أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - أدب المرأة في مصر : دراسة حالة















المزيد.....

أدب المرأة في مصر : دراسة حالة


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 7202 - 2022 / 3 / 26 - 19:34
المحور: الادب والفن
    


المكان والذات
دراسة في رواية خيوط ليلي لشيرين فتحي
يتلاشى المكان بتفاصيله المادية ويتحول الي روح ناطقة بعذاب ذات تحولت لموضوع فعجزت الذات عن تجاوز الموضوع فصار المكان من قلة الحركة خارجة كدالة موضوعية علي عجز الذات عن عبور أزمتها فصارت تتحقق من خلال الآخر كقدر يصعب تجاوزه ، ذلك المعني الذي أرادت القاصة تصديره للقارئ من خلال المدخل الرئيسي للرواية كبيئة شارحة الجو العام لأحداث الرواية ولتحقق عدة مداخل معرفية علي القارئ أن يبحث عنها خلال قراءته للرواية :
١قسوة المكان وقدرته علي صبغ روح ساكنيه وذلك التماهي مع قيس بن الملوح ذلك الذي هام بديار ليلى كمشتق من روحها وصنو لحلمه:
بعد كل نوبة كتابة تتهمني الجدران اني لاأعاملها بمحبة ،ولم مطلوب مني أن احبها اصلا .
٢ وظيفة الجدران كذاكرة وكشاهد رئيسي وكتوائم روح وشريك معاناة حيث تأنست الجدران من قسوة ما حدث بجوارها :لم يجب علي كل يوم أن امحو عنها كل تلك البقع التي تعلق بها من الأحداث والحكايات المكتوبة .كل تلك البقع تنفذ في النهاية الي رئتي فتعيقني عن التنفس .
٣ اشتراك الجدران كمكان يحدد أبعاد الحياة كمشترك إنساني يتجاوز ملامحه المادية وكأن المعاناة قد تضخمت فعجزت الذات الإنسانية عن احتمالها فتعاطفت الحوائط معها وتناسخت المعاناة فصارت معطي وجودي .
٤ المدخل وظيفته هنا تهيئة نفسية للقارئ وهنا مهارة خاصة من خلال لغة القاص بكم اللغة الرمزية ذات الدلالة المكثفة ،ودلالة تناسق الأحداث واجواءها المكانية لنبحث عن المكان لبطل رئيسي عبر الرواية وأن يتمهل القارئ بحثا عن الدلالة من خلال آلية تكثيف الدلالة كمدخل يخلق البعد الفلسفي العقدة الدرامية ليصبح عندنا أكثر من سارد ( المكان – الكاتب من خلال القطع التقريرية- الذات /السارد كي يأتي سردها علاجا لعذابات الوحدة والانسحاق.
ويأتي البناء الهندسي للرواية لخلق شكلا يتوافق مع فكرة الموضوع والعنوان فمن خلال كثافة المدخل التركيبية العنوان يأتي بعد ذلك التبويب بعنوان الحكاية مرقما الفصول بالأرقام وكأن القارئ مطالب بترتيب التسلسل للأحداث وهنا دلالة العلاقات التركيبية للأحداث من خلال العلاقات السببية للأحداث كي يعيد ترتيب المسؤولية عن الأحداث.
كيفية بناء الشخصيات
اللغة تقوم بدور رئيسي في خلق مساحة من الوهم من خلال التباين بين خيال المؤلف الداخلي كسارد رئيسي وذلك كتقنية الحكاية من داخل القصة ،التداخل بين خيال المؤلف وعشقه البوهيمي للحياة وكأننا بصدد إعادة أسطورة بيجماليون حيث سعي الإنسان من خلال الخيال لأكتمال اوجه النقص في حياته ،وهنا درجة عدم اليقين من الذكريات بفعل مقدار اليأس عن التحقق وكأن القاصة تمارس ألاعيب اللغة ومهارتها في الوصول التدريجي لحالة التماهي مع النص لخلق معادل لدي القارئ من خلال ذكرياته التي تثيرها عملية القراءة :
اعادتني لمساتك تلك اللحظات الأولي التي خلقتني فيها ، كنت ارتجف تحت لمسات أصابعك لي ،أو الورق.
البناء الهندسي للرواية من خلال بناء الشخصيات ،فأستعارة المؤلف رشيد كبطل وصانع وكأنه صنو للقدر، وكأن فعل الإرادة والرغبة في التحقق ،ولعل تلك الرواية تتميز بالعبارات المفاتيح التي تحدد علاقات الابطال كعلاقة موضوعية خلال الرواية :
كانت حكاياتنا هي بكارتنا،كنا نعلم يا رشيد أنه بمجرد سبر أغوار الحكاية سترمينا وتتلخص منا ،بحثا عن بطلات أخريات تصنعهن علي يديك فيمنحنك طرقا الي كتابات جديدة ،لتصبح المعادلة :
نزق الخلق =تجربة+تعود+ ملل
هكذا يصبح النزق معادلا لشبق الإبداع وكأن الإبداع طاقة مجهولة المصدر لخلق نمطا يمارسه ويتعود عليه ثم يمله ويبحث عن عوامل وأده، هكذا جدلية هيجل التي تحولت هنا لملل وجودي ،ولعل الملل الوجودي وعدم رضاء الروح بمسارب الوجود التي تتحقق من خلالها هو سر معاناة الإنسان.
ولعل الذكاء الدال علي إدراك القاصة لأليات الجنس الأدبي من خلال قدرتها علي تحديد شخصية المؤلف كبطل رئيسي وكنموذج التعامل الرجل كذات متحضرة في موضوع كقراءة اخري للنص ولتخلق أكثر من زاوية لرؤية الواقع .
يأتي رشيد كمحور تتفرع منه اربعة محاور فرعية هي ( سارة – ناهلة – ليلي -رقيه )وكأنما انتقاد واضح لسيطرة فكرة التفسير الذكوري للتاريخ بحكم ورود لغة الجسد للغة حاكمة ،مع اختلاف المساحة المتاحة للمثل الأنثوي في الرواية ،حيث تعطي ليلي مساحة أكبر بحكم أن سردها خلق جديلة تريد بين رشيد وكأنما اشتقاق الاسم من مفهوم الرشد المجرد في مقابل العطفة التي تتمايز بها المرأة.
آلية الايهام من خلال تناوب السرد وكسر الاستغراق المرتبط بغواية السرد في اتجاه واحد حيث تتعدد زوايا الرؤية من خلال نقل توتر بطلة القصة الي المؤلف ليعيد شكا في قدرته علي إعادة إنتاج العالم من جديد وكأن الرواية من خلال لغة الجسد تلك التفصيلة التي خلق التفسير الذكوري للعالم ملمحا مشوها لها وذلك علي خلاف الفكرة الرئيسية حول وظائف الأشياء الفسيولوجية والفكرة الثقافية بمعني السلوك الإنساني المرتبط بالشئ بغض النظر عن طبيعته ووظيفته وذلك بتقديس مقولات هي سلطة النص الأول بغض النظر عن مصداقية ذلك النص وحال المجتمع الذي تنتجه وقتذاك .
والايهام قادر علي تنشيط عقل المتلقي لخلق درجة من درجات التعاطف مع الحالة / القضية ،ودرجات التمايز التعبيري داخل صلب الأزمة، فرشيد ببحثه عن النموذج الأكمل يعاني من حالة من القلق الوجودي لأننا نبحث في غيرنا عما ينقص بنيتها الروحية ومن هنا فكرة تكامل الوجود الإنساني.
هنا فكرة التخييل وهي مزج شئ واقعي بشئ خيالي ليعيد طرح مأساة الابطال في الواقع ليتحقق للفن في كونه إعادة إنتاج الواقع من زاوية عقل المبدع الذي يعيد صياغة تفاصيل الواقع من خلال مرأة ذاته التي انعكس عليها الواقع وكذلك توصيف علاقات الأشخاص وفق الفكرة الافتراضية للنص والتعبير عن الرؤية المعرفية للواقع ومن هنا يعطي النص إمكانيات تأويلية مما يعطيه حياة في المستقبل .
تداخل العوالم في الرواية ما بين المؤلف المتخيل وليلي ورقية وعالم الجدران ويتبدى ذلك في الفصول التي تجمع بين ابطال الرواية الرئيسيين وتداواهم الحياة مع الجدران وهو ما يؤكد علي فكرة التوازي التي تحكم حياة الابطال وكذلك العزلة التي تحكم حياة الرجل في بحث عن عوالم موازية لذلك الواقع ومعروف سلفا أن الخطوط المتواترة لاتتلاقي ،حتي الخيوط التي تحاول ليلي أن تغزلها محاولة للاستغناء عن الرجل .
هنا فكرة الجسد الإنساني كمعبر المشاعر الخاصة بالتحقق ،وبقاء ذلك الجسد ككيان مادي ومعادل إنساني لمفهوم الحوائط تلك الصماء ،ولكن عندما تعجز ليلي عن الوصول لحالات التحقق الأنثوي برضاع طفلها بالحصانة، مع إهمال سامح زوجها لها ،فتصبح الحوائط بديلا انسانيا لممارسة الحب ،وهنا طرح فلسفي لتجمد المشاعر تحت سطوة اعتيادية الحياة اليومية .
هل يعتبر رشيد نموذج للاشعور وذلك النموذج الذي افتقدته ليلي الذي اهملها تحت ستار الاعتيادية ؟
الجديد في تلك الرواية قدرة القاصة علي تجسيد تفاصيل الجسد الأنثوي وتحولات الفتاة لأمرأة ،وخجل الآخرين وسجن المرأة في مفهوم ضيق للشرف مرهون بفكرة الدم وكأن الادماء فعل مقدس للتحقق، متناسين أن الادماء فكرة مرهونة بوحشية البدائي الأول الذي لازال قابعا في نفوس كثيرا من البشر وكأن فكرة الفريسة/ المرأة هي مقياس الجسارة كنوع من تعويض القهر الذي يتعرض له الرجل العربي ،وروعة تلك الرواية أن مفردات الثورة علي التأنيث الزائف لأن الانوثة الحقيقية هي الاعتراف بتفاصيل الجسد ، وأن كانت عارا فلم أجري الله تلك المخاضات.
ولعل النقاشات المحتدمة في تلك الصورة التخيلية التي تحتوي الرواية والتي تماهي أسطورة بيجماليون لجورج برنارد شو ،هي ثورة علي هيكل التصورات الذكورية عن المرأة بكل تفاصيلها وانماطها الثقافية ،وكذلك تاريخية القهر من خلال سرد مسيرة الام لتبرهن علي فكرة المفعول به مدرس لغوي وعتبة لفهم النص وحيلة فنية ابتدعها القاص لتقريب الفكرة المحورية للرواية .
القدرة علي الاسترجاع بعد فكرة الثورة والتمرد علي الدور المرصود للمرأة كنوع من النقد الذاتي ، ففي صفحة ١٠٧ :
استرجاع اللحظة يجعلنا مترددين حيال ماكان يتوجب علينا فعله ،يجعلنا نرفض الكثير مما تقبلناه ، وقد تقبل بالمقابل كل مارفضناه وقتها ،بمعني انك حين تجد فرصة لأسترجاع بعض لحظات فائتة من حياتك فهذا يجعلك ترفض بكل قوتك الطريقة التي اخترت أن تعيش بها تلك اللحظات .
تلك العبارات جاءت علي لسان رشيد دليل علي تناوب لحظات القلق الوجودي بين جميع ابطال الرواية بمعني الشمال الإنساني لتلك الفكرة وتعميق فكرة الإنسانية بدلا من فكرة النسوية المطلقة مظلم بين علي مستوي التصنيف .
فكرة الصراع ما بين الأفكار والواقع ،فشك رشيد ورغبته في الحياة الحقيقية لأن الفكرة نبت حي يتغذي بفكرة الصراع ،تلك الكتابة التي تستخرج احلي ما فينا وأسوأ ما فينا لنتطهر منه ففي صفحة ١٢٣:
علي احدنا أن يكون حقيقيا ، لا يجوز أن نكون ثلاثتنا مجرد أشخاص وهمية ، ليلي ورشيد وانا .
الحبكة الروائية من خلال كثافة العزلة مع وصف الجدران وصفا حميميا كصورة ذهنية شديدة البراعة لفكرة العزلة والهجرة داخل الذات ،لعدم التحقق وفق شروط النوع وكذلك تحول الأنثى لموضوع استغلال سواء كان جسديا أو معنويا وصناعة الحلم الزائف وكذلك نهاية الرواية بفكرة أوهام وغيبوبة المرض وما بينهما من كثافة اللائق القهر .وذلك من خلال طرح عدة نماذج سردية لتعبر عن كم القهر الذي تمادي لحالة من الانفصال عن الواقع .
وبذلك يصبح الإبداع الأدبي موازي للحياة من خلال تعدد تقنيات السرد مع وحدة التيمة الروائية ،وهي غياب حالات التحقق بحكم سيطرة الانساق الثقافية القديمة ،ومعاناة الجسد كمادة خام للتعامل مع كافة أنماط القهر مع غياب احترام الذات الإنسانية لتلك الروح ذات الطبيعة النوعية المختلفة والتي تسكن ذلك الجسد .
الأدوات الفنية التي استخدمتها القاصة
تداول التيمة الروائية عبر سؤال معرفي واحد ، ماذا لو ؟
وبالتالي سمح بسرد تاريخي لنفس العقدة الروائية دون املال علي طول الرواية وهنا طرح لاختلال مفهوم القيمة وتضارب قيم تقدير الموقف كجزئية مؤيدة بطبيعة الحال لفكرة الصراع الاجتماعي وتلك القيمة المعرفية المضافة للرواية مما يطرح قيمة التأويل كطريقة مثلي لقراءة الرواية .
تطويع اللغة العربية من خلال ثراء مترادفاتها لاستيعاب تفاصيل تلك العلاقة المعقدة تاريخيا والتي تخضع الجدل وتداول وتبادل أدوار عبر تاريخ الإنسانية، ولعل ذلك الثراء اللغوي قد أنقذ الرواية من مأزق الابتذال خاصة مع صراحة لغة الجسد ،ولعل الذكاء اللغوي جدير بتخفيف حدة الرفض المتوقع مما يمنع الرواية من اسهامها في تحريك ذلك الراكد من أفكار متعلقة بتديين العرف الاجتماعي .
نحن بصدد رواية لديها الكثير ليقرأ ولكن تلك قراءة أولية

بهاء الصالحي/ مارس ٢٠٢٢ / القنايات



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية والواقع : دراسة حالة
- الصالونات الثقافية - مراكز تفكير
- وهم الحرية
- كارم عزيز وعرق الجدران
- لبنان العلماني يعود


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - أدب المرأة في مصر : دراسة حالة