أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - العلوم الطبيعية المُعاصرة والنظرة العلمية الى العالم















المزيد.....



العلوم الطبيعية المُعاصرة والنظرة العلمية الى العالم


مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)


الحوار المتمدن-العدد: 7053 - 2021 / 10 / 21 - 14:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كاتب المقال: نيكولاي بيتروفيتش دوبنين*

ترجمة مالك أبوعليا

الاشارات المرجعية بالحروف الأبجدية أ، ب، جـ، الخ، تعود الى المُترجم

في عصرنا هذا، تُعتَبَر مسألة طبيعة النظرة العلمية الى العالم ذات أهمية كبيرة في النشاط العملي للناس.
تُشكّل النظرات التي يتبناها العلم الحديث في الوقت الحاضر أهم عُنصر في النظرة الى العالم ككل، مؤكدةً الطبيعة المادية للكون والانسان. يؤمّن لنا العلم المُعاصر، بعد أن حقق لنا نتائج مُذهلة في تحليل قوانين العالم الميكروي والكون وجوهر الحياة وفهم البشر، يؤمّن لنا دليلاً لا يقبل الجدل على الطبيعة المادية لكل الأشياء والظواهر.
تم تحصيل مجموع حقائق وأفكار العلوم الطبيعية المُعاصرة وفقاً للخطوط التي وضعهتا فلسفة المادية الدياليكتيكية. نظراً لأن نظريات العلوم الطبيعية تتغلغل في مجال نظرية الانسان والمُجتمع، فانها تُقدّم مساهمتها في تطوير النظرات الفلسفية والاجتماعية-السياسية والأخلاقية والجمالية وغيرها، وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير المادية التاريخية. يُصبح أولئك العلماء في البدان الرأسمالية المُتحررين من النهج الطبقي البرجوازي، بشكلٍ مُتكرر، مُناصرين للنظرة الماركسية اللينينية عن العالم. في ضوء هذه الحقيقة، تُصبح أهمية التحالف بين علماء الطبيعة والفلاسفة واضحة بشكلٍ خاص. في عمل لينين، (حول معنى المادية المُقاتلة) تمت صياغة أهداف التحالف بين الفلاسفة وعلماء الطبيعة. تمت الاشارة الى أهم الاتجاهات التي يجب اتخاذها في تطوير الفلسفة الماركسية. تم التأكيد على الحاجة الى صراع حاد مستمر ضد وجهات النظر غير العلمية والرعية عن العالم. يكتب لينين أنه : "يجب علينا أن نفهم أنه لا علم طبيعي، لا مادية اياً كانت، يمكنها الصمود في النضال ضد هجوم الأفكار البرجوازية وعودة الفلسفة البرجوازية دون أساس فلسفي صلب. من أجل دعم هذا النضال والسير به نحو النتائج المرجوة، على عالِم الطبيعية ان يكون ماديا حديثا - واعيا وملتزما باالمادية التي يمثلها ماركس، أي، يجب أن يكون ماديًا جدليًا "(1).
يتزايد باستمرار في يومنا هذا الذي يعج بالصراع الايديولوجي الحاد، هجوم الأفكار البرجوازية. يصير هذا الهجوم واضحاً للغاية على طول جبهة العلوم الطبيعية بالكامل، ويُصبح حاداً بشكلٍ خاص في حل المُشكلات المُتعلقة بالانسان وجوهره الاجتماعي والبيولوجي. في تفسيرهم غير الصحيح لمُشكلة الطبيعة البيولوجية للانسان ودور تلك الطبيعة في عمل العقل، يُهاجم العلماء البرجوازيون المبدأ الأساسي للماركسية اللينينية فيما يتعلق بالانسان، والذي يرى أن الوعي هو نتاج التطور الاجتماعي وبأنه لا يُمكن أن يوجد خارج المُجتمع.
ان اولئك الذين يختزلون الوعي الانساني الى ما هو بيولوجي، يبحثون عن مُكوناته بالشكل النوعي الموجود بين الحيوانات، ويرون أن الوعي، هو شكل أبدي من الوجود البيولوجي للانسان، يتغير خارجياً تحت "تأثير" انظمة اجتماعية مُختلفة. وبالتالي، من وجهة النظر هذه، فان مُحتوى وعي كل فرد، يتحرك بدافع سماته البيولوجية الفردية، أي برمجته الجينية. بالنسبة للبشرية جمعاء، فانه يتم تعريفها بيولوجياً، مما لا يسمح، في ظل أي ظروف اجتماعي بتغيّر نوعي في محتواها عن طريق التنشئة والتثقيف. يضع هذا النهج قيوداً على العقل الانسانية يُزعَم أن بيولوجيته تُمليها عليها، ويُنكر امكانية التطور اللانهائي للعقل استجابةً لتطور الكائن الاجتماعي. يُنكر أنصار اختزال الوعي في البيولوجيا الفكرة القائلة بأن الناس في نشاطهم العملي الابداعي يُغيرون الطبيعة والمُجتمع وبالتالي أنفسهم، وبكلمات لينين، فانهم يُنكرون أن "العقل الانساني لا يعكس العالم الموضوعي فحسب، بل ويخلقه"(2).
تشترك نظريات "البيلَجة" هذه مع الآراء الدينية. يتم تصوير تأثير الجينات على الانسان فيها على أنه شيء رائع وعنيد، بينما توصف حياة الفرد الروحية بالاعتماد فقط على مجموعات الجينات العَرَضية. بالتوافق التام مع وجهات النظر الغائية، من المقبول في هذا الصدد أن العناصر الأساسية الانسانية مكتوبة في الجينات، وهي التي تخلق الأساس الداخلي الثابت للعنصر الروحي في الانسان.
وسيراً على خُطى لينين في مجال الفلسفة، التي خطاها في عمله الرائع (حول معنى المادية المُقاتلة)، فانه علينا أن نواجه بجدية المسألة الحديثة المُلحة حول جوهر الانسان ككائن بيولوجي، من المواقع الماركسية اللينينية. يكمن تعقيد هذه المسألة في حقيقة أن الوعي الانساني هو نتاج للتطور الاجتماعي، وأن أُسس الحياة البيولوجية للانسان تستند الى برنامج جيني تطوّرَ باعتباره النتاج النهائي للتطور الطبيعي على الأرض. تكمن أعمق جوانب النظرة الى العالم اليوم في العلوم الطبيعية، في حل هذه المسألة.

الجينات ومسألة الانسان
أشار ليونيد بريجينيف في تقريره الى المؤتمر الرابع والعشرين للجنة المركزية للحزي الشيوعي السوفييتي الى أن تشكيل الانسان الجديد وشخصيته المتطورة من جميع النواحي لا تقل أهميةً عن مسألة بناء الشيوعية وبناء أساسها المادي والتكنولوجي. أثبتت التجربة أنه تتشكل معايير أخلاقية وانسانية جديدة في عملية بناء الاشتراكية وفي خِضَم الثورة العلمية التكنيكية.
انه في مسألة دور البيئة الاجتماعية في تشكّل الشخصية الانسانية نجد الحد الفاصل بين المنهج الماركسي اللينيني، الذي ينظر الى الشخصية الانسانية كنتاج للتطور الاجتماعي، وجميع أنواع المفاهيم التي تتحدث حول فطرية صفات الانسان وتأصلها مُسبقاً في طبيعته.
كان علم الوراثة ولفترةٍ طويلة، يُضفي الطابع البيولوجي على الصفات الانسانية على أساس مفهوم أسبقية الخصائص الفطرية، حيث تم التأكيد على أن السلوك الاجتماعي والموقع الاجتماعي هما نتيجة مُباشرة للسمات البيولوجية للروح الانسانية لكل فرد. تم الافتراض بأن الظروف الاجتماعية لا يُمكنها أن تخلق انساناً جديدأً، وأن هذه المهمة يجب حلها عن طريق اعادة تشكيل الجينات البشرية. ظهر اتجاه يُسمّى "تحسين النسل" eugenics والذي أكّد أنه كما الحال بالنسبة لتحسين النسل الحيواني عن طريق الانتقاء كما هو الحال مع النباتات، فان علم "تحسين النسل" مدعو الى تحسين النوع الانساني بمساعدة الانتقاء. كانت هذه المقاربات نفسها بمثابة تبرير للعنصرية، التي اعتبرت أن جميع أعراق الناس تقع تحت الكمال الوراثي باستثناء تلك الأعراق "العُليا".
تحظى مسألة الانسان اليوم بأهمية استثنائية، لأنه لا يُمكن بدون فهم عميق لها تحقيق تقدّمٍ ناجحٍ لمُجتمعنا. تتطلب دراسة هذه المسألة نهجاً مُتعدد الجوانب من وجهات نظر السوسيولوجيا والفلسفة والسيكولوجيا والبيولوجيا والعلوم الأُخرى. ان البيولوجيا، وعلم الوراثة في المقام الأول، مدعوون للعبِ دورٍ كبيرٍ هنا. ان الانسان هو حلقة طبيعية في تطور الحياة على الأرض. انه يخضع لقوانين الولادة والحياة والموت البيولوجية. هذا هو الظرف الذي كان بمثابة ذريعة لبيلجة النشاط غير المادي للانسان وسلوكه الاجتماعي. كان الكًتّاب البرجوازون منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، يُروجون للداروينية الاجتماعية، وهي نظرية تتخذ نقطة انطاقها من الافتراض القائل بأن السمات الرئيسية للشخصية الانسانية تُحددها الوراثة وتنتقل الى سلالته. استناداً الى هذه الحتمية الجينية الصارمة المزعومة للسلوك الاجتماعي وتجاهل الطبيعة المُميزة للعلاقات الاجتماعية نوعياً، يعتبر الداروينيون الاجتماعيون الصراع من أجل البقاء وانتقاء البشر المُتكيفين بيولوجيا كعامل قوي وحاسم. ترتبط الداروينية الاجتماعية وتحسين النسل العنصرية في أفكارهم ارتباطاً قوياً.
وكنقيض للداروينية الاجتماعية، ظهرت نظرية ترى أن العامل الرئيسي في التقدم الانساني هو انتقاء الأنواع البيولوجية الانسانية ليس بالميل نحو الصراع، ولكن على العكس من ذلك، بل بالميل نحو المساعدة المتبادلة داخل المجموعة. كان بيوتر اليكسيفيتش كروبوتكين Pyotr Alexeyevich Kropotkin (1842-1921) مُمثلاً لهذه الآراء.
ان كِلا المُقاربتين وحيدتيّ الجانب من وجهة نظر الماركسية، لأن كليهما لا يأخذان بعين الاعتبار الدياليكتيك الحقيقي للقوى المُحركة لتطور الانسان وفى الانتاج. اختزَلَ هذان الاتجاهان التطور الاجتماعي الى عوامل بيولوجية، بدلاً من تحليل العمليات الحقيقية للتطور التاريخي للانسانية. لم يتم أخذ حقيقة أن الانسان هو رابط مُميّز ومُختلف نوعياً في التطور الطبيعي للحياة على الأرض بعين الاعتبار. لقد شَهِدَ تاريخ الحياة نقطتيّ تحوّل. الأولى هي ظهور الحياة نفسها على أساس التطور العفوي للطبيعة غير العضوية. ارتبط هذا الانتقال بظهور تفاعل مُختلِف نوعياً للبروتينات والأحماض الأمينية في نظام الخلية مصحوباً بتفاعل عميق بين هذا النظام والبيئة الخارجية. استمر كل التاريخ اللاحق للحياة على أساس نمو وتعميق مكونات التطور العفوي، ولكن على أساس تأثير تشكّل العوامل البيئية الخارجية. كان على الكائنات الحية أن تتكيف مع ضوء الشمس كمصدر للطاقة، مع تأثير الجاذبية وتنفس الأكسجين والحياة في الماء وعلى اليابسة ومع الوجود في ظروف بيئية وجغرافية متنوعة، وهكذا دواليك. ظهرت الحياة نفسها بشكل يتلائم مع ظروف كوكبنا طوال تاريخه. نشأت وحدة دياليكتيكية حقيقية بين الكائن الحي والبيئة، من جهة بسبب ظهور الاستقلالية المُتزايدة لظواهر الحياة، ومن جهة أُخرى بسبب اعتمادها النوعي على الظروف البيئية. تغيّرت الأمور جذرياً مع ظهور الانسان. كان نشوء الوعي، الذي ميّز نوعياً الانسان عن عالم الحيوان، عمليةً طويلة ومُعقدة. كان يجب أن يكون هناك شكل جديد من حركة المادة-أي المُجتمع- من أجل تطوره (تطور الوعي). يقول ماركس: "أنه يجب أن تتوافر للبشر امكانية العيش لكي يكون في مقدورهم أن (يصنعوا التاريخ). بيد أن الحياة تشتمل قبل كل شيء على المأكل والمشرب والمسكن والملبس وأشياء عديدة أُخرى. وهكذا فان العمل التاريخي الأول هو انتاج الوسائل الضرورية لأجل تلبية هذه الحاجات، انتاج الحياة المادية ذاتها... والنقطة الثانية هي أن تلبية الحاجات الأولى (عمل التلبية وأداة التلبية التي تم اكتسابها) تدفع الى حاجات جديدة-وهذا الانتاج لحاجات جديدة هو الفعل التاريخي الأول"(3). خَضَعَ الدماغ الانساني، نتجيةً لتظور العلاقات الاجتماعية، لتغيرات وبالتالي ظهر الوعي. كل هذا أدخل الانسان في عملية لانهائية من تحصيل المعرفة عن العالم وعن ذاته. اندمج النشوء الانساني Anthropogenesis بالنشوء الاجتماعي sociogenesis. ارتبط ظهور الانسان كشخصية مُفكّرة بتطوير قدرته على انتاج أدوات العمل، وهذا ما يُميّز الانسان عن كل الحيوانات.
تُظهِر قدرة الانسان على التأثير بالطبيعة وتحويلها في سياق نشاطه الانتاجي أنه في المراحل الأولى لنشوء الانسان، كان الانتقاء الجماعي على أساس بيولوجي قادراً على المُضي قُدُماً عن طريق انتقاء مجموعات ذات قُدرات عالية لانتاج أدوات العمل، أي بنمو متفوق للدماغ. ارتبط نجاح هذه المجموعات بتطور الكلام وظهور الاستمرارية في أشكال السلوك الاجتماعي في ظل ظروف اجتماعية مُعطاة. كانت هذه أبرز لحظة في تاريخ البشر. تطوّر الكلام الذكي من احتياجات الناس في عملهم. لم يتطلّب تطوّر أشكال السلوك الاجتماعي التي تتم عن طريق الجتمعة تطوراً بيولوجياً. لقد استند على البُنية البيولوجية لأداة دقيقة للغاية وهي الدماغ. بدأ الانسان في الفترة التي أعقَبت اكتمال النشوء الانساني، يتشكل كشخصية فكرية تحت تأثير التربية والارث الاجتماعيين. توقّف الانتقاء الطبيعي عن لعب الدور الحاسم بعد أن دَخَلَ الانسان مجال العلاقات الاجتماعية. أثبتت الأُسس البيولوجية للانسان في المرحلة التي وصلت لها أنها مُناسبة تماماً لتلبية الاحتياجات الاجتماعية لتطور دماغه. أفسَحَ الموروث البيولوجي المكان للموروث الاجتماعي، وهو ما يُميّز تقدّم الانسان ككائن اجتماعي. بدأت المبادئ الأخلاقية للسلوك الانساني تتبلور كاستجابة لمقتضيات المصالح الاجتماعية الكامنة في عُمق هذا الظرف الاجتماعي المُتمثّل بتطوّر قوى الانتاج وتفاعلها مع العلاقات الاجتماعية. انه لمن الخطأ الفادح تشبيه الفئات السلوكية الانسانية الأساسية بتلك الحيوانية. تمتلك الحيوانات أنواعاً من الغرائز وردود الفعل تجاه التأثيرات البيئية، والتي تُحددها الجينات كقاعدة عامة، بشكلٍ صارم. يعتمد لسلوك الانساني على العقل، ويرتبط وجوده بخصائصه كنوع بيولوجي بشكلٍ عام فقط. يتحدد السلوك الانساني بالفكر والارادة والمشاعر ومستوى معرفته لقوانين الطبيعة والمُجتمع ودرجة معرفته ذاته. كانت النظريات الفلسفية والأديان القديمة تتحدث حول "الطبيعة البشرية"، في حين أن الداروينيين وعلماء تحسين النسل يتحدثون اليوم حول أن طبيعة روح الانسان مكتوبة في جيناته. على النقيض من هذه التأكيدات، أثبتت الماركسية أن طبيعة الانسان تتشكل من خلال ظروف حياته التاريخية الملموسة.
أظهَرَ التطور العميق لعلم الوراثة الحديث عدم صحة الداروينية الاجتماعية وعلم تحسين النسل والعنصرية من وجهة نظر العلم. لا يدور الجدل حول ما اذا كانت هناك اختلافات فيما يتعلق بالتركيب الجسدي للفرد وميوله وقدراته ووجود قدرات خاصة وما الى ذلك. ان وجود مثل هذه الاختلافات أمرٌ لا يُمكن دحضه. ومع ذلك، فان كل هذه الاختلافات تخلق أساساً، على الرغم من أهميته، الا أنه الأساس البيولوجي لأشكال مُختلفة من السلوك المُجتمعي والنشاط العصبي الأعلى للانسان، والذي لا ينفصل عن البيئة الاجتماعية. تكون أولوية تأثير البيئة الاجتماعية واضحة ولا شك فيها في تشكيل العالم الثقافي "الروحي" للانسان. تُشكّل الجتمعة والبيئة الاجتماعية والاحتياجات الاجتماعية واعادة التنظيم الاجتماعي شخصية الانسان، حيث تندمج العوامل الفردية والاجتماعية. تتميز كل حُقبة تاريخية بنمطٍ مُختلفٍ من الشخصية الانسانية، والتي تتشكل على أساس عملية تطور اجتماعية مُحددة. ولكن، كانت هذه العمليات تحدثُ بشكلٍ عفوي. تتميز فترة الاشتراكية بحقيقة أنه يتم طرح مسألة تشكّل الشخصية الانسانية باعتباره هدفاً ذا أهمية قصوى، ويتم التخطيط له بوعي في سياق بناء الاشتراكية والشيوعية. تجري حالياً اعادة تشكيل هائلة للشخصية الانسانية في الممارسة العملية تحت تأثير الجتمعة والبيئة الاجتماعية الجديدة. في ضوء ذلك، فان تصريحات علماء تحسين النسل التي تُفيد بأن كمال الانسان يتطلب بالضرورة تغييرات جينية، وهو الأمر الذي يتطلّب اعادة التشكيل الجيني للانسان على مدار أجيال، تكشف عن نفسها بأنها يوتوبيا رجعية بشكلٍ واضح.
تُمارس العوامل الجينية تأثيراً جوهرياً على السمات الجسدية للفرد وعلى حقيقة أن العديد من الخصائص الفردية لعضو النوع species (الانسان) يتشكل في عملية النشوء الجنيني embryogenesis. ولكن هناك ظرف واحد يُميّز الانسان عن أي مُمثّل آخر لعالم الحيوان على الأرض، ويظهَر هذا الظرف بمُجرّد ولادته، وهو وجود الدماغ الانساني. يتحدد تطوره في الجنين من خلال الشيفرة الوراثية. ولكن بمجرّد أن تبدأ حياة الانسان، حتى تدخل قوانين التفاعل بين الدماغ والبيئة الخارجة حيز التنفيذ، وهذا هو الذي يُشكّل محتوى عقل الشخص، في التحليل النهائي. ان قدرات الدماغ على تلقّي المعلومات وتطوير استجابات عامة وريدة تجاه البيئة الاجتماعية، أي المشاركة في العمليات التي تؤدي الى ظهور شخصية انسانية، هي حقاً غير محدودة. يحتوي الدماغ على 14 مليار خلية عصبية(أ) وكل واحدة منها لديها 5000 وصلة مع الخلايا الأُخرى. تتطور الحالات الخلوية داخل كل خلية. كل هذا يخلق امكانات غير محدودة حقاً. ان الانتقاء الطبيعي الذي خلق الدماغ كجهاز فكري، وفّرَ منظومةً من الاتصالات التي تؤمن تدفقات هادفة من المعلومات ومُعالجتها. ان المُجمعات المُندمجة تركيبياً والتي تنشأ في الدماغ غير مكتوبة في الجينات. انها استجابة الدماغ للبيئة ويُمكن أن تنشأ في الاجيال القادمة فقط في حالة وجود نفس العوامل البيئية.
كُل هذا يُظهر أنه على الرغم من أن الانسان يولد انساناً من حيث قدراته، ويُظهر عدداً من المشاعر والاستجابات البشرية، الا أنه نتيجةً للتفاعل مع البيئة تنشأ شخصية الانسان. من خلال الجتمعة، يمتص وعيه نتاج التطور الاجتماعي الانساني السابق ويُصبح قادراً على التنبؤ بالمستقبل. ان وجود الوعي يجعل الانسان مُتكيفاً جداً بحيث أن كل حُقبة من التاريخ تطوّر شخصية انسانية تتوافق مع احتياجاتها الخاصة، دون الاعتماد على التغيرات في الجينات من أجل هذا، بل فقط من خلال اعادة تشكيل الوعي. في ضوء هذا، تُصبح واضحةً تماماً الطبيعة غير العلمية لوجهات النظر التي كانت سائدة حول "الطبيعة الانسانية الأبدية" المزعومة لصفات الانسان الخيّرة والشريرة، مثل التضحية بالنفس وغريزة المُلكية الخاصة والعدوان والاجرام وغيرها.
لقد قلنا أن حجر الزاوية للمفاهيم المُعاصرة حول وراثية وتطور جميع الكائنات الحية، بما في ذلك الانسان، هو فرضية أن الوراثة والبيئة تُشارك في تشكيل جميع الخصائص. ومع ذلك، فان أخطاء أتباع علم تحسين النسل والداروينيين الاجتماعيين تكمن على وجه التحديد في فشلهم في فهم التميّز النوعي للوعي الانساني باعتباره خاصيةً انسانية. لا يمتلك الانسان السمات البيولوجية المُعتادة فقط، مثل لون العيون، وفصيلة الدم، وشكل الأنف والأُذن وما الى ذلك، بل يمتلك خصائص العقل. يتحدد الدماغ وامكانية الوعي على هذا النحو من خلال البرنامج الجيني، ولكن كيف يتطور الدماغ، وما الذي سيكونه مُحتوى الوعي، هذان الأمران سيكونان مُرتبطان بالمعنى الأساسي بتفاعل الفرد مع الآخرين ومع البيئة الخارجية. يجب أن يكون مفهوماً أنه عندما ننتقل الى عالم تشكّل شخصية الفرد، فاننا ندخل منطقةً جديدةً نوعياً. توفّر الشيفرة الوراثية امكانية ظهور شخصية، والظروف الاجتماعية تُحوّل هذه الامكانية الى واقع في عملية النشاط الانساني للعمل والانتاج الاجتماعي، والتي تتضمن تطويراً للغة، والتي تؤثّر بدورها على تشكّل الفكر المنطقي المُجرّد. وبسبب كل هذا، من الواضح أن التلبية الطبيعية للاحتياجات البيولوجية للانسان هو شرط مهم لحياة ثقافية متناغمة ومتكاملة.
ان تدفّق البيانات العيانية حول الجينات الانسانية كبير بشكلٍ استثنائي. عُقِدَ المؤتمر الدولي حول علم الوراثة الانساني، الذي شارك فيه العلماء السوفييت في باريس أيلول عام 1971. أظهَرَ المؤتمر النطاق الهائل للأبحاث الفرعية الفسيولوجية والسريرية والبيوكيميائية والجُزيئية والسكانية المُتعلقة بعلم الجينات. تم بالفعل وصف حوالي 2122 جيناً مندلياً مُتحوراً في الانسان(4)، وتم اثبات وجود طفرات سائدة ومُتنحية والعديد من الجينات الموجودة في الكروموسومات الجنسية. أظهَرَت الدراسات التي أُجرِيَت على التوائم وأنواع أُخرى كثيرة من الدراسات الجينية أن المعلومات الجينية التي تُشكّل السمات الوراثية لكل انسان تتجلى بقوةٍ استثنائية. تم اثبات الظهور المُنتظم للأمراض الوراثية والتحديد الجيني للعديد من أمراض القصور العقلي ووراثة القدرات الانسانية، وما الى ذلك.
لا تختلف القوانين الوراثية في الانسان بأي شكلٍ من الأشكال عن القوانين المُماثلة في الحيوانات. ليس هناك شك في أن المعلومات الجينية البشرية مكتوبةً في جُزيئات الحمض النووي DNA. يتأتى هذا من الحقائق التي جمعها علم الوراثة الخلوية البشرية وعلم الوراثة الجُزيئية التي أوضحت الدور الجيني للكروموسومات وجُزيئات الDNA التي تتوضع فيها الجينات البشرية.
كَشَفَت دراسات علم الجينات الجُزيئي المحتوى الأساسي لبرمجة تخليق البروتينات تحت تأثير الجينات. لقد ثبُتَ أن ادخال حمض اميني الى ببتيد ثُنائي (بولي ببتيد) polypeptide يتم ترميزه بواسطة قواعد نيتروجينية ثُلاثية (كودونات) codones، وهي مجموعة خاصة بكل جين. لقد ثبُتَ أن الشيفرة الجينية عالمية وتنطبق على جميع أشكال الحياة. ينطبق هذا التشفير على الفيروسات والبكتيريا والنباتات والحيوانات والانسان. لم يصل مفهوم وحدة الحياة الى هذا العُمق من قبل. ان وحدة الحياة على الأرض، وأصل الانسان من أعمق أعماق التطور البيولوجي على الأرض واضحان كل الوضوح. ان جميع النظرات المُتعلقة بكون أن الانسان من أصل الهي مُتميّز، أو نظرات الحالمين بأن الانسان ظهَرَ على الأرض في وقتٍ سابقٍ من الفضاء الخارجي كمبعوثٍ من الحضارات الأُخرى، تفقد معناها في ضوء حقيقة وحدة الشيفرة الجينية لكل العضويات الحية على الأرض، من الفيروس وصولاً الى الانسان. ان قانون عالمية الشيفرة الجينية هذا بالذات، يفتح آفاقاً واسعة للتدخل في الطبيعة البيولوجية للأشكال العضوية. تُطرَح المسألة حول الاستخدام الواسع للتهجين البعيد على المستوى الجُزيئي، مع استدخال بعض العناصر المطلوبة من البرنامج الجيني الى الكائن الحي. بهذه الطريقة تنفتح امكانية العلاج الجيني للأمراض الوراثية لدى الانسان. ترتبط العديد من الأمراض البشرية بحقيقة أن بعض الجينات الطافرة فقدت القدرة على تخليق انزيم مُعيّن يُشارك في سلسلة التخليق الحيوي. أُجرِيَت تجربة في عام 1971 بمساعدة فيروس يُصيب البكتيريا، حيث تم ادخال الجين المطلوب من بكتيريا من أجل انتاج هذا الانزيم في الخلايا المأخوذة من مريض يُعاني من الجالاكتوزيميا، وتم علاج هذه الخلايا. تم تحقيق انشاء امكانيات رائعة حقاً للتغيير الموجّه لوراثة الأشكال العضوية.
كل هذا يدل على وحدة العالم العضوي، الانسان بباقي الكائنات الحية. ومع ذلك، فان وجود الوعي والعمل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية قد جعله يتميّز عن غيره ويرتفع فوق أشكال الحياة الأُخرى. تتشكل شخصية الانسان، على هذا الأساس بالذات. لكن محاولات توظيف الحقائق حول توريث الخصائص البيولوجية كأساس لفهم شخصيته هي مثال نموذجي للموقف أُحادي الجانب في مُعالجة أهم المسائل حول طبيعة الانسان. يظهر المرء، بهذا النوع من المُقاربة، بمحاكاةٍ سخيفة لفهم جوهر الانسان، لأنه عندما يفعل هذا، لا يأخذ في الاعتبار مجموع التناقضات الكامنة خلف وجوده. هذا النهج لا يأخذ في الاعتبار عدا جانبٍ واحد من جوانب الوجود الانساني، وهو الجانب المُرتبط بعمل البرنامج الجيني.
والحقيقة، هي أنه بسبب وجود الوعي، فان الانسان، باعتباره مُتميزاً عن جميع الحيوانات، قد أنشأ برنامجاً آخر بالاضافة الى البرنامج الجيني، وهو برنامج يُحدد تطور شخصيته، والذي يُمكن أن يُطلَق عليه برنامج الوراثة الاجتماعية(5).
يُعتَبَر التطور Evoltion الجيني لأي نوع Species عمليةً بطيئةً نسبياً. ان سرعة التقدم الاجتماعي لا تدع مجالاً للشك في أن تطوّر الثقافة المادية والفكرية لا يقوم على التغيرات الجينية للبشر. تكمن ميزة الانسان التطورية Evolutionaryالهائلة في حقيقة امتلاكه للوعي الذي نشأ أثناء التطور، والذي لم يُتِح له أن يُكيّف نفسه مع بيئته وحسب، بل وأن يُغيرها أيضاً. ان العقل الانساني قادر على ادراك جميع الظواهر المُتناقضة دون حدود، سواءاً العالم الخارجي أم عالمه الداخلي. من خلال استيعاب نتائج تطور القوى المُنتجة في وعيه، يقوم الانسان، الذي نشأ على أساس تصوّر برنامج اجتماعي أكثر تعقيداً باستمرار، بنقل عالمه الروحي (الثقافي) الى كل الجيل اللاحق. ان القفزة الثقافية الرائعة في الثمانية أو التسعة آلاف سنة الماضية، من وجود حضارات عظيمة مثل الآشورية والهندية والصينية والمصرية والمكسيكية واليونانية والرومانية، وسنوات العصور الوسطى القاتمة في أوروبا، والطفرة الثقافية الجديدة في القرن الخامس عشر، وأخيراً التحولات الاجتماعية والثورية والثورية العلمية التكنيكية التي تحدث في عصرنا مؤديةً الى تغيرات مُذهلة في علم الثقافة الانسانية، ان كل هذه التغيرات لم تكن مصحوبةً بتغيرات جينية موجهة. من الواضح أن العمال الرئيسي في هذه العمليات العظيمة هو تطور قوى الانتاج التي انعكست بطريقتها في "الموروث" الاجتماعي.
كل هذا يوضح، أن الوعي الاجتماعي، الموجود في شكل فلسفة وعلم وفن ودين وأفكار سياسية وما شابه، وكل أشكال السلوك المُصنّف اجتماعياً في المُجتمع الانساني، مثل مفاهيم الخير والشر، ليست سوى الصورة المُركّزة للموروث الاجتماعي.
لا يُمكننا أن ننسى، لدن مُحاولاتنا لنقد اختزال الحياة الفكرية الانسانية الى الحياة البيولوجية، أن تطوّر كل فرد يحدث تحت التأثير المُشتَرَك للبرنامجين الاجتماعي والجيني. لا أحد منا يستطيع أن يُحرر نفسه من المعلومات الجينية التي تلقاها من والديه. ان تنوّع البشر، وتميّز كل شخص في التكوين الجيني، هو ما يخلق أحياناً مشاكل معقدة في الجتمعة. يجب أن لا ننسى أن كل فرد يمتلك تنظيماً وراثياً فريداً يحوز على معيار خاص به في الاستجابة، أي كون أنه هو الوحيد الذي يتفاعل بطريقة مُعيّنة مع التأثيرات الاجتماعية والمادية المُحيطة. نحن هنا نتعامل مع الوراثة الجينية، التي توفر الأساس للخصائص الطبيعية الحيوية للانسان، والتي يتحد فيها وجود أُسس مُشتركة مع التفرّد البيولوجي. كما لاحظَ ماركس بحق "الولادة تمنح الانسان الوجود الفردي وحسب، وهي تمنحه، فوق كل شيء الحياة كفردٍ طبيعي فقط"(6)، بعد ذلك "فقط في المُجتمع يُمكن لـ"الانسان" أن يطور طبيعته الحقيقية، ويجب الحُكم على قوة طبيعته ليس من خلال قوة الأفراد المُنعزلين ولكن من خلال قوة المُجتمع ككل"(7).
بالطبع، فان الموروث الاجتماعي، يؤسس نفسه على السمات الجينية في برمجته سلوك الشخصية. في هذا الصدد، فان جينات كل فرد لها أهمية قصوى، ليس فقط في تأكيد خصائصه البيولوجية، ولكن في تحديد تصور البرنامج الاجتماعي. بسبب كل هذا، أثبت الوعي أنه قادر على استيعاب البرنامج الاجتماعي المُتنامي وهذا قدّم ضماناً كاملاً بأن الناس سيكونون قادرين على الاستجابة للتغيرات في وضعهم الاجتماعي على مدار التاريخ بأكمله. يكمن دور علم الوراثة الطبي والعام والجُزيئي، بالاضافة الى علم الوراثة البشري، في حماية الوراثة الصحيحة للانسان وفي مُكافحة الطفرات المُنتجة للأمراض وفي التغيير الموجه لجينات المرضى الفرديين أو الأشخاص المثقلون بأمراض وراثية بدون تغيير الأسس العامة للمعلومات الوراثية الموجودة.

مقولات الحرية والضرورة في ضوء مسألة الوراثة الاجتماعية
ان الحرية والضرورة هي مقولة فلسفية تُبرز العلاقة المُتبادلة بين النشاط الانساني والقوانين الاجتماعية والطبيعية الموضوعية. تعترف فلسفة المادية الدياليكتيكية، بالمعنى الابستمولوجي، بأولوية الضرورة والطبيعة الثانوية للارادة والوعي الانسانيين. ظل الانسان الذي لا يعرف القوانين الموضوعية للطبيعة والمُجتمع، في بداية تاريخه، عبداً للضرورة العمياء. أتاح تطور العلم والعلاقات الاجتماعية للانسان معرفة طبيعة الضرورة والاستفادة الواعية من هذه المعرفة. ومع ذلك، تكون العلاقات الاجتماعية في المُجتمع الطبقي مُعادية للشغيلة وتُهيمن عليهم. يتم التخلص من الاضطهاد الاجتماعي في عملية الثورة الاشتراكية. تبدأ قوانين الطبيعة وقوانين المُجتمع في خدمة الانسان. وتحدث قفزة من مملكة الضرورة الى مملكة الحرية كما قال انجلز. أظهَرَ البناء العملي للاشتراكية الطريق الى التطور المتناغم للشخصية في تلك الظروف الفكرية والمادية التي نشأت في فترة تطور المُجتمع الاشتراكي.
انتقد لينين بشدة المناهج النظرية والعملية التي ترى أن طبيعة الانسان لا تتغير وأنه قد وُهِبَ غريزة المُلكية الخاصة وغرائز أُخرى منذ البدء. أعلنَ أنصار هذه الآراء، الذين أكدوا أن بناء الاشتراكية محكومٌ عليه بالفشل، أنه من الضروري أولاً خلق نوع خاص من البشر قادر على العمل كـ"مادة جديدة" لبناء الاشتراكية. كتب لينين في فضح زيف هذه الأفكار: "نريد أن نبني الاشتراكية بهؤلاء الناس الذين ربتهم الرأسمالية وشوهتهم وأفسدتهم، ولكنها بالمقابل مرّسَتهم للنضال... نحن نريد أن نبني الاشتراكية فوراً من المادة التي خلفتها لنا الرأسمالية، بين عشيةٍ وضحاها، الآن بالذات، لا من اولئك الناس الذين يُستَنبَتون في المنابت المُدفأة، اذا تسلينا بهذه الحكاية"(8).
في عصرنا، أصبحت مُقاربة لينين حول تشكيل شخصية باني الاشتراكية مُلحة بشكلٍ خاص: بناء الشيوعية لتكشيل انسانٍ جديد، وتشكيل انسان جديد لبناء الشيوعية.تذكروا كلمات ماركس: "ان الجوهر الانساني ليس تجريداً مُلازماً للفرد المُنعزل، فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافةً"(9).
على الرغم من الأهمية الواضحة لتأثير التربية والبيئة الاجتماعية على تأسيس شخصية الانسان، لا يزال هناك عدد من علماء الوراثة الذين يعتقدون أن شخصية كل فرد وسلوكه الاجتماعي يتحددان من خلال برنامج وراثي. يؤكد علماء الوراثة هؤلاء أن الوراثة البشرية هي مجال بيولوجي خاص له قوانينه الثابتة الخاصة به. لا تفعل الجتمعة أي شيء في هذا المجال. تدفع هذه المفاهيم هؤلاء المؤلفين الى الاعتقاد بأن تقدم صفات الانسان الروحية يتطلب تغييراتٍ جينية.
ان نظرية الحاجة الى اعادة تشكيل الانسان بيولوجياً تضع البشر في حالة اعتماد شبه استعبادية لجيناتهم. فمن ناحية، تُعتَبَر التغييرات الاجتماعية غير كافية لتغيير طبيعته، بينما، من ناحيةٍ أُخرى، نحن شبه عاجزين عن تغيير الجينات البشرية. ان هذه مُقاربة عاجزة، تاركةً الانسان في موضعه القديم السابق بشكلٍ قاتل، لأنه لا أحد يعرف طُرق أو وسائل أو اهداف اعادة التشكيل البيولوجي هذه. بالاضافة الى ذلك، وبالنظر الى عدم امكانية تطبيق هذه الفرضيات، فانها ستكون عمياء في تقييمها للامكانات الجينية الحالية للبشر. لقد مرّ الانسان المُعاصر بتغيرات اجتماعية هائلة في مجرى تاريخه ودخل الآن حُقبةً خلق فيها أكثر أنماط الحياة انسانية للناس في ظل الاشتراكية. ان معنى حياة الانسان الجديد وكفاحه يكمن في خلق ظروف انسانية حقيقية لوجود جميع البشر على الأرض.
تُظهر الحقائق العلمية المُستمدة من علم الوراثة الحديث بأقصى قدر من الوضوح أنه لا توجد مُعادلات مُباشرة لتكشيل شخصية الانسان طريق البيولوجيا. يقوم كل فرد، وفقاً لخصائصه الطبيعية، ببناء شخصيته بطريقة ابداعية في سياق الجتمعة على أساس الظروف الاجتماعية الملموسة. بهذا المعنى، يخلق كل شخص نفسه عاكساً العلاقات الاجتماعية السائدة في عصره. انه يجمع في نفسه أشكال السلوك الاجتماعية وتفرّد شخصيته. يتمتع الانسان بخصائص بيولوجية لنوع الهومو سابيينس Homo sapiens، ويمتلك امكانات غير محدودة لتطوير وعيه.
لا تضع البيولوجيا قيوداً الزامية على التطور الاجتماعي للانساني، الذي لا يعرف تفكيره حدوداً لتطوره. يبني البشر علاقاتهم الاجتماعية بوعي في ظل الشيوعية، ويوسّع العلم باستمرار ضرورة قوانين الطبيعة من أجل استخدام البشر لها. كل هذا ينقل الانسان الى مملكة حقيقية من الحرية ذات آفاق غير محدودة لتقدم عبقريته، حريته الحقيقية.

حول الامكانية الجينية للبشر
يعتمد تصور وطابع تغيّر البرنامج الاجتماعي على ثقافة الناس ومستوى معيشتهم. وهذا يوضح أنه من المُمكن تحقيق تحسين أساسي للجنس البشري من خلال التأثير على البيئة ورفع مستوى المعيشة والثقافة تحديداً. حتى يومنا هذا تستمر النظريات العنصرية التي تستند الى حقيقة وجود أعراق مُتنوعة، بطريقة غير مُبررة علمياً، بالسعي الى ايجاد عدم تساوي بيولوجي غير موجود أصلاً بين الأعراق. والحقيقة أن كل الناس من جميع الأعراق يمتلكون برنامجاً اجتماعياً موروثاً وعقلاً يفتح أمامهم طريقاً للوصول الى أعظم مصافي الثقافة الفكرية والنشاط المادي.
ان الاعتراف بحقيقة أن التطور الاجتماعي للبشر، سيُبنى، لفترةٍ طويلةٍ قادمة، على أساس نظام وراثي ديناميكي مستقر كأساسا للبشرية جمعاء، لا يحوّل على الاطلاق النمط الجيني للانسانية الى شيءٍ مُعطى الى الأبد ولا يتغير بعد ظهور الانسان كما هو موجود الآن. ان الأمر هو أنها مُجرّد مسألة وقت. في حين أن التطور الاجتماعي يسير بخطوات كبيرة في عصرنا هذا ويتسارع باستمرار، فان هذا لا ينطبق على التطور الجيني للانسان. تقدّم الناس السوفييت، في غضونِ جيلٍ واحد من الرأسمالية الى الاشتراكية. يا لها من تغيرات هائلة يمر بها عالم الروح الانسانية، ويا لها من معلومات هائلة تلك التي يستوعبها ويُعالجها المُجتمع!. يحتاج التطور الجيني عشرات ومئات آلاف بل وملايين السنين. يسير التطور الاجتماعي أسرع بما لا يُقاس من التطور الجيني، لذلك سيحدث لتقدم الاجتماعي، على الأقل في العقود القادمة وربما لعدة قرون وحتى آلاف السنين دون أي تغيرات مُهمة في التركيب الجيني البشري.
ان الامكانات الجينية للبشرية المُعاصرة لا تنضب حقاً. علاوةً على ذلك، من الضروري مُلاحظة أن التغيرات التاريخية في المُجتمعات البشرية خلال آلاف السنين منذ ظهور الانسان قد سارت باتجاه تعميق فُرَص استمرار تحقيق قُدراته الموروثة. كان يُمثّل الانسان، منذ فجر وجوده، مجموعاتٍ صغيرة. ان النمو السكاني (الذي بلَغَ كثافةً هائلةً في عصرنا) يخلق ظروفاً أفضل من أي وقتٍ مضى لتحقيق الامكانات الجينية لجماهير الناس. تطرح دراسة مسائل الجنس البشري في ضوء مُعطيات علم الوراثة عدداً من المشاكل الرئيسية في المنهجية. لم تتلق مسألة بُنية طابع المُجتمع الانساني من هذه الزاوية أهتماماً كافياً. لم يتم توضيح مسألة الدور الذي يلعبه كل فرد بشخصيته الفريدة وتناقضاته الداخلية وامكانية استيعاب كل الأعماق والصلات اللامتناهية مع العالم والناس. هناك حاجة الى النظر في مسألة ثراء ثقافة الانسان ككائن اجتماعي بالتزامن مع سماته الشخصية التي لا تُضاهى بسمات الآخرين. تُفلت هذه المُشكلة العميقة تماماً من انتباه اولئك الذين يختزلون الانسان الى مكوناته البيولوجية وحدها، والذين هم غير قادرين على فهم جوهر الانسان ككائن بيو-اجتماعي.
في ضوء النظر في السمات النوعية للانسان باعتباره كائناً يمتلك وعياً، من الضروري التأكيد بوضوح على أن ظهور نظرية البرنامج الاجتماعي يُحرر أخيراً علم الوراثة بشكلٍ أساسي من قيود اختزال عالم الانسان الروحي والاجتماعي الى ما هو بيولوجي. تُعرّي نظرية البرنامج الاجتماعي الطابع اللاعلمي لادعائات علوم مزعومة مُعادية للانسانية مثل تحسين النسل والنظريات العنصرية (العرقية). في ضوء المعطيات حول تفاعل ما هو اجتماعي مع ما هو جيني في تطور الشخصية عقلياً وأخلاقياً تبرُز مُشكلة الاختزال، وأهمية مقولة (الكُليّة) بشكلٍ كامل.
بالانتقال الى ما يتعلق بالانسان، يُمكن للمرء أن يؤكد أن المُكوّن الرئيسي لهذه الظاهرة المُعقدة هو الوعي، لأن هذا هو الذي يخدم بمثابة الأساس لامكانات البشر غير المحدودة. في ضوء ذلك، من الواضح أن دراسة الطريقة التي يتم بها استيعاب البرنامج الاجتماعي وبُنيته في عمليات تطور الشخصية هي واحدة من أهم أكثر المشاكل المنهجية عملياً ونظرياً، ولكن الأكثر تعقياً في يومنا هذا. في هذا الصدد، فان المعرفة في اطار العلوم الطبيعية، التي تكشف عن الطبيعة الحقيقية للنظام، تندمج مع الدراسة الفلسفية للكُل، لأن موضوع الدراسة هو عملية اكتساب المعرفة بحد ذاتها.
كل هذا يُبيّن أن مذهب البرنامج الاجتماعي، وتفاعلة مع البرنامج الجيني يفتح الباب على مصراعيه لتغلغل فلسفة المادية الدياليكتيكية في علم الوراثة. يدور اليوم صراع ايديولوجي شرس حول مسائل الانسان والجينات. ان حدة هذا الصراع مفهومة تماماً، لأن مُستقبل الشيوعية مُرتبط بالانسان على وجه التحديد.

خاتمة
لقد مرت خمسون عاماً على ظهور مقال لينين (حول معنى المادية المُقاتلة). لقد كانت هذه السنوات هي سنوات وصول بلادنا الى مُجتمع اشتراكي ناضج يتميز بعلمٍ قوي قائم على تحالف علماء الطبيعة والفلاسفة، وهي فكرة قدّمها لنا لينين. يتميز عصرنا، بعد المؤتمر الرابع والعشرون للحزب الشيوعي السوفييتي، ببيئةٍ ابداعية وبامكانات استثنائية لتطوير العلوم، ونمو المحتوى الفكري للمُجتمع. كل هذا يتحقق بالعمل والنضال. مر تحالف علماء الطبيعة والفلاسفة، في تاريخه بأحداث مُعقدة. تستند مبادئ لينين الى التمعيمات الفلسفية لمسائل علوم الطبيعة. كان تاريخ تطور التحالف بين الفلاسفة وعلماء الوراثة مُعقداً ومتناقضاً. أصبَحَ هذا التحالف أقوى تدريجياً وترسخت في المناقشات النظرية الحادة. كانت هذه المناقشات في البداية تدور حول اللاأدرية وعلم الوراثة الذاتي واللاماركية ومن ثم حول ليسينكو. اليوم يُمكننا النهج اللينيني، القائم على مجموع البيانات والأفكار المُعاصرة، من النضال بنجاح ضد اختزال الظواهر الاجتماعية الى بيولوجية، وضد مظاهر هذا الاختزال في المُجتمع الرأسمالي المُرتبطة بتبرير الابادات الجماعية وسياسة الابادة البيئية الوحشية التي تنتهجها القوات المسلحة الأمريكية في فييتنام، وسياسة شن الحرب النووية والايديولوجيا الصهيونية العنصرية والأحزاب الفاشية الجديدة في الولايات المتحدة وألمانيا الغربية.
لقد وَقَعَ عليّ أن أكون مُشاركاً نشطاً في جميع تلك الأحداث الرئيسية في جبهة تطوير وترسيخ تحالف الفلاسفة وعُلماء الوراثة. كان هناك العديد من النقاشات والانحرافات والأخطاء على طريق النضال من أجل المبادئ المادية الدياليكتيكية في علم الوراثة. نحن نرى، بالنظر الى السنوات التي مرّت، كيف رأى لينين مُستقبل العلوم الطبيعية بعمق وواقعية. تم تنفيذ المبادئ التي عبّر عنها لينين عام 1922 في مقالته (حول معنى المادية المُقاتلة) وأصبحت جُزءاً من جميع الجوانب الرئيسية للثورة العلمية التكنيكية. ان علم الوراثة هو ابن المادية الدياليكتيكية على المستوى الفلسفي. انه أحد جوانب التغلغل العميق في جوهر الحياة كشكل خاص من أشكال حركة المادة. يتم التأثير بشكل ابداعي على الانتاج والطبيعة الحية والانسان من خلال ارتباط علم الوراثة بالزراعة والطب. اكتسب الالحاد العلمي ترسيخاً أكبر وتقوّى أكثر من خلال دعم علم الوراثة له، لأن الانسان يظهر، في ضوء معطيات هذا العلم، كحلقة وصل طبيعية في تطوّر Evolution الحياة وكظاهرة تمتلك سمة جديدة في شكل الوعي ونشاط العمل الاجتماعي.
يفتح العلم الطبيعي المُعاصر أمام الانسان صورةً جديدةً عن العالم. هذا مشروط بانجازات الفيزياء والكيمياء والسيبيرنتيك وعلم الوراثة الجُزيئي والعلوم الأُخرى. لقد أظهرت انجازات هذه العلوم مادية العالم ووحدته والدياليكتيك العميق لتطوره. ظهر الانسان الذي يمتلك الوعي، على أساس الشكل الاجتماعي لحركة المادة،- ظَهَرَ من حدود الأشكال البيولوجية والكيميائية والفيزيائية لحركة المادة. كانت الحياة الاجتماعية والشخصية الانسانية مُستحيلة الحدوث لولا مُشاركة هذه الأشكال من الحركة، ولكن في نفس الوقت ارتقى الانسان فوق كل شيء في العالم من خلال التحول الى شكل حركة جديد نوعياً، على أساس الارث الاجتماعي والوعي.
ان تطور التراث الفلسفي اللينيني يُلهمنا بالتفاؤل حول الانسان. ليس هناك ما هو أسمى من الانسان، وفي المستقبل ستنفتح طريق واسعة وسريعة أمامه من أجل تطوّر لامحدود لقوته وشخصيته في ظل الاشتراكية. ان البشرية لن تنسى أبداً العمل الفذ الذي قام به لينين، وعلى وجه الخصوص حقيقة أنه أقام علاقةً لا تنفصم بين العلوم الطبيعية في فترة أزمتها والتي بلغت ذروتها في بداية الثورة في العلوم والتكنولوجيا، مع النظرية الفلسفية للمادية الدياليكتيكية.

* نيكولاي بيتروفيتش دوبنين 1906-1998 عالم وراثة ماركسي ومُؤسس ومُطوّر العديد من المجالات الجديدة في علم الأحياء ومؤلف الأعمال الكلاسيكية عن التطور والاشعاع والوراثة المكانية والجُزيئية ومسائل الوراثة الانسانية وقدّم حلولاً علمية لمسائل اصطفاء حيوانات المزارع والمزروعات والكائنات الدقيقة وساهم في تطوّر العلاج الوراثي وكان مُساهماً في تحديد معالم تطور علم الوراثة السوفييتي في القرن العشرين.
كان عضواً في الكومسومول اللينيني، ودَرَسَ في جامعة موسكو الحكومية وتخرج عام 1928.
عمِلَ منذ عام 1932 في العديد من معاهد البحث التابعة لأكاديمية العلوم السوفييتية ومفوضية الشعب للصحة العامة، بما في ذلك معهد البيولوجيا التجريبية ИЭБ، حيث دافَعَ باستمرار عن موقفه في صراعه مع الليسينكوية.
عمِلَ دوبنين في تطوير التشجير الوقائي الميداني الذي أنشأه معهد الغابات التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية عام 1948، وكان يدرس ويعمل في مجال علم الطيور منذ عام 1949-1955. طوّرَ دوبنين مناهج جديدة في دراسة الطيور والمناهج الكمية وتحديد المُخططات العلمية. أمضى دوبنين من 7 الى 8 أشهر في السنة في رحلات استكشافية في غابات الروافد الدُنيا لجبال الأورال، وقام باعداد عدد من الدراسات بما في ذلك دراسة (طيور غابات وادي الأورال) 1956.
نيكولاي دوبينين هو مؤسس معهد علم الخلايا وعلم الوراثة التابع للفرع السيبيري لأكاديمية العلوم السوفييتية، والذي صار مديراً له 1957-1959، وكان مُدير معهد علم الوراثة العام في الأكاديمية منذ عام -19811966.
كان علم الوراثة هو مجال اهتمام دوبنين، حيث أظهرَ جنباً الى جنب مع الكسندر سيريبروفسكي هشاشة الجين وكذلك ظاهرة تكامل الجين. نَشَرَ عدداً من الأعمال العلمية المُهمة حول بُنية ووظائف الكروموسومات وأظهَرَ وجود طفرات جينية قاتلة وشبه مُميتة عند عدد من الناس، كما وعَمِلَ على مشاكل علم الوراثة الاشعاعية. حصل دوبنين على جائزة لينين عام 1966 وعلى لقب بطل العمل الاشتراكي ووسام لينين وميدالية المنجل والمطرقة عام 1990.
من أعماله العلمية:
(حول مسألة علم الوراثة الاشعاعي) 1961، (الجينات الجُزيئية وتأثير الاشعاع على الوراثة) 1963، (ما هي الشخصية؟) 1983، (علم الوراثة العام) 1986، (الحركة الأبدية) 1989

1- V. I. Lenin, Poln. sobr. soch., Vol. 45, pp. 29-30
2- Ibid., Vol. 29, p. 294
3- الايديولوجيا الألمانية، ماركس وانجلز، ترجمة فؤاد أيّوب، دار الفارابي 2016، ص46، 47
أ- يعتمد المؤلف على البيانات العلمية التي سادت في سبعينيات القرن العشرين. هناك دراسة حديثة صدرت عام 2009 تقول بأن عدد الخلايا العصبية في الدماغ الانساني هو 86 مليار خلية عصبية:
Herculano-Houzel S. The human brain in numbers: a linearly scaled-up primate brain. Front Hum Neurosci. 2009. doi:10.3389/neuro.09.031.2009
4- V. A. McKusick, Mendelian Inheritance in Man, 2nd ed., Baltimore, 1968
5- ee N. P. Dubinin, Genetika i budushchee chelovechestva, Moscow, "Znanie" Publishing House, 1971 same author, "Filosofskie i sotsiologicheskie aspekty genetiki cheloveka," Voprosy filosofii, 1971, Nos. 1-2.
6- K. Marx and F. Engels, Soch., Vol. 1, p. 342
7- Ibid., Vol. 2, p. 146
8- المُختارات في 10 مُجلدات، فلاديمير لينين، دار التقدم 1977، ص411
9- موضوعات عن فويرباخ، كارل ماركس، دار التقدم، ص2

ترجمة من مقالة:
N. P. Dubinin (1972) Contemporary Natural Sciences and a Scientific World View, Soviet Studies in Philosophy, 11:3, 248-269



#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)       Malik_Abu_Alia#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- حول مُشكلة التحليل البنيوي للتاريخ
- كتاب لينين -المادية ومذهب النقد التجريبي- ونظرية المعرفة الم ...
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- بعض جوانب دراسة التاريخ الاجتماعي (السيكولوجيا الاجتماعية ال ...
- الفلسفة التحليلية المُعاصرة
- من المُلام؟ كيف نشأ الخلاف بين قادة الصين الماويين، والاتحاد ...
- تاريخ الدين: الاسلام
- فلسفة فويرباخ حول الانسان ومسألة نشاط الذات
- الهجوم الاستفزازي لسُلطات بكين- الأحداث على الحدود السوفييتي ...
- تاريخ الدين: المسيحية
- حول مسألة وتاريخ نظرية الفكر العلمي
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (7)
- تاريخ الدين: الدين الروماني القديم
- مسألة تشكيل مقولات جديدة في المنطق الدياليكتيكي
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (6)
- تاريخ الدين: الديانة اليونانية القديمة
- أزمة نزع الأيديولوجيا في الفلسفة
- الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (5)
- تاريخ الدين: اليهودية


المزيد.....




- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مالك ابوعليا - العلوم الطبيعية المُعاصرة والنظرة العلمية الى العالم