أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - 14 شباط 1948















المزيد.....

14 شباط 1948


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 7161 - 2022 / 2 / 13 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بكلمات عميقة الدلالة و ثرية بمعانيها و كالفولاذ بصلابتها ودع الرفيق الخالد فهد رفاقه في سجن الكوت و هو ذاهب إلى سجن بغداد المركزي ليواجه حكم الأنذال من عبيد ولي نعمتهم بريطانيا قائلا ً :
( أيها الرفاق : قد لا نلتقي بعد، أنتم مسؤولون عن التنظيم وصيانة جوهركم الثوري )
و في تلك الليلة الخالدة في ضمير الشرفاء من أنصاره عندما سأل عن من يريد رؤيته كواحد من الأشياء المسموح بها قبل تنفيذ حكم محكمة المخزي النعساني كان طلبه رؤية رفاقه الخالدين زكي بسيم و حسين محمد الشبيبي و أخيه المعتقل معهم ( داود ) ليرسل معه رسالة شفوية لوالدته قائلا ً :
( إنك ستذهب إليها فبلغها وقل لها أن يوسف قد عذبك و أتعبك كثيرا ً , إلا أنه لم يكن ثمة طريق آخر سوى هذا الطريق , طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الإستعمار ) .
كان لإعتقال الرفيق فهد ليلة 18-1-1947 ورفيقه زكي بسيم صاحب الإسم الحركي (حازم) وعزيز عبد الهادي، في بيت إبراهيم ناجي شميل الواقع في محلة الصالحية في منطقة الكرخ في بغداد الذي كان قريبا ً من منزل وزير الداخلية و كان أيامها يعمل على تدارك الأوضاع التي تعرّضت لها الحركة الوطنية ودرءا ً للخلافات الحادة التي نشبت بين القوى الوطنية ونظرا ً للحاجة الماسة إلى توحيد كلمة و مواقف هذه القوى وفضح مخططات الحكم قد تطلبت منه و من حزبه الشيوعي نشاطا مكثفا ً أجبره في تلك الأوضاع على التخلي التشدد في تحركاته التي كانت واحدة من مستلزمات الصيانة في العمل السري للحزب , إذ تم إعتقاله و هو على موعد للإجتماع بالشخصية الوطنية سعد صالح زعيم حزب الأحرار .
كان لهذا الإعتقال صدا ً كبيرا ً سواء على الشارع العراقي أو العربي و الدولي , إذ إعتقد الحكم الملكي العميل بأنه حقق نصرا ً و خدمة ً جليلة ً لحكومة جلالة الملكة و إن الإمور ستستتب فورا ً بالخلاص من هم ٍ ثقيل سبب لهم الأرق الطويل منذ إنطلاق التظاهرات الجماهيرية المعارضة لتوقيع نوري السعيد معاهدة مع بريطانيا في ميناء بورتسموث سنة 1930 و أستمرت على مدى ثمانية عشر عاما ً حتى إسقاطها بوثبة كانون المجيدة 1948 , جرى نقل الرفيق فهد و رفاقه إلى مقر الإستخبارات العسكرية وسط بغداد وفشل كل محاولاتهم لنزع إعترافات بالتهم الباطلة المنسوبة لهم عمدت لنقلهم إلى سجن أبي غريب العسكري .
شكل هذا الإعتقال في ظاهره نكبة وطنية ليس على الحزب فقط و إنما على مجمل الحركة الوطنية , إلا أن الموقف البطولي للرفيق فهد و ملحمته الرائعة في الدفاع عن المبادئ و عن الشيوعيين العراقيين أثناء إنعقاد محكمة النعساني في أيار 1947 و التي أشرف عليها شخصيا ً السفير البريطاني حيث استطاع بدفاعه المتين عن الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي أن يجعل الخصم في موقع الاتهام , و يفضح النظام الملكي كخائن للشعب و الوطن مدافعا ً عن وطنيته و وطنية رفاقه :
( لقد كنت وطنيا ً قبل أن أكون شيوعيا ً , وعندما أصبحت شيوعيا ً صرت أحس بمسؤولية أكبر تجاه وطني و شعبي )
تلقفت الصحف مقتطفات من ملحمة الدفاع تلك و نشرتها ليباع سعر النسخة الواحدة من جريدة ( الرائد ) التي نشرت دفاعه بمبلغ ( 250 ) فلسا ً في وقت كان سعرها ( 10 ) فلوس فقط , و أضطرت حكومة صالح جبر إلى جعلها مغلقة لتصدر حكم الإعدام بحقه في 24 حزيران 47 , و بعد حملة الإحتجاجات العالمية إضطرت لتبديل الحكم إلى السجن المؤبد ليتم نقله إلى سجن الكوت الذي تحول إلى مدرسة ثورية بفعل وجودهم هناك .
بعد وثبة كانون المجيدة 1948 التي أسقطت معاهدة نوري السعيد ( بورتسموث ) المعروف بعدائه للشيوعية رئيسا للوزراء في 6 كانون الثاني 1949 ليعلن حالة الطوارئ والأحكام العرفية تحت ذريعة واهية و هي حماية مؤخرة الجيش في فلسطين و هو أول من خان الجيش العراقي هناك , لكنه كشف عن وجهه الحقيقي عندما أعلن في البرلمان :
أن هدف حكومته الرئيسي هو ( أن تصفّي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد) .
و لتنفيذ ذلك أعاد محاكمة فهد ورفاقه ، وحكمت عليهم المحكمة بالإعدام وتم تنفيذ حكم الإعدام بفهد قبل إعلانه في الرابعة و النصف من فجر يوم الرابع عشر من شباط وقد كان صوته مجلجلا ً في ممرات السجن مكررا ً لثلاث مرات كلماته الشهيرة : وداعا ً رفاقي وداعا ً . و في ساحة المتحف في جانب الكرخ حيث نصبت ( مرجوحة الأبطال ) كما أسماها أحد الشعراء الشعبيين قائلا ً :
( السجن إلي مرجلة .. و القيد إلى خلخال
و المشنقة يا فهد .. مرجوحة الأبطال )
كانت صرخته :
( الشيوعية أقوى من الموت و أعلى من أعواد المشانق , الشيوعية هي الحياة فكيف لها أن تموت )
قد أرعبت كل أبناء آوى المكلفين بالتنفيذ و على رأسهم السفير البريطاني الذي أشرف بنفسه على المحاكمة و علق على صدور الحكم يومها قائلا ً :
( سوف لن تقوم قائمة للشيوعيين في العراق لعشر سنوات قادمة ) .
و مثله فإن كل أعداء الشيوعية في العراق قد توهموا سابقا ً عندما وجهت السلطة ضربة قوية قبل عودته من الإتحاد السوفياتي في 30 كانون الثاني 1938 ، بعد غياب ثلاث سنوات بين الدراسة في موسكو ومن جولته في بعض المدن الأوربية ، نجم عنها اعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره، وانسحاب البعض من الحزب وظن مناهضو الشيوعية, أنه تم القضاء على الشيوعية في العراق، وأن الحزب الشيوعي لن تقوم له قائمة في العراق . لكن نهوض الحزب بعد عام واحد فقط من عودة فهد إلى العراق كان الرد الصاعق على هؤلاء و على من تصور ذلك التصور المريض .
إن أعداء الشيوعية في العراق من رجالات النظام الملكي البائد من أمثال نوري السعيد و بهجت العطية و جمال بابان و النعساني و رهطه قد ولوا محملين بالعار و الشنار , خونة و مرتشين إذ يذكر كامل الجادرجي في مذكراته :
( كان في حينه قد أخبرني صبيح ممتاز عندما كان يشغل مدير العدلية العامة بأن جمال بابان " وزير العدلية " استدعى ثلاثة حكام ممن حكموا فهد وجماعته بالإعدام ووزع عليهم مبلغ (800) دينار من المخصصات السرية كتشجيع. وقال صبيح في حينه أنه نفسه الذي وزّع المبلغ المذكور بحضور جمال بابان وأضاف صبيح قائلا : أن جمال تدخل تدخلا فعليا في محكمة التمييز لحمل المحكمة على تصديق الحكم) .
في حين أن فهد و رفاقه الأبطال قد أعادت ثورة الرابع عشر من تموز 1958 إعتبارهم ففي 24/2/1959 أصدرت حكومة الثورة قراراً باعتبار الأعمال التي حوكموا بسببها هي من أعمال الكفاح الوطني التي تستحق التقدير واعتبارهم " شهداء الشعب ".
يذكر الدكتور وليد عبد الخالق في مقال له نشر في جريدة ( المؤتمر ) يوم 14 أيلول 2001 :
( لقد كان إعدام فهد ورفاقه عملاً ظالماً خارجاً عن القانون العراقي الذي كان ساري المفعول آنذاك جملة وتفصيلا , فتهمة الإتصال بالأجنبي التي وجّهت إلى فهد ورفاقه كان يمكن أن توجّه إلى كافة أعضاء النظام الملكي آنذاك وكذلك تهمة التحريض على قلب الحكومة كان يمكن أن توجه إلى كافة سياسي النظام الملكي، حيث كان يحوك كل منهم الدسائس والمؤامرات للآخر أما تهمة التظاهر وأعمال الشغب والاضطرابات والتمردات فكان يمكن أن توجّه إلى أعضاء حزب الاستقلال وبقيّة أحزاب المعارضة وكافة شيوخ العشائر ) .
لقد كانت حكومة نوري السعيد واهمة بأنها عندما قامت بإعدام سكرتير الحزب وعضوي مكتبه السياسي ، واعتقال كوادره ، ومصادرة أجهزته الطباعية ، وانهيار من كان يتولى المسؤولية الأولى الميدانية في الحزب وتحوله إلى دليل للشرطة الجنائية ، واهمة ً بأنها قد وجهت بذلك ضربة شديدة وقاسية للحزب وتنظيماته ، وإن الحزب سوف لن تقوم له قائمة، وأن الشيوعية قد ماتت، لكن عودة الحزب لنشاطه بعد أقل من سنة كانت الضربة التي سلبت لب السعيد و باقي زبانية النظام الملكي .
بينما كان النظام الملكي العميل و زبانيته غارقا ً في حب الرأسمالية العالمية و ربيبتهم الصهيونية تأسست عصبة مكافحة الصهيونية في عام 1945 التي قدمت طلبها للإجازة في 12 أيلول من نفس العام بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها الحزب بقيادة فهد والتي تميّزت بدور هام في النشاط السياسي العراقي آنذاك وإصدرت جريدتها "العصبة " وكتب فهد معظم افتتاحيات الجريدة .
قاد فهد مباشرة أول معركة لجماهير الشعب في بغداد حيث اندلعت في 28 حزيران 1946 مظاهرة صاخبة، شارك فيها حوالي " 3000 متظاهر " دشّن من خلالها المناضلون الأوائل خوض المعارك الجسورة دفاعا عن الحريات الديمقراطية في العراق واحتجاجا على الأعمال الإجرامية في فلسطين وتأييد شعب مصر من أجل الجلاء . وتصدّت لها شرطة العهد الملكي بالهراوات والسلاح واستشهد فيها خمسة متظاهرين كان أحدهم عضوا في الحزب هو الشهيد شاؤول طويق .
اليوم و مع الأسف الشديد ينبري من يتصورون أنفسهم رجالا ً من أشباه المثقفين و سليلي الخيانة و العمالة و في كتابات عديدة محاولين تشويه ذلك التاريخ الحافل بالأمجاد و التضحيات للحزب الشيوعي العراقي و قادته الخالدين فهد و رفاقه و سلام عادل و رفاقه متعكزين على تغافل قيادات ما بعد سلام عادل للحزب و إنشغالهم عن العمل على إقرار حقوق القادة الشهداء التاريخية عبر توثيق ملاحمهم البطولية و التي صار معظمها مندثرا ً بفعل رحيل الرعيل الأول من الذين عايشوهم و رافقوهم في تلك المسيرة . و في الجانب الآخر نجد بعض المنصفين من المؤرخين الذين أستندوا إلى وثائق التحقيقات الجنائية في سرد تفاصيل تلك الملاحم البطولية كما في ثلاثية " حنا بطاطو " و جزئها الثاني المكرس للعراق .
المجد و الخلود للرفيق الخالد فهد و رفيقيه حازم و صارم .



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوضاعنا المزرية ما بعد تشرين 2019
- الحق يقال
- الموقف من موضوعة الإنتخابات المبكرة
- جريمة يوم أمس لن تمر دون عقاب
- ثورة تموز بين معايش و متجني - 2
- ثورة تموز بين معايش و متجني
- الحمار المُذهَب
- - طروادة - إبراهيم البهرزي
- عماد الجراح
- السيدة زارو الخياطة
- الأرمن العراقيون كما عرفتهم
- - عروس الثورات -
- لروح الشهيد الخالد - عماد الدين سليم الجراح -
- يوم إغتيال الحلم
- هل سيستجيب لكم
- العيد العالمي للطبقة العاملة
- 11 عاما ً من الإنتصار لحقوق المرأة العراقية
- يوم المرأة العالمي ... نضال لا يستكين
- نصرة قضايا المرأة ما بين الأمس و اليوم - الزهاوي مثالا ً
- - سراب بري - رواية من نمط الواقعية الإشتراكية


المزيد.....




- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...
- طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
- مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو ...
- احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - 14 شباط 1948