أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حوار جريدة الحقيقة مع المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان















المزيد.....



حوار جريدة الحقيقة مع المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7120 - 2021 / 12 / 28 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أجراه علاء الماجد – سكرتير التحرير

 هل الإسلام السياسي والرأسمالية في تضاد أم أنهما مشروع متوافق؟

 يثير مصطلح "الإسلام" طائفة من التصورات والتقديرات المختلفة والمتناقضة في آن، فهو لا يدّل على شيء واحد "بسيط" كالتعاليم الإسلامية التي ظهرت قبل أكثر من 14 قرن، لاسيّما استخداماتها اليوم من جانب الحركات والقوى والحكومات "الإسلامية" تبعاً لتفسيراتها لهذه التعاليم وفقاً لمصالحها وأهدافها.
قراءتي لمبادئ الإسلام تصّب في الإتجاه الذي يدعو إلى مناهضة الإستغلال والظلم الاجتماعي والاستبداد، وتُعطي الأولوية لمصلحة المجتمع دون إهمال دور الفرد، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف " ثلاثة لا ملكية فيها النار والماء والكلأ (العشب)". وأعتقد أن الإسلام جاء لتخفيف الشقاء المادي الذي كان يعانيه الفقراء والمستضعفون، فضلاً عن تخفيف الشقاء المعنوي عن طريق الوعود باليوم الآخر. وكان وما يزال تتجاذبه صراعات إجتماعية، فالمستغلون يريدون توظيفه لمصالحهم، والمعدمون يسعون للإفادة من تعاليمه لصالحهم، علماً بأنها كانت استجابة لضرورات التطوّر التاريخي لعصره.
و شكّلت فكرة التوحيد تطوّراً كبيراً ومهمّاً ضدّ الفكر الوثني، وقادت إلى هدم رابطة العصبية القبلية التي تقوم على الدم "أنصر أخاك ظالماً أم مظلوماً"، وذلك باعتماد مبادئ المساواة"....إن أكرمكم عند الله أتقاكم". وكان تحريم الربا ووأد البنات وجعل الزواج عقداً رضائياً اختيارياً ومنع الاحتكار من التشريعات الأولى التي تضمّنها القرآن.
وحدّد الإمام جعفر الصادق في "تحف العقول" حدود الملكية الشخصية بقوله " المال أربعة آلاف، واثنتا عشر ألف درهم كنز. ولم يجتمع عشرون ألفاً من حلال. وصاحب الثلاثين ألف، هالك. وليس من شيعتنا من يملك مئة ألف درهم". ولعلّ ذلك برنامج إسلام الفقراء.
ولعلّنا نحتاج إلى مراجعة وتقييم لمواقف وسلوك من يطلقون على أنفسهم " إسلاميين"، حيث الهوّة شاسعة وعميقة والفوارق جليّة وواضحة، بين الفكر والواقع، وبين النظرية والممارسة كما يقال، وحصل هناك نوع من الانفصام بين سيرة وسيرورة الحركات والشخصيات "الإسلامية" و "الإسلاموية"، وبين قيم الإسلام ومفاهيمه بشأن العدل، ولاسيّما الاجتماعي والمساواة والحقوق.
وهكذا يمكن توظيف "الإسلام" مع قوى لها مصلحة مع الرأسمالية، مثلما يمكن الاستناد إلى تعاليمه لمناهضة الرأسمالية وضدّ العدوان والاحتلال والاستغلال، ومثله مثل جميع الأفكار مهما ادّعت من اعتبارات إنسانية يسارية أو قومية، يجري إخضاعها للسياسة ولخدمة مصالح الطبقات والفئات المستفيدة من ذلك، بقراءة وتفسير وتأويل ينسجم مع توجّهاتها.
فالقوى الإرهابية مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة (فتح الشام) وأخواتهم كلّها تزعم أنها تستند إلى الإسلام الصحيح، مثلما هناك قوى تحمل الراية الإسلامية وتتشبّث بالشكلانيات والطقوس والشعائر، لكنّها في الواقع تعمل بالضدّ من الإسلام وقيمه، خصوصاً حين تعلي من شأن الطائفية وتبثّ الفرقة بين المسلمين وتقود إلى الإحتراب والصراع وإثارة الحساسيات التاريخية التي تصبّ الزيت على النار لكي تشتعل الكراهية والبغضاء وتبقى متّقدة.

 هل يمكن اعتبار العراق في طريقه لأن يكون نموذجاً للمنطقة؟

 حسب التوصيف العلمي، العراق دولة فاشلة، وهناك مؤشرات للفشل الناجم عن عوامل عديدة وأسباب مختلفة، فبعض القوى ما دون الدولة تتغوّل على الدولة، بما يضعف هيبتها ويمنعها من بسط سلطتها (سيادتها)، حيث تمتلك العديد من القوى السلاح وتستخدمه على نحو منفلت، وقاد ذلك إلى عدم إمكانية تطبيق حكم القانون ، حيث تتصرّف قوى باسم مرجعيّات دينية أو طائفية أو إثنيّة أو عشائرية أو حزبية أو جهويّة أو مناطقية وكأن الدولة تابعة لها وليس العكس .
يضاف إلى ذلك استمرار هدر المال العام والفساد المالي والإداري، وما عزّز ذلك هو النظام الطائفي الإثني الذي أقيمت عليه الدولة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو الذي تجلّى بصيغة بول برايمر الحاكم المدني الأمريكي الذي كان المرجعية القانونية لمجلس الحكم الانتقالي، والتي أنتجت نظاماً يستند إلى الزبائنية السياسية المعتمدة على المغانم، وتكرّس هذا النظام دستورياً تحت عنوان "المكونات" التي جاءت في الدستور (مرّتان في المقدمة) وفي المواد 9 و 12 و 49 و 125 و 142 ، وليس ذلك سوى التقاسم الوظيفي الطائفي – الإثني. ولا أظنّ أن نظاماً من هذا النوع يصلح أن يكون نموذجاً.
ولعلّ مواصفات الدولة الناجحة هي "الشرعية السياسية" التي تقوم على رضا الناس وتحقيق المنجزات التنموية والخدماتية، لاسيّما في مجال الصحة والتعليم والعمل والبيئة والبنية التحتية تمهيداً "للرفاه الاجتماعي"، ولكي تكون الشرعية السياسية راسخة ومحكمة فلابدّ أن تتساوق مع "المشروعية القانونية" التي تقوم على "حكم القانون"، وكلاهما مفقودتان في العراق، أو في أضعف حلقاتها سياسياً وقانونياً.

 صمت العراق على تجاوزات إيران وتركيا، هل هو ضعف أم دبلوماسية مؤقّتة، خاصة في مجال قطع المياه وقصف القرى، والتوغّل في الأراضي العراقية؟

 العراق ما يزال مُستَلباً، وسيستمرّ كذلك ما لم تتحقّق وحدة وطنية حقيقية وإرادة سياسية موحّدة وخطط استراتيجية ودبلوماسية فاعلة بقدر تمسّكها بالحقوق تأخذ بنظر الاعتبار توازن المصالح والمنافع المتبادلة، إضافة إلى المرونة الضرورية، وهذه كلّها غائبة في العراق وليس هناك مؤشر على استعادتها أو تحقيقها في المدى المنظور.
ولعلّ موضوع سيادة العراق ووحدة أراضيه وتدخّل وتداخل القوى الخارجية ما يزال قائماً، سواءً من جانب دول الجوار، وخصوصاً إيران وتركيا، ناهيك عن الوجود الأمريكي الملتبس والمثير في العراق، والذي لا توجد مواقف عراقية موحّدة إزاءه.
وبسبب انشغالات العراق في حروب عبثية أيام النظام الشمولي السابق طيلة ربع قرن، وما صاحبها من إهمال للعديد من القضايا، فضلاً عن تنازلات أضرّت بمستقبل العراق وحاضره بالطبع، تراكمت مشكلة المياه، سواء في العلاقة مع إيران أو تركيا. فالأخيرة بدأت معها المشكلة منذ أوائل السبعينيات وشملت سوريا، لاسيّما حين شرعت تركيا ببناء سدود عملاقة وأهمها مشروع الكاب و 22 سدّاً، مما أثّر على منسوب مياه دجلة والفرات بالنسبة للعراق ومياه الفرات بالنسبة لسوريا.
وعلى الرغم من مفاوضات طويلة و مستمرّة ومتقطّعة، لم يتم التوصّل إلى حلول معقولة ولم يذهب الجانب العراقي إلى استخدام الأوراق الكثيرة التي بيده، بل إنه تنازل أكثر حين سمح لتركيا بالتوغّل داخل الأراضي العراقية لمسافة نحو 30 كيلومتراً بزعم ملاحقة القوى المعارضة، سواء حزب العمال الثوري الكردستاني PKK أو قوى المعارضة العراقية حينها (الكردية واليسارية) (1984)، وهو ما عمدت تركيا لاستثماره لتحقيق مآربها، وما تزال تركيا تحلم "باستعادة" ولاية الموصل وتزعم دفاعها عن تركمان العراق، ولهذه الأسباب تغلغلت داخل الأراضي العراقية ولها قاعدة عسكرية بالقرب من إربيل، وهي تتعامل مع العراق من موقع فوقي ولا تردّ على نداءاته المتكرّرة بشأن الانسحاب من الأراضي العراقية.
أما إيران فقد حصلت على ما أرادت بموجب إتفاقية 6 آذار / مارس 1975 والمعروفة باسم اتفاقية الجزائر الموقّعة بين شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين (حينها) والتي بموجبها تنازل العراق عن نصف شط العرب بموجب ما يسمّى بخط الثالويك، وهو أعمق نقطة في وسط مجرى النهر عند انخفاض منسوب المياه وحتى البحر، إضافة إلى التنازل عن نحو 1000 (ألف كيلومتر) في شمال العراق (منطقة ناوزنك – نوكان في كردستان).
ومن المفارقات أن صدام حسين الذي وقّع على الاتفاقية المذلة والمجحفة حينها، قام هو بنقضها في 17 أيلول / سبتمبر 1980 ، لتبدأ الحرب في 22 أيلول / سبتمبر، أي بعد خمسة أيام، واستمرّت ثمان سنوات بالكمال والتمام، حيث انتهت في 8/8/1988 ، ثم عاد بعد مغامرة غزو الكويت في 2 آب/ أغسطس/1990 إلى الإتفاقية ذاتها برسالته إلى رفسنجاني المؤرّخة 15 تشرين الأول / أكتوبر 1990 ، لينتهي الأمر إلى كارثة حقيقية ما يزال العراق يدفع ثمنها باهظاً، حيث استمر الحصار الدولي الجائر ما يزيد على 12 عاماً، ثم جرى احتلال العراق في العام 2003 ، وتدمير البنية التحتية وحلّ القوات المسلّحة العراقية، الجيش وحرس الحدود وشرطة النجدة وشرطة مكافحة الجريمة وغيرها. وانفتحت الأبواب على مصراعيها للإرهاب الدولي الذي عبث بمصير الدولة وعطّل التنمية وشجّع على تعميق التوجهات الطائفية للقوى المهيمنة والتي تولّت دست الحكم بعد الاحتلال.
ومن المفارقات الأخرى أن بعض المعارضين الذين تولوا إدارة شؤون البلاد بعد الإحتلال، وكانوا ضدّ اتفاقية 6 آذار / مارس لعام 1975 باعتبارها غير متكافئة ومذلّة، سكتوا عنها بعد مواقعهم الجديدة ومسؤولياتهم الرسمية، بل إن بعضهم أصبحوا من مناصريها، وذهب البعض إلى مطالبة الحكومة العراقية بدفع تعويضات إلى إيران عن الحرب العراقية – الإيرانية.
وإذا كانت مسؤولية شنّ الحرب تقع على عاتق الحكم السابق، فإن انسحاب العراق من الأراضي الإيرانية بعد معركة المحمرة (خرمشهر) 1982 إلى الحدود الدولية ودعوته للتفاوض إستجابة إلى النداءات الدولية، يضع جزء من مسؤولية استمرار الحرب على عاتق إيران، وخصوصاً في العام 1982 ولغاية العام 1988 .
أما مشكلة المياه فقد ازدادت تفاقماً بسبب تقادمها وعدم إيجاد حلول ومعالجات لها، مثلما تمادت إيران في مشاريعها بتحويل جزء من الأنهار إلى الداخل الإيراني بما ألحق ضرراً بالغاً بالعراق، وعرّض ملايين العراقيين إلى عطش حقيقي، فضلاً عن تعطّل مشاريع زراعية وإروائية عديدة، ولعلّ السبب الأساسي في ذلك هو غياب إرادة موحّدة والانشغال بالصراعات الجانبية بين القوى العراقية.
وللأسف الشديد فما يزال الأداء الحكومي باهتاً بخصوص التداخلات التركية والإيرانية، وتدلّ التجربة التاريخية أنه كلّما كان العراق ضعيفاً فإن جيرانه الأتراك والإيرانيين يتمدّدون على حسابه ويحوّلونه إلى ساحة صراع خدمة لمصالحهم، وعلى العكس كلّما يكون العراق قوياً، فإن مثل هذا التداخل ينحسر ويمكن حينها أن يلعب العراق دوراً إيجابياً كعامل استقرار وتوازن في المنطقة، وتلك حكمة التاريخ التي ينبغي الافادة منها.

 الديمقراطية البرلمانية أوشكت على السقوط في العراق، هل علّة سقوطها فيها أو في غيرها؟

 السبب الحقيقي للإطاحة بما سمّيَ بالديمقراطية البرلمانية هو النظام المحاصصاتي الطائفي – الإثني، ناهيك عن عدم تهيئة مستلزمات الإنتقال الديمقراطي التي تحتاج إلى عدد من العوامل الأساسية، أولها – دستور وقوانين موحدة تنطبق على الجميع، والقانون كما يقول مونتسكيو لا ينبغي أن يستثني أحداً، أنه مثل الموت الذي ينطبق على الحكام والمحكومين، وثانيها – وحدة الإرادة والعمل، لتحقيق الإنتقال الديمقراطي وتتصرف أغلبية القوى السياسية المتنفّذة بأنانية إزاء الآخرين وبعصبوية انحيازية منغلقة تحت عناوين طائفية وإثنية، وثالثها – إعلاء مرجعية الدولة لتكون فوق جميع المرجعيات، التي ينبغي أن تخضع إلى الدولة لا أن تكون فوقها، ورابعها – لابدّ من التدرّج، خصوصاً لنشر الثقافة الديمقراطية والتربية على الديمقراطية، فليس مجرّد الإطاحة بنظام دكتاتوري استبدادي يتم التحوّل أوتوماتيكياً وتلقائياً إلى الديمقراطية ونظامها، لأن الديمقراطية ليست مجرد إنتخابات و شكلانيات، بل هي منظومة متكاملة ومترابطة قائمة على فصل السلطات واستقلال القضاء والإقرار بالتنوع والتعدّدية واحترام الهويّات الفرعية والمجموعات الثقافية وتداول السلطة سلمياً، وكلّ هذه تكاد تكون مشوّهة في العراق، وليست سوى عناوين أو أطر دون صور حقيقية وعلاقات محدّدة وواضحة.
وأية ديمقراطية تنشأ خارج نطاق التطوّر التدرّجي المتراكم الطويل الأمد ستكون مثل "البطة العرجاء" ، فما بالك حين تنشأ في ظلّ احتلال ما يزال مؤثّراً في إطار اتفاقيات مجحفة، كما هي اتفاقية الاطار الاستراتيجي التي يختلف منها الموقف عراقياً، فجماعة الحشد الشعبي يريدون انسحاباً كاملاً وكليّاً للقوات الأمريكية من العراق، والكردية السياسية تعتبر وجود الولايات المتحدة ضمانة لعدم عودة الإرهاب كما هو ضمانة لحقوقهم في حالة التغوّل عليها من جانب بغداد، والسنيّة السياسية تفضّل العلاقة مع واشنطن باعتبارها معادلاً للنفوذ الإيراني وخشية من تمدّد الشيعية السياسية، والشيعة السياسية منقسمة بين الولايات المتحدة وإيران، اللذان يتقاسمان النفوذ في العراق. وهذه العوامل جميعها لا تسمح ببناء تجربة ديمقراطية برلمانية عراقية ناجحة.

 اقتصاد السوق المفتوحة أثرت الأثرياء وأفقرت الفقراء في العراق، لماذا؟ وما السبيل للخروج من هذا المأزق؟

 الشعارات الليبرالية التي بشّرت بها واشنطن ووعدت بأن يكون العراق واحة للديمقراطية، أثبتت خطلها وعدم صدقيتها، والعراق مثله مثل البلدان النامية يحتاج إلى دور الدولة، وخصوصاً في التنمية المستدامة، لاسيّما في التعليم والصحة وتوفير مستلزمات رعاية المواطنين وتوفير فرص عمل لهم والتخلّص من البطالة والأمية والتخلّف، إذ لا يمكن إنجاز هذه المهمات دون دور أساسي ومؤثّر للدولة، كما أن ترك الحبل على الغارب للمضاربات بزعم اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية دون ضوابط محدّدة سيؤدّي إلى المزيد من التفاوت الاجتماعي والفوارق الطبقية ويزيد من فقر الفقراء ومعاناتهم، ناهيك عن اضعاف الصناعات والمنتجات المحلية وسيؤدي السير في هذا الطريق إلى زيادة بؤس المجتمع الذي يحتاج إلى أن تدخل الدولة كمعادل في دعم سلع وبضائع أساسية واحتياجات إنسانية، ليس هناك قدرة للأفراد، ولاسيّما الفقراء منهم على أن يحصلوا عليها لوحدهم في ظلّ منافسة غير متكافئة واستغلال بشع وأساليب يستقوي بها الأغنياء على الكادحين وحقوقهم.
لقد ساهم القطاع العام بغضّ النظر عن نواقصه وثغراته وعيوبه في دعم العديد من السلع، وخصوصاً الضرورية وليست الكمالية وكان عوناً للفقراء للحصول على بضائع وسلع رخيصة لأنها مدعومة من الدولة، ومثل هذا الدور يظلّ مطلوباً في البلدان النامية وفي ظلّ اختلال نظام العلاقات الدولية والتفاوت الطبقي ونظام الاستغلال وعدم وجود ضمانات مستقبلية.

 حرب المياه اقتربت من حافّة انفجارها في المنطقة... هل تحوّلت المياه بديلاً عن وسائل الحروب التصعيدية لبلوغ أهداف سياسية؟

 قبل ثلاثة عقود كتبت في جريدة الحياة: مقالة عن دومنيو حرب المياه القادمة في الشرق الأوسط، وعدت وخصّصت فصلاً خاصاً في كتابي " عاصفة على بلاد الشمس" 1994 لهذا الموضوع الخطير، ولكن جعجعة حرب الخليج الثانية إثر مغامرة غزو الكويت العام 1990 غطّت عليها، خصوصاً التفاخر بالكيماوي المزدوج، فضلاً عن المشاريع الإمبريالية للهيمنة بعد انحلال الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينيات بانهيار جدار برلين في 9 تشرين الثاني / نوفمبر 1989، ثم تفكّك الاتحاد السوفيتي في أواخر العام 1991 . وقاد ذلك إلى تمكّن "إسرائيل" من قمع الإنتفاضة الفلسطينية الأولى تمهيداً لاتفاقية أوسلو 1993 بعد التحضير لها بلقاءات مدريد العام 1991
هكذا أصبحت الولايات المتحدة اللاعب الأساسي والمتحكّم في الساحة الدولية، وفي هذه المرحلة أصبح الماء مثل النفط سلعة مطلوبة ولا غنى عنها للتنمية والتقدّم بسبب شحّه واستقواء الجهات المتحكّمة به، وبالنسبة للعراق والعالم العربي أخذت الحاجة تزداد إلى المياه، بسبب التداخلات الإقليمية فإيران وتركيا أثّرت سياستهما المائية على شحّ المياه في العراق وسوريا، و"إسرائيل" تشفط المياه الجوفية من الأرض المحتلّة وتعمّد إلى سرقة مياه الليطاني، وأثيوبيا بمساعدة "إسرائيل" بنت سد النهضة أكبر مشروع في أفريقيا، حيث عرّضت حصص المياه في كل من السودان ومصر إلى أزمة حقيقية. نتذكًر ما قاله رئيس الوزراء التركي ديميرال: أن سعر ليتر الماء سيكون أغلى من سعر ليتر النفط، وإذا قيل قديماً في الحرب العالمية الأولى من يملك النفط يسيطر على العالم، فيصبح القول من يهيمن على مصادر المياه سيتحكّم بالمنطقة.
والسبب يعود إلى أن العرب لم يعالجوا المشكلات في حينها وتركوا الأمر حتى تراكم ووصلت النار إلى الأرجل كما يقال، وبالطبع فمثل هذه السياسة القصيرة النظر أضرّت بالمصالح العربية العليا للأمة، في حين كانت الدول الإقليمية مثل إيران وتركيا و"إسرائيل" وأثيوبيا تعمل ليل نهار لتبلغ أهدافها السياسية، حتى وإن كانت على حساب الآخرين.

 بعد موجة التغيير في أوروبا الشرقية التي أطاحت بالأنظمة الشمولية وتلتها بعض البلدان العربية، هل ينتظر الشرق سايكس – بيكو أخرى؟

 مرّت موجة التغيير بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا الغربية وشملت ثلاث بلدان تحولت من أنظمة دكتاتورية إلى أنظمة توجّهت نحو الديمقراطية، وهذه البلدان هي: اليونان بعد حكم العسكر والبرتغال بعد حكم الدكتاتور سالازار وإسبانيا بعد حكم الجنرال فرانكو(وفاته).
ثم جاءت الموجة الثانية لتشمل أوروبا الشرقية، حيث توّجت تجربة التواصل بدلاً من القطيعة في بولونيا وهنغاريا وبعدها في تشيكوسلوفاكيا التي كانت منزلة بين المنزلتين ثم سارت على خطى خطة التواصل، لكن خطّة القطيعة ساد في تجارب ألمانيا الديمقراطية التي انتهت بالالتحاق بألمانيا الغربية، ويوغوسلافيا التي تفكّكت إلى 6 كيانات، ورومانيا التي شهدت مجزرة دموية، والاتحاد السوفييتي الذي تفرّق إلى 15 كياناً، وفيما بعد التجربة البلغارية والتجربة الألبانية تحوّلت بهدوء نسبي.
وتبع ذلك تجارب أمريكا اللاتينية التي تحوّلت فيها العديد من البلدان إلى الديمقراطية بعد تجارب حكم شمولية، من أبرزها تشيلي ونيكاراغوا والسلفادور وغيرها. وكانت تجربة جنوب أفريقيا متميّزة بهذا الخصوص، فنلسون مانديلا الذي سُجن ﻟ 27 عاماً، خرج من السجن وهو يدعو للمصالحة والتسامح ، وحين انتخب رئيساً نظّم مشروعاً للعدالة الانتقالية، خارج دوائر الانتقام والثأر، حيث تمّ إلغاء نظام الأبرتايد (التمييز العنصري) الذي استمرّ ما يزيد عن قرنين من الزمن. وهو آخر نظام عنصري على وجه البسيطة باستثناء النظام العنصري في "إسرائيل".
أما تجارب البلدان العربية فلم تستكمل وتحوّلت إلى حروب أهلية ونزاعات مسلّحة بفعل عوامل عديدة داخلية وخارجية، ويراد بعد مرحلة التيئيس وخذلان المشاريع الكبرى والانكفاء على مشاريع مصغّرة وهويّات فرعيّة وتقسيم المقسّم كما يقال، لدرجة أن دعاة الوحدة العربية أصبحوا أكثر "قطرية" من القطريين أنفسهم بسبب تحطّم الآمال وتبدّد الأحلام، مثل مشاريع الإنتقال إلى الإشتراكية والمشروع القومي والمشروع الإسلامي، وأصبح الحفاظ على الدولة الوطنية مهمة مركزية بعد أن كانت مشوبة بالشبهة، والأمر يعود إلى ما يراد وما يضمر للبلدان العربية هو المزيد من التفتّت والتشظّي والإنشطار.
وكان مثل هذا الأمر قد أُعدّ له على نحو مبرمج وممنهج منذ السبعينيات من أطروحات كيسنجر الذي كان يدعو إلى إقامة إمارة وراء كلّ بئر نفط، إلى بريجينسكي الذي كان يدعو إلى تحويل المنطقة إلى "أقلّيات" لتكون فيها "إسرائيل" الأقلية المتميزة علمياً وتكنولوجياً والمدعومة من الغرب ، ثم مشروع برنارد لويس الذي نظّر إلى تقسيم العالم العربي إلى 41 كياناً على أساس ديني وطائفي ومذهبي وإثني وسلالي ومناطقي وهكذا، ثم جاءت تنظيرات فوكوياما حول "نهاية التاريخ" ثم "صدام الحضارات" لهنتنغتون، وصولاً إلى صفقة القرن بمقايضة البقاء بقبول مشروع سايكس – بيكو جديد، بحيث تتحوّل "إسرائيل" إلى القوة المتنفذة والمقبولة بالترتيبات المطلوبة، بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العام 2018 ، لكنني أعتقد على الرغم من التراجع والنكوص والتشاؤم إن إرادة الشعب العربي في بلدانه المختلفة تبقى حية، وإن مثل هذه المشاريع لم تحسب حساب القوى الكامنة في الأمة العربية، كما أن عوامل الإحباط والتشاؤم والإخفاق لا تدعو إلى اليأس، ففي قراءة التاريخ نرى أن النهوض والصعود والازدهار كان يعقب ذلك، وتلك مسألة أخرى تحتاج إلى مشروع نهضوي وقوى اجتماعية حاملة لهذا المشروع.

 يعّد موضوع العدالة الإنتقالية أحد القضايا الشائكة في موضوع تجارب الانتقال الديمقراطي ... هل تعتقدون وجوب تقديم جميع مرتكبي الجرائم إلى القضاء؟ فثمّة فوضى عارمة قد تصادف ذلك في الدول التي شهدت مثل هذه التحوّلات: مصر، العراق، اليمن، ليبيا، تونس مثلاً..؟ ما هو رأيكم؟

 العدالة الإنتقالية تقوم على خمسة أركان هي : كشف الحقيقة ، ما الذي حصل وكيف ولماذا؟ ثم المساءلة ؛ من المسؤول؟ ثم جبر الضرر على المستوى العام، بإطلاق أسماء الضحايا على ساحات عامة أو مكتبات أو مدارس أو مؤسسات ثقافية لإبقاء الذاكرة حيّة، ثم التعويض المادي والمعنوي للضحايا أو أسرهم، وبعد ذلك العمل على إصلاح الأنظمة القانونية والقضائية وأجهزة إنقاذ القانون وصولاً إلى المصالحة المجتمعية والسياسية، تحضيراً للإنتقال الديمقراطي. ومثل هذا الأمر حصل في جنوب أفريقيا وفي بعض دول أمريكا اللاتينية وفي البلدان الإشتراكية السابقة، وحتى اليوم يمكن الإشارة إلى خصوصية التجربة المغربية في عهد الوزير الأول (رئيس الوزراء) عبد الرحمن اليوسفي، وكذلك التجربة التونسية على الرغم ممّا شابها من تصدّع، أما التجارب العربية الأخرى، فهي لا ترتقي إلى ما نطلق عليه "العدالة الإنتقالية"، وبعضها كان تسويات محدودة والأخرى أقرب إلى العدالة الإنتقامية، وبعضها الآخر تركت جراحات جديدة ولم تستطع الوصول إلى المصالحات المنشودة.
شخصياً مع ميلي إلى عدم الإفلات من العقاب للذين ارتكبوا جرائم، لاسيّما جسيمة، لكن تجارب العدالة الانتقالية ينبغي أن تأخذ بنظر الاعتبار مصلحة المجتمع وتقدّمه ووحدته الوطنية وتماسكه، ناهيك عن تحقيق المصالحة، وذلك عبر قيم التسامح والنظر إلى المستقبل وليس العيش في الماضي. فقد تترك الإجراءات القاسية ردود فعل قاسية، وهكذا تستمرّ دورة العنف الذي لاينتج إلّا العنف. ورذيلتان لا تنتجان فضيلة وظلمان لا ينتجان عدلاً وحربان لا تصنعان سلاماً وقسوتان لا توصلان إلى الرحمة.

 بعد فقدان أغلبية الأحزاب السياسية في العالم العربي بريقها، خاصة بعد الربيع العربي... كيف تنظرون إلى مستقبل البلاد العربية بدون هذه الأحزاب؟

 الأحزاب العربية فقدت بريقها قبل الربيع العربي وفشلت في الموازنة بين أهدافها وغاياتها وبين ممارساتها وتطبيقاتها، وغالبيتها كانت أحزاباً أيديولوجية شمولية لا تقبل الآخر، بل أنها حتى في داخلها لم تتقبّل الرأي الآخر وهناك عشرات الأمثلة على القسوة التي اتُبعت بحق المختلفين أو المعارضين، ليس حين يكون الحزب في السلطة فحسب، بل حتى وهو خارجها وفي المعارضة، سواء كانت أحزاباً شيوعية أم قومية أم إسلامية. إنها أحزاب بصيغة ستالينية اعتمدت على كتاب "ما العمل" الذي ألّفه لينين في العام 1903 وأساسه ما سُمّي "المركزية الديمقراطية" بخضوع الهيئات الدنيا للعليا والأقلية للأغلبية والتنفيذ اللّاشرطي للقرارات تحت عنوان وحدة الإدارة والعمل والتنظيم. وهذه الصيغة لم تعد صالحة بتاتاً لعصر العولمة والطور الرابع للثورة الصناعية وتكنولوجيا الإعلام والمعلومات. ولابدّ من إعادة النظر ومراجعة الكثير من أطروحاتها التي عفى عليها الزمن ولم تعد صالحة أو بعضها بالأساس كان خاطئاً، على مستوى الفكر والتنظيم.
من جهة أخرى لا ديمقراطية بدون أحزاب، والأحزاب ركن أساسي من أركان الديمقراطية والتحوّل الديمقراطي، وينبغي أن تعمل وفق القانون وعلى أساس مدني وسلمي وأن تتخلى عن العنف واستخدام القوة، وذلك في إطار عقد اجتماعي جديد يقرّ بتداولية السلطة سلمياً بانتخابات دورية، مع اصلاح المجال القانوني وإعادة النظر بالدستور.

 لعبت المعارضة العراقية فترة حكم البعث وصدام حسين دوراً مهماً في تأليب الرأي العالمي ضدّه، فهل ستدفع الأوضاع المرتبكة منذ 18 عاماً إلى وجود معارضة تؤدّي نفس الدور في الخارج؟

 بغضّ النظر عن دور المعارضة العراقية السابقة وتضحياتها، لكن لولا الولايات المتحدة والقوى الدولية الحليفة معها لما تمكّنت من الإطاحة بالنظام السابق، ولعبت عوامل عديدة في ذلك منها ارتكاب النظام حماقة كبيرة بغزو الكويت، ثم البهلوانيات التي قام بها بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، فضلاً عن إقصائه حتى بعض أركان حكمه وتحوّل الحزب الحاكم إلى مجموعة متنفّذة من عشيرة إلى عائلة يتربّع على رأسها رئيس البلاد، الأمر الذي زاد من عزلته، ومع كلّ ذلك فلم تكن موازين القوى لصالح المعارضة لولا تعاون بعض أطرافها مع الأجهزة الخارجية.
أما المعارضة الحالية فحالها ليس أحسن حالاً من المعارضة السابقة فبعضها تعاون مع الجماعات الإرهابية، وبعضها الآخر يراهن على القوى الإقليمية لكي تسهم في تغيير الأوضاع لصالحها، ولو حصل ذلك، ولا أظنّه سيحصل، ستكون النتيجة ذاتها أي الخضوع للأجنبي المتحكّم بمصائر البلاد دولياً وإقليمياً.
وأعتقد أن حركة تشرين الاحتجاجية (2019) هي الحركة الأهم في التصدّي لنظام المحاصصة الطائفي الإثني، وهي حركة شعبية واسعة غير مؤدلجة وقدمت تضحيات جسيمة حاول البعض سرقتها والمتاجرة بدماء الضحايا لكي يوظّفه لصالحه. وأظن أن روح تشرين باقية طالما بقيت الأوضاع بهذا السوء من الفساد المالي والإداري وانتشار السلاح خارج الدولة والتلاعب بموارد البلاد وتفشّي البطالة وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية وغياب الضمانات الاجتماعية. ولعلّ هذه الحركة كانت تأكيداّ على أن النظام الحالي لا يحظى بالشرعية السياسية، وإن الحديث عن الانتخابات لا يمثّل حقيقة رضا الناس وقناعاتهم، ناهيك عن مشروعية حكمهم بسبب غياب سلطة القانون.

 يصف البعض ما يحصل في العراق من انهيار في التعليم ﺑ "نظرية نمو التخلّف" وغياب الفكر وحركة التنوير وتراجع الوعي والثقافة، كيف يمكن تصحيح هذا المسار؟

 لا يمكن لأمة أو شعب أن يتقدّم دون التعليم أو الاستثمار فيه، فهو الركن الأساسي الذي لا غنى عنه لأي تقدّم وتنمية، ولكن التعليم في بلادنا تدهور وانحدر إلى مستويات مريعة، حسبنا أن نستذكر فضيحة تزوير الشهادات لأعداد غفيرة من العراقيين في الجامعات اللبنانية، وهذا مقطع واحد من المشهد الكبير، يضاف إليه أن العديد من الجامعات الأهلية لا تحظى بالحدّ الأدنى من المعايير العلمية، وأن الكثير من الكفاءات تمّ إبعادها لحسابات سياسة ضيّقة تقف على المحاصصة والتقاسم الوظيفي. أقول هنا لابدّ لمفوضيّة النزاهة والقضاء العراقي أن يقول رأيه وأن يعاد تقييم الشهادات منذ العام 2003 وإلى اليوم وعلى نحو هادئ ودون صخب أو شحن سياسي، ولكن لمصلحة العلم والتعليم. المسألة بحاجة إلى حامل اجتماعي وغيابه أحد أسباب ذلك، خصوصاً بغياب برنامج عقلاني مدني متدرّج وطويل الأمد، يقوم على التنوير ويعتمد الإصلاح والتغير أساساً، ولا يحدث التغيير دون تراكم وتطوّر تدرّجي بما فيه إعادة ترسيخ منظومة القيم، خصوصاً بردّ الإعتبار للفكر ليواكب ما هو حاصل في العالم ويأخذ بنظر الاعتبار خصوصية الوضع العراقي والعربي، بما فيه تاريخه وطبيعة المجتمع العراقي وقواه المحرّكة وطبقاته وفئاته وأديانه وقومياته ولغاته وغير ذلك.

 عبد الحسين شعبان ومن خلال وجوده الفاعل في هيئات ومنظّمات دولية، كيف يقرأ مستقبل العراق؟

 الأزمة العراقية تكاد تكون مستعصية، بل وصلت إلى حالة انسداد أفق، وفي الدراسات المستقبلية ثمّة سيناريوهات عديدة ويمكن الحديث عن ثلاثة منها:
أولها – سيناريو التفتت، وهناك التفتت الواقعي حيث تتحوّل الدولة إلى كانتونات ودوقيات تحت عناوين "فيدراليات" لا يجمعها جامع مع النظام الفيدرالي المعروف وهو نظام متطوّر، وهذا السيناريو محتمل في الحالة العراقية.
أما التفتّت الآخر فهو التفتّت الرسمي وهو شكل للإنقسام أو الإنشطار وقد يتحقق بالقوة أو بعد احترابات ونزاعات مسلحة أو على نحو سلمي بالاتفاق بعد أن يصبح العيش المشترك مستحيلاً، وقد يحصل على اعتراف دولي وإقليمي.
مثلما هناك الانضمام أو الالحاق، إذ من المحتمل أن تسعى دول الجوار إلى ضمّ ما تبقّى من الدولة أو شطرها عند الانقسام باستخدام القوة أو تحت عناوين قومية أو مذهبية، وأعتقد أن الجارين إيران وتركيا جاهزين إذا ما سنحت اللحظة التاريخية، وخصوصاً دولياً، فأي تغيير جيوبوليتيكي يحتاج إلى ترتيبات دولية تضمن مصالح القوى الكبرى.
ثانيها – سيناريو الاستمرارية، أي بقاء الحال على ما هو عليه دون إحراز تقدّم يُذكر بسبب عوامل الكبح من جانب الجماعات المتضرّرة من التغيير، ولذلك تسعى هذه القوى للحفاظ على ما هو قائم. وما هو قائم إذا ما استمرّ على ما هو عليه فإنه يعني الانتقال إلى المرحلة الأولى، أي التفتّت التدرّجي أو الانتقال إلى السيناريو الثالث والمقصود بذلك التوحّد والتحسّن.
وثالثها – سيناريو التوحيد والتحسن، ويعتمد هذا على توفّر إرادة سياسية وقناعة من جانب القوى جميعها، بضرورة تحسين الحال بإعادة هيبة الدولة ونفوذها وتعزيز المواطنة بالتخلص من الطائفية وذيولها. وسيكون الأمر منوط الطبقة الوسطى ويقع على عاتقها العبء الأكبر، مثلما سيكون ذلك على عاتق المثقفين والأكاديميين والمجتمع المدني لقيام دولة مدنية عصرية بترسيخ قيم الحرية والمساواة والعدالة والشراكة والمشاركة.

 لديك علاقة وطيدة ومميّزة مع الراحل شمران الياسري "أبو كاطع" وألفت كتابا مهماً عنه، بل إنه أول كتاب يصدر عنه (1998 ) ، وقد أسّستم موقعاً أنت والزميل رئيس التحرير فالح حسون الدراجي بمبادة من نجل الراحل "إحسان شمران الياسري" ، لماذا لم يستمر هذا الموقع على الرغم من أهميته؟

 أبو كاطع في القلب وهو لم يأخذ حقه من الدراسة والنقد، وإنه مبدع كبير وإنسان راقي ومناضل متميّز، فهو صاحب رأي ووجهة نظر ومجتهد، سبق الكثير في آرائه وهو يستحق أن يتأسس منتدى ثقافي باسمه. وكنت وما أزال مع وجود موقع خاص باسمه، ومستعد أن أضم جهدي المتواضع، على الرغم من مشاغلي، إلى جهود الآخرين، ولكن عملاً من هذا النوع بحاجة إلى دعم ومؤسسة رسمية للقيام به، وهنا يمكن لوزارة الثقافة أن تمدّ يد العون بتأسيس متحف أو صالون ثقافي أو مؤسسة باسم أبو كاطع. وعلى الرغم من مرور 40 عاماً على رحيله، لكنه ما يزال موجوداً بيننا، فهو يعيش معنا وفي قلوبنا، نشاطره أحياناً أحزاننا وآلامنا، ونتطلّع معه إلى حياة أكثر عدلاً وسعادة وجمالاً.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية الرماد
- السياسة والفكر: أية علاقة؟
- فضيحة الشهادات المزورة في العراق
- العشائر والجذور الاجتماعية للسياسات العراقية المعاصرة
- خمسون سنة حوار ولا ساعة حرب
- السينما والذاكرة المشتركة
- هشام جعيط -الفتنة- المستمرة
- السيد محمد حسن الأمين: عمامة وعلمانية
- الإمارات : رؤية ما بعد الخمسين
- العروبة المؤنسنة
- الصين: الحضور الاستراتيجي
- عشر دقائق مع الحلاج
- صورة الأردن في العالم في 100 عام / الملك حسين الاستثناء في ا ...
- صورة الأردن
- ثقافة اللاّعنف
- الوهم الديمقراطي
- مناظرة السليمانية : واستذكارات الحوار العربي - الكردي
- السلطة ذكورية ولا كتابة حقيقية دون جرأة
- كورونا والسلام العالمي
- المناخ والنفط


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حوار جريدة الحقيقة مع المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان