أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر حاجم البدري - دراسة تداولية للتحذير في خطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا















المزيد.....

دراسة تداولية للتحذير في خطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا


جعفر حاجم البدري

الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 06:07
المحور: الادب والفن
    


الشروط التداولية للتحذير في خطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا
ان هذه الورقة البحثية المختصرة معنية بالتحقيق اللساني التداولي لخطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا. انها تركز على الاستراتيجيات البراغماتية و الأشكال اللغوية التي يتم من خلالها تمرير التحذير.
بداية..
يرى أهل علم اللغة Linguistics أن التداولية Pragmatics تحاول الاهتمام باللغة المستعملة من قبل المتكلم ليتحول التحليل من التحقيق اللساني الى الانجاز اللغوي. لقد وسع Morris (1938) نطاق التداولية ليعطي توصيف دقيق حول الجوانب الحيوية للسيميائية مع جميع الظواهر النفسية والبيولوجية والاجتماعية التي تحدث في عمل العلامة ". و لهذا ظهرت العديد من النظريات التداولية التي تدرس المعنى الضمني المخبوء وراء القوالب اللغوية التركيبية أو النحوية.
من أشهر النظريات التداولية استخداما كمنهجية للتحليل اللغوي هي نظرية افعال الكلام للعالم Searle (1969) . وفقا لسيرل، هناك ثلاثة أنواع من الأفعال التي يعزى اليها قولنا بالكلمات:
1- التصرفات التي تعبر عن المعنى الحرفي.
2- الأفعال الخطابية التي تعبر عن النوايا بالمعنى الناتج.
3- أعمال التنبيه التي تعبر عن تأثير الكلام على افعال و افكار و سلوك الآخرين.
و بالتالي، يقسم Searle الأفعال الخطابية الى خمسة أقسام:
1- التمثيلية، و هي التي يلتزم بها المتكلم بالاستدلال و التأكيد.
2- التوجيهية، و هي التي المتضمنة الطلب و الاستجواب.
3- التفويضية، و هي التي تلزم المتكلم او المستمع بعمل مستقبلي مثل التحذير و الوعيد.
4- التعبيرية، و هي المتضمنة لأفعال ذهنية كالاعتذار او الترحيب او الشكر او التهنئة.
5- التصريحية، و هي المستخدمة لتنفيذ تغييرات فورية كالتسمية او التعميد او علان الحروب.
هنا، يتبين أن التحذير يقع ضمن مجموعة افعال اكلام التفويضية. و التحذير، كما يرى Hornby (2010) هو بيان أو حدث يخبر شخصا أن شيئا سيئا أو غير سارا سيحدث في المستقبل حتى يتمكن من تجنبه.
لقد أوجد Searle (1969) مجموعة من القوانين الكفيلة بخلق قوة التعبير عن المعنى الضمني الناتج في عبارة ما و اسماها شروط السعادة Felicity conditions و يقصد بها الشروط التي ان توفرت سيكون التحذير مناسبا لتجنيب المخاطب خطر مستقبلي. ووفقا ل Searle فان شروط السعادة لمفهوم التحذير هي عشر:
1- ان كل من المتكلم و المستمع آدميان واعيان بلا اعاقة ذهنية.
2- يعتقد المتكلم أن المستمع يجب ان يقوم بعمل مستقبلي يكون به فائدة.
3- يعتزم المتكلم أن المستمع يعي فائدة ما يجب ان يقوم به.
4- يعتقد المتكلم ان المستمع لديه القدرة الفعلية على فعل ما يقوله له.
5- يعتقد المتكلم ان المستمع يفضل القيام بالعمل بدلا من عدمه.
6- يفهم كل من المتكلم و المستمع ما تم التحذير منه.
7- يلزم المتكلم نفسه بالقيام بعمل ما من خلال نطقه.
8- يتصرفان كل من المتكلم و المستمع بجدية في الظروف العادية المصاحبة للمحادثة.
9- تتضمن العبارات قوة الانذار عند نطقها.
10- يعي المتكلم تماما ان لن يقوم بهذا العمل المنهي عنه.
عند تبني هذه الشروط العشر و تطبيقها على جزء مقتطف من خطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا سنجد أن أفعاله عليه السلام الخطابية و قوالبه اللغوية المستخدمة تعبران عن النوايا بالمعنى الناتج.
يستهل الامام عليه السلام خطبته بتحذير مباشر مستخدما الفعل (أحذر):
( أما بعد فاني احذركم الدنيا) ثم يكف عن استخدام التحذير المباشر متوقفا عن الفعل ( احذر ) و مرادفاته القاموسية، ليشرع بالتحذير غير المباشر مستخدما قوالبا لغوية تظهر زهو الدنيا و بريقها، بيد أن هذا البريق لا يفارقه خطر. و غاية التحذير كما أسلفنا في الشرط العاشر من شروط السعادة هو قوة الانذار من خطر مستقبلي. و لهذا يشرع امامنا عليه السلام بتعداد البريق المصحوب بالاغواء قائلا:
( فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرِةٌ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ، وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ، وَتَحَلَّتْ بِالاْمَالِ، وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ، لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا، وَلاَ تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا، غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ، نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ، لاَ تَعْدُوـ إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا والرضى بِهَا ـ أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: (كَمَاء أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّماَءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاْرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِراً).
لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَة إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً، وَلَمْ يَلْقَ منْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً، وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاء إِلاَّ هَتَنَتْ عَلَيهِ مُزْنَةُ بَلاَء! وَحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً، وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَى، أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى!
لاَ يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً، إِلاَّ أَرْهَقَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً! وَلاَ يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْن، إِلاَّ أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ خَوْف! غَرَّارَةٌ، غُرُورٌ مَا فِيهَا، فَانِيَةٌ، فَان مَنْ عَلَيْهَا، لاَ خَيْرَ في شَيْء مِنْ أَزْوَادِهَا إِلاَّ التَّقْوَى.)
و عند تحليل شروط السعادة كما بينها Searle كتحليل تداولي، نجد بأن:
1- كل من المتكلم عليه السلام و المستمع لا يعانيان من اعاقة ذهنية، حاشا الامام أمير البلغاء و يعسوب الدين.
2- يوقن الامام بأن الحذر من اغواء الدنيا هو فائدة العباد و منجاة لهم من غضب الرب.
3- يذكر الامام الناس ما هم يعلمون به حقا و يدركون مدى خطورة الانغماس به من ملذات الدنيا.
4- يوقن الامام تمام اليقين أن المستمع لديه القدرة الفعلية لاتباع طريق النجاة.
5- يوقن الامام ان المستمع السوي يميل لاتباع طريق النجاة.
6- يفهما كل من الامام عليه السلام و المستمع ماهية ما يحذر منه.
7- الامام عليه السلام قسيم النار و الجنة و لهذا معصية ما يحذر عنه يقود الى غضب رباني لا محالة.
8- الامام المعصوم يتصرف بجدية في كافة سلوكياته الاجتماعية.
9- تتضمن العبارات قوة الانذار عند نطقها، و ذلك جلي من انتقاء الكلمات المتضمنة لمعنى التحذير مثل (لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا، وَلاَ تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا، غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ ) اضافة للاستشهاد بالاية رقم 45 من سورة الكهف:
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا)
10- يعي الامام تماما ان ما يحذر منه منطوي على خطر عظيم.
خاتمة
خطب أهل بيت النبوة عليهم السلام لا تحتاج دراسات لغوية لتعزيز معانيها و لكن الدراسات اللغوية تتخذ مصداقيتها و جدارتها عند التشرف بابراز المعاني الضمنية للقوالب اللغوية في هذه الخطب..
و الحمد لله رب العالمين. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.



#جعفر_حاجم_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل سيمائي لمسلسل البرنس ( ج 1 )
- توظيف الصمت في نهاية مسرحية - الليلة الثانية عشر - لوليام شك ...
- معركة الحقل ( قصيدة لايميلي ديكنسون )
- تحليل اسلوبي لقصة قصيرة
- دراسة اسلوبية ل ( شخابيط ) ابي هاجر
- السونيتة الثامنة شعر : بابلو نيرودا ترجمة : جعفر حاجم البدري
- السونيتة الثامنة شعر : بابلو نيرودا ترجمة : جعفر حاجم البدري
- الحراك السكاني التاريخي لبدون الكويت بين هجرة و نزوح
- فن الأرجوزة في يوم الطف / بقلم الاستاذ جعفر حاجم البدري
- دراسة نقدية في قصيدة ايميلي ديكنسون ( 1830 – 1886 ) ( لأنني ...
- الرواية التكوينية في الأدب الانجليزي مقالة ادبية بقلم : الاس ...
- قلب امرأة للشاعر الايرلندي وليام بوتلير ييتس ( 1865 – 1939 ) ...
- حصاريات
- قصة قصيرة بعنوان ( خيال روح ) بقلم مسرة الخالدي
- قصة قصيرة بعنوان ( رقصة الموت ) بقلم نور اليقين الخفاجي
- دراسة اسلوبية في قصة ( لا ذاكرة للوطن ) لعقيل الواجدي / الجز ...
- قصة قصيرة ( الهروب نحو الحياة )
- دراسة اسلوبية في قصيدة بابلو نيرودا ( هنالك يوم آخر )


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر حاجم البدري - دراسة تداولية للتحذير في خطبة الامام علي عليه السلام في ذم الدنيا