أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 27














المزيد.....

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 27


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7172 - 2022 / 2 / 24 - 13:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشًا وَّالسَّماءَ بِناءً وَّأنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِي مِنَ الثَّمَراتِ رِزقًا لَّكُم فَلا تَجعَلوا للهِ أَندادًا وَّأَنتُم تَعلَمونَ (2/22)
المسلمون يحاولون دائما تأويل – ولا أقول تفسير – الآيات التي تتناول الطبيعة والكون بطريقة تتفق مع المعارف العلمية المعاصرة، ويعتبرون ذلك نوعا من الإعجاز، يسمونه بالإعجاز العلمي للقرآن. وبعكسه خصوم ونقّاد الإسلام يفسرون هذه النصوص بطريقة يدعمون عبرها إثبات تعارض القرآن مع الحقائق العلمية. فمما يشكل عليه ناقدوا القرآن هو تأكيده في مقاطع عديدة على انبساط الأرض، في الوقت الذي يعلم الجميع بكرويتها وليس انبساطها. لكننا جميعا نقر أن الأرض رغم كرويتها فهي منبسطة، ولا تناقض بين حقيقتي كرويتها وانبساطها، إذا ما عنينا بالانبساط الانبساط النسبي، أي نسبة للإنسان، فهو عندما يتحرك على الأرض لا يشعر بكرويتها، بل يراها منبسطة، كما يرى راكب القطار الناظر من خلال نافذته أنه ثابت والأرض والأشجار والشوارع والمباني التي يمر فيها القطار هي التي تتحرك. لكن مع هذا يبقى الاستدلال بهذا أو ذاك الاتجاه مما يرد عليه. أما ما تختم به الآية بالنهي عن اتخاذ أنداد لله، فإن الآية وفقت في ربط النهي عن اتخاذ الأنداد لله، في حال علم الإنسان أن ما يمارسه هو اتخاذ شيء ما ندا لله. وإلا فحتى المسلمون، وأتباع سائر الأديان التي تشرع أحكاما تدعي أنها أحكام الله، فهي أي الأديان وأحكامها الدينية تتحول إلى الندية، لأنها تتبوأ مكان الله وتأمر وتنهى باسمه، من غير أن تكون كل أوامرها ونواهيها أوامر الله ونواهي الله. فهنا نشهد من يتخذون أندادا من دون الله، وهم لا يعلمون. ومن مصاديق الندية لله الفقه أو الأحكام الشرعية للدين، بل الدين عموما وكنتاج بشري يمثل مصداقا من مصاديق الندية، وبالتالي النبي، الخليفة، الصحابي، الإمام، الصديق، القديس، المرجع، إمام الجماعة، الزعيم السياسي الديني، كل هؤلاء يتحولون إلى أنداد من دون الله أو في مقابل الله، يتخذهم المتدينون بدائل لله من حيث لا يشعرون.
وَإِن كُنتُم في رَيبٍ مِّما نَزَّلنا عَلى عَبدِنا فَأتوا بِسورَةٍ مِّن مِّثلِهِ وَادعوا شُهَداءَكُم مِّن دونِ اللهِ إِن كُنتُم صادِقينَ (23)
هذا التحدي القرآني لا معنى له، فما علاقة الشك بأن ما أتى به مبلغ القرآن هو من الله، وبين أن يأتي الشاكّون بذلك بسورة من مثله. فإذا حاول البعض أن يأتوا بنص مماثل، ولكن بمضمون آخر، سيقال هذا تقليد واقتباس في الصياغة، ومخالفة للقرآن في المضمون، وإذا أتى المشكك بشيء مغاير نصا ومضمونا، سيقال هذا ليس مثل القرآن. فإننا عندما نمرّ على كثير من نصوص القرآن، نراها تحتاج حقيقة إلى تنقيح، وإعادة نظر في المضمون أو الصياغة، فهذا دليل على أنه نص نسبي، وليس مطلقا، ففيه السمين الدسم، وفيه الغث الضعيف، فيه المتألق، وفيه المنحدر، وهذا يضطر العقل المجرد إلى الحكم باستحالة صدوره عن الله. فمثلا يمكن اعتبار مقطوعة (التنزيهية) التي استهل بها هذا الكتاب، أرقى من الكثير مما جاء في القرآن، لا أقل مضمونا، وربما لو كانت قد صيغت بنفس المضامين من قبل أديب بليغ متميز في بلاغته، أو من شاعر متألق في شعره، لاجتمع الرقي المضموني مع التألق البلاغي. يكفي أن نقف عند الكثير من الآيات التي فيها معنى التعميم والإطلاق فيما لا تعميم ولا إطلاق فيه بإجماع العقلاء، إذا ما تجردوا وتعاملوا مع النص بموضوعية محضة، بعيدا عن كل تقديس. «إِنَّ الَّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لاَ يُؤمِنونَ، خَتَمَ الله عَلَى قُلوبِهِم وَعَلى سَمعِهِم وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ وَّلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ». فالإطلاق والتعميم والتأبيد بأن جميع الذين كفروا أي لم يؤمنوا بالإسلام لا فائدة من محاولة إقناعهم، وبأنهم لم ولن يؤمنوا، فهو من الأمور التي يرفضها كل عاقل. فليس كل الذين كفروا لا يمكن أن يقتنعوا في وقت لاحق، هذا حتى مع فرض أن الدعوة للإسلام دعوة حق إلهية. التعميم والإطلاق الثاني المرفوض عقلائيا هو إن هؤلاء كلهم لم يؤمنوا بسبب أنهم من النوع الذي ختم الله على قلوبهم وسمعهم. ثم التعميم والإطلاق الثالث المرفوض عقلائيا أن هؤلاء كلهم مستحقون للعذاب العظيم، دون التمييز بين من هو معذور لأي سبب، ومن هو معاند مكابر وشرير يستحق العذاب العظيم، ولكن بكل تأكيد ليس وفق صور العذاب في القرآن ولا بأمدها الأبدي. هذا النوع من التحدي كمن يأتي بشعر أو بفلسفة أو أي شيء، ومقتنع هو أنه أفضل ما جاء به أحد من قبل ومن بعد، ويتحدى بالإتيان بمثله.
وَإِن لَّم تَفعَلوا وَلَن تَفعَلوا فَاتَّقُوا النّارَ الَّتي وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ أُعِدَّت لِلكافِرينَ (24)
والنتيجة هنا أغرب من المقدمة. حتى على فرض أن دين محمد هو دين الله، فإن الله لا يعاقب من لم يقتنع بما لم يجد بالنسبة له دليلا مقنعا، وليس من قبيل المعاندة والمكابرة ومحاربة الحق والحقيقة، حتى لو كان ذلك بسبب قصور ذهني عنده يجعل اقتناعه بهذا الدين الجديد أمرا صعبا عليه.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص المُؤسِّس وتأويلاته في الاسلام
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة 26
- الإطار التنسيقي وسادوس مبادرته الفذة
- بين الأغلبية الصدرية والتوافقية الإطارية ورؤيتنا للتغيير
- المراحل الأربع لتصحيح الديمقراطية في العراق
- رسالة مفتوحة إلى أصدقائي الشيوعيين
- رأي في الانتخابات يجب أن يقال ويجب أن يسمع
- انتخابات 2021 ومعالجات دستور دولة المواطنة
- حل الحشد الشعبي مطلب وطني ذو أولوية
- انتفاضة الأهوازيين وعموم الشعب الإيراني
- تصحيح مسار الديمقراطية في العراق 2/2
- تصحيح مسار الديمقراطية في العراق 1/2
- وقفات عند لقاء المالكي الأخير على العراقية 2/2
- وقفات عند لقاء المالكي الأخير على العراقية 1/2
- مع جريدة المستقبل حول خلافة السيستاني 3/3
- مع جريدة المستقبل حول خلافة السيستاني 2/3
- مع جريدة المستقبل حول خلافة السيستاني 1/3
- كوكب الأرض مهدد بالفناء بالسلاح النووي
- العلمانية واللادينية مواطن الالتقاء والافتراق 3/3
- العلمانية واللادينية مواطن الالتقاء والافتراق 3/2


المزيد.....




- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - القرآن محاولة لقراءة مغايرة 27