أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فياض - الكلمة المفقودة














المزيد.....

الكلمة المفقودة


محمد فياض

الحوار المتمدن-العدد: 7173 - 2022 / 2 / 25 - 19:58
المحور: الادب والفن
    


على مرِّ العصور كانت اللغة هي وسيلة التواصل المُتدَاولة لفهم الافكار والسيولة المعنوية السارية في نفوس البشر فضلاً عن كونِها اداة لجعل المكوث فوق هذه المعمورة ميسوراً ، تخيل معي إنّ هذه العصا السحرية غير موجودة فكيف سيفهم الانسان بني جنسه أم كيف ستسيرُ هذه الحياة وسط اجواء من الغموض المخيف .
في الحقيقة إنَّ هذه الحروف ما هي إلّا خطوط تتداخل فيما بينها لتشكل رسماً بسيطاً نطلق عليه اسم (الكلمة).
وإنَّ اصطفاف هذه الوحدات الصغيرات (الكلمات ) وتراصِفها مع بعضها البعض تشكل اللغة التي من خلالها يتداول الانسان افكاره ومشاعره مستخدماً هذه العصا لسيرِ حياته .
لذا فإنّ اجمل ما يُميز اللغات ، العربية منها على وجه الخصوص إنّها شلالٌ لا يفترُ سريانه وفرشاةٌ ترسم الاف الكلمات والحوارات من دون ان تنتهي الوانها .
نعم انّ هذه العصا لا يُمكِنُ أن تُلقَى ويُستقرُ بها النوى ابداً فضلاً على إنَّ هذه الكلمات هي مناجم لمشاعر عظيمة تكمِنُ بين خطوطِها.
أتذكرُ ذات يوم عزِمتُ على إتمام بعض متطلباتي الدراسية في الجامعة فأخذتُ أُجيبُ عن بعضِ التساؤلات المركونة في هوامش قاموسي ، تلك التي كُنتُ أقرِّرُها عن ما اسمع من أستاذي في حينها .
اوقفتُ أستاذي بعد اتمام محاضرته المعتادة وقاطعتُ سيره قائلاً:- (السلام عليكم دكتور ، يا حبّذا لو اطلعت على اجوبتي هذه فلعلّ فيها من الخطأ نصيبُ).
أبتسم دلالة على قبوله طلبي ، فتحتُ الكراس وعلى عُجالة اطلع على ما كتبته واخذ يُناقشني عن بعض المفردات المندرجة في اجوبتي وقال ؛- (لا يمكن ان تستعمل هذه الكلمة هنا ابحث لك عن بديل اخر ).
لم افضّل التطفل اكثر شكرتَهُ وانصرفت مُسرِعاً.
في بداية الامر تذمرتُ من دقةِ هذا الرجل في انتقاء المفردات الدراسية خصوصاً انّ الكلمة كانت قريبة جداً عن ما اريد ايصاله .
لم تُسعفني ذاكرتي عن بديلٍ مناسب في حينها فأعدتُ صياغة الجواب تاركاً محل الكلمة فارغاً ، لم استطع بعدها ان افهم ما تعلق بهذه المفردة ابداً وكأنّهُ حجرٌ رُفِعَ فأخلَّ المبنى بإكمله .
قد كانت ثلاث حروف فقط عِندما نزلت في ذلك الفراغ القاتل استقر على اثرها كل شيء وبانت معالمُ الجواب مجدداً .
ثلاث حروف فقط هي كلمة مفقودة انكسرت على اثرها عشرات الكلمات .
إنَّ هذا المعنى جعلني اتفكرُ في قوة تلك الخطوط الصغيرة واخذتُ احاول ان اجد حلٌّ لكل الفراغات المهجورة في سجل ايامي الماضية لإنّ تخطي هذه المفردة او تركها كان يترتب عليه فشل جواب بإكمله.
وهذا علّمني ان اجدَ حلٌّ لكل كلمة مفقودة في قراراتي وافكاري وتصوري عن اجمالي الحياة وحوادِثها .
تعلمتُ ان أُفَتِشَ عن الكلام والافكار بدقة فلعلّ حرفاً احيى قلباً وأنار عقلاً ، ولعلَّ اخر اماتَ الاثنين.



#محمد_فياض (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مسرح الحياة
- ذاكرة الحرف المخيفة
- فلسفة اختلاف الجنسين عند جون غراي
- جُرعة الحكمة الزائِدة
- السحنة المُميِّزة
- كي تسمو ضمائرنا
- فوبيا الحقيقة
- الكلاسيكية وتسطيح العقول وقود ماكنة التجهيل الحاكمة
- أصبحتُ وحيداً في داري


المزيد.....




- فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- يحقق نجاحًا باهرًا.. ما سرّه؟
- موسيقى -تشيمورينغا-.. أنغام الثورة في زيمبابوي
- قائد الثورة الإسلامية يعزي برحيل الفنان محمود فرشجيان
- -عندما يثور البسطاء-: قراءة أنثروبولوجية تكسر احتكار السياسة ...
- مدن على الشاشة.. كيف غيّرت السينما صورة أماكن لم نزرها؟
- السعودية.. إضاءة -برج المملكة- باسم فيلم -درويش-
- -الدرازة- المغربية.. حياكة تقليدية تصارع لمواكبة العصر
- بيت جميل للفنون التراثية: حين يعود التراث ليصنع المستقبل
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فياض - الكلمة المفقودة