأثير خاص على التعاون الاقتصادي. لم يكن هذا مُفاجئاً لأن القيادة الماوية كانت تعمل على تبديل سياساتها الداخلية بالكامل من الخطوط الاشتراكية الى الخطوط الامبريالية. ومن أجل وضع هذه الخُطط موضع التنفيذ، كان عليها أن تُظهر لشركائها المُستقبليين أنها لم تُغيّر مسارها الايديولوجي فحسب، بل كانت "تُفسح المجال" للأنشطة الاقتصادية مع الدول الامبريالية. وهكذا بدأت القيادة الماوية في طرد الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى من علاقاتها الاقتصادية الخارجية. أصبح هذا الجانب من سياسة بكين واضحاً بشكلٍ خاص منذ عام 1960، أي عندما بدأ الحزب الشيوعي الصيني بتطوير "برنامج خاص" في الحركة الشيوعية العالمية وداخل البلاد.
طالبت الحكومة الصينية باعادة النظر بجميع المُعاهدات والبروتوكولات السابقة بشأن التعاون الاقتصادي والعلمي السوفييتي الصيني، ورفضت قبول جزء كبير من عمليات التسليم المُخطط لها للمنشأة السوفييتية وبدأت بتقليص التجارة السوفييتية الصينية.
في 31 تشرين الأول عام 1960، أبلَغَ وزير التجارة الخارجية الصيني يي جيجيوانغ Ye Jizhuang ونائب وزير الخارجية لو غويبو Luo Guibo الحكومة السوفييتية من خلال السفير السوفييتي في بكين أن الصين تعتزم اعادة النظر في معاهداتها الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية مع الاتحاد السوفييتي. عندما وصل جو جووشين Gu Zhuoxin الى موسكو في تموز عام 1961 على رأس الوفد الاقتصادي الصيني للمشاركة في المفاوضات، قال أن الحكومة الصينية تعتزم رفض المساعدات التكنولوجية السوفييتية في بناء 89 منشأة صناعية و35 متجراً، ومصانع ووحدات أُخرى. طَلَبَ تشو انلاي Zhou Enlai في محادثاته مع نائب وزير التجارة الخارجية السوفييتية في آب عام 1961 تأجيل تسليم المصانع والمواد من الاتحاد السوفييتي لمدة عامين، مُتذرعاً بالصعوبات التي ظهرت في الاقتصاد لصيني بسبب الكوارث الطبيعية، على الرغم من الاتفاقية ذات الصلة تم توقيعها قبل شهرين فقط. كان على اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي والحكومة السوفييتية الموافقة على هذه الشروط على الرغم من أن مُعظم المصنع الذي يُكلف عدة ملايين من الروبلات كان قد بدأ في مرحلة التصنيع وتم طلب مواد له من أطراف أُخرى.
بناءاً على طلب الحزب الشيوعي الصيني، تم تأجيل تسليم المواد والمصنع من الاتحاد السوفييتي للمشاريع التي كانت قيد الانشاء بمساعدة التكنولوجيا السوفييتية لمدة عامين،تم تسجيل ذلك في البروتوكول المُشترك بين الدول في 13 أيار عام 1962.
اقترحت الحكومة السوفييتية على الحكومة الصينية في كانون الأول عام 1962 اجراء مُحادثات لتحديد حجم ونطاق شحنات المصنع للسنوات القادمة، ولكن ظل الاقتراح السوفييتي دون أي رد.
وأظهرت الحقائق أن القيادة الصينية تعمدت تقليص علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي بما يتعارض مع مصالح الشعب الصيني ويضر بالصداقة والتعاون بين البلدين.
بَذَلَ الاتحاد السوفييتي جهوداً مُتكررة لتحسين الوضع من خلال تقديم مُقترحات مُحددة وواضحة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة. لسوء الحظ، لم يتلقَ أيٌ من المُقترحات السوفييتية دعماً من الجانب الصيني. واصلت بكين تقليص علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي، وبالتالي خفض الحجم الاجمالي للتجارة السوفييتية الصينية (بما في ذلك المُساعدات التقنية السوفييتية) في عام 1962 الى 36.5% من مستوى عام 1959. استمر التدهور الحاد في التعاون الاقتصادي والتجاري طوال عامي 1963 و1964. وفي عام 1963 انخفض حجم التجارة بنسبة 23% بالنسبة الى عام 1962 و20% أُخرى عام 1964.
في البداية كانت مُبررات الصين لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى من خلال التذرع بـ"الوضع الاقتصادي الصعب". كان هذه هي الذريعة التي قدمها جو جووشين Gu Zhuoxin الذي ترأس وفد الحكومة الصينية في المحادثات المُشتركة في 10 شباط عام 1961، ومن قِبَل تشو انلاي في آب عام 1961. ومن ثم على نقيض كل ما كان يُقال في السابق، بدأت بكين في وضع اللوم الوحيد لتقليص التعاون الاقتصادي على الاتحاد السوفييتي!.
تم تجميد المشاريع التي كانت قيد الانشاء بمساعدة سوفييتية في الصين عمداً. تم تجميدها كنوع خاص من "المتاحف" المُستخدمة لتشويه حالة المساعدات الاقتصادية السوفييتية. تمت ازالة العلامات التجارية من المعدات والآلات السوفييتية، وتم اتلاف المعدات وتفكيكها عمداً، وقاموا بعد ذلك بابرازها للمواطنين الصينيين والأجانب على أنها "دليل" على اهمال الاتحاد السوفييتي في الوفاء بالتزاماته.
يُمكن الاستشهاد بالعديد من حقائق السلوك الشرير التي قامت به المنظمات الصينية. على الرغم من أن خط بكين كان واضحاً تماماً، استمرت الدعاية الماوية في نشر التلفيقات التي تُفيد بأن الاتحاد السوفييتي أوقف عمليات التسليم للمشاريع الصينية.
ان سياسة اضعاف التعاون الاقتصادي بين الاتحاد السوفييتي والصين، كما أصبح واضحاً الآن كانت موجهة نحو الهدف السياسي لبكين وهو تقويض الاتحاد السوفييتي في أعين الشعب الصيني، وكانت بمثابة ذريعة لتصعيد حملتها المُعادية للسوفييت.
ذهبت الصين في رسالة رسمية من حزبها الشيوعي موجهة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي بتاريخ 29 شباط عام 1964، ذهبت، الى حد الادعاء بأنه لا يوجد أي شيء يُسمى مساعدات سوفييتية للصين واختزلت المساعدة السوفييتية المُكثفة للصين الى "عمليات تجارية" عادية. كانت مثل هذه التصريحات مُلائمة لتبرير المسار الماوي، ولكن في الحقيقة، لا يُمكن اعادة كتابة التاريخ ارادياً بهذا الشكل. وفي هذا الصدد، يُمكن للمرء أن يتحدث عن بضع حلقات من تاريخ العلاقات السوفييتية الصينية تشهد على المُساعدة الودية السوفييتية والخالية من المصالح النفعية للصين.
وفقاً للاتفاقات بين الصين والاتحاد السوفييتي بشأن سكة حديد تشانغشون Changchun الصينية وميناء آرثر ودايرين Dairen المؤرخة في 14 شباط عام 1950، سلّم الاتحاد السوفييتي حقوق الادارة المُشتركة لسسكك الحديدية مع جميع المعدات ذات الصلة.
في تشرين الأول عام 1954 سلّمت الحكومة السوفييتية مجاناً الى الحكومة الصينية المُنشآت الموجودة في القاعدة البحرية بورت آرثر والتي قام الجانب السوفييتي ببناءها وترميمها.
بمساعدة الاتحاد السوفييتي، استعادت الصين أو أعادت بناء أكثر من 200 مشروع حديث بما في ذلك مشاغل الحديد والصلب في أنشان Anshan ووهان Wuhan وباوتو Baotou وبينجي Benxi والمصانع الميتالورجية في تشيشيهار Qiqihar المُتخصصة في انتاج أنواع خاصة من الفولاذ، ومراكز ضخمة للصناعة الكيميائية في جيلين Jilin وتايووان Taiyuan ولانجو Lanzhou ومناطق أُخرى. في عام 1959 كانت المرافق الصناعية في الصين التي تم بناؤها أو اعادة بناؤها بمساعدة سوفييتية تُمثّل 35-40% من اجمالي ناتج الصين من الحديد والصلب والمعدن المُدلفن، و85% من اجمالي انتاجها من الشاحنات والتراكتورات، و40% من ناتجها من الكهرباء و35% من ناتجها الهندسي الثقيل.
في ذلك الوقت، تحدثت بكين كثيراً عن التعاون المُثمر بين الصين والاتحاد السوفييتي وحول المساعدات السوفييتية في تدريب المُتخصصين الصينيين.
في الواقع، تلقّت الصين مساعدا علمية وتكنيكية مُكثّفة. ما يقرب من 50% من جميع المُخططات والوثائق التكنولوجية التصميمية الممنوحة للدول الاشتراكية قد مُنِحَت الى الصين. بحلول 1 تموز عام 1957 تم تصميم ما يُمكن اجماله بـ159 مشروعاً في الصين وتم استدخال أكثر من 300 نوع جديد من السلع الصناعية الى خط الانتاج الصيني باستخدام الوثائق والمخططات العلمية التكنولوجية السوفييتية. زوّد الاتحاد السوفييتي الصين بـ24000 مجموعة من الوثائق العلمية والتكنولوجية مجاناً تقريباً في غضون 10 سنوات. ووفقاً للخبراء الأجانب، فان شراء مثل هذه الوثائق في السوق العالمية كان سيكلّف الصين عدة آلاف من ملايين الدولارات.
في الفترة من 1949 الى 1959 تم ارسال أكثر من 900 مُدرّس سوفييتي كان 500 منهم متخصصون في المواضيع التكنولوجية، الى الصين. قام المُتخصصون السوفييت بتدريب ما يقرب من 17000 مُدرس صيني شاب على التدريس المُستقل والعمل البحثي. ساعد المُعلمون السوفييت في انشاء 900 مُختبر علمي جديد في الجامعات الصينية. علاوةً على ذلك، تمكن عدد كبير من المُتخصصين الصينيين من تحسين مؤهلاتهم وتطويرها من خلال العمل مع المُتخصصين السوفييت.
هذه ليست سوى عدد قليل من الحقائق التي يُمكن الاستشهاد بها هنا. في ذلك الوقت، قامت الصين بتقييم هذه المساعدة حق قدرها. قال ماوتسي تونغ: "دعونا نرى من قام بتصميم وتجهيز العديد من المصانع المُهمة لنا. هل كانت الولايات المُتحدة أم بريطانيا؟ لا. فقط الاتاحد السوفييتي هو الذي كان يوافق على ذلك، لأنه بلد اشتراكي وحليف لنا". في 1 شباط عام 1959 كتبت (صحيفة الشعب الصيني) renmin ribao: "ان المساعدات السوفييتية للبناء الاقتصادي لبلدنا، لم يسبق لها مثيل في التاريخ من حيث الكمية والنطاق"(2).
كثيراً ما تُثير الصين مسألة القروض السوفييتية وهي تدّعي أن الائتمانات السوفييتية طويلة الأجل لم تكن ذات أهمية لها، فهل هذا صحيح؟
قدّم الاتحاد السوفييتي للصين ائتمانات طويلة الأجل تصل الى 1816 مليون روبل. في 14 شباط 1950 مُنِحَت الصين ائتمانات بمعدلات فائدة بنسبة 1% لمبلغ 300 مليون دولار، تم تخصيصها كافةً كدفعة للآلات والمصانع والمواد، وم استخدامها وفقاً لذلك. في عام 1954 سلّم الاتحاد السوفييتي للصين أصوله من الشركات السوفييتية الصينية المُشتركة ومنحها ائتماناً طويل الأجل بدون فوائد بقيمة 62600000 روبل لتغطية قيمة هذه الأصول. في عام 1960 سلمت المنظمات السوفييتية ما قيمته 288 مليون روبل قيمة مواد وسلع أُخرى الى الصين مُحملة على حساب الائتمان بدون فوائد. تم تخصيص مُعظم الائتمانات السوفييتية للاقتصاد الوطني الصيني وبشكل أساسي لتطوير صناعتها الثقيلة.
قدّم الاتحاد الاتحاد السوفييتي مساعدة هائلة للصين من أجل تعزيز امكانياتها الدفاعية. لم تقتصر هذه المساعدات على مُجرّد "بيع الأسلحة" كما يزعم الماويون في الوقت الحاضر. خلال الحرب الكورية، كانت معاهدة الصداقة والتعاون المُشترك السوفييتية الصينية وحقيقة أن الجيش السوفييتي كان في حالة قتال عند بورت آثر ودايرين، قد منع الولايات المتحدة من توسيع عدوانها واطلاق العنان للتدخل العسكري المباشر ضد الصين.
ان المساعدة السوفييتية للصين في تعزيز دفاعاتها هي مثال على الأممية الحقيقية والتزام بالواجب تجاه الحليف. وافق الاتحاد السوفييتي مراراً على طلبات الحكومة الصينية في الخمسينيات بتقديم المساعدة في بناء العديد من مؤسسات الصناعة الحربية. في الفترة من عام 1950-1963 ساعد السوفييت لصين على بناء وتشغيل ما يقرب من 100 مصنع ذخيرة كبير. زودت الحكومة السوفييتية الصين بالأسلحة والموارد من احتياطاتها الخاصة والتي كانت كافية لاعادة تجهيز العشرات من فِرَق مشاة جيش تحرير الشعب. كما تلقت الصين جميع المتطلبات في بورت آرثر. في الخمسينيات، أرسل الاتحاد السوفييتي العديد من المتخصصين الى الصين حيث ساعدوا في تنظيم انتاج الأسلحة وتعليم وحدات الجيش الصيني على استخدامها.
في الستينيات، بدأت الحكومة الصينية في سداد ديونها للاتحاد السوفييتي وكان هذا قد تم بمبادرة منها وبسرعة عالية وقبل الوقت المرسوم، على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد وعلى عكس ما يُمليه المنطق. تم لفت انتباه المُمثلين الصينيين الى هذه الحقيقة مراراً وتكراراً. في البداية، لم تكن الدوافع وراء مثل هذه الأعمال غير المعقولة اقتصادياً واضحةً تماماً. ومع ذلك، صار من الواضح لاحقاً أن هذا كان تدبيراً مُتعمداً. بدأت الدعاية الماوية في الادعاء بأن الاتحاد السوفييتي، "طالب بسداد القروض قبل الوقت المُحدد"، وتجاهل الصعوبات الاقتصادية للصين مما زاد العبئ الذي يتحمله الشعب الصيني، وأن الاتحاد السوفييتي "يستخدم الديّن الذي قدمه للصين كعقوبة على المُعارضة الايديولوجية للشيوعيين الصينيين على الحزب الشيوعي السوفييتي".
وهكذا، صاغت قيادة الحزب الشيوعي الصيني خطوةً بخطوة "أسباباً مُقنعة" لتفسير الصعوبات الناشئة في العلاقات السوفييتية الصينية.
في بداية الستينيات، تعمدت الصين تفسير طبيعة التجارة بين البلدين، مُدعيةً أن الاتحاد السوفييتي كان يستخدمها "للضغط السياسي"، على الرغم ن أن قادة الصين قبل وقتٍ قصير كانوا يعتبرون التجارة السوفييتية الصينية شكلاً من أشكال "المُساعدة الأُممية المُجرّدة من المصلحة النفعية".
وهكذا قامت رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في 29 شباط عام 1964 والمنشورة في الصين والعديد من المقالات في الصحافة الصينية، بتحديد كمية المُنتجات الغذائية والخامات التي سلمتها الصين الى الاتحاد السوفييتي في مقابل بناء المصانع والمواد. وطالما أن الجانب الصيني يواصل جني رأسمالاً سياسياً من هذه الحقائق، فمن الجدير أن نتذكر بعض التفاصيل. ان نَظَرَ المرء الى بُنية صادرات الصين الى الاتحاد السوفييتي في تلك السنوات، فلن يسعه الا أن يرى أنه، الى جانب السلع المُهمة، تلقى الاتحاد السوفييتي كميةً كبيرةً من المُنتجات التي ربما كانت ستفشل في ايجاد سوق في العالم الرأسمالي. من بين صادرات الصين الى الاتحاد السوفييتي، احتلت العديد من السلع الاستهلاكية مكاناً بارزاً: الأدوات المنزلية والملابس والأدوات اليدوية والسلع الرياضية وما الى ذلك. شكلت هذه السلع نحو 39% من الحجم الاجمالي للصادرات الصينية الى الاتحاد السوفييتي في عام 1959، وأكثر من 46% عام 1960، ونحو 63% عام 1961 وأكثر من 67% في عام 1962 و70% عام 1963. لم تكن هذه السلع ضرورية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية وكان من المُمكن على الصناعة السوفييتية أن تُنتجها بسهولة. اشترى الاتحاد السوفييتي هذه البضائع من الصين لأنه كان حريصاً بصدق على تحسين الوضع الاقتصادي للصين.
أما بالنسبة للصادرات السوفييتية الى الصين، فقد بلغت 7655 مليون روبل منذ أوائل الخمسينيات وحتى عام 1963، منها 2790 مليون روبل للآلات المصنعية الثقيلة، و2674 للمواد الصناعية والخامات.
باختصار، كان الاتحاد السوفييتي يبذل قصارى جهده لتحويل الصين الى دولة صناعية، وكان يزودها بمصانع متطورة وآلات حديثة.
على عكس هذه الحقائق، تواصل بكين اتهام الحزب الشيوعي السوفييتي بـ"الوقوف ضد تصنيع الدول الشقيقة" والسعي للحفاظ على طابعها الزراعي.
ان ادعاءات الدعاية الصينية بأن شحنات الطعام الصينية الى الاتحاد السوفييتي في أوائل الستينيات كانت مسؤولةً عن المصاعب المادية للشعب الصيني بعد فشل سياسة القفزة العُظمى لن تحتاج الى مُعالجة عميقة. في الواقع، شكلت المواد الغذائية أقل من 20% من الحجم الاجمالي لتسليمات الصين التعاقدية الى الاتحاد السوفييتي عام 1960. بالاضافة الى ذلك، كانت كمية المُنتجات الغذائية التي باعتها الصين الى الاتحاد السوفييتي في ذلك العام نسبةً ضئيلةً من اجمالي انتاج الصين من الغذاء: الأرز 0.6%، فول الصويا 3.7%، الزيت النباتي 2.7%، اللحوم ومشتقاته أقل من 3%. لا يُمكن للمرء أن يُصدق أن هذه النِسَب المئوية كانت من شأنها أن تُنقذ الشعب الصيني من المجاعة والمصاعب التي جلبتها عليهم سياسات القادة الصينيين المُغامرة.
ليس من قبيل الصدفة على ما يبدو أن تكتم الصين حقيقة أنه في أواخر الستينيات، عندما قادت سياسة "الرايات الثلاثة الحمراء: الخط العام، القفزة الكُبرى والكوميونات الشعبية" البلاد الى مجاعة، أن الاتحاد السوفييتي أظهر اهتمامه بالشعب الصيني من خلل رفض تسلّم المواد الغذائية وتوقف بعد ذلك عن شراء المُنتجات الغذائية من الصين. فقط في عام 1964 وافق الاتحاد السوفييتي، بعد الضغوط الصينية عليه، على تضمين كمية مُعيّنة من المواد الغذائية في وارداته من الصين (حوالي 8% من اجمالي قيمة الشحنات الصينية الى الاتحاد السوفييتي).
زعم خطاب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في 29 شباط عام 1964 والذي أساء تفسير أسباب الصعوبات الناشئة في العلاقات بين البلدين، أن أسعار الشحنات السوفييتية الى الصين كانت "أعلى بكثير من الأسعار في السوق العالمية". تجدر الاشارة في هذا الصدد الى أنه في بداية المفاوضات التجارية السنوية مع المُمثلين الصينيين، طلبت وزارة التجارة الخارجية السوفييتية دائماً رأي الجانب الصيني حول الأسعار السوفييتية. كان الجانب الصيني يُجيب بشكلٍ ثابت بأنه لا توجد أسباب لاعادة النظر في الأسعار. كان هذا هو الحال في المُحادثات التي عُقِدت في أيار عام 1964، بعد شهرين من الرسالة المذكورة أعلاه. كان لدى الجانب الصيني سبب وجيه لترك الأسعار دون تغيير، لأنها كانت مواتية بشكلٍ عام لهم، وهذا كان شكل من أشكال المُساعدة التي قدمها الاتحاد السوفييتي للشعب الصيني.
ومع التحول الارادي المُتعمد لتدهور العلاقات السوفييتية الصينية في أوائل الستينيات، رفضت الحكومة الصينية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية فيما يتعلق ببناء المشاريع الاقتصادية المُشتركة التي كانت ضرورية لكلا الجانبين. وكان من بينها سكة حديد لانتشو Lanzhou (الصين)-أكتاغاي Aktagai (الاتحاد السوفييتي). أوفى الاتحاد السوفييتي بالتزاماته عام 1958، أما الجانب الصيني فقد أوقف جميع الأعمال في المشروع بعد عام 1960 دون أن يتحمل عناء تفسير أسباب سلوكه. على الرغم من انفاق مبالغ كبيرة على القسم السوفييتي من السكة الحديدية وانجازه، الا أن الخط لم يكتمل أبداً في الجانب الصيني.
اقترح الجانب السوفييتي في نيسان عام 1962 وضع برنامج مُشترك للتدابير الشاملة لتطوير الموارد الطبيعية في حوض آمور. امتنع الجانب الصيني المُشاركة في المشروع. تم الكشف عن أسباب ذلك في وقتٍ لاحق، عندما اتضح أن المنطقة كانت تُعدها الصين للاستفزازات ضد الاتحاد السوفييتي.
وبينما كان القادة الصينيون يُشككون بالتجارة والسياسة الاقتصادية السوفييتية، فقد بذلوا جهداً للصمت عن المُقترحات العديدة التي كانت تهدف الى تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. من بين المُقترحات المُقدمة بين عامي 1963 و1964، كانت هناك مُقترحات لتقديم ائتمانات طويلة الأجل (15-20 سنة) بشروط مُيسّرة لزيادة موارد الصادرات الصينية وتبادل معلومات التجارة الخارجية وتنسيق عمليات التجارة الخارجية في السوق الرأسمالية، مما كان سيكون مفيداً لكلا البلدين. اقترح الاتحاد السوفييتي مراراً ابرام مُعاهدة طويلة الأجل لسلع فردية تقليدية، وللأسف تم تجاهل جميع هذه المُقترحات.

2- 1 Renmin ribao, June 19, 1957

ترجمة من كُتيّب:
Who is to blame? How differences arose between china s Maoist leaders and the USSR and other Socialist Countries- Oleg Ivanov
Novosti Press Agency publishing House 1981



#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)       Malik_Abu_Alia#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مُشكلة التحليل البنيوي للتاريخ
- كتاب لينين -المادية ومذهب النقد التجريبي- ونظرية المعرفة الم ...
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- بعض جوانب دراسة التاريخ الاجتماعي (السيكولوجيا الاجتماعية ال ...
- الفلسفة التحليلية المُعاصرة
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- تاريخ الدين: الاسلام
- فلسفة فويرباخ حول الانسان ومسألة نشاط الذات
- الهجوم الاستفزازي لسُلطات بكين- الأحداث على الحدود السوفييتي ...
- تاريخ الدين: المسيحية
- حول مسألة وتاريخ نظرية الفكر العلمي
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (7)
- تاريخ الدين: الدين الروماني القديم
- مسألة تشكيل مقولات جديدة في المنطق الدياليكتيكي
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (6)
- تاريخ الدين: الديانة اليونانية القديمة
- أزمة نزع الأيديولوجيا في الفلسفة
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (5)
- تاريخ الدين: اليهودية
- المفهوم اللينيني حول الآيديولوجيا العلمية ونُقّاده


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأُخرى (3)