أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... منطق السوق يسيطر على المؤسسات















المزيد.....

شذرات اقتصادية... منطق السوق يسيطر على المؤسسات


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7172 - 2022 / 2 / 24 - 13:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الوعي السياسي والقائد...
الثورة الثقافية، الثورة الصناعية، الحرب العالمية، الاستعمار، الثورة الاشتراكية وغيرها، أحداث جعلت العالم ينتج فئات تتصارع بوعي ومسؤولية؛ أنتجت قادة كبار سيتذكرهم التاريخ؛ أنتجت نخبا تطور من نفسها فكريا وعمليا لتبتكر للعالم ولشعوبها حلولا لمشاكلها بكل موضوعية ومسؤولية. لقد كانت المشاكل الأخلاقية معزولة في الزمان والمكان؛ وغالبا ما كان يرتكبها شخص لا يعي حجم ما يفعل أو ربما يكون دخيلا وعميلا ليقوض بذلك بنيان التنظيم السياسي. فكانت المحاسبة والعقاب داخل البيت السياسي قبل أن تكون خارجه. أحيانا كانت مشاكل أو سلوكات لا تتناف مع قيم وعادات المجتمع، بالرغم من ذلك لا تلقى سوى الرفض والجشب من رفاقه وأصدقاءه وإخوته. فالسياسة أخلاق ومبادىء وقيم قبل أن تكون مسؤولية وإعتلاء "كرسي"، كاتب عام أو أمين عام. لذا، فكل من وعى معنى السياسة والمسؤولية السياسية انسحب أو استقال...

لقد اعتبرت الانتخابات محطة نضالية ضمن مخطط عام للنضال والتأطير والنقاش الجاد والمسؤول لكل قضايا الشعوب. فكان بروز قيادي في تنظيم سياسي يكون بسبب ما يقدمه لحزبه ولشعبه... لم تكن يوما محطة يهيمن فيها منطق البيع والشراء، فيحتل المرتبة الأولى من دفع أكثر من ماله أو جسده... لقد كان للسياسة روادها ومبدعوها... لقد كان للسياسة معنى وهدف...

لقد كان السياسي ـ القائد لا يحتاج إلى دورات تكوينية في فن الخطابة لأن التكوين الداخلي في التنظيم، والتكوين المستمر الذي يقوم به لصقل معارفه ومواهبه يغنيه عن الذهاب إلى أي مكان آخر من العالم، لقد كانت خطاباته دروس في القضايا الدولية والوطنية... اليوم، أصبح لا معنى للسياسة وللقائد... لقد تبخرت هبة القائد...
***
إفلاس الدولة وإضعاف للديموقراطية...
عندما انتهت الحرب الباردة، أصبح الاقتصاد العالمي يتوسع بأريحية ولم يعد هناك ما يرهقه ويكبح تطلعاته. فسيطر على كل المجالات وفيها السياسة؛ لم يعد يريد أن يكون فقط شريكا في صنع القرارات، بل يريد أن يكون هو وحده صانع لها. فتحكم في كل القرارات الداخلية والخارجية، الدولية والوطنية. أصبح يتحكم في الحرب والسلم؛ لقد تغول وتوحش ليُقوّد كل المؤسسات ويضعف الديموقراطيات ويتاجر في أرواح ملايين البشر... تحولت مؤسسات الدولة والهيئات الدولية إلى شركات ضخمة، غيرت من قوانين البلدان واستقطبت الفئات الجديدة لتتحكم في خيرات وثروات الشعوب. لقد ألغت كل القوانين التي تعيقها في التوسع والسيطرة والاحتكار... والخطير في الأمر أنها في طريق التحكم الشامل على سيادة الدول، الأمن الطاقي والمائي، الجيش، الاتصالات والأقمار الصناعية، الرقمنة والتكنولوجيا؛ لقد باتت تتحكم في كل شئ البحر، السماء، الأرض والفضاء...

انتقل منطق الاقتصاد الرأسمالي ـ الليبرالي إلى السياسة، فأصبح للقائد معنى "جديد" يتماه إلى حد بعيد بمفهوم القائد داخل المؤسسة الخاصة. وهكذا أصبح التخطيط داخل مؤسسات الدولة يصاغ بمنطق الربح والخسارة وبتقليص الأعباء والتكاليف، بيد أن منطق الربح والخسارة والتكلفة في الشأن العام هو منطق مختلف عن ما عليه في الأسواق... فأصبح من لا يشتغل أو من لا يملك دخلا في المجتمع، هو نفسه المسؤول عن ذلك لأنه وباختصار "لا يرغب في ذلك" (Volontaire). كما تحوّل مفهوم الدولة الاجتماعية أو الدولة الراعية إلى مفهوم يعني بيع وشراء الخدمات الاجتماعية ومنح القليل "الفتات" لفئات من المجتمع الذي يمكن أن يشكل عائقا لتنامي الربح، أي أن مفهوم الدولة الاجتماعية هو مرادف لمفهوم" المسؤولية الاجتماعية للشركات" (la responsabilité Sociétale des entreprises)، وهما مفهومان لا يلتقيان. من المنطقي إذن بعدما سيطر الاقتصاد على السياسة، أن تقاس السياسة العامة بمنطق ميكانيزمات السوق مادام المسؤول الحكومي هو في تكوينه ومهاراته كفاءة اقتصادية تحاول ممارسة السياسية العمومية والعامة. ألم يحدث الرئيس الأمريكي السابق هزات حقيقية في العلاقات الدولية لأمريكا بالرغم كفاءاته في التسيير والتخطيط؟

للأسف، أصبح منطق السوق يسيطر على السياسة؛ لقد خنق "منطق" الاقتصاد العمل الحزبي والجمعوي. انتقل منطق السوق إلى كل المجالات. فأصبح التدبير الظرفي يقوم مقام التخطيط طويل الأمد. أدلة عدة تبين أن هناك تحول في العلاقة بين السياسة والاقتصاد، وكيف تسيطر هذه الأخيرة على الأولى، وبالتالي على مؤسسات الدولة.. إنها مرحلة إفلاس الدولة وإضعاف للديموقراطية...
***
الإنسان يصنع حاضره ومستقبله...
الخوف من المجهول يُعلّم الإنسان الاختباء للبقاء على قيد الحياة واحترام القوانين؛ لكن عندما يتغلب على خوفه فإنه يبدع ويبتكر لينقذ نفسه؛ إنها غريزة البقاء على قيد الحياة، إنها في جينات الإنسان...

في البدء، اختبأ في الكهوف والمغاور، وبعدها قاتل الحيوانات المفترسة ودجّنها؛ كما حارب بني جنسه مما جعله يفرض القوانين والأعراف... أليس هذا المخلوق الذكي بقادر على صنع المفاجئة وخرق القوانين؟ أليس هذا المخلوق بقادر إلى التحول لكائن مفترس؟
عندما ظهر كوفيد19 كفيروس قاتل، ارتاب وخاف الإنسان وسجن نفسه بين أربع جدران. فتعجب المسؤولون من الانضباط والامتثال للأوامر لهذا الكائن صعب الترويض والتدجين. ظنت الدولة بأنها ستظل تتحكم في سلوكيات الفرد وتلزمه الاستمرار في العيش بمنطق الأزمة الوبائية؛ بيد أن الطبيعة البشرية للفهم والتحدي، جعلته يعلن خروجه للحياة ويواجه الفيروس. إنها في جينات الإنسان ككائن محب للحياة وللسيطرة وللخير وللشر... فالإنسان لا يميل إلى تناول نفس الطبق، فهو بغريزته يحب الحياة والتنافس... أليس من الخطأ الاستمرار في تطبيق سياسة النعامة وتعليق مشاكلنا وأزماتنا على كوفيد19؟ أليس من المفروض على الدولة أن تكون على نفس المسافة بين جميع مكونات المجتمع وتحمي مصالح الجميع؟

لقد كان بالأمس صاحب المال والجاه يتباهى بعدد الزيجات والأولاد والأغنام، لكن اليوم يريد أن يتباهى ويتنافس في السلطة وعلى النفوذ... لذا لا بد من ضوابط وقيود للعيش المشترك، فلا يمكن أن تتحول حضارتنا إلى أمكنة يسيطر فيها مصاصو الدماء والزومبي؟
***
المال، الدين والسياسية...
على العموم، من يريد أن يكون قائد سياسي، عليه أن يكون محللا ومتمكنا من العديد من المجالات (السياسية وعلم الاجتماع، القانون، الاقتصاد...) مع وجود المستشارين.ات؛ من يريد أن يكون قائد سياسي، عليه ألاّ يكون مثقلا بالمال والمشاريع؛ من يريد أن يكون قائد سياسي، عليه ألّا يكون متشبعا بثقافة السلفية والإقصاء.. إن السياسة مجال فيه المراوغة والتنافس... إن السياسة لا تلتقي مع المال والدين...

التحول العميق الذي يواجه العالم لا يرحم أحدا؛ لذا لا يمكن الاعتماد على أمريكا أو أوروبا أو الصين، لا يمكن الاعتماد إلاّ على إمكانات البلد الداخلية؛ كما لا يمكن تعليق مشاكلنا وإخفاقاتنا على أي دولة بما فيها دول الجوار، ولا يمكن ربط مستقبلنا بأي دولة... علينا أن نقود أنفسنا ونطورها في علاقة رابح ـ رابح...

أظن أن الوضع الحالي ينبأ بأن المغرب ماضي إلى إفلاس وإضعاف جميع ما راكمه منذ الاستقلال، وليس فقط منذ الدستور 2011... علينا إذن أن نعي حجم المخاطر والمسؤوليات التي تواجهنا، فإما أن نكون أو لا نكون... اللحظة تقتضي خلق سياسية حقيقية و فتح نقاش عمومي صريح من أجل النهوض بالمغرب...

السياسة تتطلب الكثير من الحب للوطن وللشعب، وهذا ما يفسر الاستشهاد والاعتقال على مر العصور، كيف ضحى ويضحي العديد من أجل الوطن... فتحية لكل الشهداء والشهيدات والمعتقلين/ت، فالحياة تستمر وتتطور بفضلكم.كن...

24 فبراير 2022



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات اقتصادية... التعليم وسؤال الجودة
- حكاية من وحي المجتمع... أنا شاب، عالة على أسرتي...
- شذرات اقتصادية... -المتحور- الكوفيد الاقتصادي في المغرب
- شذرات اقتصادية... بعد السكتة القلبية، الناتو يعلن عن -مشروع ...
- أقصوصة من وحي المجتمع... لقاء خاص مع أطفال هُم لَنَا
- كوفيد19، الحرب ما بين المعلومة والمصلحة
- إما أن -نكون او لا نكون-...
- شذرات اقتصادية. التعليم، لا يمكن تطبيق سياسة النعامة...
- أقصوصة من وحي المجتمع... -اشْرِي مِن عِندِي، أنا دائما عِندِ ...
- منطق الصراع والعودة بعد كل أزمة...
- أنا أضع الكمامة....
- أقصوصة من وحي المجتمع... لهذا تم ضربي...!!
- شذرات اقتصادية ... هل يمكن خلق الأزمة الاقتصادية، مَن المستف ...
- شذرات اقتصادية.... ما بعد كوفيد19، هل تتحقق أفريقزيت (Africe ...
- شذرات اقتصادية... كوفيد19 أو العولمة الكوفيدية تعرِّي بنيات ...
- شذرات اقتصادية... كورونا، الشجرة التي تغطي الغابة...
- شذرات اقتصادية... القرارات الاقتصادية أو اقتصاد -القرار- بمن ...
- شذرات اقتصادية... التنمية والثقافة، أية علاقة؟
- شذرات اقتصادية...التعدد والتنوع المجالي والتنمية، أي تصور لل ...
- شذرات اقتصادية... المرأة والتنمية: المطالبة بالمساواة هي -جر ...


المزيد.....




- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- مفاجأة جديدة اليوم|.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 ...
- شويغو يتفقد مصنعا لإنتاج الدبابات وقاذفات اللهب الثقيلة (فيد ...
- ارتفاع أسعار النفط بعد أنباء عن هجوم إسرائيلي على إيران
- بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بلجيكا تستأنف استيراد الماس من روس ...
- مطار حمد الدولي ينتزع الصدارة في قائمة أفضل مطارات العالم
- هتكسب أضعاف الفلوس اللي معاك في شهر واحدة بس .. مع أفضل 6 شه ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- -قضية الذهب الكبرى-.. قرار جديد من هيئة مصرية بحق رجل الأعما ...
- ستاندرد أند بورز? ?تخفض تصنيف إسرائيل طويل الأجل 


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... منطق السوق يسيطر على المؤسسات