أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - أنا أضع الكمامة....















المزيد.....

أنا أضع الكمامة....


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6655 - 2020 / 8 / 23 - 10:58
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


توجهت إلى محل البقالة لأشتري بعض من اللوازم والسلع. كان هناك التزام من الزبائن بالشروط الصحية لتفادي العدوى فيما بيننا (مسافة الأمان، وضع الكمامات...). ولتوفير السرعة المطلوبة، شغل "مول الحانوت" شخصين إضافيين معه. الأول يعمل بالخارج من أجل البضائع التي لا يمكن تخزينها بالداخل. والثاني يعمل بالداخل من أجل المساعدة وتسهيل تجميع السلع للزبائن. هذه التدابير تساعد على عدم الاكتظاظ في المحل. وكساكنة الحي، ننتظر دورنا الواحدة تلو الآخر لاقتناء ما نريد في احترام تام لشروط السلامة.

أعود كل يوم إلى المنزل وأنا سعيدة بأن الحي الذي أقطنه بعيد عن العدو الخفي، كوفيد 19. في المساء، يلعب أبناء وبنات الحي بانضباط تام رغم الصعوبة الكبيرة لتمرير التدابير الاحترازية إلى عقول الصغار. لكن، الصرامة والوعي الذي يحيط بساكنة الحي يسهل الأمور كثيرا.
منذ شهور عديدة، لم نقترب للسلام على بعضنا البعض رغم مرور المناسبات الوطنية والدينية، والتي تحتم علينا تطبيق سلوكيات معينة، نعبر من خلالها عن مشاعرنا في احترام العلاقات العائلية وحسن الجوار والصداقة. وهي سلوكيات تشجع في عمقها على الحميمية، وبالتالي على العناق وتبادل القبل. لأول مرة، تأتي مناسبة عيد الأضحى، نتبادل التحية والسلام فيما بيننا عن طريق الإشارة. كما أن إحدى جاراتي، زوجت ابنتها ولم تستطع التعبير عن فرحها بالطقوس المغربية المتعارف عليها. بكت في صمت، لكننا كلنا شجعناها للنظر للجانب الإيجابي للحدث. اقتنعت بوجهة نظرنا. فالزواج ليس هو إقامة الحفل، بل هي ضمانة حسن الاختيار من أجل سعادة العروسين؟ أفلا يمكن إقامة حفل كل سنة كتذكار لإحدى اللحظات المهمة في حياة الإنسان؟ ألا يعادل تاريخ عقد القران تاريخ الولادة؟

استمر كل واحد مناّ يتأقلم مع ظروف كوفيد 19 التي فرضها علينا. إن الأمر برمته غريب علينا جميعا، لكن يجب أن نعتاد عليه، وحتى إن فرض علينا أحيانا مزجه بقليل من الضحك والتنكيت حتى نتمكن من التغلب على قساوته بيننا. على العموم، يعشق الإنسان الحياة، ويستطيع أن يجدد من مساراته ليستمر في العيش. الظروف تحتم علينا ذلك.

لا أقطن في الأحياء الراقية. أسكن منطقة شبه قروية. الكثافة السكانية ضعيفة مقارنة مع المناطق الأخرى للعاصمة الإدارية للمغرب. لقد أصبح التعقيم وارتداد الكمامة والتباعد الصحي جزءا من الحياة الاجتماعية والعملية في حيّنا. ظننت أن كل أحياء وشوارع وأزقة مدننا وقرانا تعيش نفس إيقاعات الحي الذي أقطنه، وأنها غيّرت من سلوكياتها ونمط عيشها إلا أن فوجئت عند سفري لإحدى المدن. إنها الكارثة بكل المقاييس، مَن المسؤول؟ هَل هو المواطن(ة)؟ هَل هو المسؤول عن تدبير الشؤون المحلية لهذا المواطن؟ هَل هُما معاً؟
ركنت سيارتي، وتدرجت لأشتري ما تلتزمه واجبات الزيارة (اللحم، الفواكه، الحلويات...). لم أصدق نفسي. اكتظاظ كبير، من الصعب عليك الحفاظ على مسافة الأمان. قلت لنفسي، سأسرع فيما اريد اقتناءه، وأغادر المكان.

أغلبية المتواجدين بالسوق يرتدون الكمامات، لكن ليس كما يجب أن تكون. أنظر خلسة إلى وجوه الناس. هل لا يعلمون بخطورة الأمر؟ هل لا يعلمون أن الفيروس قاتل؟ ألا يعلمون أن البنية الصحية التي يتوفر عليها المغرب غير كافية؟ وبينما انا في شرودي وقلقي، أيقضني صوت أحدهم: ساعديني من فضلك، اشتري من عندي، لقد تضررت حالتنا كثيرا بسبب الجفاف وكورونا! التففت إليه، ألا تعلم أنك إذا لم تقم بالتدابير الاحترازية، سنعود إلى وضعية الحجر الصحي، وهذه المرة ستكون جد صعبة على المغرب؟ لن يستطيع المغرب توفير الحماية اللازمة لكل مواطن(ة)؟ أوقفني بسرعة، وخاطبني قائلا، لا أفهم كلامك، إذا لم تكونين تودين الشراء مني، دعيني من فضلك استرزق، الله يسهل عَلِيكِ. اشتريت منه ودعوت له بالفرج والتيسير. وانتقلت عند آخر، فطلبت منه أن يضع كمامته، ضحك ضحكة عالية أبرزت أسنانه المتسوسة. أنا أضع الكمامة؛ واستمر مستهزئا سمعه من هم حوله، نحن نعيش مع الفيروسات، إنها جزء من حياتنا، أنا أقطن بدوار "ال"...
خرجت من السوق، وأنا جد مكتئبة وحزينة. فالكمامات متسخة ومعلقة على الأذن أو ملتفة حول العنق، وتطبيق مسافات الأمان غير ممكن، بل مستحيل. ألا يكترثون لحياتهم؟ اعتبرت ما يقع فوضى عارمة. اقتنعت أن كوفيد19 لن يرحل عناَّ، أما الاعتماد على المواطن المنهوك اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا هو أمر يعتبر من العجائب، وإن تحقق انخراطه الفعلي سيكون من إحدى المعجزات. ما الفرق بين مواطني/ات الحي الذي أقطنه وهؤلاء المواطنين. ألا ننتمي لمغرب واحد؟ الجواب بسيط ولا يتطلب مجهودا كبيرا، إنها الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمواطن ومستواه التعليمي ومكتسباته المعرفية من تجعله ينخرط في بناء مستقبل البلاد. من أنتج هذا المواطن(ة) الغير المهتم(ة)؟ هذه المرة، الجواب على هذا السؤال ليس بالسهل؟ إن الجواب مركب ومتداخل. باختصار، السياسات الاجتماعية والاقتصادية خاصة تلك التي انتجتها السنوات الأخيرة هي السبب المباشر لهذه الأوضاع الكارثية التي يعيشها المغرب. سياسات همشت في بعدها الاهتمام بتلبية المتطلبات الأساسية للمواطن(ة) المغربي(ة). لقد انهارت أوضاع الفئات الهشة والفقيرة والمتوسطة.

رغم تعدد ودقة التقارير والدراسات المنجزة حول المغرب، إلا أن الحكومة تعيش السبات، هل هي سياسة ممنهجة لإدخال المغرب إلى النفق المسدود؟ تأزيم وضعيته وذلك عن طريق إغراقه في الديون الخارجية وخوصصة قطاعاته الاستراتيجية ورفع الدعم وغيرها من السياسات الغير الوطنية والغير الديموقراطية. ليست هناك مبادرات مواطنة من طرف المسؤولين/ات تشجع المواطن(ة) على تقوية روح المواطنة لديه. كان بالإمكان بعث رسائل ملموسة للمواطن(ة) من قبيل وقف الامتيازات والغاء صرف التعويضات ووقف الأجور المرتفعة وإلغاء تقاعد البرلمانيين/ات وغيرها من الرسائل التضامنية مع محنة الوطن، وطننا.

قدت سيارتي وأنا في جُعبتي الكثير لأخبركم/كن به، لكن استوقفني أحد الشباب المهاجرين، يسألني المساعدة... أين الحكومة؟ إذا كان المواطن مسؤول عن سلوكه اليومي، فهي مسؤولة عن توفير البنية التحتية لتطبيق السلوك اليومي لهذا المواطن؟ ما المطلوب لاجتياز الأزمة أو الأزمات التي يتخبط فيها المغرب؟ كوفيد19 ما هي إلا اختناق بسيط مقاربة مع حجم الأزمة التي تنتظر المغرب إذا لم يسارع بانتقال ديموقراطي حقيقي ؟...



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقصوصة من وحي المجتمع... لهذا تم ضربي...!!
- شذرات اقتصادية ... هل يمكن خلق الأزمة الاقتصادية، مَن المستف ...
- شذرات اقتصادية.... ما بعد كوفيد19، هل تتحقق أفريقزيت (Africe ...
- شذرات اقتصادية... كوفيد19 أو العولمة الكوفيدية تعرِّي بنيات ...
- شذرات اقتصادية... كورونا، الشجرة التي تغطي الغابة...
- شذرات اقتصادية... القرارات الاقتصادية أو اقتصاد -القرار- بمن ...
- شذرات اقتصادية... التنمية والثقافة، أية علاقة؟
- شذرات اقتصادية...التعدد والتنوع المجالي والتنمية، أي تصور لل ...
- شذرات اقتصادية... المرأة والتنمية: المطالبة بالمساواة هي -جر ...
- شذرات اقتصادية... قانون المالية 2020 والطبقة الوسطى ...
- شذرات اقتصادية... حقوق الإنسان والتنمية، أية علاقة؟...
- إلى شباب لبنان... من أجل استعادة الأمل دون جراح ودماء...
- إلى ابنتي الغالية، بمناسبة عيد ميلادها...
- كلام لا بد منه... بعيدا عن الشخصنة...
- شذرات اقتصادية... بطاقة المواطنة-الاجتماعية كآلية ضرورة في ا ...
- شذرات اقتصادية: هل هناك طبقة وسطى، وأي تعريف ودور لها؟
- النموذج المغربي-المغربي للتنمية، أية أبعاد؟
- شذرات اقتصادية: التنمية والتعليم
- شذرات اقتصادية: النموذج التنموي - العدالة الاجتماعية
- اقتصاد الريع، هل هناك سياسة لمواجهته؟...


المزيد.....




- أوكرانيا تبيع أصولا مصادرة من شركات تابعة لأحد أكبر البنوك ا ...
- مصر.. قرار جديد من وزارة التموين بشأن ضبط أسعار السكر
- أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي تتجاوز 749 مليار دولار ...
- أميركا تفرض عقوبات جديدة على سفن وأفراد وشركات إيرانية
- مجلس صناعات الطاقة: الإمارات تحقق تقدما بمجال الطاقة الخضراء ...
- أرامكو السعودية تعلن -شراكة عالمية- مع -فيفا- لمدة 4 أعوام
- أسواق الخليج تهبط وسط إعلان لنتائج الشركات ومخاوف جيوسياسية ...
- بوتين يعلنها: روسيا ستواجه قريبا -نقصا في الكوادر-
- عجز الميزان التجاري الأميركي يرتفع 12 بالمئة في مارس
- مساعدات أميركا لأوكرانيا وإسرائيل تعزز أرباح لوكهيد و-RTX-


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - أنا أضع الكمامة....