أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - انعكاسات المواقف الأمريكية المترددة على غربي كوردستان















المزيد.....

انعكاسات المواقف الأمريكية المترددة على غربي كوردستان


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 08:51
المحور: القضية الكردية
    


التردد يخلق البنية الملائمة للفشل، ويسهل للمتربصين بلوغ أهدافهم، وهي شبه مفقودة عند الناجحين في الحياة، أو عند قادة الدول المتفوقة، وتنعدم لدى العظماء. معظم الدراسات التاريخية تبين أن أحد أسباب انهيار الإمبراطوريات أو تخلف الدول، ظهور الضبابية في إستراتيجياتها، فغياب القناعة والتردد في اتخاذ القرارات تجعلها عرضة للتهجم والانتقادات من كل الأطراف، وهو ما يؤدي إلى تراجع ثقة الشعب قبل الحلفاء بمراكز القرار.
الحالة تظهر وتتوسع إما على خلفية الضعف وعدم القناعة بالإمكانيات المتوفرة، أو تفضيل معادلة المصالح الآنية، أي الربح والخسارة على الإستراتيجيات، وانتقالها من منطق إنقاذ المجتمع والشعوب إلى الحرص على الذات، وتأمين الأرباح المستقبلية. أو بسبب الخسارات المتتالية في جغرافيات، كما حصلت لأمريكا في أفغانستان، والتي أنهكتها النزيف المادي الطويل الأمد، إن كانت في الأبعاد السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية. وفي واقع الحالتين الأخيرتين اللتين تمر بهما أمريكا حالياً، بإمكان الحراك الكوردستاني الاستفادة منهما فيما لو عرفت كيف تستغلهما وتسخرهما لصالح مستقبلها. ففي الأولى مصالح أمريكا حتى اللحظة تتقاطع مع مصالح الإدارتين، وفي الحالة التالية لم تخسر القوات الأمريكية بتحالفها مع قوات البيشمركة أو ال ي ب ك أو قسد في حروبها على الإرهاب، وبالتالي البيئة السياسية مهيئة لتعمل الإدارتين على إقناع أمريكا بعدم التذبذب أو التردد في علاقاتها معهما، ونقلها إلى السويات الاستراتيجية.
من الملاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعيش حالة التردد منذ نهايات إدارة جورج بوش الأبن، بعد إسقاطه لنظام صدام حسين، وعدم القدرة على بناء العراق المأمول اقتصاديا وسياسيا، توضحت في الدورة الثانية لعهد إدارة أوباما، خاصة في استراتيجيتها الشرق الأوسطية. وموقفها من الانتهاكات الإيرانية في المنطقة، ومن التمادي التركي على المصالح الأمريكية، تحت منطق الإستراتيجية المرنة، أو حل القضايا بالحوارات، ومحاولة عدم تكرار تجربة العراق، تؤكد ما نحن بصدده.
تعمقت الإستراتيجية المتذبذبة في إدارتي البيت الأبيض الأخيرتين، بعد تأكد فشلهما في أفغانستان، وعدم القدرة على إعادة تركيا إلى حضن الناتو كدولة مطيعة. ترددها كان أفضح في الحلقات الأصغر، كالقضية السورية وجغرافيتها الممزقة، وفي عدة مجالات: كعدم اتخاذ موقف صارم من أطراف الصراع، والتراجع عن العمل في خلق معارضة نزيهة، والتأرجح في الموقف من سلطة بشار الأسد، والأغرب علاقاتها الخجولة مع الإدارتين الكورديتين، والمؤدية إلى تحديد سقف تعاملها على مستوى تعيين ممثلين من الدرجة الرابعة أو أقل، وحصر دعمها، ضمن العلاقات التكتيكية الآنية؛ تحت منطق المصالح الإستراتيجية مع القوى المحتلة لكوردستان، وبالتالي ظل تحالفها محصور منذ بداية دخولها إلى غربي كوردستان وحتى اللحظة، في المجالات الاقتصادية والعسكرية دون رفعها إلى السويات السياسية والدبلوماسية الدولية، حتى ولو كانت للأخيرة أسبابها القانونية.
كانت التناقضات بين مواقف إدارات البيت الأبيض من استراتيجيتها مع الكورد فاضحة، إلى حد السقوط في مستنقع التردد، وفي الواقع الخلافات الأمريكية الداخلية من أحد الأسباب المؤدية إلى عدم الجرأة في اتخاذ موقف كقوة إمبراطورية، أمام المواجهة المتصاعدة من القوى الإقليمية المحتلة لكوردستان، رغم تعرض مصالحها إلى التلف، وهو ما يؤدي بها إلى تصنيف تحالفاتها مع الإدارتين الكورديتين في الحروب الكبرى ضد المنظمة الإرهابية العالمية، في خانة تسخيرهم للكورد كأداة مقابل المال كما ذكرها دونالد ترامب، التصريح الذين تم تبنيه على خلفية التردد في مواجهة تركيا المتصاعدة، وضبابية استراتيجيتها في المنطقة، وهي ذاتها التي أسقطت إدارة بوش الأبن وفيما بعد أوباما في مستنقع الخسارة، لعدم أتخاذ موقف صارم من نظام بشار الأسد وأئمة ولاية الفقيه اللذين جندا الألاف من الإرهابيين لمحاربة القوات الأمريكية في العراق، رغم معرفة السي أي أيه التامة لجميع معسكرات ومراكز تدريب الإرهابيين، وطرق دخولهم إلى العراق.
روسيا أكثر وضوحا في علاقاتها، لكن إمكانياتها الاقتصادية والسياسية، أدنى من أن تنتهج إستراتيجية الإمبراطوريات، وبالتالي لا تتمكن من تجميع واحتضان قضايا قوتين متضاربتين أو أكثر، كالبحث في القضية الكوردية مع الاستمرار في علاقاتها مع تركيا وإيران، تبينت هذه في عدم جرأتها على عرض المسألة بمسمياتها على طاولة المباحثات ضمن مؤتمرات سوتشي أو أستانة، أو فرض لجنة خاصة بالحراك الكوردي على لجان كتابة الدستور السوري، والتي ترفضه كل من تركيا والنظام، علما أن القضية الكوردية من ضمن أهم الإشكاليات المتعلقة بقادم سوريا.
كما وهي، حتى اللحظة، لا تستطيع تجاوز احتضانها لسلطة بشار الأسد، وفتح الحوارات الخاصة مع الإدارة الذاتية، أو التعامل مع الإقليم الفيدرالي الكوردستاني بدون العودة إلى القوى السياسية في بغداد. وكانت من أحد أهم أسباب تخليها عن الملف الكوردي في غرب كوردستان، عام 2015م لأمريكا، عدم قدرتها على احتواء الطرفين، وهو ما كانت تتمكن منه الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تصاب الإدارات الأخيرة بالخلل في المواقف، والتي يمررونها تحت منطق إتباع المنهجية السلمية للإستراتيجية الأمريكية، وفي الواقع هي بداية لمرحلة التراجع عن مكانتها كإمبراطورية عالمية.
المنطق الذي أخفى براك أوباما خلفها استراتيجيته المترددة في الشرق الأوسط، توضحت يوم تخلى عن وعده بضرب نظام بشار الأسد فيما إذا استخدم الأسلحة الكيميائية، الموقف المتخاذل ذاك فتح الأبواب للنظام بتكرار استخدام الأسلحة الممنوعة دوليا ضد الشعب السوري. كما وأن تذبذب خلفه في البيت الأبيض (دونالد ترامب) سهل لتركيا بالاتفاق مع روسيا على احتلال عفرين، وسحبه للقوات الأمريكية وأعادتها خلال أقل من أسبوع، على بنية الآراء المتضاربة لمستشاريه، وفي مقدمتهم جميس جيفري، وجون بولتون، ومايكل فلين، وجيرد كوشنر، سمحت لتركيا بالعبث في غربي كوردستان، وخسارتها لمكانتها في المنطقة لصالح مناوئيها.
تستفيد الحركات التحررية من مثل هذه الإستراتيجيات المتناقضة، ومن حالات إصابة القوى الكبرى بالضعف. فعلتها تركيا الكمالية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. تمكنت وبالجيوش المشتتة من مخلفات إمبراطورية الرجل المريض، الانتصار على الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية، وتشكيل تركيا الحديثة في المرحلة التي كانت الدولتان لا تزالان تملكان من القوة لتنفيذ اتفاقيتهما على تفكيك مخلفات الإمبراطورية العثمانية، الانتصار الكمالي كشفت عن بدايات مرحلة هبوطهما، ومؤشراتها كان التخاذل والتذبذب في تنفيذ استراتيجيتهما، مقابل بدايات صعود الإمبراطورتين الأمريكية والسوفيتية. مقابل التقاعس البريطاني والفرنسي في تطبيق بنود اتفاقية سايكس بيكو، ومعاهدة سيفر، لم يتردد أتاتورك أثناء المواجهة، من استخدام لغة الحوارات الدبلوماسية القاسية، ومنطق القوة مقابل التردد الذي كان يهيمن على وفود الدول المتحاورة مع الوفد الكمالي، وبالإمكان معرفة هذه من خلال نص البنود وسوية مطالب الطرفين.
الإدارتين الكورديتين، ومعهما أطراف الحراك الكوردستاني، لا يزالان بدون مشروع قومي واضح المعالم بالنسبة للداخل وللقوى الدولية والإقليمية، وهو ما دفع بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف القول (حتى الأن لا نعرف ماذا يريد الكورد) مثل هذا السؤال الشكي يتكرر أيضاً عند ممثلي أمريكا للمنطقة، وما يزيد من ترددهم وتذبذبهم في عرض القضية الكوردية، هو تذبذب الحراك الكوردي في طروحاته، والناتجة، إما من الصراع والتآكل الداخلي، أو تفضيل المصلحة الحزبية على الوطنية، وهو ما يؤدي إلى غياب الشفافية أثناء الحوارات مع الدول المعنية، والتردد في طرح المشروع القومي على طاولة ممثلي القوتين الأمريكية والروسية، ومواجهة القوى الإقليمية المتعاملة معهما، وفي حواراتهما مع المعارضة، السورية أو العراقية، ومع السلطتين، ونحن هنا لا نتحدث عن اللغة الدبلوماسية والتي بدونها كل الحوارات ستكون مصيرها الفشل، بل عن تجاوز منطق التردد في توضيح المطالب الوطنية، بطرح المشروع القومي، والذي يجب أن يتفق عليه أغلبية الحراك الكوردستاني.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
8/1/2022م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتلال الكونغرس الأمريكي
- أنا والمنتقدون
- نداء إلى طرفي معبر سيمالكا
- معبر سيمالكا والصراع الدولي
- على طرفي معبر سيمالكا
- صدام الحضارات أم صراع الإمبراطوريات - الجزء الثاني
- صدام الحضارات أم صراع الإمبراطوريات - الجزء الأول
- غاية روسيا من إغلاق معبر تل كوجر والمعابر الحدودية السورية ا ...
- من غرائب الكورد-4
- من غرائب الكورد-3
- لماذا تتدهور الليرة التركية
- من غرائب لنا نحن الكورد-2
- من غرائب لنا نحن الكورد-1
- التطبيع العربي مع سلطة بشار الأسد
- هل حصل أردوغان على الضوء الأخضر من أمريكا وروسيا؟
- هل سيتكرر سيناريو عفرين في شرق الفرات؟
- أصبحنا لسان حال الأحزاب
- لماذا تلاحقنا الخسارات
- هل ستهاجم تركيا شرق الفرات؟
- هل سيحقق الشعب الكوردي غايته عن طريق البرلمانات؟


المزيد.....




- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- ارتفاع الحصيلة إلى 30.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان بسبب الم ...
- الخارجية الأمريكية تتهم مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين ...
- تقرير أممي: نحو 60% من وفيات المهاجرين كانت غرقا
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الأسرى: تعرضنا للتخويف من ...
- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا
- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - انعكاسات المواقف الأمريكية المترددة على غربي كوردستان