أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو كان غورباتشوف مكان بوتين















المزيد.....

لو كان غورباتشوف مكان بوتين


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7197 - 2022 / 3 / 21 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- على أبواب هدم الناتو:

ما يجري اليوم بين روسيا وأوكرانيا، هي نتيجة مسيرة طويلة من التناقضات الناتجة عن مفاهيم غورباتشوف، البريسترويكا، والتي تدرج على أنها خلقت الكوارث ما بين شعوب الاتحاد السوفيتي السابقة، التي تحررت من هيمنة الإمبراطورية الروسية، وأنظمتها، بغض النظر عن سلبيات وإيجابيات الاستقلال أو كما يدرج تفكك الإتحاد السوفيتي، ما بين المنظورين الحالي والمستقبلي، والمؤدي بهم من دولة جمعتهم نظرية عالمية إلى جغرافيات وأنظمة متصارعة، تتكالب للانضمام إلى حلف عسكري كان حتى عهد قريب ألد أعدائهم.
لا شك، مقابل انهيار حلف وارسو، وتفكك الإتحاد السوفيتي، فإن مفاهيم غورباتشوف أثرت ليس فقط على الشعوب السوفيتية وفتحت أعينهم على العالم المتطور اقتصاديا، بل غيرت مسارات سياسية-اقتصادية في الكرة الأرضية، ومثلها على الاستراتيجية العالمية، غيرت مجرى التاريخ، لا تقل عما فعلته الثورة البلشفية.
فقد أرضخ، السياسي الذي حصل على شعبية نادرة في جميع دول العالم، الدول الكبرى لمطالبه وطموحاته، وفرض على أمريكا والناتو السلام، وأوقف التسارع النووي العالمي المرعب، ليتم تسخير الكثير من ميزانيتها في المجالات الإنسانية، وهو الذي اقنع رونالد ريغن بالتراجع عن فكرة الحرب النجومية، وأثبت له على أنها فكرة طوباوية لا يمكن تحقيقها؛ وتضر بالبشرية، وكان على وشك أن يقنعه ليلغي حلف الناتو مثلما فعلها بحلف وارسو، وبدأ في فتح بوابات التقارب العالمي، ودفع بالعالم للبدء بمرحلة جديدة أكثر إنسانية، بعيدا عن الصراع الإيديولوجي.
ولولا ما حدث للسوفييت، بسبب التسارع وقضايا أخرى، لما كان حلف الناتو موجودا اليوم، ولما حدث ما يجري الأن في أوكرانيا وأوروبا، ولربما كانت الإتحاد السوفيتي، أو روسيا الفيدرالية، في مقدمة الدول الأكثر تطورا في العالم، بل ولربما كان الصراع منتقلا من عالم الأسلحة إلى عالم الاقتصاد، وبالتالي لشاهدنا طفرات في تحسين معيشة الإنسان، خاصة في العالم الثالث.
لم تكن مفاهيم البريسترويكا تروق للغرب، كانت مرفوضة لدى العالم الرأسمالي وعلى رأسها أمريكا، مثلما رفضت من الشريحة الشيوعية الكلاسيكية، لأنها كانت تضعضع الحجج المعتمدة عليها شركات الأسلحة المهيمنة على الاقتصادين الأمريكي والأوروبي، واللاعبة الدور الرئيس في انتخاب وتعيين إدارات معظم دولها ورؤسائها.
لو كان غورباتشوف مكان بوتين، لحاور على نفس الأبعاد التي اقنع بها ريغن، بإيقاف السباق النووي، وتقليص ترساناتها، حتى عندما أضطر إلى مثال، لخلق الثقة لديه، بدأ بتفكيك أسلحة السوفييت الإستراتيجية النووية، فرسخ القناعة عنده والإدارة الأمريكية عامة، والناتو، فاضطروا لتنفيذ ما عرضه.
لو كان يحكم روسيا اليوم، وهي فرضية غير منطقية فالرجل تجاوز التسعين من العمر، لكن عرضها كجدلية مقارنة بين المفاهيم الإيديولوجية والأساليب السياسية، أي لو كان بوتين على منهجيته، لتمكن من إقناع الدول الاشتراكية السابقة أو السوفيتية وفي مقدمتهم أوكرانيا على أن الناتو ليست المنظمة التي ستساهم في تطوير الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب، خاصة وأن روسيا أصبح عضو مشارك فيها عام 1997 في معاهدة باريس، بعدما رجح كحلف من أجل السلام، كما ولتمكن بوتين، على الأرجح، من حل القضايا بمنطقه الغلاسنوست، أي عمليا إقناعهم عن طريق الحوارات.
كان غورباتشوف بعكس بوتين، يؤمن ويعمل بمنطق تبادل الآراء، والإقناع، يستمع للجميع، من العمال العاديين إلى المستشارين الكبار في الدولة، كما وأقنع رؤساء أوروبا ورونالد ريغن الجمهوري، بمساوئ الصراع النووي، وفوائد إيقاف الحرب الباردة، والعمل على تطوير الاقتصاد العالمي، بدل الأسلحة الإستراتيجية.
على الأرجح، لو كان يحكم روسيا اليوم، لما تخلى عن الأساليب السلمية السياسية مع حكومة أوكرانيا، ومثلها مع الدول الأوروبية، ولما سمح لهم الوصول إلى مرحلة استخدام الحصار الاقتصادي المضر بالطرفين، ولأعدم طريق استخدام السلاح كحل للقضية، فسيرته كسياسي وعلاقاته الدولية كصاحب رؤية، أبعد من بلوغ الحلول عن طريق العنف التي خلقت اليوم المآسي لشعوب المنطقة، فهو الذي نقد منهجية ستالين ومنطق العنف الذي أستخدمه، وأعاد الاعتبار لبعض القيادات الشيوعية التي تم إعدامهم أمثال بوخارين.

2- سبق الغرب بفكرة الاعتماد على الاقتصاد بدل السلاح في الصراع العالمي:

بقراءة لكتاب غورباتشوف، البريسترويكا، والاستماع لخطبه، وحواراته مع رؤساء العالم، تتبين أن جدلية الاعتماد على الاقتصاد دون السلاح، كانت من ضمن المفاهيم التي كان يطرحها، ويبني عليها قادم نظريته، وأن الإمبراطوريات المبنية على الأسلحة ستنهار، والبشرية تقف على أعتاب عصر الإمبراطوريات المقامة على الركيزة الاقتصادية وتطوير الصناعات الخدمية وتحسين القطاع الزراعي وغيرها من المجالات الإنسانية. هذا المفهوم بدأ ينتشر في الدول الغريبة في السنوات الماضية، وقد حاول ترمب أن يقلص من دور الناتو والقوى العسكرية معتمدا على التنافس الاقتصادي، وهي في الواقع من أحد مفاهيم البريسترويكا، لكن الإدارة الأمريكية الحديثة أعادت منهجية الصراع العسكري، ومن بينها مكانة الناتو، وألغت معاهدة باريس لعام 1997م، وغيرها لتعيد عصر سباق التسلح، أو الهيمنة عن طريق قوة السلاح، المستنقع الذي سقط فيه فلاديمير بوتين.
يذكرني فلاديمير بوتين في العديد من تصرفاته وتصريحاته، وأسلوبه بالتعامل مع الغرب الرأسمالي، بجوزيف ستالين، خلال الفترة ما بين 1949-1953 سنة وفاته، وهي المرحلة التي بدأ حلف الناتو بالتكوين، إلى جانب مرحلة التطهير الداخلي للاتحاد السوفيتي، فكان خارجيا التوجه نحو الصراع النووي، وداخلياً تصفية الألاف من المثقفين والعلماء، تحت شعار، انهم مجموعات لا أصل ولا دولة ولا قومية لهم، ونشر مفهوم اللاسامية، على أثرها تم طرد عدد كبير من الباحثين والأساتذة اليهود من مناصبهم. واليوم بوتين يصف زيلينسكي وحزبه والمعارضة الأوكرانية بالنازية، وأوكرانيا بـ اللا دولة، واللا وطن، واللا قومية، ويريد إعادة الصراع العسكري العالمي، مع ضعف فاضح في الاقتصاد الداخلي. بعكسه أعترف غورباتشوف بشعوب الإتحاد السوفيتي، وبقيمهم وسيادتهم، وحرية اختيارهم لمصيرهم، وفضل الإتحاد عن طريق الاختيار والقناعة على الإكراه، وحاول تطوير السوفييت وروسيا اقتصاديا لترسيخ الشراكة، وهو ما كان على بوتين فعله، أي تطوير الاقتصاد قبل الأسلحة.
لو سادت مفاهيم غورباتشوف وتم تطوير روسيا اقتصاديا، لما كانت لأوكرانيا تبرير بالتوجه نحو الناتو والوحدة الأوروبية، ولما تمكنت الناتو وأمريكا بالتدخلات السافرة في الدول الاشتراكية والسوفيتية السابقة، ولما شاركتهم في خرق بنود اتفاقية أيسلندا وواشنطن وجنيف، ما بين غورباتشوف وريغن، ولما تجرأوا على محاولة تقزيم روسيا بالحصار الاقتصادي، وإلغائها من احتمالية عودتها كقطب منافس اقتصاديا. روسيا دولة عظيمة وشعب جبار، تحتاج إلى قائد حكيم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
19/3/2022م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير القضية الكوردية خلال الصراع الأوروبي
- هل هناك انحراف في صحة بوتين العقلية
- لماذا لم يلتزم الناتو باتفاقية أيسلندا
- بماذا أخطأ فلاديمير بوتين
- ما لم يأخذه فلاديمير بوتين بالحسبان
- هل خسر الإقليم الكوردستاني قوته أمام أدوات إيران؟
- لماذا أصدرت المحكمة العراقية الإتحادية قرارها بحق نفط كوردست ...
- ما الذي يحد من صوت شعبنا الكوردي
- مخطط القوى الإقليمية ضد الصعود الكوردي
- غربي كوردستان ومدخول النفط -4
- غربي كوردستان ومدخول النفط - 3
- غربي كوردستان ومدخول النفط -2
- غربي كوردستان ومدخول النفط -1
- من أين يأتي التآكل الداخلي كوردياً
- ماذا يعني المشروع القومي الكوردي-الكوردستاني
- انعكاسات المواقف الأمريكية المترددة على غربي كوردستان
- احتلال الكونغرس الأمريكي
- أنا والمنتقدون
- نداء إلى طرفي معبر سيمالكا
- معبر سيمالكا والصراع الدولي


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو كان غورباتشوف مكان بوتين