عامر الدلوي
الحوار المتمدن-العدد: 7170 - 2022 / 2 / 22 - 01:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة لا بد منها :
تكمن علة معظم المشاكل الجيوسياسية القائمة بين الدول في نتائج الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945 ) و ما أفرزته تلك النتائج من واقع جديد يختلف كليا ً عن ذاك الذي ساد بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918 ) , إذ بدا بادئ ذي بدء بأنه صراع حول الأرض كمساحة ليتطور إلى صراع حول ما في باطن الأرض من خيرات سائلة و صلبة . و لكي نفهم بصورة مفصلة التداعيات التي خلفتها تلكما الحربين لا بد من الخوض في مفاصل التاريخ السياسي الحديث للإطلاع على مجريات الأحداث التي تخللت تلك الحقبة من القرن المنصرم .
مجريات الحدث :
خسرت ألمانيا الحرب الأولى و إضطرت لتقديم تنازلات كثيرة للحلفاء وفق إتفاقيات مذلة و مهينة لدورها التاريخي السابق وسط أوربا , لكن إنهيار بورصة نيويورك عام 1929 و إعلان معظم الشركات الأمريكية الكبرى لإفلاسها الذي أدى لأنتشار البطالة بشكل واسع في الولايات المتحدة فيما أصطلح عليه ( الكساد العظيم ) الذي أدى بدوره لأشتعال أزمة إقتصادية في جميع أنحاء العالم , هذا الإنهيار و الكساد العظيم قادا لفقدان أكثر من ستة ملايين ألماني لوظائفهم و أعمالهم بحلول منتصف عام 1932 , حيث ساهم ذلك لإرتفاع متسارع في دعم الحزب النازي الذي حصد قرابة 40 بالمائة من أصوات الناخبين ليصبح بذلك أكبر حزب في البرلمان الألماني ( الرايخ ) . لكنهم لم يحصلوا على تلك الأغلبية في إنتخابات تشرين الثاني من نفس العام بخسارتهم لأكثر من مليوني صوت لتصبح نسبتهم 33 بالمائة و يضطر هتلر للتحالف مع حزب المحافظين بعد أشهر من المفاوضات حيث قامت حكومة هيمن عليها المحافظين ويعين الرئيس الألماني بعدها هتلر مستشارا ً لألمانيا في 30 كانون الثاني 1933 .
سبقت هذا الصعود و تلته سلسلة من الأحداث , نذكر هنا بأهمها , اليابان تحتل منشوريا ( 1931 ) إيطاليا تحتل أثيوبيا و تضمها ( 1936 ) و في 25 ت2 1936 توقع ألمانيا و اليابان حلف مناهضة الكومنترن ( الشيوعية الدولية أو الأممية الثالثة ) و اليابان تغزو الصين ( 1937 ) ألمانيا تضم النمسا ( 1938 ) و في 1 أيلول 1939 غزت ألمانيا بولندا لتبدأ الحرب العالمية الثانية فعليا ً بذلك التاريخ .
النتائج :
بعد إبتلاع الجيوش النازية و حلفائها للعديد من دول أوروبا , يقرر هتلر و دول المحور غزو الإتحاد اسوفياتي بشكل مفاجئ و يحقق بذلك إنتصارات كبيرة توصله لمشارف موسكو ( بين 22 حزيران و حتى ت2 1941 ) لكن الهجوم المضاد للجيش الأحمر يدفع الجيش الألماني عن ضواحي العاصمة , لتبدأ معه سلسلة الإندحارات الألمانية أمام الجيش الأحمر ففي قوس كورسك تدمرت العديد من فرق الدبابات الأمانية أمام الهجوم المضاد ويحرر بعدها الجيش الأحمر مدينة كييف عاصمة أوكرانيا في 6 ت2 1943 و يستمر في تقدمه منتصرا ً على ما يواجهه من قوات النازي وصولا ً إلى تحرير برلين و رفع العلم الأحمر فوق مبنى الرايخستاغ الألماني و إستسلام ألمانيا للسوفييت في 9 آيار 1945.
و على الجانب الآخر مباشرة ً في أيار 1945 أحتلت قوات الحلفاء جزيرة ( أوكيناوا ) و هي واحدة من الجزر اليابانية الكبيرة ليعطي بعدها الرئيس الأمريكي هاري ترومان بإعطاء الضور الأخضر لإلقاء القنبلة الذرية على مدينة ( هيروشيما ) اليابانية في 6 آب 1945 في إستعراض للقوة و إنتقاما لما فعله اليابانيون بالإسطول الأميركي في ميناء ( بيرل هاربور ) و لإجبار اليابان على الإستسلام ليليها بأخرى على مدينة ( نكازاكي ) في 8 آب حيث خلفتا دمارا ً هائلا ً بالمنشآت العمرانية إضافة إلى مئات آلاف الضحايا من القتلى و من الذين لا زال أحفادهم لحد اليوم يحملون التشوهات الوراثية بفعل ذلك القصف . و في الثامن من آب نفسه قامت القوات السوفياتية بالهجوم على القوات اليابانية في منشوريا و إخراجهم منها ليتم إعلان إستسلام اليابان غير المشروط بعد أيام من ذلك ( 14 آب 1945 ) لتضع الحرب العالمية الثانية أوزارها بهذا الإعلان .
النيات السيئة لما بعد الحرب :
1- ونستون تشرشل : في تقرير لصحيفة " التلغراف " البريطانية نشرته و كشفت فيه تفصيلا ً لمخطط حرب كانت لندن و حلفائها الغربيين تعد العدة لها ضد الإتحاد السوفياتي بعد أيام قليلة من إستيلاء الجيش الأحمر على برلين مستندة ً بذلك إلى وثائق الملف رقم CAB 120 / 691 الموجود في الأرشيف الوطني البريطاني , يظهر فيه أن شرشل أمر طاقم التخطيط المشترك التابع له في وزارة الدفاع بوضع عملية أسماها " أمر لا يتصور " و هي عبارة عن هجوم بري و بحري و جوي واسع النطاق على الإتحاد السوفياتي . كان المهندس الإستراتيجي للهجوم العميد جيفري تومسن القائد السابق للمدفعية ذو الخبرة بمسرح العمليات في شرق أوربا , و قد حدد تومسن موعد 1 تموز 1945 لبدء الهجوم المفاجئ أي بعد قرابة 8 أسابيع من الهدنة مع ألمانيا . رغم أن تشرشل تراجع عن هذا المشروع بالنهاية لمخاوف من إندلاع الحرب العالمية الثالثة و إزديداد قوة الجيش الأحمر .
و مما تناهى لنا من مصادر خاصة أن شرشل في زيارة له لأمريكا في أعقاب النصر على ألمانيا بأشهر قليلة , دعي لإجراء لقاء مع أساتذة و طلبة أحدى الجامعات ألقى بكذبة كبيرة بهدف إخافة المتلقين لكلامه بأن الإتحاد السوفياتي يعد العدة لمهاجمة أميركا , و عند خروجه من اللقاء قال له روزفلت من أين جئت بهذه الكذبة ؟ أجابه يجب أن نخلق جوا ً من العداء للإتحاد السوفياتي و الخوف منه , هذه الكذبة إن صدقها 10 من الحاضرين فسينقلوها إلى مائة و المائة سينقلوها إلى ألف و هكذا ستنتشر كإشاعة . على الرغم من أنه كان يجامل السوفييت في نفس الوقت موضحا ً بأنهم تحملوا العبء الأكبر في مجريات الحرب العالمية الثانية .
2- تأسيس حلف شمال الأطلسي : تأسس حلف شمال الأطلسي عام 1949 أي عام النصر و إنتهاء الحرب العالمية الثانية بإستسلام ألمانيا كليا و إنتحار هتلر و هروب جنرالاته الكبار و وقوع العديد منهم بالأسر لتتم محاكمتهم في المحاكمة الشهيرة ( نورمبرغ ) و يعرف بالإنجليزية تحت مسمى ( ( North Atlantic Treaty Organization و إختصارا ً ( NATO ) و هو حلف عسكري دولي تشكل بناء ً معاهدة شمال الأطلسي الموقعة في واشنطن في 4 نيسان 1949 و ثلاثة من الدول الموقعة عليها أعضاء دائمين في مجلس الأمن و يمتلكون الأسلحة النووية و مقره و مقر قيادة عملياته في بروكسل / بلجيكا . منذ تأسيسه زاد عدد الدول الأعضاء من 12 دولة أصلية إلى 30 دولة عضو معظم هذه الزيادة من دول أوربا الشرقية . إن التمدد بإتجاه الشرق يشكل مبعث قلق لروسيا الإتحادية ( منذ 1991 و تفكك الإتحاد السوفياتي ) التي ترى فيه محاولة لخنقها إقتصاديا ً عبر التضييق على موانئها في البحر الأسود .
عدوانية الحلف : إن بقاء الحلف و توسيع أعضائه و رقعته الجغرافية يضمر نوايا سيئة خصوصا بعد إلغاء حلف وارشو من قبل العميل غورباتشوف و إنهيار الإتحاد السوفياتي ( 1991 ) و قد أظهرت أحداث سابقة عدوانية هذا الحلف و عمله ضد الشعوب التي لا ترغب بالسير في فلك الإمبريالية الأمريكية التي تطرح نفسها في محافل عديدة و كأنها قائدة للكوكب , إبتدأت عدوانية الحلف تتجلى للعيان منذ الحرب الكورية ( 1953 ) التي ساعدت على رفع أعداد الدول الأعضاء فيه . ( بعد سقوط جدار برلين في ألمانيا في عام 1989، شارك الحلف في تفكك يوغوسلافيا ، وأجرى أول تدخلاته العسكرية في البوسنة من 1992 إلى 1995 ثم في وقت لاحق يوغوسلافيا في عام 1999. ومن الناحية السياسية، سعت المنظمة إلى تحسين العلاقات مع بلدان حلف وارسو السابقة، التي انضم العديد منها إلى التحالف في عامي 1999 و2004. وقد تم الاستعانة بالحلف ، عن طريق المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسي ، التي تطلب من الدول الأعضاء أن تأتي لمساعدة أي دولة عضو تخضع لهجوم مسلح، للمرة الأولى والوحيدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي تم بعدها نشر القوات في أفغانستان تحت قيادة ايساف التابع للناتو في أفغانستان. وقد قام الحلف بشغل مجموعة من الأدوار الإضافية منذ ذلك الحين ، بما في ذلك إرسال مدربين إلى العراق والمساعدة في عمليات مكافحة القرصنة وفي عام 2011 قام حلف الناتو بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973. أمّا المادة 4 الأقل فعالية، التي تستشهد بالتشاور بين أعضاء حلف الناتو، فقد استند إليها خمس مرات : من قبل تركيا في عام 2003 على حرب العراق؛ مرتين في عام 2012 من قبل تركيا في الحرب الأهلية السورية ، بعد إسقاط طائرة استطلاع تركية من طراز F-4 التركي، وبعد إطلاق قذيفة هاون على تركيا من سوريا في عام 2014 من قبل بولندا، بعد التدخل الروسي في شبه جزيرة القرم، ومرة أخرى من قبل تركيا في عام 2015 بعد تهديد الدولة الإسلامية في العراق والشام بسلامتها الإقليمية ) . " الفقرة مقتبسة من ويكيبيديا " .
3- الأزمة الأوكرانية / الروسية الحالية :
كما ذكرت في المقدمة التاريخية إن واحد من الأسباب الرئيسية للحروب منذ بداية التاريخ هو التوسع وضم الأراضي ثم تبعه من حيث الأهمية نشر الفكر الديني ( إعتماد الفتوحات ) , وقد لعب حب التوسع و ضم الأراضي دورا ً مهما ً في ولادة القادة الديكتاتورين ( الأباطرة ) الذين كان كل واحد منهم يريد أن يفرض نفسه على الآخرين كقائد للعالم ( القياصرة الرومانين / هولاكو / جنكيز خان / تيمور لنك ) و من قبلهم ( أشور بانيبال / شلمنصر الأول و الثاني ) فيما أصطلح على تسميتها يومذاك بالإمبراطوريات . و أستمر الحال على ما هو عليه حتى زمن العصور الوسطى ( البيزنطية / العثمانية ) و أمتد حتى التاريخ الحديث ( الإمبراطورية الألمانية / الإمبراطورية الروسية / الإمبراطورية العثمانية ) و لقد شهدت الحرب العالمية الأولى كفاتحة للقرن العشرين نهاية و أفول نجم عصر الإمبراطوريات .
الإمبراطورية الروسية :
يعتبر بطرس الأول أو الأكبر (1672-1725) المؤسس الفعلي للإمبراطورية الروسية و التي أعلن عن قيامها بنفسه رسميا ً في أعقاب معاهدة نيستاد العام 1721 , و تعتبر هي الوريث الطبيعي لقيصرة مسكوفي , وقد حكم ، بمنطق الشخص الوحيد في روسيا ولعب دوراً رئيسياً في جلب بلاده إلى نظام الدول الأوروبية، فأصبحت روسيا أكبر دولة في العالم في عهده، بعد أن ابتدأت بدايةً متواضعة في القرن الرابع عشر كإمارة موسكو . كانت الإمبراطورية موزعة على أوراسيا من بحر البلطيق إلى المحيط الهادئ، وكانت قد أخذت بالتوسع منذ أوائل القرن السابع عشر، وبلغت أقصى حدودها في الفترة التي استوطن الروس فيها سيبيريا لأول مرة خلال منتصف القرن السابع عشر، وبعد استرداد مدينة كييف من بولندا، وإخماد فتنة قبائل سيبيريا. إلا أنه على الرغم من كل هذا التوسّع، فإن هذه الأراضي الشاسعة، لم يتجاوز عدد سكانها 14 مليون نسمة .
.تعد ثاني أكبر إمبراطورية متجاورة في تاريخ العالم من حيث الامتداد الجغرافي، ولم تتجاوزها إلا إمبراطورية المغول والثالثة عالمياً بعد إسقاط صفة التجاوز خلف الإمبراطورية البريطانية وإمبراطورية المغول. ففي سنة 1866، كانت الإمبراطورية تمتد من أوروبا الشرقية عبر آسيا، وصولاً إلى أمريكا الشمالية على مساحة 22.8 مليون كم مربع، لتشمل 15.3% من المساحة الإجمالية للكرة الأرضية.
في بداية القرن التاسع عشر، كانت روسيا أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، فقد امتدت حدودها من المحيط المتجمد الشمالي شمالاً إلى البحر الأسود جنوبًا، ومن بحر البلطيق غربًا إلى المحيط الهادئ شرقًا. كان 176.4 مليون من مواطني الإمبراطورية متناثرين في هذا المجال الواسع، وكانوا يُشكلون ثالث أكبر تجمع بشري في العالم في ذلك الوقت بعد الصين في عهد سلالة تشينغ والإمبراطورية البريطانية، إلا أن التفاوت في أوضاعهم الاقتصادية والعرقية والدينية كان بارزًا بشكل كبير. كانت الحكومة، وعلى رأسها الإمبراطور، واحدة من الملكيات المطلقة الأخيرة في أوروبا. عُدت روسيا واحدة من القوى العظمى الخمس في القارة الأوروبية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914 .
يتضح مما تقدم أن مجمل الأراضي الأوكرانية حتى عام 1871 ( عام إعلان الإمبراطورية الروسية ) كانت ضمن أراضي الإمبراطورية الروسية حتى العام 1918 ( بعد عام من ثورة أكتوبر 1917 ) عندما وقع البلاشفة بقيادة جوكوف معاهدة سلام مع دول المركز سميت معاهدة بريست – ليتوفسك ( صلح بريست ) بتاريخ 3 آذار 1918 حيث حصلت أوكرانيا على إستقلالها عن السيطرة الروسية من خلال هذه المعاهدة بعد شهرين من المفاوضات على الرغم من أن هذا الأمر لم يلق شعبية بين الروس .
و فيما يخص شبه جزيرة القرم , كان شبه الجزيرة هذا يقع تحت سيطرة اليونانيين والرومان لعدة قرون ، ولكن في عام 1443 اصبحت مركز دولة تتارية سيطر عليها لاحقا ً العثمانيون ثم سيطرت عليها الإمبراطورية الروسية و ضمتها إبان حكم كاترين في العام 1783 وأدى التنافس بين الدول الكبرى في اواسط القرن التاسع عشر الى اندلاع حرب القرم التي حاربت فيها بريطانيا وفرنسا - اللتان كانتا متخوفتين من الطموحات الروسية في بلاد البلقان - روسيا للاستحواذ على إرث الدولة العثمانية الآفلة. و ظلت جزءا ً من روسيا حتى العام 1954 عندما قام ( خروشوف ) بإهدائها إلى جمهورية أوكرانيا السوفيتية آنذاك " من أجل تعزيز الوحدة بين الروس و الأوكرانين " . ويشكل الروس أغلبية السكان في القرم، ولكن تسكن في المنطقة ايضا اقليات لابأس بها من الأوكرانيين والتتار وبإلقاء نظرة خاطفة على الوثائق الخاصة بالتركيبة الإجتماعية في شبه الجزيرة نجد أنه وفق أرقام إحصاء العام 1897 : الروس / 180,963 , الأوكران / 64,703 , تتار القرم / 194,294 و في العام 2001 أصبحت هذه الأرقام كما يلي : الروس / 1,180,441 , الأوكران / 492,227 , تتار القرم / 243,433 .
مصادر الطاقة في القرم : يحتوي شبه الجزيرة ثمانية حقول غاز كلها بحرية في مياه البحر الأسود و حقلي نفط أحدهما أرضي على الشاطئ و الآخر بحري في مياه البحر . من وجهة نظري المتواضعة إن هذا واحد من أهم الأسباب في إندلاع هذه الأزمة إذا ما أضفنا إليه محاولة الناتو التضييق على البحرية الروسية و خنق حركة الأسطول الروسي في مياه البحر الأسود , إذا ما علمنا بأن ميناء سيفاستبول يمثل الميناء الرئيس المتاح لحركة هذا الإسطول طيلة أيام السنة و ذلك لتعطل المينائين الآخرين ( فلاديفوستك / أرخانجيلسك ) و تباطؤ الحركة في ثانيهما طيلة فصل الشتاء ولقرابة 4 شهور بينما يكون خط سير الأسطول من الأول تحت رحمة المراقبة اليابانية لعدم وجود منفذ آخر سوى بحر اليابان .
الخلاصة :
تشهد العلاقة بين روسيا الإتحادية و أوكرانيا التي تعمل جاهدة و بسبب من المشاكل الإقتصادية على الإرتماء الكلي في أحضان الغرب عن طريق حلف العدوان الأطلسي ( الناتو ) و تعمل عسكريا ً على الإنضمام لهذا الحلف و سياسيا ً على الإنضمام للإتحاد الأوربي منذ سنوات ما بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي توترا ً شديدا ً بدأ يتصاعد قبل ثماني سنوات بإقدام روسيا الإتحادية على ضم شبه جزيرة القرم و في هذه السنين دقت طبول الحرب لأكثر من مرة ما بين البلدين من جهة و ما بين روسيا و بين الغرب ( الناتو ) الداعم لتوجهات الأوكران من جهة أخرى .
لنتناول أهم النقاط التي باتت تشكل صاعق التفجير ( من وجهة نظر أوكرانيا ) لأزمة قد تقود لحرب بين الدولتين و تؤدي إذا ما تدخل الناتو لحرب عالمية ثالثة :
1- إن معظم دول العالم لم تعترف بفعل تأثير الناتو بروسية القرم رغم أن العامل التاريخي يؤكد ذلك , و فرضت الولايات المتحدة و دول الإتحاد الأوربي عقوبات متعددة على روسيا بسبب من إحتلالها للقرم معتبرين ذلك إنتهاك سيادة و سلامة الأراضي الأوكرانية .
2- تحويل شبه جزيرة القرم إلى ترسانة عسكرية روسية و الذي سيهدد أمن أوكرانيا و دول الجوار الأوربي .
3- تصر أوكرانيا على أن الروس ليسوا وسطاء في عملية التفاوض مع إنفصاليوا إقليم الدونباس بل هم طرف في النزاع لأنهم يقدمون الدعم و المساعدات للإنفصاليين . و هي بطبيعة الحال ( أوكرانيا ) ترفض تقديم أي تنازلات لهم .
4- مخاوفها من نوايا روسيا التوسعية ( تشاركها بذلك أستونيا و لاتفيا و ليتوانيا ) مستندة ً بذلك لتوصيف الرئيس الروسي بوتين لإنهيار الإتحاد السوفياتي بأنه ( كارثة القرن العشرين ) .
أما وجهة نظر الروس فهي مغايرة لذلك إذ تتهم موسكو كييف بـ :
1- قطع شريان المياه العذبة عن القرم عبر غلق قناة الشمال التي تغطي حاجة السكان بنسبة 85 % و هو الأمر الذي أدى و يؤدي إلى أزمات عديدة .
2- ممارسة الإضطهاد ضد الرعايا الروس و الذي أتخذته روسيا ذريعة لدخول القرم و تقديم الدعم للإنفصاليين في إقليم الدونباس تحت نفس السبب .
3- محاولتها الحصول على طائرات ( بيرقدار ) المسيرة التركية الصنع لإستخدامها ضد إقليم الدونباس وقد حصلت فعلا على صواريخ "جافلين" الأميركية المضادة للدروع وطورت صواريخ "نيبتون" المضادة للسفن .
4- إصدارها قانون " الشعوب الأصلية " الذي لم يشمل المواطنين الروس و الذي أعتبرته موسكو قانون عنصري صادر عن سلطة فاشية .
5- سعيها للإنضمام لحلف الناتو عبر خطوات عملية مما يشكل تهديدا ً للأمن القومي الروسي .
و على الجانب الآخر تتجلى أهداف الولايات المتحدة و الناتو من تأجيج هذا الصراع و إهتمامها بملف الأزمة القائمة بين البلدين تحت مزاعم ( الحفاظ و دعم وحدة و سلامة الأراضي الأوكرانية ) و تقديم منح بقيمة مليارات الدولارات للحكومة القائمة في كييف لا يخلوا أبدا ً من أهداف شيطانية يمكن ترجمتها كما يلي :
1- الحيلولة دون أي تطور في العلاقات بين روسيا و العدو الرئيس لأميركا و المتمثل في المارد الإقتصادي الصيني عبر طعن روسيا في الخاصرة ( أوكرانيا ) .
2- عرقلة الإنفراج الحاصل في العلاقات الأوربية الروسية و عرقلة مشروع الإنبوب الناقل للغاز ( نورد ستريم ) و الذي سيتجاوز الأراضي الأوكرانية و ترى فيه خطر على حلفائها .
3- إستنزاف روسيا إقتصاديا ً عبر إشغالها بالحرب مع أوكرانيا .
إن هذا السعي الخبيث لخلق قتال بين أناس ينتمون إلى نفس العرق ( السلافي ) و عاشوا في ظل حكم الإتحاد السوفياتي كالإخوة و بيوتاتهم متلاصقة رغم الإختلافات الباقية ( الدينية و المذهبية ). و لفهم أكثر من القراء للموقف الروسي من هذا الصراع الذي تعمل أمريكا على تأجيجه و تصور للأوكران أنهم لقمة سائغة أمام جشع الدب الروسي و تصور لهم حياة الغرب بأنها الجنة في الأرض بينما أن الواقع يكذب البروباغاندة الأمريكية فشباب أميركا يعيش حالة الضياع بين الخمور و المخدرات و الجنس , أضع الرابطين أدناه للإطلاع على المواقف الصحيحة و التحليل العلمي الدقيق لمسببات الأزمة .
https://www.youtube.com/watch?v=Sz6uXqA9ALY
https://www.facebook.com/Trjmatcom/videos/317346077113147
و يبقى على الجانب الآخر أن أحزاب اليسار و الشيوعية العالمية لم تتضح مواقفها لحد الآن من هذه الأزمة , و يصطف بعضها تحت راية الدعاوي الزائفة بأنهم يقفون مع تطلعات الشعوب و إراداتها ( الحرة ) بينما تصور لهم الدعاية الغربية ( الناتوية ) أن بوتين يتطلع لبناء إمبراطورية تبتلع البلدان المجاورة فصار بعض أفراد هذا اليسار يطلق عليه لقب ( الدكتاتور) و ( هولاكو ) و يتعامى بقصد أو بغيره عن تأثيرات الماكنة الإعلامية الأمريكية .
#عامر_الدلوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
