أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - ثورة تموز بين معايش و متجني















المزيد.....

ثورة تموز بين معايش و متجني


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 6618 - 2020 / 7 / 14 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة :
تمر الأيام في بلادي المنكوبة بحكم الحثالات من أحزاب الإسلام السياسي و القومية الفاشية هذا الخليط العجيب الغريب الذي ألتقطته أمريكا من حاويات قمامة العالم لتسوقه على أساس أنه " معارضة وطنية " لنظام البعث الفاشي . لم تطرق أسمائهم آذاننا و لم نعرف عنهم شيئا ً قبل غزوها لبلادنا عام 2003 , اللهم إلا المرحوم " أحمد الجلبي " الذي عبرت شهرته الآفاق أثناء غزوته المباركة لبنك " بترا " الأردني " , و بعض قادة حركة التمرد القومية الكردية .
لعب هؤلاء مجتمعين سواء بقصد أو بدونه دورا ً كبيرا ً في تدمير البنى التحتية للبلد و تدمير الإرث الثقافي التراكمي في ذهنية المواطن العراقي البسيط لا بل حتى في أوساط قطاع واسع من المثقفين و أنصافهم وأشباههم , حتى بتنا نسمع نغمات نشاز من هذه الفئة سرعان ما تنفخ أوداجها مؤيدة لدعوة من متخلف أرعن لم يخرج من شرنقة التاريخ الذي يتقوقع فيها منذ 1400 عام و التي يحرم فيها الإستماع للموسيقى أحد فروع أو يطالب بغلق محلات بيع الخمور و المطاعم و المنتديات التي تقدمها ضمن فعالياتها.
و ضاعت أجيال كثيرة و خصوصا ً تلك المولودة بعد المتغيرات الحاسمة في التاريخ الحديث , و أعني بذلك حروب الخليج الثلاثة و أنهيار المعسكر الإشتراكي بفعل خيانة السكير يليتسن و القذر جورباتشوف و إنتشار أدوات العولمة ( منصات التواصل الإجتماعي ) و سهولة الولوج إليها و تلقف ما ينشر فيها و الذي بتقديري المتواضع هو تحريف للوقائع و التاريخ الذي سبق هذه المتغيرات , و الذي أصبحت ثورة 14 تموز في العراق جزءا ً مستهدفا ً بكثرة فيه لأهميتها التاريخية في المنطقة و العالم .
الثورة الأسباب و النتائج :
نشأت في مدينة صغيرة كانت أيامها بمستوى ناحية , أتحدث عن سنوات 55 – 1958 , شارعها الرئيسي ترابي كنا نلعب وسطه و نحن صغار و نصنع المقالب العفوية للفلاحين الواردين من القرى المحيطة بها ليسوقوا محاصيلهم الزراعية , بلط هذا الشارع بطريقة الرش اليدوي للقير فوق القاعدة الأساسية لشارع المتكونة من الحصى و الرمال المضغوط بحادلات مستورد و تعبانه , كان هذا في عام العدوان الثلاثي على مصر 1956 .
يخترق بيوتاتها نهر صغير ليذهب جنوبا ً ليروي عبر نظام " الكرخ " الحقول الزراعية الممتدة على جانبيه في تلك القرى يسمى " الشاخة " , مدينتي التي كتب لها أن تكون مهدا ً لأنطلاق الثورة أمها " شهربان " سابقا ً و لاحقا ً " المقدادية . يتوزع سكانها بين شريحة ثرية ثراء فاحش تمتلك البساتين و العقارات من بيوت و محلات داخل السوق , وشريحة متوسطة الدخل تمتلك بيتا ً للسكن و عملا ً يقيم أود يومها ( عامل / بناء / خياط / صاحب دكانة ) و شريحة ثالثة لاتمتلك بيتا ً و تسكن بالإيجار و لا تمتلك عملا ً دائما ً يدر عليها ما يجعلها تواصل العيش .
كان هناك نظام خاص لا أعرف من أرسى قواعده , التسوق في الصباح الباكر من إختصاص الشريحة الثرية و في وسط النهار حيث تنخفض أسعار الفواكه و الخضار يكون من حصة الشريحة المتوسطة , وبعد ذاك كنت ترى أولاد الشريحة الثالثة يسحبون في مياه النهر لمسافة قريبة من موقع السوق و هم يحملون بأيديهم وسيلة التصفية المسماة " غربال " و محليا ً " غربيل " بإنتظار ما سيلقيه الباعة في ماء النهر من الفواكه و الخضار التي لايمكنهم خزنها لليوم التالي لعدم توفر وسائل الخزن الحديثة آنذاك و لكونها إذا باتت في محلاتهم سوف لن تشترى من قبل المتسوقين .
تزويد المدينة بالكهرباء من نمط 110 فولت و الماء من مشروع موحد , يبعد عن مركز المدينة شمالا ً قرابة 2 كم , لم تكن كل البيوت و خصوصا ً بيوت الشريحة الثالثة لا تمتلك القدرة على الإشتراك في التجهيز , وكانوا يستعينون بالمشكاة , و هذه تتكون من بطل زجاجي مملوء بالنفط و بداخله فتيل ٌ قطني يمرر محل النواة في حبة تمر توضع على فوهة البطل , يشعل الفتيل ليضيء ليلا ً .
على ضوء هذه المشكاة كان المرحوم ( هاشم ) إبن محلتي و أعز شبابها يواظب على القراءة ليكون الأول على لواء ديالى في الإمتحانات العامة ويدخل كلية الآداب ليجتاز ثلاث مراحل و هو الأول على الكلية و ليموت قبل المرحلة الرابعة نتيجة تليف الرئة بسبب من التدرن الذي أصابه جراء التنشق المستمر للنيلج و الغازات السامة المنبعثة من إحتراق الكيروسين .
هذا غيض من فيض الأحوال البائسة التي كانت تعيشها المدينة أما عن القرى فحدث و لا حرج , كل الطرق المؤدية لها ترابية , القرى القريبة كانت وسيلتها للوصول إلى المدينة الحمير و الخيل و البعيدة منها باص خشبي متآكل .. و كانت عدوهم الأمطار .. تتقطع الطرق فيضطر القادمون للمبيت أياما ً عند المعارف في المدينة و في الجوامع لعدم وجود فنادق فيها تلك الأيام .
الآن أتحدث لكم عن قصتي مع الثورة و مع الشاخة :
الشاخة كما أسلفت واحدة من فروع نهر ديالى التي تتفرع عنه من منطقة واحدة تسمى " صدور ديالى " كانت تتميز بوجود سد غاطس لحد العام 1966 عندما بوشر ببناء السد الجديد فوقه , و لأن الحكم الملكي ( قد جاد بنعمه علينا ) كان في واد و الوطن و الشعب في واد , حيث مليكنا ( المفدى ) الشاب في لهو و سفرات سياحية و خاله ( المبجل ) يدير أمور البلاد متابعا ً غزواته النسائية بمساعدة قواويد يشار لهم بالبنان من أساتذة ولم يقم عبر 37 عاما ً من عمره ببناء خزان واحد لمياه الفيضان .. فقد كان نهر ديالى غني بكرمه الذي يغطي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية مسببا ً تلفا ً للمحاصيل الزراعية و تهديدا للمدن على جانبيه بالغرق ولا سيما بغدادنا الحبيبة في العام 1954 , و كانت كميات الغرين التي يجلبها من الكثرة بحيث أنها كانت تتسبب في غلق مجاري الأنهار و تقليل منسوب المياه فيها و منها شاختنا العزيزة .
و حيث أنه في ذلك العهد ( الزاهر ) لم تتوفر المكائن الثقيلة الحالية المستخدمة في كري الأنهار , يصير لزاما ً على كل إقطاعي إرسال مجموعة من فلاحيه ليتجمعوا كرتل يذهب إلى منطقة الصدور بعد غلق بوابات الصدر ليباشروا من هناك بكري الطمى من قاع النهر و رميه على جانبيه بواسطة عدة عملهم ( الكرك و المسحاة ) .
عندما شاهدتهم لأول مرة في العام 1957 و هم يدخلون المدينة من شمالها , إنطبعت في ذهني صورة لم تفارقه حتى الساعة , كأنها منفاخ حدادة هائل يقذف نارا ً من الغضب في صدري الغض ضد كل مسميات الشيخ و السركال و السيد و الباشا و الأغا , كانت الملاابس ممزقه و قذرة , في أحزمتهم كيس من القماش يحتوي التبغ و ورق الف ( البافرة ) و لا شيء غيره , كانوا يستعطون الغذاء و الماء من بيوت القرى و المدينة , وجوههم كالحة , لحاهم بيضاء و سوداء لم تشهد مقص الحلاقة منذ فترة , وضعهم المزري هذا دفع بالأطفال للغناء لهم إستهزاء ً :
" حشارة الله أيساعدكم .... خبز شعير ما عدكم " .
و الحشارة هنا تعني " كرائي النهر – مفردها حشار من حشر " , و ضعهم المزري هذا في ظل عمل متواصل طيلة أسابيع قد تمتد إلى شهر و يزيد و هم غياب عن بيوتهم و عوائلهم و حضور الشيخ و سراكيله القساة متواصل هناك ينتهكون الأرض و العرض قبل ظهور منتهكي عصرنا بسبعين عاما ً .
مثل هذه المشاهدات دفعتني و أنا غض غرير لكره النظام القائم بكل مفاصله , و مخرجاته و نواتجه التي شاهدتها بعد إنتقالي للعيش في بغداد بين عامي 58 و 1961 , مئات الصرائف المصنوعة من القصب على ضفاف " شطيط " , و " شطيط " لمن لا يعرفه من رضاعة القواطي و دجاليهم كبار السن من عبيد النظام الملكي , كان أخدود يخترق العاصمة من منطقة الأعظمية و حتى بغداد الجديدة تجري و تصب فيه المياه الثقيلة للمناطق التي تقع على جانبيه و الذي أنشأ في أرضه بعد دفنها سريع محمد القاسم .
يتبع غدا ً



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمار المُذهَب
- - طروادة - إبراهيم البهرزي
- عماد الجراح
- السيدة زارو الخياطة
- الأرمن العراقيون كما عرفتهم
- - عروس الثورات -
- لروح الشهيد الخالد - عماد الدين سليم الجراح -
- يوم إغتيال الحلم
- هل سيستجيب لكم
- العيد العالمي للطبقة العاملة
- 11 عاما ً من الإنتصار لحقوق المرأة العراقية
- يوم المرأة العالمي ... نضال لا يستكين
- نصرة قضايا المرأة ما بين الأمس و اليوم - الزهاوي مثالا ً
- - سراب بري - رواية من نمط الواقعية الإشتراكية
- الخامس و العشرين من شباط 2011 الذكريات و الدروس و العبر
- بيان تجمع - كفى -
- في ذكرى ليلة المجد
- عندما تعمي الطائفية المقيتة البصر والإبصار
- في الذكرى السادسة والستين لإعدام قادة حزبنا الأبطال يتجدد ال ...
- الذكرى الثانية والخمسين لإغتيال وطن


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - ثورة تموز بين معايش و متجني