أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوكرانيا والبطن الرخوة














المزيد.....

أوكرانيا والبطن الرخوة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7171 - 2022 / 2 / 23 - 21:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"أوكرانيا القوية والمستقرة ستكون ثقلاً موازياً حاسماً لروسيا" هذا ما كتبه بريجينسكي العام 1994، في الوقت الذي كانت روسيا تترنّح تحت حكم الفساد والمافيات ومراكز القوى وتعيش مرارة الهزيمة وتوابعها، والتي قادت إلى تفكّك الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى 16 كياناً.
وحين سؤل بريجينسكي كيف تكون أوكرانيا موازياً لروسيا، أجاب بالقول: إذا سيطرت روسيا على أوكرانيا فيمكن لها أن تعيد بناء إمبراطورتيها من جديد، وبالطبع ليس على أساس أيديولوجي، وإنما على أساس قومي.
لعلّ ذلك يشكل خلفية لفهم الأزمة الروسية – الأوكرانية الراهنة، فحتى بعد انتهاء الحرب الباردة كانت عين روسيا على أوكرانيا مدخلاً لها على أوروبا وهي ثاني دولة كبيرة ومهمة بعد روسيا في أوروبا، مثلما وضعت الاستراتيجية الأمريكية نظرية "البطن الرخوة" أو "الخاصرة الضعيفة" إزاء عدوها التقليدي الأول، وكانت منذ نظريات كيسنجر وبريجينسكي بشأن الصراع الأيديولوجي تفكر في إشعال صراعات في الدول المتاخمة لروسيا، قد لا تكون بالحدة التي تقود إلى حرب طاحنة، لكنها ليست بالخفوت الذي يُطفئ شعلتها لوقت طويل، بمعنى استمرار الصراع الممتد "المنخفض القوة"، وهو أمر جرّبته واشنطن في أفغانستان لاستدراج السوفييت، مثلما كان حاضراً في العراق وسوريا وليبيا وغيرها، حيث النزاعات الداخلية والمهم أن تبقى ألسنة النيران مشتعلة، لكنها لا تدمّر تماماً ولا تخبو تماماً.
وقد أدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، الأمر الذي اندفع بشكل سريع وحاسم إلى استعادة شبه جزيرة القرم في العام 2014 لأنه ظلّ حذراً من استخدام الولايات المتحدة بشكل خاص والغرب عموماً أوكرانيا لتهديد روسيا والحد من طموحاتها الجديدة، لاسيّما بتحالفها مع الصين وسعيها لاستعادة بعض علاقاتها في الشرق الأوسط، بدخولها الميدان السوري بقوة منذ العام 2015 وتحولها إلى رقم صعب في المعادلة التسووية للصراع، ناهيك عن دورها في الجمهوريات السوفيتية السابقة.
الجديد في الصراع المعلن والمستتر الأمريكي – الروسي أنه عابر للأيديولوجيات وهو شكل من أشكال الحرب الباردة بطبعتها الجديدة، ويمكننا أن نقرأ حيثياته : أن أوكرانيا تريد أن تصبح عضواً في حلف الناتو وروسيا تعتبر ذلك تهديداً لها، ولن تقبل بنصب صواريخ على حدودها كما حصل مع بولونيا وتشيكيا ودول البلطيق إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، وتطالب بضمانات أوكرانية وغربية مقابل تأكيدها بعدم نيتها في غزو أوكرانيا؛ والغرب يزوّد أوكرانيا بأسلحة متطوّرة ويطالب روسيا بالتعهد بعدم غزو أوكرانيا، خصوصاً في ظلّ وجود نحو 120 ألف جندي على الحدود فكيف يمكن تصور المشهد القادم وكل طرف يُلقي باللائمة على الآخر.
تقول واشنطن حتى وإن لم تكن أوكرانيا عضواً في حلف الناتو، لكنها معنية بحمايتها و ستفرض عقوبات قاسية على روسيا في حالة إقدامها على مغامرة غزوها، لكن مجرّد استمرار الأزمة يهدّد بخطر حرب لا حدود لها، وهو ما يذكّر بأزمة البحر الكاريبي العام 1962 عند نصب صواريخ سوفيتية في كوبا على بُعد 90 ميل عن ميامي في الولايات المتحدة، ولولا حكمة وعقلانية الرئيس الأمريكي كينيدي والزعيم السوفيتي خروتشوف لكان العالم على شفا حفرة، وهكذا انتهت الأزمة بسحب الصواريخ السوفيتية مقابل التعهّد بعدم غزو كوبا.
صحيح أن الاتحاد السوفيتي انهار ونزعت موسكو القناع الأيديولوجي عنها، لكن طموحاتها القومية ظلّت عالية السقف، خصوصاً وهي تمتلك ترسانة نووية هائلة ولديها إمكانات وموارد ضخمة، فضلاً عن طاقات وكفاءات بحيث تستطيع أن تكون لاعباً مهماً في الساحة الدولية لا يمكن تجاوزه، فما بالك حين تتحالف مع بكين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، دون نسيان دورها النفطي والغازي والغذائي.
لا تريد الكرامة الروسية أن تعترف بالهزيمة حتى وإن تفكّكت المنظومة الاشتراكية السابقة، ومن الخطأ أيضاً محاولة فرض شروط المنتصر عليها، وهذا ما حذّر منه بريجينسكي داعياً إلى عدم إذلال روسيا بعد انتهاء الحرب الباردة. وبقدر ما يتعلّق مصير أوكرانيا بروسيا فذلك نقمة الجغرافيا وسقم التاريخ، إلّا أن الأمر له وجه آخر تشتكي منه روسيا، حيث يحاول الناتو وواشنطن استغلاله ليكون وسيلة تهديد، فروسيا تعتبر تطوّر العلاقات العسكرية بين أوكرانيا والغرب ونشر أسلحة على الحدود بمثابة "خط أحمر"، ولذلك حاولت استباق الأمر لمنع انضمام كييف إلى الناتو، وفي حالة انضمامها سيكون الردّ قوياً وغير مسبوق، في حين تحاول واشنطن والحلفاء الغربيون، وخصوصاً بريطانيا عدم تمكين موسكو من استعادة قوتها بضم أوكرانيا أو السيطرة على قرارها بمبرّر "قانوني" أنها لها الحق في بسط سيادتها على كامل أراضيها، وهو الأمر الذي وقفت ضدّه واشنطن بخصوص هافانا وظلّت تعاقبها منذ نحو 6 عقود.
وكانت واشنطن ومعها الدول الغربية تعهّدت بعدم ضم أي عضو سابق في حلف وارشو أو من الجمهوريات السوفيتية إلى حلف الناتو، إلّا أن الأمر انقلب على أعقابه بمرور الزمن. وحتى تنجلي الصورة ويتغلّب العقل والحكمة على الاندفاع وردود الأفعال فالعالم ما يزال يحبس أنفاسه!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لإمام علي فلسفة الحق والعدل: مقاربة حداثية راهنة
- الرئيس عون يستقبل وفد جامعة اللّاعنف
- أحمد بن بلّة الطهرّية الثورية
- في الطريق إلى مؤتمر السلام
- زرياب: الموسيقى والإتيكيت
- فاطمة أحمد ابراهيم وشيوعية الوجدان
- الجزائر وفرنسا: الذاكرة المشتركة
- لؤي أبو التمن وتراجيديا العزلة الذهبية
- فتاة النابالم واللّاعنف
- تدوير الأزمة العراقية حكومة توافقية أم أغلبية سياسية؟
- رسالة من المطران منيب يونان إلى د. شعبان
- رافد -حلف الفضول-
- عن روح الإسلام
- مثلّث الإرهاب : التعصّب والتطرّف والعنف
- المسيحيون والمواطنة الفائضة
- حوار مع الأكاديمي والمفكر العربي د. عبد الحسين شعبان
- ديزموند وقوس القزح
- مولر وفلسفة اللّاعنف
- حوار جريدة الحقيقة مع المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان
- سمفونية الرماد


المزيد.....




- لماذا يضغط وزراء إسرائيليون متشددون على نتنياهو لرفض مقترح و ...
- وزير الخارجية السعودي أجرى اتصالين هاتفيين برئيس مجلس السياد ...
- إسرائيل تدعو حلفاءها إلى معارضة تهم محتملة من الجنائية الدول ...
- ترامب: -من الممتع مشاهدة- مداهمة اعتصام مناصر للفلسطينيين
- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوكرانيا والبطن الرخوة