أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الموقف الأردني الشجاع















المزيد.....

الموقف الأردني الشجاع


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 11:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المملكة الأردنية الهاشمية ليست أكبر دولة عربية، ولا هي أغنى الدول ولا أقواها عسكريا أو اقتصاديا، ولكنها أقرب الدول العربية إلى نبض الشعب الفلسطيني وقضيته التي كانت وستبقى القضية المركزية للأمة العربية، ولذلك لم يكن غريبا أن يتخذ الأردن سلسلة المواقف الشجاعة، والأكثر تأثيرا في معادلات الإقليم، بدعم الحق الفلسطيني ورفض شروط الاستسلام التي تريد إسرائيل فرضها وتكريسها.
هذا الموقف المبدئي لم يأت عبر تصريح عابر لمسؤول هنا أو هناك، ولا كان منقطعا عن المواقف التاريخية لهذا البلد الشقيق، ملكا وحكومة وشعبا، بل هو سياق متكامل من المواقف المعلنة التي يرافقها فعل سياسي ودبلوماسي مثابر ودؤوب، علاوة على مواقف الدعم المادي والمعنوي التي يقدمها الأردن للسلطة ولعموم أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في جميع المجالات، وبالتالي ليس من المستغرب أن تشعر الدوائر الإسرائيلية الحاكمة بالحنق الشديد، وأن تهاجم الموقف الأردني تصريحا وتلميحا إلى حدّ اتهامه بإذكاء المشاعر والتحريض على العنف والمواجهات في المسجد الأقصى المبارك.
ويمثل الموقف الأردني الداعم لفلسطين حالة إجماع تشمل المستويات الرسمية والشعبيىة بدءا من القصر والحكومة ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة، مرورا بالبرلمان والأحزاب والقوى السياسية والنقابات والاتحادات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمنابر المختلفة وصولا لأصغر طفل على امتداد الأراضي الأردنية من الرمثا للعقبة، وهذا الموقف معروف لكل فلسطيني حيث ما زالت قبور شهداء الجيش العربي، وحكايات الآباء والأجداد، وسجلات التاريخ، شاهدة على تضحيات الأردنيين في معارك القدس وباب الواد وجنين وعموم الأراضي الفلسطينية.
يوصف الموقف وصاحبه بالشجاعة ليس بسبب التزامه العدل والحق فقط، بل لارتباطه بالاستعداد لتحمل صاحب الموقف كلفة موقفه، والذي يأتي أحيانا معاندا لاتجاهات التيار الجارف. ومواقف الأردن التقليدية برفض السياسات والإجراءات التوسعية والاستيطانية الإسرائيلية ليست جديدة، بل هي تمثل خطا ثابتا معروفا في السياسة الأردنية والعربية، وتتركز هذه المواقف وتبرز حدّتها وطابعها الصدامي في مواجهة محاولات دولة الاحتلال تهويد مدينة القدس وتغيير طابعها التاريخي العربي الإسلامي المسيحي، وكسر ما يعرف بترتيبات الوضع القائم (الستاتوسكو) بسحب صلاحيات إدارة الحرم القدسي الشريف من إدارة الأوقاف وتسليمها للشرطة الإسرائيلية، ولا شك أن الأردن يحظى في هذا المجال بنقطة قوة قانونية وسياسية فضلا عن الأخلاقية والمبدئية، وهي احتفاظه بالوصاية على الأماكن المقدسة، وكان محل إجماع وتقدير عربي وإسلامي، وبخاصة من قبل الفلسطينيين، لا سيما وأن الأردن لم ينقطع يوما عن إدارة الأوقاف ودعمها ورعايتها حتى في أحلك الظروف.
وجاءت أبرز هذه المواقف الشجاعة في الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لرام الله في 28/3/2022، واجتماعه مع الرئيس محمود عباس، فالزيارة حملت جملة من المعاني والرسائل المركبة تشمل رفض الانسياق مع ما أرادته إسرائيل من قمة النقب، باستحداث محاور إقليمية جديدة، على حساب القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى التأكيد أن الأردنيين والفلسطينيين هم في خندق واحد والأقرب إلى بعضهم البعض، وأن المنطقة لا يمكن أن تنعم بالأمن والاستقرار من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
إسرائيل حاولت إشاعة مناخ مفاده أن العرب نسوا القضية الفلسطينية وتجاهلوها، وأنهم باتوا يفكرون في مصالحهم الأمنية والاقتصادية، وأن القضية الفلسطينية باتت مجرد شأن داخلي إسرائيلي تعالجه حكومة الاحتلال بأدواتها الأمنية والقمعية إلى جانب الأدوات الاقتصادية، اي وفق سياسة العصا والجزرة كما قال نفتالي بينيت بكل صراحة وعجرفة، فجاءت الزيارة الملكية الأردنية لتذكر إسرائيل والعالم أجمع بحقائق التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
هذا الموقف المبدئي لأعلى مستويات القرار الأردني هو امتداد للموقف الشجاع في رفض صفقة القرن، والتي حاولت إدارة ترامب ومعها نتنياهو وبعض العرب تصويرها وكأنها قدر لا مفرّ منه، ولا سبيل إلى مواجهته، فرفضها الفلسطينيون كما رفضها الأردن متحملا كل اشكال الضغط والابتزاز والتهديد ومعها الإغراءات والوعود المعسولة المعلنة والسرية.
الموقف الأردني كان محل استياء وتحريض عَلنيّيْن من قبل الدوائر الإسرائيلية التي عكفت على دراسة هذا الموقف وخلفياته، لأنه ساهم في تبهيت نتائج قمة النقب، وتقليص الفوائد التي جنتها إسرائيل منها. شنت إسرائيل حملة على رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة بسبب تصريحاته التي حيا فيها صمود المقدسيين وتصديهم لانتهاكات المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وألمح بينيت إلى أن هذه التصريحات تمثل جائزة للمتطرفين، بينما ادعى الوزير جدعون ساعر بأنها خطيرة وغير مقبولة. وقد تزامنت التصريحات والمواقف الرسمية والشعبية الأردنية مع استدعاء نائب السفير الإسرائيلي في عمان لتوبيخه.
ولم يقتصر الموقف الأردني على إطلاق التصريحات وإصدار البيانات، بل اقترن بالعمل لترجمة هذه المواقف إلى فعل سياسي ودبلوماسي يحوّل معطيات الصمود الفلسطيني والإدانات العربية والإسلامية والدولية إلى اتجاه عمل، يعيد الأمور إلى نصابها ويضعها على سكة الشرعية الدولية. فقد تلا هذه المواقف دعوة اللجنة العربية الوزارية لشؤون القدس لاجتماع طارىء في عمان، بحضور ثماني دول عربية من بينها الأردن وفلسطين ومصر بالطبع، ورئاسة القمة العربية، ورئاسة لجنة القدس، وبمشاركة الدول التي حضرت قمة النقب. وقد خرج الاجتماع بتوصيات وقرارات مهمة تنسجم مع الموقفين الأردني والفلسطيني وأبرزها إدانة الانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، وتحميل إسرائيل ما قد ينشأ عنها من دوامة العنف، والرفض القاطع لمخطط التقسيم الزماني والمكاني للأقصى أو المساس بالوضع الراهن والوصاية الأردنية على المقدسات.
الموقف الأردني المقترن والمتكامل مع الصمود الفلسطيني، والمزيد من التماسك الفلسطيني المقرون باستعادة الوحدة الوطنية، يؤسسان لإعادة بناء الموقف العربي، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومكانتها، ويصبان في مجرى بناء موقف دولي أقرب إلى تبني قرارات الشرعية الدولية بعد الانتكاسة التي شهدتها حقبة ترامب وصفقته مع نتنياهو.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصمت منصور: واجب النقد وحق الاختلاف
- خلفيات الدعم الإسرائيلي المطلق لإسرائيل
- الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى بين السياسي والديني/الأسطوري
- القائد مروان
- السياسي والاسطوري في اقتحام المسجد الاقصى
- التطورات والتصعيد في فلسطين (3)
- التصعيد في فلسطين (2)
- عن التطورات والتصعيد في فلسطين (1)
- جِنين عاصمة المقاومة
- داعش وإسرائيل: مخاطر محدودة (3)
- داعش وإسرائيل: فوائد جمة (2)
- داعش وإسرائيل :علاقات ملتبسة (1)
- الانتخابات المحلية الفلسطينية وسطوة العائلي على الوطني والبر ...
- التطرف وبيئاته الحاضنة
- عالَم منافق يكافِىء المجرم ويُعاقِب الضحية
- القانون العنصري الصارخ -منع لم شمل العائلات-
- هشاشة أوضاعنا والأزمات العالمية
- تركيا واسرائيل: المصالح أولا
- عن يامن جفال وأترابه
- المناضل الأردني - الفلسطيني عارف الزغول


المزيد.....




- -لكلماته علاقة بأيام الأسبوع-.. زاخاروفا تعلق على تصريحات ما ...
- سيارة وجمال.. هدايا مقدمة لسعودي أنقذ مواطنيه من سيل جارف (ف ...
- -المسيرة-: 5 غارات تستهدف مطار الحديدة الدولي غرب اليمن
- وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية
- وثيقة سرية تكشف عن أن قوات الأمن الإيرانية تحرشت جنسيا بفتاة ...
- تقارير مصرية تتحدث عن تقدم بمفاوضات الهدنة في غزة و-صفقة وشي ...
- الكرملين يعلق على الضربة المحتملة ضد جسر القرم
- مشاهد جديدة من موقع انهيار طريق سريع في الصين أدى إلى مقتل ا ...
- سموتريتش يشيد بترامب في رفض حل الدولتين
- -وفا-: إسرائيل تحتجز 500 جثمان فلسطيني بينهم 58 منذ مطلع الع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - الموقف الأردني الشجاع