أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا أنا لستُ غنيًا؟2/ 2














المزيد.....

لماذا أنا لستُ غنيًا؟2/ 2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 19:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فالحياة، وإن سادها ضنك العيش، فأنها يجب أن تُعاش، بحسب ما يرى فيكتور فرانكل صاحب نظريّة "العلاج بالمعنى"، ويقول خلاصة الإنسان لا يكون إلّا بالحُب وفي الحُب. لقد فهمت كيف يمتلك الإنسان المُعدم المفلس الثروة الحقيقية سواء للحظة أو للأبد عبر امتلاك القدرة على استعادة حبه ولحظات قربه من محبوبه في الذهن.
وعليه يؤكد فرانكل على أنّ "لكل شخص مهنة أو عمل محدد في الحياة، ويجب على الجميع القيام بمهمة محددة تتطلب الوفاء. إنه لا يمكن أن يحلّ محله أحد، ولا يمكن أن تكرر حياته، وبالتالي، فإن الجميع في مهمة فريدة من نوعها له فرصة محددة لتنفيذ ذلك".
نعم، إنّ الفقر يقيّد الحركة ويشلّ التفكير ويميت الإبداع، خصوصًا لدى الشعراء، والكتاب والأدباء، والمبدعين، إذ ينصبّ جُلّ اهتمام هؤلاء وتفكيرهم حول مصدر عيشهم، وحول طريقة كسب رزقهم، فينقطعون عن الإبداع، إلّا ما ندر، ولظروف معينة، فالذي لا يجد المأكل والمشرب والمأوى لا يستطيع أن يفكر التفكير الصحيح، ويبدع الإبداع المطلوب، بقدر ما يظل تفكيره منصبًا حول هذه الأشياء، التي هي مكملات رئيسة لقيام أود الحياة، ومن ثم التواصل المستمر مع نتائج ما تفضي اليه الحياة، سلبًا كان الحال أم ايجابيًا. لهذا نجد كثير من المبدعين ومن فلاسفة أخضعتم الظروف الى الالتجاء بإعطاء دروس خصوصية لأبناء السلاطين أو الأمراء أو الحكّام، وهُم غير راضين عن ذلك، لكن الظروف هي التي اجبرتهم. وثمة أمثلة كثيرة ونماذج معلومة في هذا المعترك الذي نحن بصدده.
ويقال أنّ الفيلسوف لوقيان السميساطي والذي ينحدر من عائلة فقيرة، أنّه قد تكلم كثيرًا عن الفقر والجوع والإهانة التي يلاقيها الفقير في حياته، وهو الآخر أصُب بذلك قبل وفاته.
وإنّ وليم بليك، شاعر وفيلسوف والفنان، إنّه بسبب آرائه المارقة على أعراف المجتمع وتعاليمه، فقد اتُهم بالجنون وفشل في كسب رزقه سواء من كتاباته أو لوحاته، فعاش فقيرًا ومات معدمًا في عام 1827 ودفن في وسط لندن بدون شاهد فوق قبره.
وأما الفيلسوف فريديريك نيتشه المتوفى في آب سنة 1900، وهو الحامل العقل الوقاد الذي تمتع به هذا العبقري بدأ يتمرد عليه، فاختل إلى درجة الجنون وعاش معدماً بقية أيامه في رعاية والدته المسنّة، التي توفيت قبل أن تؤول هذه المهمة إلى شقيقته اليزابيث. وقد أوصاها بوصية أن لا يقربوا جنازته رجال الدين، الذين هم من أشد خصومه وألد أعدائه.
ومثل هذه هناك قصصًا كثيرة، ولو جمعنا لخرجنا بحصيلة ممتازة في هذا الجانب، الذي نبحث فيه.
"فالفقر له فكر معيَّن، وحين أقول الفقر لا أعني شدة الاحتياج فقط، ولا أعني هبوط المستوى المادي لمجتمع إلى مستوًى أقلَّ من مثيله في البلاد الأخرى، ولكن الفقر المادي الحقيقي قد يكون لأناس ميسوري الحال، ولكن طريقتهم في التصرُّف في ثرائهم فقيرة غاية ما يكون الفقر. إنَّ الفقر ليس وضعًا اقتصاديًّا فقط، إنه وضع من أوضاع البشر، وضع عام، يتصرَّف فيه الإنسان بفقر، ويُفكِّر بفقر، أفكار تؤدِّي إلى فقر أكثر واحتياج للغير أكثر، بمعنًى آخر هو مرض يُصيب الاقتصاد ويصيب العقول ويُصيب الخيال أيضًا".
والفقر بمعناه الاجتماعي هو ذلك المستوى من الحرمان القسري من وسائل إشباع الحاجات الأساسية، الذي يضير بفرص الفرد- الجماعة في إنضاج القدرات البشريّة، والوصول بها لمستوى التأثير في المجال العام؛ بهذا المعنى لا ينبت الفقر طبيعيًّا كالأشجار، والفقر بالأساس مسؤولية المجتمع ككلٍّ، والخسارة المجتمعية الأكبر الناتجة عن الفقر بالمعنى المراد تتمثل في إهدار القدرات البشرية للفقراء التي قد تُدفَن إلى الأبد، وفي انحسار ينبوع النبوغ والإبداع الإنساني نتيجةً طبيعيّة.
ويرى أحد الكتاب بأنّه ممكن القضاء على الفقر، وذلك أن نبدأ بأن نكافح أولاً الصورة الراسخة في أذهاننا عن الفقير باعتباره طرفًا أدنى وعاجزًا، ومجرد وعاء فارغٍ سلبي متلقٍّ للإحسان. علينا أن ندرِّب أنفسنا على التعامل مع الفقير من أعلى الشلال كَنِدٍّ ذي قدرات كامنة لكنها غير مُفعَّلة، وثانيًا أن نساعده على إطلاق طاقاته واكتشاف قدراته وتوظيفها في سياقات اجتماعية محددة، تمكِّنه من أن يلمس ويرى بنفسه ناتجَ عمله، فيدخل في دائرةٍ جديدةٍ للتغيُّر.
وبالمقابل، ثمّة كثير مِن البشر مَن استطاع أن يتجاوز الفقر، فعاش ميسور الحال، كذلك هناك من ظل يلازمه الفقر فمات مُعدمًا.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفَ نشأت نظرية العلاج بالمعنى؟
- كيفَ نشأت نظرية العلاج بالمعنى؟(2)
- الرؤية الجماليّة كقيمة للإنسان
- متى يُهزم الإنسان؟
- متى صار الإنسان متفلسفًا؟
- وتريّات منسيّة!
- مفهوم الدين لدى جوستاف لوُبون(2)
- مفهوم الدين لدى جوستاف لوبون(1)
- كيفَّ أُعبّر عن صلواتي
- اللاجدوى وعبثية الحياة: الغور في فراغ أجوف
- أناشيد الليل
- بوح!
- عطرك يليق بسمعة بساتيني
- الى عمر الخيام
- محطات مؤجلة
- حفلة شبه تنكرية
- احتساء الشعر و رمزية الجمال في (احتسي الشعر) لوليد حسين
- الصين وامريكا مَن سيهزم مَن؟
- قراءة اولية في فكر الدكتور خزعل الماجدي1/ 6
- السعادة بين ابن خلدون و دوستويفسكي


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا أنا لستُ غنيًا؟2/ 2