أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عائشة العلوي - إلى شباب لبنان... من أجل استعادة الأمل دون جراح ودماء...















المزيد.....

إلى شباب لبنان... من أجل استعادة الأمل دون جراح ودماء...


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6392 - 2019 / 10 / 27 - 09:10
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لقد تجاوزتم فعلا الآثار النفسية جراء الحرب الطائفية التي دمرت بلدكم، واستنزفت خيراته وعطلت مسلسل الإصلاحات والتغييرات التي ربما إن تمت بنجاح وبديموقراطية وباستقلالية، لوجدتم الآن بنيات اقتصادية واجتماعية وثقافية تتسع وتستوعب طموحكم وحقكم في العيش الكريم. إنكم، اليوم، فعلا صنعتم حدثا متميزا خارج كل التعبيرات السياسية والطائفية في بلدكم.

لقد تتبعت باهتمام مسيرات غضبكم ومطالبكم، وما أثارني أنكم مُنَظّمون بشكل عابر لكل التنظيمات الكلاسيكية؛ واستطعتم أن تجدوا وسائلكم الخاصة لذلك. لقد أكدتم لزعمائكم وقادتكم الذين أصابهم مرض العجرفة وأصبحوا لا يتقنون سوى لغة التزوير والريع وتضخيم الذات والتحالفات الخارجية أنكم فعلا قادرون على قول كلمتكم بمسؤولية وسلم. لقد لقنتم لمسؤوليكم درسا في أولى أبجديات النضال الجماهري وهو أن الاحتكام إلى الشعب بلغة الجمع وليس بلغة الجماعة والقبيلة والعشيرة والانتماء العقائدي يبقى هو المحرك الحقيقي للتغيير وبناء المستقبل. لقد كانت النتيجة الحتمية للإضعاف المتواصل لقدرتكم الشرائية كطبقة متوسطة وضعيفة، وأيضا لعدم استفادتكم من توزيع عادل للثروات هو انفجار لغضبكم لكي تعلنوا للجميع أن الوضع لن يتطلب المزيد من الانتظار لحل المشاكل العالقة منذ عشرات السنين، وحتى إن تتطلب ذلك مجرد زيادة صغيرة على تطبيقات واتساب.

أحييكم يا شباب لبنان، ومن خلالكم أحيي كل شباب عالمنا، وأعلن لكم أنكم فعلا صانعو المستقبل وما الألقاب حولكم بأنكم غير مبالين، وعاجزون عن اتخاذ القرار، ومنحلون أخلاقيا، وغيرها من النعوت السلبية، ما هي إلا انعكاس للشخصية المهزومة المحبة لفرض سيطرتها، وتحكمها، وتسلطها. إنه العجز عن تفعيل منطق تغيير الأشخاص والأنماط، حتى أصبحت مرضا يلازم مجتمعاتنا ويعيق تطورها.
ماذا تنتظرون إذن؟ ألم تقولوا بأن المستقبل هو الشباب؟ اليوم، الشباب يطالب برحيلكم، وبحقه في العيش الكريم. الوطن القوي والمتماسك والآمن اجتماعيا واقتصاديا أقوى من كل المدافع والرشاشات والقنابل. إنه السلاح الحقيقي لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية.

اشهد يا تاريخ أن شباب وشابات اجتمعن اليوم في لبنان بسلم، وبتنسيق وتنظيم رائع بينهم/هن، وبإيقاعات موسيقية ورقصات تعبر عن رغبتهم/هن في الحياة وفي الدفاع عن الوطن؛ لم يتفرقوا/ن أو ينقسموا/ن تحت أي راية. فراية لبنان جمعتهم/هن والرغبة في التغيير حركتهم/هن. لكن حذار أن تتحول لبنان إلى عراق أو سوريا جديدة لأن هناك من له مصلحة في ذلك.

انتفضت الطبقة الوسطى والفقيرة، وتكلمت بلغة عابرة لكل الإيديولوجيات كدليل على أن البلد وصل إلى درجة من البؤس الاجتماعي والقهر الاقتصادي لا يمكن أن يتحمل معه المواطن/ة المزيد. إن ما يقع في لبنان هو متشابه في نقط عديدة مع مجموعة من البلدان الأخرى (مع بعض من التفاوتات حسب الموقع الإقليمي والبنية الداخلية للبلد). هذا الواقع المتمثل أساسا في تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل الدين الخارجي في الناتج الداخلي الخام (أكثر من 150%)، والمشاكل البنيوية الأخرى المتعلقة بطبيعة الاقتصاد اللبناني؛ بالإضافة إلى تفشي الفساد السياسي والإداري، واتساع الفوارق الاجتماعية والتفاوتات الطبقية (7 من أثرياء لبنان يملكون عشرة أضعاف ما يملكه الشعب اللبناني، و 1% من اللبنانيين يملكون ثروة تزيد عما يملكه 58% من اللبنانيين)، (المعطيات مأخوذة من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، "انتفاضة لبنان: أسبابها وتداعياتها"، 23 أكتوبر 2019).

ما يقع في لبنان وغير لبنان، تساؤلنا جميعا بالاهتمام بالشباب، ليس قولا بل فعلا. المطالبة بالتغيير والمحاسبة شَرْطَان أساسيان لاستعادة الثقة وإنقاذ الشباب. لا يمكن المطالبة بالثقة، ومسؤولو البلد يعبثون بمصيره. لا يمكن المطالبة بتكافؤ الفرص والمساواة، وأبناء مسؤولي البلد هم منهم في مناصب المسؤولية دون معايير محدد وموضوعية للانتقاء.

فالبلد كالمغرب يحتاج إلى الكفاءات وربط المسؤولية بالمحاسبة، والقيام بإصلاحات عميقة وديموقراطية تساعده على إعادة الأمل إلى الشباب وإلى الرفع من المستوى الاقتصادي والاجتماعي للطبقة الوسطى والفقيرة، وليس إلى اقتطاعات تلو اقتطاعات تزيد من الفوارق الطبقية، وتثقل كاهل الأسر لترفع من مستويات قلقهم وغضبهم خاصة على مصير أبنائهم وبناتهم.

المحاسبة والعقاب وإعادة أموال البلد هي مطالب أساسية لإعادة الأمن الاجتماعي والاقتصادي، فالمغرب ليس بلدا فقيراً ومتخلفا، نحن قادرون/ات على هزم كل التحديات والعقبات بشرط أن تكون هناك مصالحة فعلية من أجل إصلاح الاعطاب والمضي نحو بناء بلد يقدر شبابه ويلبي رغباته من تعليم وصحة وسكن وشغل، ويمنحه حقه في التعبير الحر، والديموقراطي...

إن كان فعلا الشباب هو عماد الوطن، فيجب جعل الشباب ضمن الأولويات، وذلك باحتضانه والتكفل به، وليس بالدفع به إلى الانتحار والتطرف والاجرام...

من أجل الوطن، من أجل المستقبل، على الدولة تحمل مسؤوليتها وإنقاذ الطبقة الوسطى والفقيرة من الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، وضرورة دعم قدرتها الشرائية عبر خفض الضرائب المباشرة وغير المباشرة، والرفع من جودة التعليم والصحة والسكن، والحماية الاجتماعية، وغيرها...

من أجل الوطن، من أجل المستقبل، على الدولة تحمل مسؤوليتها من أجل احتضان أولادها وحمايتهم بإنشاء صناديق الدعم المادي والمعنوي للشباب لإعادة الأمل والثقة إليهم، وتمكينهم الفعلي من الاندماج الاقتصادي والاجتماعي...

من أجل الوطن، من أجل المستقبل، على الدولة تحمل مسؤوليتها في التعليم والتكوين المستمر لفائدة كل الشباب، وحذف كل ما يعيق طموحهم في ذلك، لذا عليها الإسراع في فتح كل المسالك التعليمية والتدريبية أمام الشباب الراغب في ذلك خاصة أن تحديد عدد المسجلين/ات لا يمكنه أن يتماشى مع نسبة الشباب في الجهة ومع طموح المغرب في التطور والنماء، وهذا للأسف ما يقع الآن عبر وضع مجموعة من العقبات أمامهم لاستكمال مشوارهم العلمي والتقني والأكاديمي...

وفي الأخير، أتمنى أن تنجحوا يا شباب لبنان في بناء بلد قوي قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات بعيدا عن أي لون طائفي أو عقائدي...



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى ابنتي الغالية، بمناسبة عيد ميلادها...
- كلام لا بد منه... بعيدا عن الشخصنة...
- شذرات اقتصادية... بطاقة المواطنة-الاجتماعية كآلية ضرورة في ا ...
- شذرات اقتصادية: هل هناك طبقة وسطى، وأي تعريف ودور لها؟
- النموذج المغربي-المغربي للتنمية، أية أبعاد؟
- شذرات اقتصادية: التنمية والتعليم
- شذرات اقتصادية: النموذج التنموي - العدالة الاجتماعية
- اقتصاد الريع، هل هناك سياسة لمواجهته؟...
- صعود النزعة المقاولاتية والريعية للمجتمع المدني …
- الهدف الرابع للتنمية المستدامة واستراتيجية التعليم بالمغرب- ...
- استراتيجية الهدم ونموذج التنمية بالمغرب …الحصيلة الراهنة 201 ...
- التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية... أية علاقة؟
- النموذج التنموي والعمل السياسي، أية علاقة ؟...
- الدول المستفيدة من الديون… تحليل لمقال
- اندثار معالم الحدود... (الجزء الثاني)
- اندثار معالم الحدود... (الجزء الأول)
- العمل الموسمي والمياوم للنساء بالمغرب عُملة لاضطهاد يومي واس ...
- 8مارس اليوم العالمي للمرأة، هل هو يوم للاحتفال أو لتخليد ذكر ...
- -خديجة- المرأة المغربية و الاغتصاب الجماعي...
- هل ساهمت الأزمة المالية العالمية 2008 في تقوية الحركات الاحت ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عائشة العلوي - إلى شباب لبنان... من أجل استعادة الأمل دون جراح ودماء...