|
روسيا ماضية في عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا لفرض شروطها الأمنية ولإنهاء الهيمنة الأمريكية على العالم
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 15:06
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تتدحرج العملية العسكرية الخاصة التي أطلقتها روسيا في الرابع والعشرين من شهر شباط ( فبراير) الماضي في أوكرانيا، بناءً على طلب من جمهورتي دوناتسك ولوغانسك لحمايتهما من هجمات الجيش الأوكراني ومن الوحدات المليشوية النازية ، لتتجاوز مناطق الجمهوريتين باتجاه تحقيق أهداف مركزية تتصل بأمن الاتحاد الروسي، بعد أن رفضت الولايات المتحدة وحلف الناتو الاستجابة لمطالب روسيا بشأن الأمن الكلي ، وبشأن التراجع عن ضم أوكرانيا لحلف الناتو، وسحب الصواريخ النووية التي نصبتها الولايات المتحدة في دول أوروبا الشرقية المجاورة لروسيا وفي دول البلطيق الثلاث " استونيا ولتوانيا ولاتفيا". لقد حددت روسيا أهدافها من العملية العسكرية الخاصة ، ممثلةً بنزع سلاح أوكرانيا وتحويلها إلى دولة محايدة ،والقضاء على الوحدات العسكرية النازية التي يرعاها الجنرال "بانديرا" ، في حين تم التراجع تكتيكياً عن هدف إسقاط حكومة الرئيس زيلنسكي واستبدالها بحكومة صديقة لروسيا ، لحين التأكد من مخرجات المفاوضات بين الوفدين الروسي والحكومي الأوكراني بشأن قبول الوفد الأوكراني بنزع سلاح أوكرانيا مقابل ضمانات أمنية تقدمها روسيا للحكومة الأوكرانية ممثلة باستعدادها لسحب قواتها من البلاد . ويشار هنا إلى أن معطيات المفاوضات في الجولتين الأولى والثانية ، لم تشر إلى أن الوفد الروسي بوارد التراجع عن قرار روسيا بالاعتراف بجمهوريتي الدونباس ، ناهيك أن قضية القرم أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أراضي الاتحاد الروسي وفق الاستفتاء ووفق قرار مجلس الدوما الروسي ، بل أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اشترط على أوكرانيا الاعتراف بجمهوريتي الدونباس ، ونزع سلاحها بما في ذلك السلاح النووي ، والتخلي نهائياً عن خطة الانضمام لحلف الناتو. المعطيات العسكرية على الأرض وفق ما تشير وزارة الدفاع الروسية، ووفق ما أعلنه الرئيس بوتين في كلمته أمام مجلس الأمن القومي الروسي، تسير بالشكل المطلوب ووفق الخطة المرسومة، وعلى كل المحاور : محور الشمال ، محور الشرق ، ومحور الجنوب . ففي محور الشرق تم تحرير كافة مدن الدونباس التي لم تخضع لسلطتي جمهوريتي دونتسوهيك ولوغانسك منذ عام 2014، باستثناء مدينتي ماريبولا وخاركيف اللتان باتتا على وشك السقوط في يد القوات الروسية وقوات جمهوريتي الدونباس ، بعد إطباق الحصار عليهما ، رغم استخدام الوحدات القومية النازية السكان والمئات من الطلبة الهنود والصينيين والعرب كدروع بشرية. وفي محور الشمال سيطرت القوات الروسية على مدينة بريبيات وتشيرنيخوف وتشرنوبل والمحطة النووية فيها ، وعلى بقية المدن في هذا المحور ، في الخامس والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، ، ومن هذا المحور تحركت قافلة دبابات ودروع روسية على امتداد 60 كيلو متراً باتجاه العاصمة كييف في إطار هجوم منسق ، حيث باتت المسافة التي تفصل الجيش الروسي عن مركز الرئاسة الأوكراني في "كييف" لا تزيد عن 24 كيلو متراً ، وبات من المؤكد في ضوء الفارق الهائل في ميزان القوى ، أن الجيش الروسي سيدخل العاصمة الأوكرانية ، بعد أن كشفت المواجهات في بقية المدن أن الوحدات القومية النازية متخصصة في قمع المواطنين ، لكنها تعرف طريقها للهرب من المواجهات العسكرية مع الجيش الروسي . ولعل ما صرح به قائد القوات الخاصة الشيشانية حسين مجيدوف بشأن العمليات الهجومية ضد "أنصار بانديرا" "القوميين النازينين" ، لمؤشر على ضعف وهشاشة الوحدات النازية حين قال : "أنه بمجرد ظهور مقاتلينا تسارع فيالق النازيين إلى الهرب، هذا طبعا في حال كان لديهم الوقت لذلك"، مشيراً إلى أن كتيبة كاملة من القوميين هزمت وفر أكثر من 2500 من "أنصار بانديرا" دون إبداء مقاومة، وأن المقاتلين الشيشان في إطار الجيش الروسي استولوا على أكبر قاعدة عسكرية في أوكرانيا. وفي جهة الجنوب، تم تحرير مدينة خيرسون في الثاني من آذار ( مارس ) الجاري، وهي محطة مركزية باتجاه منطقة أوديسا الاستراتيجية ، حيث تتحرك القوات الروسية نحوها في حين أن أسطول البحر الأسود الروسي بات في مواجهتها، ومن ثم بات سقوطها بيد الجيش الروسي محتماً ، ما يعني أن الجيش الروسي سيصبح على تماس مع دولة " ترانسدنيستريا "التي يقطنها مواطنون روس بعد انفصالها عن جمهورية مولدافا عام 1992 ، وسيصبح على تماس نسبي مع قوات حلف الأطلسي في كل من جمهوريتي مولدافا ورومانيا. وفي الرابع من آذار ( مارس ) الجاري أعلنت القيادة العسكرية الروسية ، أنها قامت بالسيطرة الكاملة على محطة زابوريجيا للطاقة النووية الواقعة جنوبي أوكرانيا،وجاء في بيانها : " أن القوات المسلحة الروسية استطاعت السيطرة على محطة زابوروجيه للطاقة النووية، وذلك بعد اشتباكات مع المسلحين في محيط المحطة النووية ، الذين حاولوا إشعال النيران في محيطها ، لكن الجيش تمكن من إطفائها ، وباتت المحطة النووية تحت السيطرة وتقوم الفرق التشغيلية بعملها المعتاد فيها، وهي تحت حماية القوات المسلحة الروسية"...يضاف إلى ذلك فإن قوات العمليات الروسية الخاصة تمكنت من تدمير 13 مختبراً بيولوجياً في أوكرانيا، بعضها تحت الأرض. ما يجب الإشارة إليه هنا أن روسيا لم تحدد زمنا لإنهاء عمليتها العسكرية الخاصة لأنها لا تريد أن توقع خسائر في المدنيين ، بعد أن حددت ممرات آمنة لخروجهم، ولا تريد أن تحدث دماراً في البنية التحتية للمدن الأوكرانية ، بل تسعى لتحقيق أهدافها بأقل الخسائر الممكنة ، لذا نلحظ توجيهها ضربات عسكرية للمنشآت العسكرية والاستراتيجية بأسلحة صاروخية دقيقة ، كتلك التي اجتثت محطتي البث التلفزيوني في العاصمة كييف وأجهزة الإعلام والحرب النفسية ، وكتلك التي استهدفت قاعدة الارتكاز العسكرية في مدينة خاركيف وغيرها . ووفق العديد من المحللين العسكريين ، فإن روسيا قادرة على حسم المعركة بزمن قياسي ، لكنها لا تستعجل الأمور خاصةً وأنها لا تريد أن تبدو وكأنها قوة احتلال وقدرتها على الحسم مرتبطة ( أولاً) بميزان القوى المائل بالمطلق لمصلحتها ،بما تمتلكه من أسلحة صاروخية وإمكانات عسكرية لا تجارى ، و(ثانياً) لأن هنالك حاضنة شعبية حقيقية لها في أوكرانيا ، فالشعب الأوكراني في معظمه ، بغض النظر عن توجهات حكومته الموالية للغرب ،لم يغادر انتمائه للحضارة الروسية وللقيم المشتركة مع الشعب الروسي ، ولم تبرح ذاكرته حقيقة أن الاتحاد السوفييتي هو من أوجد دولة أوكرانيا على الخارطة ، وهو من وفر لها كل أسباب الحداثة والتطور في كافة الميادين. كما أنه لا يغير من واقع نجاح العملية العسكرية الروسية الدعاية السوداء والأكاذيب التي يبثها الاعلام الغربي عن الخسائر المزعومة في صفوف القوات الروسية بحدود (10) آلاف مقاتل روسي أي عشر القوات الروسية التي دخلت إلى أوكرانيا ، وأن مقاومة الوحدات الأوكرانية حالت دون دخول الجيش الروسي المدن الرئيسية ، حيث تجاهل الاعلام الغربي ( أولاً) حقيقة أن آلاف الجنود الأوكرانيين سلموا أسلحتهم ، وأن ألوية عسكرية أوكرانية عديدة تم تحييدها. وتجاهل (ثانياً) حقيقة أن الجيش الروسي تمكن حتى اللحظة من تدمير معظم البنية العسكرية للجيش الأوكراني 1612 منشأة عسكرية ، ومن تدمير عشرات الطائرات الحربية ومئات الدبابات ، وأن السيطرة كاملة له في الجو والأرض ، وأن معظم الأسلحة الفتاكة من صواريخ مضادة للدبابات، وصواريخ مضادة للطائرات من طراز ستينجر المحمولة على الكتف التي بعث بها الناتو والولايات المتحدة والدول الأوروبية، بات قسم كبير منها غنائم في يد الجيش الروسي ، وأن الطائرات المسيرة التركية " بيرقدار" تتساقط يومياً كأوراق الخريف. وتجاهل (ثالثاً) حقيقة أن الجيش الروسي في زحفه نحو أوديسا لتحريرها من بقايا الوحدات النازية سيصبح على المسافة صفر من قوات حلف الأطلسي المجاورة في كل من رومانيا ومولدافا ، بمعنى أن الصواريخ النووية الروسية ستصبح وجها لوجه مع صواريخ الناتو النووية . لقد دخلت الدول الغربية في الاتحاد الأوروبي وفي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا في مباراة تنافسية لتزويد الحكومة الأوكرانية ، بمختلف صنوف الأسلحة التقليدية منها والفتاكة في حين تداعت الدول الغربية لفرض كل أشكال المقاطعة الاقتصادية والإعلامية ضد روسيا ، وتداعت لحشد مجاميع المرتزقة للقتال ضد الجيش الروسي بناء على توسلات الرئيس الأوكراني ، بعد أن أعلنت جميعها من خلال أمين حلف الناتو بأن الحلف لن يرسل قوات لمحاربة الجيش الروسي ، ولن يقيم منطقة حظر جوي في أوكرانيا ، حتى لا يتوسع إطار الحرب في بقية الدول الأوروبية. لكن هذ المباراة التنافسية في مد أوكرانيا بالأسلحة ومجاميع المرتزقة ، وفي فرض كل أشكال العقوبات على روسيا ، لن تثن روسيا عن تحقيق أهدافها كاملة من عمليتها العسكرية الجراحية الخاصة ، ممثلةً في تجريد أوكرانيا من السلاح ، وإنهاء وجود الوحدات النازية فيها وتحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة أو صديقة لروسيا بعد إسقاط حكومة الرئيس زيلينسكي، فالمعركة في أوكرانيا ذات طابع وجودي بالنسبة لروسيا ،لأن انضمام أوكرانيا للناتو يعني أن موسكو ستصبح في مرمى صواريخ حلف الأطلسي. وانتصار الجيش الروسي في هذه العملية العسكرية الخاصة ، ينطوي على تداعيات وأبعاد استراتيجية كبيرة ، من ضمنها أن روسيا ستفاوض من موضع القوة على جلاء قوات الأطلسي وصواريخها من دول أوروبا الشرقية ومن دول البلطيق ، ما يعني في المحصلة إنهاء القطبية الأمريكية المتفردة والشروع في إنهاء هيمنتها على العالم وأخيراً : لقد اختارت روسيا الوقت المناسب لإنجاز عمليتها العسكرية الخاصة ، وكان قرارها حاسماً لتفويت فرصة الانتشار لحلف الناتو في أوكرانيا ،بعد أن رصدت استخباراتها العسكرية بأن حلف الناتو كان يخطط لنشر أربع فرق عسكرية في أوكرانيا في الصيف القادم ، وبعد أن أكد رئيس وزراء أوكرانيا السابق بأن حلف الناتو كان ينوي إرسال ثلاثة ألوية مسلحة بالصواريخ النووية إلى أوكرانيا . انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخط البياني للجيش اليمني واللجان الشعبية لا يزال صاعداً ولص
...
-
السلطة الفلسطينية تعزز الانقسام بعقدها المجلس المركزي في غيا
...
-
أوكرانيا على صفيح ساخن بين روسيا والإمبريالية الأمريكية وأوك
...
-
السلطة الفلسطينية وأكذوبة المقاومة الشعبية
-
التجمع المهني السوداني والشيوعي ولجان المقاومة : نحو استمرار
...
-
الجماهير العربية في مناطق 1948 في مواجهة استراتيجية تهويد ال
...
-
المناضل الفلسطيني الأسير - هشام أبو هواش- انتصر بصموده الأسط
...
-
حول ضرورة المصارحة والمكاشفة مع -الصديق الروسي- بعد تكرار ال
...
-
ارهاصات انتفاضة فلسطينية تلوح في الأفق ، بالضد من نهج السلطة
...
-
التحالف السعودي يلجأ إلى نهج - المحرقة - في اليمن للتعويض عن
...
-
ضم أوكرانيا لحلف الأطلسي ، مسألة أمن قومي روسي لا يمكن لروسي
...
-
العملية الفدائية النوعية على طريق نابلس جنين أربكت العدو الص
...
-
نحو البناء على قرار وزير العمل اللبناني برفع الضيم عن اللاجئ
...
-
في الذكرى (34) لانطلاقتها : انتفاضة الحجارة غدر بها بالمبادر
...
-
في الجولة السابعة للمفاوضات النووية مع مجموعة 4+1 : أصرت إير
...
-
التضامن الأممي مع الشعب الفلسطيني يتحقق في ظل ازدهار نهج الم
...
-
ليس أمام تحالف العدوان على اليمن سوى خيارين : إما تجرع كأس ا
...
-
عملية القدس البطولية تكشف بؤس معارضة الكفاح المسلح بالمقاومة
...
-
السياق الأيديولوجي والسياسي لوعد بلفور ومقاربته مع الوضع الر
...
-
الحكم السعودي الذي يلعق الهزائم في اليمن والاقليم يستثمر تصر
...
المزيد.....
-
ألمانيا: حكم قضائي غير مسبوق يقضي بسجن عنصر سابق في جهاز شتا
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يبلغ نظيره الأمريكي طبيعة الرد على هج
...
-
انتشار صورة مضللة لـ-مشاركة الطيران المصري- في حرب السودان..
...
-
سقوط صاروخ على مدينة كرمئيل في شمال إسرائيل
-
تفاصيل جديدة عن التحقيق ف استهداف مسيّرة -حزب الله- لقاعدة -
...
-
قديروف: نقدر عالي التقدير العلاقة الأخوية التي تربطنا بالممل
...
-
مبعوث البابا إلى أوكرانيا الكاردينال دزوبي يصل إلى موسكو
-
لبنان.. وصول طائرة تحمل مساعدات إنسانية من الأردن إلى بيروت
...
-
صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة كبيرة جدا
...
-
إطلاق النار العشوائي يودي بأرواح المدنيين في العراق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|