أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاني عبد الفتاح - طه حسين .. من الشعر الجاهلي إلى مرآة الإسلام














المزيد.....

طه حسين .. من الشعر الجاهلي إلى مرآة الإسلام


هاني عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 19:39
المحور: الادب والفن
    


قد تستغرب، وربما تعتريك دهشة عندما تعرف أن صاحب النص القائل : "للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل, وللقرآن أن يحدثنا عنها أيضا؛ ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما" ؛ هو نفسه الذي علق على آيات سورة البقرة التي دعا فيها إبراهيمُ ربَه فيقول: " الله يثبت في هذه الآيات دعاء إبراهيم وإسماعيل أثناء رفعهما القواعد من البيت أن يجعلهما الله مسلمين له , أن يجعل ذريته أمة مسلمة له, وأن يبعث في هذه الأمة رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة, .. فإبراهيم إذن هو الذي سمى المؤمنين مسلمين, وهو أبوهم , وقد كان مسلما" , وهو القائل أيضا عن القرآن : "جاء كله من عند الله, وتلاه النبي علي المسلمين كما أنزل"!!

إن كلا النصين لعميد الأدب العربي "طه حسين", لكن الأول من كتابه (في الشعر الجاهلي) , أما النص الثاني والثالث من كتاب (مرآة الإسلام), فهل نعتبر ذلك تحولا فكريا في فكر طه حسين, أم أننا نعتبر هذا توبة ورجوعا وعودة منه إلي الإسلام كما يحلو للبعض أن يعبر بمثل هذه التعبيرات, أم إنها مجرد محطة استقر فيها طه حسين بعد رحلة بحث شاقة أضنته من البحث والشك, أم هو شيء آخر غير هذا وذاك؟

كل هذه التساؤلات ربما لو أجبنا عليها كلها بـ"نعم" كانت لكل منها وجهته وقدر من الاعتبار, لكننا من جانبنا نستبعد من بحثنا الرأي الذي يرى أن كتاب "مرآة الإسلام" يعتبر توبة من طه حسين وعودة لهداية الإسلام بعد ضلال, لأن هذا الرأي ببساطة يحيلنا إلي أن نفتش في عقائد الناس وإيمانهم, وإنما نحن هنا نصف الظاهرة ونحللها بشكل نحاول فيه أن نقارب النسق المرضي والمقبول.

فمن أول وهلة تضعنا الرؤية الأولي والحدس المباشرة في كتابه (في الشعر الجاهلي) أمام منهج فلسفي ارتضاه طه حسين لنفسه في البحث وكان مخلصا له أشد إخلاص, فهو القائل: "أريد ألا أقبل شيئا مما قال القدماء في الأدب وتاريخه إلا بعد بحث وتثبت .. فقد خلق الله لنا عقولا تجد في الشك لذة , وفي القلق والاضطراب رضا", بينما نراه في (مرآة الإسلام) يقول عن القرآن بأنه "في مجمله وتفصيله فوق الشك".

لا يحلو لنا أن نصف مثل هذه الثنائيات الخطابية بالتناقض, إنما تتيح لنا تحليلاتنا أن نقول بأننا أمام نوعين من الكتابة, كتابة بحثية علمية بتجرد تام لا هوادة فيها ولا دخل فيها للعقائد والإيمانيات, وكتابة يبوح فيها الكاتب بخلجات النفس وسوانحها وما تؤمن به. ومن ثم؛ فهو في البحث العلمي معجب بالعقل, ناقد, ثائر علي القديم, فهو "لا يرضى إلا أن تكزن لنا عقولا نفهم بها ونستعين بها على النقد والتمحيص.. وهذه العقول تضطرنا أن لا نقبل حتى ننقد, ونتحرى وندقق أدق التحليل. نعم!! يجب حين نستقبل البحث العلمي في أي حقل من حقوله أن "ننسى قوميتنا, وكل شخصياتها, وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به" – على حد قوله.

أما في (مرآة الإسلام) فيشن هجوما علي العقل وعلي المعتزلة وعلي أبي العلاء المعري الذي اتخذ العقل له إماما فيصفه بـ"السخف" ويصف مقالته بأنها "لا يقول بها مؤمن". كما يقول عن المعتزلة بأنهم "قد غرهم العقل", وكذلك "المتفلسفة المسلمين الذين أرادوا أن يقحموا الفلسفة في شؤون الدين, فظنوا أن العقل يستطيع أن يعرف كل شيء"!!

إذن؛ فالرجل يفرق بين ميدانين في الخطاب؛ ميدان البحث العلمي وميدان الدين, فقد كان بحثه في الشعر الجاهلي بحثا علميا بحتا, يجنب العقائد ويجردها من أحكام العاطفة, بينما للدين رأينا خاصا, "فللدين منطقا خاصا به" كما كان يقول "كيركجارد" الفيلسوف الدنماركي, وعلى ذلك؛ فكل قولة قالها طه حسين قامت بسببها الدنيا عليه ولم تقعد؛ كان سببها أن الرجل كان مؤمنا بهذا الفصل المنهجي في الخطاب العلمي أشد الإيمان, نظريةَ وتطبيقا.

فهو في "الشعر الجاهلي" يقدس العقل, بينما في "مرآة الإسلام" مؤمنا بالإسلام, وهو في الشعر الجاهلي ينقد بحرية بالغة, بينما في مرآة الإسلام يستقر علي ما تؤمن به عقيدته, وهو في الشعر الجاهلي (موضوعي), وفي مرآة الإسلام ذاتي, وهو في الشعر الجاهلي يتحدث بالخطاب (الابستمولوجي) بينما في مرآة الإسلام يتحدث بالخطاب (الأيديولوجي), ويختم كتابه مرآة الإسلام بقوله :" والله يعصمنا من الشر ويفقنا إلي الخير, وهو قد قال في كتابه العزيز وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ..فعسى ان يجيبنا إلى هذه الدعوة, وله الحمد أولا وآخرا". مما يعني أن كتاب "مرآة الإسلام" كان محطة هامة شهدت تحولا جذريا للأبعاد الفكرية لطه حسين؛ لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، بل هي تشير إلى معطيات شديدة الوضوح والأهمية لنهاية مطاف مساره الفكري.



#هاني_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن الدبّاغ: فيلسوف الحب غير المشروط
- التصوف: حفريات في النفس.
- هل يمكن أن يكون الصوفي وجوديًا
- ابن طفيل: الدين في حدود العقل وحده
- قراءة في محاولة اكتشاف العقل العلمي العربي
- بين الدين والعلم
- أزمة الحقيقة في حياة برتراند راسل
- نقد الفلسفات الحديثة والمعاصرة بمنطق الفلسفة الإسلامية:
- -العقل- فاعل، و-النص- مفعول:
- خدعة مفهوم الوطنية
- هل تغير مفهوم الإله في الفكر الغربي؟
- قراءة في مشروع زكي نجيب محمود الفكري


المزيد.....




- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاني عبد الفتاح - طه حسين .. من الشعر الجاهلي إلى مرآة الإسلام