أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عائشة العلوي - اندثار معالم الحدود... (الجزء الثاني)














المزيد.....

اندثار معالم الحدود... (الجزء الثاني)


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6193 - 2019 / 4 / 6 - 11:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أصبح الفضاء الرقمي جزءا من حياتنا، يغير نمط عيشنا، لكن مع اختلاف السرعة. بالأمس القريب يلج الجديد من الاكتشاف العلمي إلى أُسرنا ببطء ليغيرها بسلاسة كأنه لا يريد إزعاجنا بقدرته على الفِعْل فينا، فينتقل إلى العيش معنا وفق قدرتنا على فهمه. أما اليوم، اقتحم منازلنا بقوة فرض علينا إيقاعه ونمطه هُوَّ، يُلزِمنا أن نتبع خُطاه وإلاَّ سنصبح خارج التاريخ. لم تعد سرعة التحول داخل المجتمع هي نفسَها التي كان يتحول بها في السابق.

لقد فرضت علينا الثورة الرقمية أن نُسرِّع من تغييرنا المجتمعي ومن أساليب تعاملنا وتعايشنا الجماعي. تراكمت علينا المعلومات والمعطيات، فأصبحنا تائهين في فضاءنا الرقمي وعاجزين عن الإنتاج والمعرفة. أصبحنا فريقين: فريق يجر أمجاد الماضي وحبيسٌ فيه ويقوم باجترار تجارب وحِكم الماضي كأننا غير قادرين على إنتاج المعرفة وفق تغيُّرات حاضرنا ومتطلبات مستقبلنا، فخلق التطرف بأشكال وألوان تتوحد كلها في لون الدم؛ وفريق من عاشقي الذات حدَّ الجنون، يحقق طموحه الفرداني على حساب نفسه والآخرين. كأن الكل في صراع من الأجل البقاء والفوز بالسيطرة على العالم.

الكتلة المُشكِّلة لأي تنظيم تغيرت وأصبحت في حركية دائمة وغير مستقرة؛ تُنَبؤُ أن في المستقبل القريب ستنكمش التنظيمات الكلاسيكية والدولية لأنها ستكون أمام المتغير والمتحرك والمتحكم في العلاقة المجتمعية إذا ضلت عاجزة عن تغيير ذاتها. على سبيل المثال، المجتمع المدني مفروض عليه أن يقوم بتغيير بنيته وأسلوب اشتغاله إذا أراد البقاء والاستمرار كمُعبِّر عن مجتمعه وبيئته. فاندثار الحدود يفرض عليه التجدد المستمر في احترام للاختلاف من داخل الوحدة. الوحدة هنا ليس لها علاقة بالحدود السياسية للبلد، إنها الوحدة الكونية، مَصير واحد يجمع الإنسانية جمعاء. حتى إن بدى هذا التحليل طوباويا، لكن علامات التطور الذي لا نستطيع لحاقها تنبؤ بأن مستقبلنا واحد، وأن تقسيم العالم إلى عالم متخلف والأخر متقدم، أو دول الشمال ودول الجنوب، سيحدث تقسيمات متعددة ومتناقضة. سيعيش الناس بأزمنة مختلفة في الزمن الواحد.

إن عدم مسايرة بعض الأفراد أو الجماعات أو المجالات لسرعة التطور التي يمضي فيها العالم اليوم، سيخلق تخلفاً في نفس المحيط الذي يجمعهم. إن هذه الرؤية تقتضي إعادة التفكير في الهيكلة التنظيمية للمنظمات والإطارات الجماهيرية إذا ما أرادت أن تستمر في نضالها من أجل النهوض بالوعي والعمل الكوني الإنساني. فلغة التجنيد أو لغة الأوامر أو لغة التابع والمتبوع ستُقزَّم ليصبح منطق الفردانية والمصلحة الآنية هي الغالبة في علاقة الفرد بالتنظيم. لذا، فالمرونة والإنصات والإشراك والتناوب والإبداع والكفاءة والمحاسبة وغيرها من القيم يجب أن تكون الأعمدة المؤسسة للتنظيم. فالكل قادر على التعبير بعدما كان لا يستطيع أن يجد فضاء للغضب أو الضحك أو النقد أو إبراز مهاراته وقدراته. إن الثورة التكنولوجية مكنته أن يجد ذلك الفضاء ويبحث من خلاله على من يتقاسم معه نفس الاهتمام أو من يقبله كما هو، حتى إن كان لقاءا بلغة الأرقام.

إن كان تطور المجتمع يسير ببطء عكس المجالات الأخرى، إلا أن الذكاء البشري فرض عليه التسريع من وثيرة تغيره ليندمج وينصهر في التغيير المفروض عليه من الثورة الصناعية والتكنولوجية. لذا تجد الخوف في نفوس بعض الأفراد الغير القادرة على التغيير أو المتخوفة من المستقبل، فتتشبث ببعض من تفاصيل الماضي لتعلن أنها لم تفقد البوصلة. صراع داخلي ومجتمعي يحاول أن يفهم ما يقع في ظل اندثار للحدود. للأسف لا تجد في الغالب من يساعدها لتَقْبل الأمر الحتمي وتخلق معها آليات جديدة لخلق حدود أخرى تتماشى مع المتغير القادم. فتجد معظم التنظيمات تتسارع على قطف بعض من البرامج هنا أو هناك تقاذفها بعظ من الأفراد أو المجموعات التي تخطط لمصير العالم، فتقحمها في مجتمعاتها كذلك الشخص الذي يريد ارتداء حذاء بقياس 38 لرجله التي تتسع ل45!!! فلا هو قادر على التطور والتخلص من الفقر والهشاشة والحفاظ على هويته وثقافته في ظل اندثار الحدود؛ ولا هو قادر على التفكير بجدية ليصنع لنفسه نموذجا وفق إمكانياته ويلبي احتياجاته، فيكون بذلك قادرا على التفعيل والتفاعل مع باقي العوالم...

اندثار الحدود، يلزم على التنظيمات إعادة هيكلتها لتستوعب محيطها القريب ولا تسرع في إحضار الوصفات ربما هي غريبة عن مجتمعاتها التي تنتمي هي لها، ولا يمكنها بذلك مواكبتها والاستفادة منها، فتجدها بعض مدة من الإنجاز تعيد طرح "نفس" الأسئلة وتعيد تَوْرِيد نفس الوصفات بمفاهيم جديدة لمجتمع يحتاج لأُخرى أو ربما لا يحتاج إليها.

فاندثار الحدود خلق عدة حدود ضمن المجال الواحد، بل داخل الأسرة الواحدة خاصة في مجتمعات كمجتمعاتنا... أصبحنا مشوهين في نمونا الفردي والجماعي... المطلوب هو نمو على إيقاعنا نحن وليس وفق "الآخر". رغم أن "الآخر" حتما هو في طريقه للاندثار... فذكاء الإنسان وغريزته الطبيعية في العيش بجوار قرينه أقوى من كل الفردانية التي تم تقويتها بفضل هذه البرامج، التي تُنمِّي التنافسية والنزعة الفردية والتضخيم من الذات تحت دريعة "الثقة في النفس". في معظمها (إن لم أَقُل كُلَّها) تنتمي إلى المدارس المؤسسة للنظام العالمي الجديد، "الآخر"... تتمة في الجزء الثالث...



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اندثار معالم الحدود... (الجزء الأول)
- العمل الموسمي والمياوم للنساء بالمغرب عُملة لاضطهاد يومي واس ...
- 8مارس اليوم العالمي للمرأة، هل هو يوم للاحتفال أو لتخليد ذكر ...
- -خديجة- المرأة المغربية و الاغتصاب الجماعي...
- هل ساهمت الأزمة المالية العالمية 2008 في تقوية الحركات الاحت ...


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عائشة العلوي - اندثار معالم الحدود... (الجزء الثاني)